نظرت إيرين بجانبها لترى ألان يغلق عينيه ويبدو وكأنه يصلي بهدوء ..
عندما نظرت إليه بتمعن ، فتح ألان عينيه ببطء ، بدا وكأنه يفيض بالورع والقداسة ..
“آه ، لقد غفوت للحظة ..”
مع كلماته تلك ، غيرت إيرين على الفور حكمها عليه ..
كان شخصًا تتطابق أفعاله مع كلماته ..
“كيف كان الأمر؟ هل تحدثتِ إلى الحاكم؟”
“… لا.”
“لم ينزل الوحي؟”
“لقد نزل الوحي ..”
لكنها لم تكن سوى أوامر أحادية الاتجاه ، لم تشعر إيرين مطلقًا أن ما حصل كان حديثًا ،
لم يكن لديها أي خيار للاختيار أو الرفض ،
هل يمكن تسمية ذلك بالحوار؟
“آه~.”
أطلق ألان تنهدًا كما لو أنه فهم شيئًا ..
“حاكمنا معروف بأنه أحادي الاتجاه بعض الشيء!”
“… نعم ..”
لم تتوقع أن يقرأ ألان ما يجول في خاطرها ، فتملكتها الدهشة ..
“ثم ، ماذا قال الوحي؟”
“… فقط أخبرني إن عليّ تنفيذ المهمة ، وحينها ستعود روحي …”
“… الحاكم قد كلفكِ بمهمة …”
كانت نظرات ألان نحوها تحمل بعضًا من الظلام ، لكنه سرعان ما عاد ليبتسم بابتسامة مشرقة كعادته ..
“إذًا أنتِ مُرسَلة!”
“مُرسَلة؟”
“أحيانًا يُوكل الحاكم مهمة عظيمة لإنسان ما ، وعادة ما يُطلق على هذا الشخص لقب المُرسَل …”
أمال ألان رأسه قليلاً وهو يتفكر ..
“ولكن لماذا أخذ الحاكم نصف روحكِ…؟”
كانت إيرين تعرف السبب لكنها آثرت الصمت ، لم ترغب في إخبار أي شخص بأنها عادت في الزمن ..
ليس من الجيد أن تُكشف جميع الأسرار ،
فبعض الأسرار كان من الأفضل أن تظل طي الكتمان ..
طرق ، طرق ..
قرع خفيف على باب غرفة الصلاة تلاه دخول أحد الكهنة ..
“صاحب القداسة يطلب حضوركما ..”
***
عندما وصلوا إلى غرفة الاستقبال البابوية ، كان شيخ ذو شعر أبيض يجلس في المقعد العلوي ..
كانت عيناه الذهبيتان تضفي عليه هالة من الحكمة والهدوء ، ووجهه اللطيف لم يكن يبدو عليه أنه يغضب بسهولة ..
لكن ما إن وقعت عيناه على ألان حتى تحول وجهه إلى تعبير صارم ووبخه بشدة ..
“ألان ، كيف تجرؤ على التصرف بطيشك المعتاد حتى في يوم كهذا؟”
“ههه ، أنا آسف …”
ألان بدا معتادًا على هذا الموقف ، فابتسم بخبث وهو يحك رأسه بخفة ..
بينما كان البابا يتنهد عميقًا وهو يراقبه ، حول نظراته إلى إيرين ، ومع رؤية وجهها ، استعاد ملامحه اللطيفة وقال:
“إذًا هذه هي الفتاة.”
“نعم.”
أومأ دوق ليكاون برأسه بتعبير جاد ..
أشار البابا بابتسامة لطيفة نحو إيرين ودعاها للاقتراب ..
“لا تخافي ، تعالي إلى هنا ..”
نظرت إيرين إلى دوق ليكاون ، وعندما أومأ لها بصمت ، خطت خطوات بطيئة نحو البابا ..
مدّ البابا يده المجعدة ، مشيرًا بوضوح إلى إيرين لتضع يدها فوقها ، فعلت ذلك كما أراد ، واضعة يدها بهدوء على يده. .
سااا
شعور مشابه لذلك الذي شعرت به عندما لمس ألان كتفها ليتحقق من حالتها اجتاح جسدها بالكامل …
“هآه…”
حدق البابا بها بعيون مليئة بالقلق ، شعرت إيرين بحرج مفاجئ بسبب نظراته الدافئة فحولت عينيها عنه دون أن تدرك ..
حول البابا نظره إلى ألان بعد لحظة ..
“لذا ، ذهبتما إلى غرفة الصلاة لهذا السبب.”
“نعم ، كما قلت من البداية ، لدي خطة!”
“لو كنت تفكر بشكل أفضل قليلًا ، لكنت قد أخبرتني مسبقًا على الأقل!”
بدأ ألان والبابا في الجدال حول من كان المخطئ ، الكهنة المحيطون بهم نظروا إليهما بنظرات تدل على اعتيادهم على هذا المشهد ..
وسط ذلك ، فتح دوق ليكاون فمه متحدثًا بصوت منخفض:
“ثم ، ما حال إيرين؟”
سعل البابا بشكل محرج ، محاولًا الحفاظ على رباطة جأشه:
“هممم ، لقد أظهرنا تصرفًا غير لائق …”
استعاد البابا هدوءه ، وعيناه مليئتان بالقلق بينما قال:
“يا دوق ، لا يبدو أن لدينا القوة اللازمة لإصلاح هذا الضرر الذي أصاب روحها ..”
تصلب وجه دوق ليكاون على الفور ، تبدل جو الغرفة بالكامل وتوترت الأجواء فجأة ..
“هل تعني أنه لا يمكن فعل شيء؟”
“إنها مشيئة الحاكم …”
صمت دوق ليكاون وأطبق شفتيه بإحكام ، وكان الغضب واضحًا على ملامحه ، عيناه الزرقاوان تألقتا باضطراب عميق ..
توتر الكهنة المحيطون وهم ينظرون إلى الموقف بوجوه متيبسة ..
وسط الأجواء المشحونة ، تحدث البابا مرة أخرى ..
“أيها الدوق ، ولكن إن كانت هذه مشيئة الحاكم ، فهناك حتمًا حل ، ربما تكون الطفلة هي التي تعرف ذلك …”
تحولت نظرات دوق ليكاون نحو إيرين ..
امتلأت نظراته بالقلق العميق والمخاوف ، مما جعل إيرين تشعر بالحرج وهي تومئ برأسها ..
“نعم…”
كالجليد يذوب بفعل حرارة الشمس ، تبددت الأجواء المشحونة فجأة ، وحتى بعض الكهنة الذين كانوا يفتقرون إلى القوة شعروا براحة وهم يتنفسون مجددًا ..
“ثم ، أنتِ تعرفين الحل؟”
عند سؤاله ، أومأت إيرين برأسها مرة أخرى ،
ظهرت ملامح الارتياح والسرور على وجهه ، لم يكن من المعتاد رؤية دوق ليكاون يظهر تغيرات واضحة في مشاعره ، ولكن هذه المرة كان مختلفًا ..
خفضت إيرين بصرها ، تشعر بالحرج مجددًا دون سبب واضح ، تملكتها مشاعر غريبة غير مألوفة ..
“ما هو الحل؟”
“حسنًا…”
حرّكت عينيها بنوع من الارتباك ، إذ لم تتاح لها فرصة التفكير مليًا منذ أن سمعت الوحي وهي عائدة من غرفة الصلاة …
“اخبرني أن أوقف فساد العالم…”
“همم …”
أطلق البابا تنهيدة خافتة ، ووميض من الفضول مر عبر عينيه الذهبيتين ..
“ثم ، قد تلقيتِ مهمة من الحاكم …”
“نعم…”
أومأت برأسها ببطء ونظرت بعينيها نحو دوق ليكاون بخفة ..
كما توقعت ، بينما كان البابا يبتسم بسعادة ، كان وجه دوق ليكاون مشدودًا بتعبير مظلم ومخيف ..
يبدو أن البابا لاحظ أيضًا ، فعاد لتبني تعابير جدية وتحدث بنبرة هادئة ..
“من الجيد أن هناك طريقة لاستعادة ما تضرر ، وبما أنكم جئتم من مسافة بعيدة ، فمن الأفضل أن تعودوا قريبًا ، يا دوق …”
نهض دوق ليكاون من مكانه دون أن ينبس ببنت شفة ، وتوجه نحو الباب ، تابعت إيرين خطاه بصمت ..
قبل أن يفتح الباب ليغادر ، التفت بنظره البارد نحو البابا ..
كانت نظراته متجمدة للغاية ، ولم يكن أحد ممن رأى ذلك يجهل أنه كان يحاول قمع غضب عارم بداخله ..
“أرجو أن تظل مسألة مهمة ابنتي سرية ولا يتم الكشف عنها للخارج ..”
“…سأفعل ، أعلم أن ما حدث اليوم ليس أمرًا سهلاً عليك ، لذا خذ وقتك لتستعيد هدوءك ..”
كانت هذه الكلمات تعبيرًا عن رغبته في حماية ابنته من معاناة شبيهة بوحي الحاكم ، فهم البابا ما قصده ، فأومأ برأسه بابتسامة لطيفة تنم عن تفهمه التام للوضع ..
غادر الدوق الغرفة على عجل ، وفتح الباب بقوة دون أن يودعهم ..
كان تصرفه كافيًا لجعل إيرين تدرك أن غضبه كان أعظم مما تصورته ..
“أنا بخير ، أستطيع فعل ذلك …”
قالت إيرين وهي تدرك تمامًا أنه لن يتغير شيء حتى لو قالت إنها لا تستطيع ..
‘الوضع مفروض علينا بالفعل …’
لم يكن بوسعها تغيير إرادة الحاكم ، لذا على الأقل كان عليها الحيلولة دون تفاقم هذه الحالة ..
علاوة على ذلك ، أصبح الآن لديها من يجب أن تحميهم ..
“لذا أرجو أن تثق بي …”
أخذت نفسًا عميقًا ثم فتحت فمها لتقول كلمات لم تكن تتخيل يومًا أنها ستلفظها بنفسها:
“…أبي ..”
وقعت أنظار دوق ليكاون على ابنته إيرين ، شعرت بالحرج ، فحولت بصرها سريعًا ..
“…إذا كان هذا ما تريدينه ، فلا بأس …”
التقطت عيناه رجفة خفيفة في يدها ، مدّ يده وأمسك بها بشكل بدا غريبًا عليه ..
فاجأها ذلك فحدّقت به للحظة ، ثم انتبهت إلى دفء يده ، بدا لها إحساسًا غريبًا وغير مألوف ..
‘هل يمكن أن تكون يد دوق ليكاون بهذا الدفء أيضًا؟ …’
راودها هذا الإدراك الجديد بشكل لم تستطع وصفه ، شعرت بشيء مختلف تمامًا في داخلها ..
عندما عادوا إلى قلعة الدوق ، كان الأشقاء الثلاثة يتجولون أمام البوابة الرئيسية ..
رغم أنهم أظهروا عدم اهتمامهم وتظاهروا بالنظر إلى ما حولهم ، إلا أنهم هرعوا نحوهم فور نزول إيرين والدوق ليكاون من العربة ..
“هل قالوا إن استعادة روحكِ التالفة ممكنة؟”
أدركت إيرين ، من سؤال مايكل ، سبب وجودهم هنا ..
شعرت بلمسة من الحرج وهي ترى أن عائلتها بأسرها كانت تشعر بالقلق عليها ، فبدأت تتحاشى النظر مباشرة إليهم وحركت عينيها …
عندما لاحظ الدوق ليكاون ذلك ، تحدث بصوت هادئ:
“إيرين ، هل ترغبين في إخبارهم بنفسكِ؟”
نظرت إليه فجأة ، فوجدت عيناه الزرقاوان مثبتتين عليها بالكامل ..
“إذا لم ترغبي في الحديث ، فلن أتحدث أنا أيضًا ..”
عند سماع كلماته ، استحضرت إيرين ذكريات حياتها السابقة ..
عند التفكير مليًا ، كان يمنحها دائمًا حرية الاختيار ..
حتى لو لم يكن ذلك بالطريقة الصحيحة ..
“……”
أحست بمشاعر متدفقة لا تستطيع التعبير عنها بكلمات ..
‘ما هذا الشعور؟ هل هو استياء؟ حزن؟ أم ندم؟ …’
حتى هي لم تكن قادرة على تحديد طبيعة مشاعرها بدقة ..
ولكن ما أصبح واضحًا لها هو ما تريده فعلًا ..
‘الغفران …’
كانت تريد المسامحة ..
كانت تريد إنهاء هذا التداخل المعقد من المشاعر والبدء من جديد …
تساءلت فجأة إن كان الحاكم قد منحها فرصة لذلك …
“لقد تلقيت وحيًا إلهيًا.”
“وحيًا؟”
هزت إيرين رأسها بالإيجاب وشاركتهم بمحتوى الوحي الذي تلقته ..
بالطبع ، لم تكشف لهم عن أمر عودتها إلى الماضي ..
“أهذا جنون؟ لا ، أليس هذا جنونًا بحتًا؟”
تفوه ديتريش بسخرية ، مطلقًا كلمات قاسية وغاضبة ..
لم تكن تعابير كلوي ومايكل أفضل حالًا ..
“لا تستطيعين التخلي عن هذه المهمة؟!”
“لا، لا يمكن التخلي عن المهمة ..”
ردت كلوي بهدوء على سؤال ديتريش:
“التخلي عن المهمة سيُعتبر خيانة للحاكم ..”
“أي نوع من القوانين هذا؟ بحق الجحيم ، إنهم يريدون قتلكِ فعليًا!”
ثارت ثائرة ديتريش ، بينما بدت على مايكل علامات كبت غضبه ، إذ تنهد طويلًا وظهرت تجاعيد عميقة على جبهته ..
“هذا الوضع مثير للغضب حقًا.”
همست كلوي بنبرة باردة ..
أما ديتريش ، فلم يظهر أي نية للهدوء:
“يضربون روحكِ السليمة ومن ثم يفرضون عليكِ الطاعة لتنالي العلاج؟ أي نوع من السرقة هذه…؟!”
لكن بالنسبة لإيرين ، كانت هذه الفرصة التي منحها الحاكم لها لا تقدر بثمن ..
ولأنها لا تستطيع الكشف عن حقيقة إعادة الحاكم للزمن ، لزمت الصمت ..
‘أنا آسفة ..’
كانت تشعر بالقلق وهم يمارسون التجديف بلا رحمة ، تخشى أن ينالهم عقاب إلهي ، لذا همست في قلبها باعتذارات مخلصة الحاكم …
‘حياة ثانية منحت لي كجزء من المهمة ..’
عند التفكير بالأمر ، رأت أن هذه الفرصة كانت أكثر مما تستحق ..
فرصة لحماية عائلة ليكاون بعد سنوات قليلة من روح كيم تاي هون عندما يتجسد ، وفرصة للانتقام منه ..
كانت عازمة على عدم تفويت تلك الفرصة أبدًا ..
ترجمة ، فتافيت …
التعليقات لهذا الفصل " 58"