“ألم تكن السيدة تريد الدخول سريعاً؟”
لكن حماسها عند اللقاء الأول كان مختلفاً تماماً عن كلماتها الآن ..
خمّن راينهارت أن مشاعرها قد تغيّرت ، وكان تخمينه في محله ..
“نعم ، في البداية كنت كذلك ..”
لم تنكر إيرين ذلك ..
“ولكن لماذا؟”
ندم راينهارت قليلاً بعد أن طرح سؤاله ..
شعر وكأنه يوبّخها ، وفكر أن هذا السؤال قد يكون غير لائق ، مما زاد من إحساسه بالندم ..
‘آه ، ما كان ينبغي أن أسأل ذلك ..’
من ناحية أخرى ، كان يشعر بشيء من الضيق لأنها رفضته ..
لم يستطع إظهار ذلك ، فهذا شعور طفولي للغاية ولا يليق به ..
“…”
أما إيرين ، فلم تكن تفكر بالأمر كثيراً ..
كان من الطبيعي أن يسألها هذا السؤال ، خاصة أنه هو من قدّم لها خطاب التوصية ،
لذلك ، كانت قد فكّرت ملياً في السبب قبل أن تأتي إلى هنا ..
لم تكن تريد أن تكذب عليه بعد أن أظهر لها حسن نيته ..
“في الحقيقة ، قدّم لي إخوة ليكاون اعتذاراً وطلبوا المصالحة.”
فتحت شفتيها لتقول ذلك ..
“لذا ، رغبت في مراقبة الأمر لفترة قصيرة إضافية …”
“أحقاً اعتذروا؟”
لم يستطع راينهارت إخفاء دهشته ..
هل أظهروا لها صدقاً كافياً لتغيير موقفها؟
لم يكن اعتذار واحد ليغفر لهم سنوات من الإهمال ..
“لم أكن أتوقع تحسين علاقتي معهم أيضاً ، لذا فكرت جدياً بالخروج الكامل عندما توجّهت إليك …”
انحنت برأسها قائلة:
“أعتذر ، إذا كنت ترى ذلك خداعاً ، فأنا مستعدة لتقبل العقاب …”
بصدق اعتذارها ، بقي راينهارت صامتاً لبعض الوقت ، ثم أطلق ضحكة خفيفة ..
“هل تعلمين؟”
“نعم؟”
“أنتِ ناضجة أكثر مما يتوقعه أحد بالنسبة لعمركِ ، وهذا يربك الناس أحياناً ، الآن تحديداً هو أحد تلك الأوقات …”
رفعت إيرين عينيها في حيرة من كلامه المفاجئ ..
“هل أحتاج للاعتذار مجدداً؟”
“دعينا لا نبالغ في الرسمية.”
هزّ كتفيه قائلاً:
“بهذا الشكل أشعر وكأنني من يفتعل المشاكل …”
“لم يكن هذا مقصدي.”
أجابت إيرين وهي تبدو محرجة ..
“أعلم ، أعلم ذلك جيداً.”
لوّح بيده وهو يبتسم ..
“لن أطرح أي أسئلة إضافية ، فلننهي الحديث هنا ..”
“حسناً.”
نظر إلى الفراغ وكأنه غارق في أفكاره .
بينما كانت تراقبه ، شعرت أن التحديق المطوّل في وجهه قد يكون وقاحة ، لذا قررت النظر معه إلى السماء ..
كان ضوء القمر جميلاً للغاية ..
بدا وكأنه يشعر بالارتياح ..
“أنا سعيد من أجلكِ ، سيدتي …”
“…شكراً لك.”.
شعرت إيرين بالدفء في قلبها وهي ترى ابتسامته الصادقة ..
وفي الوقت نفسه ، كانت قلقة من أن يظن أنها رفضت لطفه ..
لكنّه قال إنه سعيد ، وكأن سعادتها أهم لديه من حسن نيته ..
شعرت بحرارة في عينيها ، وحاولت أن تمنع دموعها من الانهمار ..
بينما كانت تقاوم البكاء ، قدّم لها شيئاً فجأة ..
نظرت إيرين في دهشة لتعرف ما كان يقدمه لها، فشعرت بالارتباك ..
“لماذا تعيد هذا إليّ؟”
كان ذلك “الرفيدور”.
الهدية التي قدّمتها له سابقاً ..
حين أعاد لها تلك الأداة المقدسة ، شعرت وكأن الدموع التي كانت على وشك النزول قد جفت ، وانقبض قلبها ..
وكأنها أصيبت بصدمة باردة ..
‘لا يمكن أن يكون…’
“هل تفعل هذا بسبب رفضي لخطاب التوصية؟..”
نظر راينهارت إلى عيني إيرين المرتجفتين وسارع بفتح فمه ليوضح ..
“الآن ، ليس لدي حاجة لاستخدامه ..”
“إنه ليس مقلداً.”
“لا أعتقد أن السيدة أعطتني شيئاً مقلداً.”
ارتسمت ابتسامة مريرة على وجه راينهارت …
“لكن لا يمكنني أن أحمله معي مباشرة ، أليس كذلك؟”
“عفواً؟”
“أعني أنني لا أستطيع استخدامه حالياً.”
همس لها عند أذنها:
“لقد تفاعل في القصر الإمبراطوري ..”
كانت تلك العبارة تعني أن هناك ساحراً أسوداً في القصر الإمبراطوري أيضاً ..
بدأت تقلق عليه بشدة ..
“لكننا لم نتمكن من العثور على هويته في النهاية ، قدراتي لم تصل لذلك ..”
“في هذه الحالة ، لماذا لا تطلب من أحد أتباعك…”
“ليس لدي نية لنشر شائعة أنني أمتلك
هذا الشيء …”
فهمت إيرين سريعاً الوضع الذي يعيشه ..
بسبب الخيانات العديدة التي تعرض لها على مر السنين ، لم يكن يستطيع الوثوق بأي أحد ،
لا الفرسان من حوله ، ولا أتباعه ، ولا حتى النبلاء ..
“إذا كنتِ حقاً تنوين أن تصبحين إحدى أقرب المخلصين لي ..”
قال ذلك وهو يضع الـ”لرفيدور” في يدها وينظر في عينيها ..
“هل يمكنكِ حمل هذا الشيء والانضمام إليّ كفارس رسمي بجانبي؟”
كان سؤاله أشبه بطلب تأكيد إذا كان يستطيع الوثوق بها تماماً ..
لكن نظرته المرتعشة قليلاً دلّت على أنه لم يتمكن تماماً من التخلص من شعور القلق ،
تساءلت كم من الخيانات التي مر بها هذا الشاب الصغير حتى يطلب مثل هذا الطلب
من شخص بالكاد يعرفه ..
‘إنه أمر مؤلم ..’
ربما لأنها كانت أيضاً تعرف جيداً ألم الخيانة .
لذا ، بدلاً من الإيماء برأسها ، بدأت إيرين تنحني ببطء على ركبتيها ..
“سيدتي!”
فوجئ راينهارت ودعاها بقلق حين رأى أنها ركعت تماماً على الأرض ..
“أقسم أنني سأفي بهذا الوعد …”
كان ذلك الوضع الذي يتخذه الفارس عند إعلان الولاء لسيده أثناء مراسم القسم ..
وكان راينهارت ، الذي يعرف هذا جيداً ، يحدق بها ووجهه متجمد تماماً ..
“…”
بعد فترة طويلة ، فتح فمه أخيراً ..
“حتى تعودين إليّ كفارس رسمي ، سأبذل جهدي كسيد …”
تمتم بصوت منخفض ..
“حتى لا يُصاب فارسي بأي أذى ..”
ثم تنحنح متحرجاً وساعدها على النهوض ،
لاحظت إيرين ، من ملامحه المتوترة ، أنه كان يشعر بالإحراج ..
ساد بينهما صمت محرج ، وكان راينهارت هو من كسره أولاً ..
“رأيتكِ تتحدثين مع ألين كريستيان قبل قليل ، هل كنتِ تعرفينه من قبل؟”
“آه ، نعم ، لقد تقاطعت طرقنا في الماضي ..”
ظنت أن سؤاله سيتوقف عند هذا الحد ، لكنه لم يفعل ..
سأل مجدداً:
“هل أنتما مقربان؟”
“ليس إلى هذا الحد ، ولكن ، لماذا تسأل؟”
“آه، لأنني…”
بدا راينهارت مرتبكاً للحظة ، كما لو كان يبحث عن إجابة في الهواء ، ثم تحدث وكأنه أدرك شيئاً ما ..
“كنت أتساءل فقط إذا كنتِ تفكرين في أن تصبحين فارسة مقدسة.”
“أوه ، لا أفكر في أن أصبح فارسة مقدسة.”
هزّت إيرين رأسها بحزم ، مما جعل راينهارت يبتسم ابتسامة خفيفة كأنما شعر بالارتياح ..
نظرت إيرين إلى تغير تعبيره ، ولم تفهم السبب ..
‘فجأة يتحدث عن الفرسان المقدسين…؟’
تساءلت إذا كان يشعر بالقلق من أن تذهب إلى مكان آخر ..
ربما أرادها بجانبه كفارسة لأنه يقدر مهارتها ،
شعرت بالفخر لاعترافه بقدراتها ، لكنها شعرت بالأسى أيضاً على وضعه الذي لم يجد فيه أي شخص يثق به تماماً من بين من حوله …
بعد أن ودعت راينهارت ، خرجت إيرين إلى الحديقة لتستمتع بالهواء الطلق وحدها .
ففي النهاية ، لم يكن أحد يتحدث معها في قاعة الحفل بسبب كونها ابنة غير شرعية ..
“آه؟ أنتِ!”
في تلك اللحظة ، سُمع صوت مفاجئ ..
دون وعي ، التفتت إيرين نحو مصدر الصوت ، لكنها تجمدت في مكانها عندما رأت من كان يتحدث ..
“أنتِ ، صحيح؟ إيرين ليكاون.”
إنه لويد ، كان هو ..
اقترب منها بخطوات واسعة وقال:
“سمعت أنكِ أنقذتِ حياة راينهارت ، أليس كذلك؟”
كانت عيناه تلمعان بنظرة غير ملائمة لطفل في عمره ..
حاولت إيرين أن تكبح شعور الغثيان الذي اجتاحها ، وتذكرت بسرعة آداب السلوك التي علمتها إياها كلوي ..
“تحياتي لصاحب السمو الأمير الثاني.”
انحنت قليلاً بركبتها لتحييه ، فرسم لويد ابتسامة راضية على وجهه ..
“حسناً ، تبدين جميلة نوعاً ما ، ربما لأنكِ تحملين دماء ليكاون ، حتى لو كنتِ نصفية فقط ..”
“…”
بقيت إيرين صامتة ..
لويد ، الأمير الثاني قبل أن يحل فيه روح كيم تاي هيون ، كان معروفاً بأنه مشاكس ومستهتر في جميع أنحاء الإمبراطورية ..
لم يكن هناك من يتجرأ على انتقاد أصلها علانية أمامها ، باستثناء بعض الفرسان الذين يحاولون فرض سلطتهم ..
“نعم ، أنا ابنة غير شرعية.”
ردت إيرين بصوت هادئ ، ضحك لويد بسخرية وهو يعقد ذراعيه ..
“أنتِ تناسبين ذوقي تماماً ، لماذا لا تصبحين عشيقتي في المستقبل؟ أليس ذلك أفضل من أن تذهبي إلى أخي؟”
قبضت إيرين يدها في صمت ، وشعرت بحرارة متصاعدة في داخلها ..
“وجهكِ لا يبدو سعيداً ، لماذا؟ هل وقعتِ في حب راينهارت؟”
ضحك لويد بصوت عالٍ ، ثم تابع:
“حسناً ، شكله ليس سيئاً ، لكن هل تعلمين؟”
ابتسم ابتسامة متعجرفة ..
وجهه كان حقيراً إلى درجة جعلت من الصعب تصديق أنه مجرد فتى صغير ..
“الوقوف في صف راينهارت هنا هو تصرف الأغبياء فقط …”
كانت كلماته مشبعة بالازدراء والغيرة في آن واحد ..
لم تستطع إيرين سوى أن تتخيل كيف كانت حياة راينهارت في القصر الإمبراطوري ..
الشخص أمامها لم يكن كيم تاي هيون ..
بل كان لويد ، في هيئته الأصلية قبل حلول الروح فيه ..
ورغم ذلك ، كلماته استفزتها وأثارت أعصابها
“إن كان هذا هو الغباء ، فأنا بالتأكيد غبية.”
كانت تعلم أن الصدق ليس دائماً فضيلة ، ولكن عندما سمعت إهانة موجهة إلى راينهارت ، تعطلت أفكارها ، وخرجت الكلمات من فمها دون تفكير. .
“ماذا؟”
نظر إليها لويد بدهشة ..
“هل جننتِ؟ أم أن كونكِ ابنة غير شرعية أفقدكِ عقلكِ؟”
‘هنا ، أنت أيضاً ابن غير شرعي ..’
كادت تلك الكلمات أن تخرج من فمها ، لكنها كتمتها بصعوبة ..
لم يكن خطأً أن تكون ابناً غير شرعي ..
كانت تدرك ذلك أكثر من أي شخص آخر ..
ولذلك ، لم ترغب في الرد عليه بهذه الطريقة.
‘اصبري ..’
بالإضافة إلى ذلك ، فإن انتقادها له قد يجلب العار إلى عائلة ليكاون ..
بقيت صامتة ، مما جعله يشعر بالغرور أكثر
قال بسخرية:
“إن كنتِ غبية ، فذلك أفضل ، لأن بإمكاني إصلاح طريقة تفكيركِ …”
وفي تلك اللحظة ، جاء صوت شخص ما ..
“ومن الذي يخطط لإصلاح ماذا؟”
ترجمة ، فتافيت …
التعليقات لهذا الفصل " 53"