بعد أن اعتلى راينهارت العرش ، أعاد تنظيم فرقة الفرسان بالكامل ..
قام بتجديد المساكن المتردية للفارسات ، كما غيّر معايير اختبارات الفرسان التي كانت موحدة ، لتتناسب مع اختلاف الجنس ..
في الحقيقة ، كانت تلك اقتراحات من إيرين ..
“– وهكذا ، تسير عملية إعادة هيكلة فرقة الفرسان بسلاسة.”
قال راينهارت وهو ينظر إلى إيرين بنظرة بدت وكأنها تنتظر شيئًا منها …
أومأت إيرين برأسها بهدوء ..
“فهمت …”
فجأة ، كسا الحزن وجه راينهارت ..
شعرت إيرين بشيء من الديجافو—لقد رأته بنفس الملامح في يوم تنصيبه ..
‘قال عني أنني لا أفهم التلميحات…’
ماذا كان يتوقع منها؟ راحت تفكر جاهدة ..
“شكرًا لك… على اهتمامك.”
لأول مرة ، حاولت أن تجامله بكلمات محسوبة ..
“هل تكتفين بالشكر فقط؟ كنتُ أحاول أن أُحسن صورتي أمامكِ …”
تفاجأت إيرين ، بدا وكأنه يُضمر مشاعر شخصية خلف هذا التعديل في نظام الفرسان ..
“ألم تتخذ هذا القرار لأن اقتراحي كان منطقيًا؟”
توقف راينهارت لوهلة ..
“صحيح… لكن كان لدي الكثير من المهام ، ومع ذلك بدأت بإعادة هيكلة فرقة الفرسان أولًا ، أتعلمين لماذا؟”
كان يحاول بكل لطف أن يوضح مدى اهتمامه بها ..
حين فهمت إيرين مغزى كلامه ، بدأت تفكر كيف عليها أن ترد ..
“هل هناك شيء تريده مني؟ أنا لا أجيد قراءة الإشارات ، لذا إن أخبرتني بوضوح ، فسأنفذ ما تطلبه ..”
قررت أن تتخلى عن التخمين وتسأله مباشرة
فاحمرّ وجه راينهارت ..
“…الأمر محرج أن أقوله بصوتي …”
كلما تحدث أكثر ، اشتعل وجهه حمرة كبركان …
‘ما الذي يدور في باله بالضبط ليصبح هكذا؟ ..’
ازدادت فضول إيرين فحثّته قائلة:
“أرجو أن تخبرني …”
“الأمر هو…”
احمرّ وجهه أكثر حتى بات كحبّة شمندر ، ثم بدأ يتجنب نظراتها …
طرق بخفة على خده ..
“هل تشعر بالحكّة؟”
“أنتِ حقًا لا تفهمين التلميحات… أود طردكِ من منصبك!”
قالها راينهارت بنبرة ضيق ، ناظرًا إليها بإحباط ..
ثم فجأة ، اقترب منها بخطوات حازمة وأمسك بها ، وطبع قبلة خفيفة على خدها
شعرت بنعومة شفتيه تلامس بشرتها ، فاحمرّ وجهها بشدة …
“…جلالتكم؟”
قالت بدهشة من تصرفه المفاجئ ..
“الآن فهمتِ ، أليس كذلك؟”
“…آه.”
عندها فقط فهمت سبب طرقه على خده ..
“أكنتَ تطلب مني أن أفعل… ذلك؟”
“إن لم ترغبي ، فلا تفعلي …”
نظر إليها بنظرة جانبية ، فيها شيء من الخيبة ..
بدأ العرق البارد يتسلل إلى كفّيها ..
قبلة على وجه جلالته؟
بالنسبة لإيرين ، التي لم تُقبّل أحدًا من قبل ، كان الأمر صعبًا للغاية ، ولا يناسب شخصيتها.
“هل أبدو لكِ بهذا السوء؟”
نظراته المجروحة دفعتها إلى الرد بسرعة:
“لا ، على العكس…”
شعرت بالخجل من قول شيء لطيف ، لكن تعابير وجهه أثّرت فيها ..
“أنا… أُكنّ لك مشاعر حب ..”
حينها ، ازدهرت ابتسامة كبيرة على وجه راينهارت ، كما لو أن زهرة ذابلة أزهرت في لحظة ..
دهشت إيرين من هذا التحول الكبير ،
هل هذا القول يفرحه بهذا الشكل؟
أدركت أنه حتى لو شعرت بالخجل ، فعليها أن تعبّر عن مشاعرها بين الحين والآخر ..
وجهه المتفتح المشرق كان يستحق ذلك ..
“وأنا أيضًا أحبكِ ، إيرين …”
“…فهمت.”
شعرت بوخز في قلبها عند سماع اسمها يُلفظ دون ألقاب ..
واحمرّ وجهها مثل وجهه ..
وحين أدركت أن كلاهما احمرّ وجهه في الوقت ذاته ، شعرت بحرج طفيف …
حسنًا ، فلأفعلها مرة ..
أغمضت عينيها ، ورفعت قدميها قليلًا ..
– قبلة خفيفة ..
طبعت قبلة على خده ..
حدّق راينهارت بها بذهول ، تعابيره ساكنة كمن تلقى صدمة مفاجئة ..
“…هل أنا أحلم؟”
“إنها الحقيقة.”
أجابت إيرين ، لكنها شعرت فورًا أن نبرة صوتها لم تكن رقيقة بما يكفي ..
الخجل جعل كلماتها تخرج بلهجة جافة على غير عادتها.
ما الذي يحدث لي؟
منذ أن أنجزت مهمتها ، أصبحت ردات فعله تثير قلقها بشكل مبالغ فيه ..
إن كانت حساسيتها له في السابق بمقدار “1”،
فهي الآن “100”.
هل هذه هي مشاعر الحب؟
“وجهكِ أحمر ، يا إيرين …”
قال راينهارت بابتسامة ماكرة …
كان لمعان عينيه ساحرًا ، لكنه كان يحمل بعض السخرية اللطيفة …
شعرت إيرين بوخز في كرامتها ، فقطّبت جبينها ..
“جلالتكم أيضًا كذلك …”
كان وجه راينهارت حينها قد تحول إلى طماطم حمراء ..
وضع يده على خده ، وكأنه للتو أدرك سخونته ، فضحك بخجل ..
ضحكت إيرين بدورها، فقد بدا منظره مضحكًا بطريقة ما ..
—
في تلك الأثناء ، كان الجو داخل قصر ليكّاون كئيبًا ومظلمًا للغاية ..
حتى الخطوات أصبحت حذرة ، والجميع يراقب الوضع بحذر ..
وبدأ وقت الإفطار ..
“آه…”
تنهدت كلوي وهي تهز رأسها ، وقد رأت الكرسي الفارغ في صدر المائدة ..
فهي تعرف جيدًا سبب هذا الجو المشحون داخل القصر …
“لماذا هو هكذا؟ من الواضح أن إيرين أقوى من راينهارت ، حتى لو تزوجا ، هي من ستفوز في النهاية …”
قال ديتريش ذلك وهو يمضغ قطعة من اللحم ، وكأن الأمر بديهي ..
“أنت تفترض أن القوة الجسدية هي الحل لكل شيء ..”
“بالطبع ، من دون قوة ، ستموت.”
ساد الصمت لوهلة بعد كلام ديتريش البسيط ، فلم تجد كلوي ردًا ..
“أنا أفهم مشاعر والدي تمامًا.”
قال مايكل بهدوء ..
“الزواج الإمبراطوري ليس قرارًا يُتخذ بهذه السهولة ، وإن قرر جلالته أن يتخذ زوجة ثانية…”
تلألأت عينا مايكل بوميض بارد كالسيف
“يجب أن يُقتل …”
ردّت كلوي بنبرة باردة ، جازمة ..
سعل ديتريش فجأة ونظر إليها بذهول ، كان وجهها جادًا بشكل مخيف ..
لم يستطع إلا أن يسأل:
“هل تفكران في ارتكاب خيانة؟”
“…”
لم يرد أيٌّ منهما ..
مجرد تخيل راينهارت وهو يتخذ زوجة ثانية كان كافيًا لإشعال نيران الغضب في عيونهما ، وكأن لهيبًا أزرق يتراقص فيها ..
“أنتم مجانين حقًا…”
هزّ ديتريش رأسه ، وجهه شاحب من الصدمة.
في تلك اللحظة ، فُتح باب غرفة الطعام ..
ظنوا أنه سيدريك ، فالتفت الأشقاء الثلاثة ، لكن أعينهم اتسعت دهشة ..
“إيرين؟”
“أين أبي؟”
أجابت ديتريش على سؤالها:
“أعتقد أنه في مكتبه.”
“حقًا؟”
“هيه ، مر وقت طويل منذ—”
– بوووم
أغلقت إيرين الباب دون تردد وكأنها لم تعد ترى داعيًا للبقاء ..
نظر الإخوة الثلاثة إلى بعضهم البعض بدهشة وغيظ ..
“ما هذا…؟”
“مرّ شهر ولم تكترث حتى بتحية بسيطة.”
“تافهة.”
تغيرت ملامح وجوههم جميعًا ، وسادها الغضب والانزعاج ..
حتى الخدم والخادمات ارتعدوا من هيبتهم.
‘يا لها من آنسة… ألم يكن من الممكن على الأقل أن تلقي التحية؟ …’
هكذا لاموها في قلوبهم ..
طق طق ..
طرقت إيرين باب مكتب والدها ..
“هل استدعيتني؟”
كانت قد عادت من القصر الإمبراطوري بعد أن قدمت طلب إجازة مؤقتة ، إثر استدعاء والدها لها ..
“هل قررتِ البقاء كفارسة إلى جانب جلالته؟”
“ماذا؟”
“كنت أظن أنه قد تقدم لكِ بعرضٍ بحلول
هذا الوقت…”
ظهرت علامات الحيرة على وجه إيرين ، إذ لم تفهم ما الذي يتحدث عنه بالضبط ..
“ما زال قلبي يضيق كلما فكرت في موضوع الامبراطورة …”
عندها أدركت أن الحديث امتداد للموضوع الذي فتحاه أثناء مراسم الخلافة الأخيرة ..
“إذا قبِلكِ جلالته كإمبراطورة ثم بدأ بتجاهلكِ… اخبريني …”
إيرين تساءلت في نفسها: حتى لو أخبرته ، ما الذي سيتغير؟ وهل من الأساس لديها فرصة لتصبح إمبراطورة؟
“أنا وهاكان لن نقف مكتوفي الأيدي …”
“ولِمَ تذكر هاكان في هذا السياق؟”
“لأنه يحمل نفس دمكِ ، وقد أخبرته بالأمر …”
“…أي أمر؟”
راودها شعور سيئ ، ثم فجّر سيدريك القنبلة بصوت هادئ:
“أخبرته أن هناك شيئًا مريبًا بينكِ وبين جلالته ، وعندما علم بالأمر ، ثار غضبًا ، قال إنكِ ربما رفضتِ عرض وراثة منصبه فقط لتفوزي بمكان كإمبراطورة …”
ترجمة ، فتافيت ..
التعليقات لهذا الفصل " 132"