في تلك الأثناء ، كان مايكل يقاتل الوحوش والشياطين لحماية سيدريك ، بينما كان ينظر إلى العمود الأبيض …
“لقد اكتملت طقوس التطهير …”
وفي اللحظة نفسها ، بدأت الشياطين والوحوش تُسحب إلى الفجوة وتختفي فيها ،
تنفّس الصعداء ، إذ بدا أن المعركة الخانقة قد وصلت إلى نهايتها ..
حتى سيدريك ، الذي تلقى علاجًا من المسعفين ، لم يكن يبدو بحالة سيئة ..
فهو يتمتع بقدرة تعافٍ مذهلة منذ البداية ..
“…ما حالة إيرين؟”
لم يستطع أن ينسى منظر راينهارت وهو يدخل القلعة حاملاً إيرين بين ذراعيه ..
“بدت وكأنها مصابة بجروح خطيرة…”
ردّ عليه مايكل قائلًا:
“سأذهب لأستعلم بنفسي.”
ودخل على الفور إلى داخل القصر ..
وفي الطريق المؤدي إلى الملاذ ، شعر بقلق غريب يتسلل إلى صدره ..
ثم رأى امرأة ملقاة بين الناس ..
“شعر أسود…”
لون نادر في الإمبراطورية ..
“لا يمكن أن تكون… إيرين؟”
توقف مايكل فجأة ، كان صوت النحيب يعلو من حولها ..
شعر بالخوف من الاقتراب أكثر ..
لكنه لم يستطع الهروب إلى الأبد ..
اختار المواجهة …
—
“ما… ما الذي…؟”
انهار ديتريش جالسًا على الأرض من شدة الصدمة ، وكانت كلوي تلهث بأنفاس متقطعة.
“……”
راينهارت لم يستطع تصديق ما يحدث.
“إيرين! استيقظي!”
هزّ جسدها ، لكن جفونها لم تتحرك ..
بدا له وجهها وكأنها تغطّ في نوم هادئ.
بصوت مرتجف ، قال:
“هل… هل ماتت حقًا؟”
لم يكن يريد النطق بهذه الكلمات أبدًا ..
كان الأمر وكأن قلبه قد تم اقتلاعه من صدره.
“…هاه.”
سقطت دمعة من عينيه الخضراوين ..
شعر بالفراغ واللا جدوى ، وكأن فجوة واسعة قد انفتحت في صدره ..
“ما الذي تقوله؟!”
تدخل مايكل فجأة ..
وعندما وقعت عيناه على إيرين ، تجمدت ملامحه برعب قاتم ..
لم تكن تملك طاقة الأحياء ..
شعر بذلك غريزيًا ، وارتجفت أنفاسه ..
وفي ظلّ الأجواء المشحونة التي عمّت الإخوة الثلاثة ، لم يجرؤ أحد على النطق ، واكتفوا بابتلاع أنفاسهم بصمت ..
“…لا يمكن أن نتركها هكذا.”
قال راينهارت بعد أن ظلّ يحدّق فيها طويلاً ، ثم انطلق راكضًا نحو غرفة الصلاة ..
“يا سمو الأمير!”
ناداه رون ، لكن صوته لم يصل إليه ..
شعر راينهارت بغضب يشتعل في أعماقه فجأة ..
فتح باب غرفة الصلاة بعنف وتقدّم مباشرة نحو التمثال ..
كان وجهه أبرد من الجليد ..
“هل هذه هي نهاية مَن كرّس حياته للرسالة؟”
لم يردّ عليه أحد ..
“هل هذه هي النهاية التي أردتها؟”
كان يحدّق في التمثال بغضب ..
“هل تعتبر البشر مجرّد أدوات؟”
لكن الصمت ظلّ الجواب الوحيد ..
شعر بمزيج قاتل من الغضب والعجز والفراغ يتخبط داخله ..
“إن كانت هذه هي النهاية ، فمن الذي سيستمع بعد الآن لأوامرك؟ ومن الذي سيؤمن به؟ ..”
”لقد بذلت كل جهدي…”
ضحك بمرارة ، غافلًا عن حقيقة أن الحاكم قد تجسّد فعلاً ..
“هل أفضل ما لديك هو مراقبتنا من فوق بكل راحة بينما تلقي بالعبء علينا؟ حتى ملوك البشر لا يفعلون ذلك.”
لم يأتِ أي رد ، لم يُسمع سوى صوت تنهيدة من مكانٍ ما ..
“آسف ، لكن إعادتها إلى الحياة يُعد خرقًا لقانون السببية …”
ردّ راينهارت بثبات دون أن يتراجع:
“وهل كان إجبارها على حمل تلك الرسالة متوافقًا مع قانون السببية؟ لقد كانت إنسانة عادية لا أكثر …”
“أن تُلقى عليها مهمة هائلة بهذا الشكل ، ويُنتزع نصف روحها ، ثم تكون النتيجة الموت… هل سيعتبرها الناس تضحية نبيلة؟ أم أنهم سيعتبرونها أنانية منك؟”
“أنانية؟!”
ثار غضب الحاكم …
ثم تنهد كما لو أنه كان على وشك قول شيءٍ لكنه تراجع ، ثم تكلم أخيرًا:
“هل ما تريده هو فقط عودة تلك الفتاة؟”
لمعت عين راينهارت الخضراء ببصيص من الأمل ..
فسارع بالرد:
“نعم . حتى لو أخذت روحي مقابل ذلك ، لا بأس …”
“وستعود تلك الفتاة لتهددني مجددًا إذًا.”
“تهدد؟”
لم يفهم راينهارت ما كان يقصده ..
“لا أنكر أنها عانت كثيرًا بصفتها حاملة للرسالة …”
اشتعل الغضب مجددًا في صدر راينهارت.
هل يعتقد أن مجرد اعتراف لفظي يُصلح كل شيء؟
شعر برغبة في أن يأمر بتحطيم ذلك التمثال في الحال ..
“حسنًا إذًا، بما أنها أكملت رسالتها ، فيمكن اعتبار إعادتها بمثابة مكافأة ، وذلك لن يُخل كثيرًا بقانون السببية…”
راينهارت أدرك ذلك على الفور ، بشعور داخلي ،
عاد إليه الإدراك بأن الحاكم قد لبّى طلبه ..
“رجاءً ، لا تعودا أنتما الاثنان إلى هنا مجددًا ، فذلك يزعجني …”
ولم يسمع أي شيء بعد تلك الوصية الأخيرة.
ساد جو من الكآبة داخل المعبد المقدّس ..
آلين ، الذي كان قادرًا على قراءة الأفكار ، شعر وكأنه مجرم ..
حزن إخوة ليكاون تسلل إلى أعماقه ، وملأه شعور عارم بالذنب ..
“…أنا آسف.”
احمرّت عيناه بالدموع ..
كانت إيرين أول من مدّ له يده عندما بدا عليه الحزن ..
كان يتمنى ، مثلهم ، أن تصمد ، وركّز على إتمام طقوس التطهير بكل قوته ..
لكن الواقع كان قاسيًا ..
“…ليست غلطتك قداسة البابا.”
قالت كلوي .
ومع رؤيتها لحزن آلين الحقيقي ، شعرت بالذنب لأنها كانت قد شتمته في نفسها قبل لحظات ..
“لا… إنها غلطتي…”
أمواج الندم بدأت تغمره من كل صوب ..
ماذا لو أنه اختار علاجها أولًا، ثم عاد وأكمل الطقوس؟
“ماذا لو… كان ذلك ممكنًا؟”
لم يتوقف عقله عن تكرار تلك الفكرة ، حتى أصبحت روحه شاحبة ..
ضغط نفسي رهيب خيّم عليه ، وجسده المرهق من الطقوس بدأ يترنح ..
أسرع الفرسان المقدّسون للإمساك به، هاتفين:
“قداسة البابا!”
“…هل هذا أيضًا قدر؟”
نطق مايكل بشفاه ثقيلة.
“تبًا لهذا القدر اللعين.”
خرجت لعنة من فمه لأول مرة ..
“فتاة لم تعِش يومًا من أجل نفسها ، وتنتهي حياتها بهذا الشكل السخيف…”
توقف فجأة عن الكلام ، وكأن شيئًا داخله كان يكاد ينفجر لكنه حاول كبته ..
لكن أنفاسه باتت تزداد اضطرابًا ..
“…هل هذا حقيقي؟”
قال ديتريش وهو يبكي بلا توقف ..
“أيتها الغراب الصغيرة…”
دفن وجهه في صدرها ، وبدأ يجهش بالبكاء ..
“ههه… هوووه!”
لم تكن هذه أول مرة يبكي فيها ديتريش ، لكنها كانت المرة الأولى التي ينهار فيها بهذا الشكل ، وهو الذي كان يعتبر كرامته أغلى من حياته ..
كلوي ومايكل أيضًا خفضا رأسيهما بوجهين تغشاهما الكآبة ..
عمّ الصمت المكان وسط موجة الحزن ..
وفجأة ، وسط السكون…
“…ثقيل.”
صدر صوت هامس من مكان ما ..
ديتريش ، الذي كان يبكي في حضن إيرين ، رفع رأسه بحدة بعدما أدرك مصدر الصوت ..
“هـه؟ مـ، ماذا؟!”
نظر إلى عيني إيرين المفتوحتين بدهشة ، لتلتقي عيناهما ..
عيناها الحمراوان كانتا تحدقان فيه باستغراب
(لماذا هذا الشخص يبكي في حضني؟)
راود إيرين هذا التفكير ، وشعرت بشيء من النفور نحوه ..
“…لا، لا يمكن… هل أنتِ… با-بايل؟”
همس أحد الكهنة بوجه شاحب من الخوف ..
“لكن بايل مات ، أليس كذلك؟”
ردّ عليه كاهن آخر وهو يشير إلى الواقع الذي لا يمكن إنكاره .
الجميع صار ينظر نحوها بحذر .
(ما الذي يجري؟)
لم تكن إيرين قد استوعبت ما يحدث بعد ، كانت تحدق فقط بذهول ..
(أتذكر أنني خرجت من الشق ، وبعدها…)
ثم أغمي عليها ، وكل ما بعد ذلك بدا مفقودًا من ذاكرتها …
لاحظت وجوه الجميع وقد اتسعت عيونهم من الذهول، وكلهم ينظرون إليها فقط ..
“ما الأمر؟”
سألتهم ..
“الـ، الأمر هو…”
حاول أحد الكهنة أن يشرح ، لكنه لم يعرف كيف يبدأ ..
تقدمت كلوي وقالت بنبرة حاولت أن تبدو هادئة:
“لقد… متِ.”
“…أنا؟”
ظنت إيرين أن كلوي تمزح ، لكنها لم تتخيل يومًا أن كلوي قد تمزح أصلًا ..
“لقد أعادكِ الحاكم إلى الحياة.”
قال آلين بحزم ، وكأنه يعلن شيئًا لا جدال فيه.
“…هل ينوي تكليفي بمهمة جديدة؟”
بدت ملامح آلين غير واثق بكلامه ، لكنه لم يستطع إخفاء ارتياحه ..
فعودة إيرين كانت بكل المقاييس خبرًا سعيدًا.
في تلك اللحظة ، تذكرت إيرين ما حدث قبل أن تموت ..
“أنا الحاكم!”
تذكرت صراخ ذلك الكائن المتغطرس جيدًا.
(حاكم كهذا ، لماذا أعادني؟)
شعرت بالقلق ، لم تكن مستعدة لتحمل أي مهمة جديدة ، لقد أنهكتها المهام ..
فجأة ، سُمعت خطوات مسرعة تقترب ..
“…إيرين …”
لقد كان راينهارت ..
ترجمة ، فتافيت ..
التعليقات لهذا الفصل " 127"