في تلك الأثناء ، كان “رون” يخوض قتالًا شرسًا ، فرسان المعبد والحرس الإمبراطوري الذين كانوا يحرسون هذا المكان ، بدأوا يتساقطون واحدًا تلو الآخر بسبب الإرهاق الجسدي ..
“تبًا ، إلى متى ستستمر هذه الوحوش في التدفق؟!”
كان رون يقاتل في موقعه ، يقتل الوحوش واحدة تلو الأخرى لحماية جسد راينهارت ، وقد بلغ به الإرهاق حدّه فأطلق أنفاسه بصعوبة ..
ومضى بعض الوقت على هذا الحال
“…آه.”
وصل إلى أذني رون صوت ضعيف لكنه مألوف ..
كبح رون دموعه ، وتوجه نحو راينهارت ..
“جلالتك ، هل استيقظت؟”
ارتجفت رموش راينهارت قليلًا ، ثم بدأت جفونه تُفتح ببطء ، وبدأت عيناه الخضراوان ، اللتان كانتا باهتتين ، تستعيدان بريقهما ..
نظر رون إليه بحذر ..
وكانت عيناه الخضراوان ، كخُضرة الصيف ، تنعكسان عليه بوضوح ..
“رون…”
“نعم! نعم، إنه أنا!”
صرخ رون بانفعال ، في الحقيقة ، كان ينظر إلى هذا الموقف بنظرة يائسة ..
كان يظن أن السيدة إيرين لن تستطيع إنقاذ راينهارت ..
(لقد عاد حقًا!)
وهذا يعني أن السيدة إيرين نجحت ، دموعه انسابت بلا إرادة ، فعضّ شفته ليكبحها ..
(هل حدث من قبل أن نُقِذَت روح من داخل الشق؟)
في الأصل ، لم يُفتح الشق من قبل ، أن تدخل إيرين إلى الشق لإنقاذ جلالته كان أمرًا جريئًا للغاية ، قرارٌ محفوفٌ بالموت ، شعر رون بالخجل من نفسه أمام ما فعلته ..
“أين هي؟”
فهم رون فورًا ما يقصده راينهارت ..
“هل تقصد السيدة إيرين؟”
نهض راينهارت فجأة ، بدا وجهه شاحبًا ، ولاحظ رون ذلك على الفور ..
“لقد أصيبت بجروح بالغة وهي تُنقذني من داخل الشق ، يجب معالجتها في الحال.”
أخذ راينهارت ينظر حوله ، ثم التقط سيفًا كان ملقى على الأرض ، واندفع راكضًا ..
“جلالتك!”
ناداه “رون”، لكن صوتَه لم يصل إلى أذني “راينهارت”. شقّ طريقه عبر الشياطين والوحوش حتى وصل إلى شجرة العالم. ..
تحديدًا، إلى الشق الموجود تحت شجرة العالم التي انقسمت إلى نصفين ..
وهناك ، أمامه مباشرة ، رأى امرأة ذات شعر أسود ملقاة على الأرض ، وجهها شاحب بلا لون ..
“إيرين!”
كان المكان حولها مغطى بدماء سوداء ، عضّ راينهارت شفته بشدة ، لماذا أصرّت على التحمل بهذا الشكل الأحمق؟ لم تُظهر ألمًا أبدًا …
(هاه… من أكون حتى…)
لم يستطع فهم قناعتها ، لم يكن يرغب بأن تُضحي بحياتها من أجله بهذه الطريقة ..
“هفف…”
حزم راينهارت أمره ، ونجح في الوصول إليها بعد أن اخترق صفوف الشياطين والوحوش …
ولحسن الحظ ، لم تتمكن الوحوش من الاقتراب منها بسبب السيف الذي كانت
تمسكه في يدها ..
“…”
كانت “إيرين” شبه فاقدة للوعي ، بالكاد تدرك ما يجري ، أسرع راينهارت بدعمها بذراعيه ..
الجرح الذي أصابها داخل الشق…
دماء سوداء غزيرة غطت بطنها ..
(أرجوكِ…)
راينهارت شعر وكأن أنفاسها قد تنقطع في أي لحظة ، فزاد من سرعته ..
“كح…”
سعلت إيرين ، وانتشرت الدماء السوداء على الأرض كأنها زخات مطر ..
شعر وكأن قلبه يهوي إلى قاعٍ بلا نهاية ..
“…اللعنة!”
اندفع راينهارت بكل قوته مخترقًا الوحوش والشياطين حتى وصل إلى بوابة القصر ..
فور وصوله ، نظر مرة أخرى إلى حالتها المتدهورة ..
ثم، وهو يحاول التماسك، أمر “رون”:
“يجب أن نأخذها إلى للعلاج فورًا.”.
“نعم!”
وفي تلك اللحظة ، سعلت إيرين مرة أخرى، وتقيأت دمًا أسود ..
راينهارت بدأ يصلي في قلبه بكل ما أوتي من رجاء ..
“أرجوكِ. ..”
لتتمكّن إيرين من الصمود ..
شعر وكأن دمه يتجمّد في عروقه ، وعقله يهتزّ كأنه على وشك الانهيار …
لاحظ راينهارت أن خطوات رون بدأت تتباطأ ، فأخذ إيرين منه ورفعها بين ذراعيه ..
“يا سموّ الأمير ، أنا بخير–”
“أنا لست بخير ، الوقت يداهمنا ، ولا مجال للتأخير …”
نظر راينهارت فجأة إلى إيرين التي كانت بين ذراعيه ..
كان كمّ قميصه ملوّثًا بالدم الأسود ..
خفق قلبه بعنف من شعور غريب بالتشاؤم ..
الطريق إلى الملاذ المقدّس بدا وكأنه يدوم إلى الأبد …
“هل كان دائمًا بهذه المسافة؟”
كان ظهر راينهارت مبللًا بالعرق ، لكنه لم يكن يشعر بذلك ، فقد واصل الجري دون توقف.
“يا قداسة البابا!”
كان ألين ، الذي سمع بأن ولي العهد قد استيقظ ، يجري طقوس التطهير ..
عندما التفت إلى مصدر الصوت دون قصد ، ووقع بصره على إيرين ، تصلّب وجهه ..
وفي اللحظة ذاتها ، نظر إليه كلّ من ديتريش وكلوي ..
“ما الذي يحدث هنا بحق الجحيم…؟”
“……”
وجوه ديتريش وكلوي شحب لونها حتى بدت كجثث عندما رأوا إيرين بين ذراعيه ..
كانت حالتها مزرية إلى حد لا يوصف ..
“اللعنة…”
خرجت لعنة من فم ديتريش ، وكانت نظراته ترتجف بلا حول ..
“ما هذا المظهر… اللعنة…”
أغمض عينيه بإحكام كأنه يقاوم دموعه.
أما كلوي ، فكانت تنظر إلى راينهارت بنظرة باردة كالجليد ..
“ما الذي حدث؟”
أنزل راينهارت إيرين أمام البابا ..
“إيرين مصابة بشدة ، ومُلوثة ، أرجوك ، نفّذ طقوس التطهير …”
فالبابا هو الوحيد الذي يستطيع إنقاذها ..
كان راينهارت مستعدًا لأن يركع أمام البابا إن كان في ذلك ما ينقذ حياتها ..
وفجأة…
“يا صاحب القداسة! تم اختراق خط الدفاع! عليكم إتمام طقوس التطهير فورًا!”
نظر ألين إلى إيرين بوجه مرتبك ..
وكان كل من راينهارت ، وكلوي، وديتريش يحدّقون به بعيون يملؤها التوتر والخوف.
كان أمام ألين خياران لا ثالث لهما ..
“يا إلهي ، لماذا هذا الابتلاء؟”
شعر وكأنه يريد أن يغمى عليه من قسوة القرار الذي عليه اتخاذه ..
كان يعتبر إيرين صديقة ، ويرغب بشدة في إنقاذها ..
لكن ما يجب عليه فعله كان واضحًا.
فتح ألين فمه ببطء ..
“لم يعد هناك خيار آخر…”
وأدار وجهه بصعوبة واقترب من موقع الطقوس ..
كان هذا يعني تأجيل تطهير إيرين ..
“يا صاحب القداسة!”
حاول راينهارت الإمساك به ، لكن رون وضع يده على كتفه وأوقفه ..
“يا سموّ الأمير…”
هز رون رأسه ، في إشارة إلى أن لا جدوى من إيقافه ..
“ألا يوجد أي طريقة؟”
سألت كلوي الكهنة القريبين ..
“سأتبرّع بسخاء للهيكل إن أمكنكم إنقاذ حياة إيرين …”
بفضل كلماتها ، تقدّم بعض الكهنة نحو إيرين
“دعونا نرى جراحها أولًا.”
لكن وجوههم ما لبثت أن تحولت إلى القلق بعدما رأوا حالتها ..
كانت جراحها عميقة جدًا ، حتى إنّ مجرد بقائها حيّة إلى الآن بدا معجزة ..
“سنسكب ماء التطهير …”
أسرع أحد الكهنة ومعه ماء التطهير وسكبه على جراحها …
تقلّصت ملامح إيرين من الألم ، رغم فقدانها للوعي ..
“الجراح أعمق من أن تُشفى بهذا القدر ، نحتاج إلى المزيد من ماء التطهير…”
“يا سيدي ، لقد استهلكنا معظمه… لم يتبقَّ إلا القليل …”
قال كاهن آخر بقلق ، إذ تم استخدامه بالفعل لعلاج فرسان آخرين أصيبوا بالتلوث ..
وكان ماء التطهير موردًا محدودًا.
“…آه.”
انغمس راينهارت في اليأس ، ومع كل أنّين ألم يصدر عن إيرين ، كان يشعر وكأن صدره يُمزَّق ..
“تم إتمام طقوس التطهير!!”
هتف أحد فرسان الهيكل بفرح غامر
في الخارج ، علت صرخات الشياطين والوحوش ، ثم خيّم صمت مفاجئ ، وتبعته أصوات أقدام ..
“لقد اختفت كلّ الشياطين والوحوش.”
أخيرًا ، تحقق النصر ، وتم إنقاذ العالم ..
اقترب راينهارت بسرعة من ألين ..
“أرجوك ، عالج إيرين ..”
أومأ ألين برأسه واقترب منها ..
وفجأة ، شحب وجهه وتجمّد ..
“ما الأمر؟”
نظر راينهارت إلى إيرين ، فلاحظ أن وجهها الذي كان مشوّهًا بالألم أصبح مسالمًا بشكل غريب ..
قرّب ألين يده من وجهها ..
لم تكن تتنفّس ..
“…لقد فارقت الحياة.”
إيرين ليكاون… ماتت ..
ترجمة ، فتافيت …
التعليقات لهذا الفصل " 126"