خرج راينهارت بخطى ثابتة ودخل ساحة المعركة مباشرة ، وما إن تعرف عليه فرسان القصر الإمبراطوري حتى أحاطوا به ..
“يا صاحب السمو! هذا المكان خطير ؤ من الأفضل أن تعود بسرعة ..”.
“لدي ما يجب علي فعله.”
قاطعهم راينهارت ودخل في صلب الموضوع
“أين إيرين؟”
“إنها مستلقية هناك حاليًا ..”
وأشار أحد فرسان القصر على الفور إلى مكانٍ ما ، كانت امرأة ذات شعر أسود ممددة على الأرض ، مغمضة العينين ، ووجهها هادئ ..
كان الضباب الأسود يتماوج من حولها ، وكان دوق ليكاون مصابًا وملقى بالقرب منها ..
كان ذلك الضباب الأسود ينبعث منه شعور فطري بالخطر والنذير المشؤوم ..
بعد أن استوعب الوضع ، تنهد راينهارت تنهيدة ثقيلة ..
‘إيرين …’
من السياق ، فهم أنها محتجزة داخل ذلك الضباب ، وأن دوق ليكاون أُصيب أثناء قتاله مع بايل ..
‘هذا يعني أن بايل يملك قوة هائلة.’
وقد قيل في النبوءة إنه “ملك الجحيم”، لذا لم يكن الأمر مفاجئًا تمامًا …
وهكذا ، ثبتت صحة النبوءة ..
‘…هاه.’
كان في قرارة نفسه يتمنى أن تكون النبوءة كاذبة ، لأنها إن كانت صادقة ، فهذا يعني أن إيرين تعاني داخل وهم مؤلم ..
لكن الآن ، بعدما واجه الحقيقة وجهًا لوجه ، لم يعد بإمكانه إنكار الواقع ، وسكن قلبه هدوء غريب ..
كان هناك شخص آخر داخل ذلك الضباب ..
وجه مألوف ..
‘ذلك هو بايل ، إذن.’
رغم أنه اتخذ هيئة لويد ، فإن عينيه الحمراء وحدقة عينيه السوداء فضحتاه ..
كان مختلفًا تمامًا عن الشياطين المعتادة ذات البشرة الزرقاء ..
“أنت بايل؟”
“كيف علم ولي العهد باسمي؟ لقد كشفته للتو ، هل وصل إليه الخبر بهذه السرعة؟”
رفع بايل حاجبيه بدهشة ، وكأن الأمر أدهشه حقًا ..
“سمعتُ من الحاكم …”
تصلبت ملامح بايل ، التي كانت مطمئنة من قبل ، على الفور ..
“الحاكم؟”
“نعم ، تلقيت نبوءة.”
كان رون بجانبه يريد أن يسأله عن سبب ذكره لذلك الآن ، لكنه كتم كلماته ، لم يكن من الحكمة أن يقاطع هذا الحديث الحساس ، في هذه الأثناء ، فتح راينهارت فمه من جديد ..
“هل هدفك هو موت الحاكم؟”
أدرك بايل فورًا أن راينهارت قد سمع عنه من الحاكم نفسه ، فانحرفت شفتيه إلى ابتسامة ملتوية ..
“صحيح.”
فتح بايل ذراعيه بتباهٍ، وقد لوى عينيه بتعمد
“إذا اختفى الحاكم ، سأحصل على سلطة لا تُقهر!”
إفصاح بايل عن هدفه يعني أنه يرى راينهارت كشخص بلا تأثير حقيقي في مجرى الأمور
لكن راينهارت تكلم مجددًا ..
“في هذه الحالة ، لدي اقتراح.”
“ما هو هذا الاقتراح؟”
لم يبدُ على بايل أي اهتمام حقيقي ، لكنه أمال رأسه قليلًا وكأنه مستعد للاستماع على الأقل
“ما رأيك أن أنضم إلى خطتك؟”
“…ماذا؟”
نظر بايل إليه بدهشة ، وكأن ما سمعه كان خارج نطاق التوقع تمامًا ، قال راينهارت بكل هدوء:
“في النهاية ، مصير الأمور بين يديك الآن ، لذا من الأفضل لي أن أكون في صف المنتصر …”
“يا صاحب السمو!”
صُدم رون تمامًا ، وراح الجميع ينظرون إلى راينهارت بوجوه تملؤها الشك ، وكأنهم يتساءلون: هل نحلم؟ أما على وجوه أبناء دوق ليكاون الثلاثة ، فقد بدت خيبة الأمل والغدر واضحة ..
“لكن إيرين… لن توافق على الصفقة أبدًا.”
أشار بايل بيده بإيماءة تدل على الاهتمام ، وكأنه يقول: “تابع، أريد أن أسمع المزيد …”
“بإمكاني إقناعها.”
“هممم ، ستتخلى عن المرأة التي أحببتها بجنون؟”
“أليس ذلك اختيارًا حكيمًا؟”
ردّ راينهارت وكأن لا شيء في الأمر ، وكأنه يطرح سؤالًا منطقيًا ..
“هذا هو السبيل الوحيد تقريبًا للبقاء على قيد الحياة ، ولا أملك رفاهية الاختيار.”
“آه—”
ابتسم بايل بعدما فهم نية راينهارت ..
“في النهاية ، تقترح صفقة ، أليس كذلك؟”
كان تخمين راينهارت دقيقًا ، ومن جهة بايل ، كانت صفقة مغرية إلى حدٍ كبير ..
إيرين ليكاون ..
لم تكن امرأة عادية ، لم يرَ إنسانًا يقاوم فنونه الوهمية بهذا الشكل من قبل ..
كان بايل قلقًا من أن تختار إيرين في النهاية الانتحار داخل الوهم ، بدلًا من الاستسلام ..
…وإذا ما قتلت نفسها داخل الوهم؟
فروحها ستموت ، وجسدها سيموت معها ..
وروحها ستمضي إلى الحياة الآخرة ، إلى يد الحاكم …
وهكذا ، فإن بايل لن يتمكن أبدًا من تحقيق مصيره الذي كان يسعى إليه طوال حياته ..
“وكيف تخطط لإقناعها؟”
“ببساطة.”
أجاب راينهارت بهدوء ..
“سأطلب منها أن تضحي من أجلي ..”
“أيها اللعين المجنون!”
صرخ ديترِيش بلعنة غاضبة ، لكن راينهارت لم يبدُ عليه أي رد فعل ، وكأنه لم يسمع شيئًا على الإطلاق
أما بايل ، فقد ازداد اهتمامه وفضوله ..
“استغلال مشاعر البشر… فكرة ممتعة.”
لكن بايل لم يوافق على الفور .
“دعنا ننتظر قليلًا بعد …”
ثم وجّه نظره نحو إيرين ، لاحظ راينهارت شيئًا مهمًا ..
نظرة بايل إلى إيرين لم تكن مجرد فضول ، كان فيها شيء من القلق الخفي ..
*. *. *
“هاه…”
استمرت موجات الشياطين والوحوش في التوافد ، حتى بات الزمن وكأنه امتدادٌ أبدي ..
مع تكرار المعارك ، ازدادت إرهاقًا وإنهاكًا ..
بدأ هذا القتال يبدو بلا معنى ..
لم يكن هناك ما يستحق الحماية ، لم يتبقَّ لها سوى حياتها ..
“لو أنني فقط تخلّيت عن هذه الحياة …”
ربما ، لن تضطر إلى خوض هذه الحرب وحيدة بعد الآن ، أدركت إيرين أنها كانت تفعل كل
هذا فقط كي تبقى على قيد الحياة ..
— طعنة!
قتلت وحشًا آخر ، ثم قتلت شيطانًا آخر…
استمرت المعركة بلا نهاية ..
— تَق!
دفعَت قدميها على الأرض وبدأت تركض بلا توقف ، تجتاز الساحة التي تتدفق فيها الوحوش والشياطين ..
“أريد فقط الهرب من هنا.”
كان هذا هو التفكير الوحيد الذي يملأ عقلها
— كلنغ!
أخيرًا ، تخلّت عن سيفها الطويل ، ولم تبقَ في يدها إلا خنجر واحد وهي تواصل الركض ..
كانت الوحوش والشياطين تطاردها من خلفها ..
“هاه… هاه…”
مر بعض الوقت ، وأدركت إيرين أنها بلغت أقصى حدود قدرتها الجسدية ..
“…لم أعد أستطيع.”
اعترفت بأنها لم تعد تملك طاقة للهروب ، ولا حتى الإرادة ، وصلت إلى طريق مسدود ..
— هل ستوافقين على الصفقة؟
رن الصوت مجددًا في ذهنها ، عضّت شفتها السفلى ، ومن أعماق قلبها ، تصاعد رفضٌ وتمرد ..
لم تكن تريد أن تستسلم ..
“لا.”
نظرت إلى الخنجر في يدها ، أن تموت هنا خيرٌ لها من أن تسلّم روحها لذلك الصوت في رأسها ، لن ترتكب تلك الحماقة
لقد كان ما فعلَه بها لويد كافيًا ..
تذكّرته على الفور ، بشكل غريزي ..
“روحي… صارت لي وحدي الآن ..”
إن كان لا بدّ من الموت على يد الشياطين أو الوحوش ، فليكن موتها بيدها ..
أحكمت قبضتها على الخنجر ، لمع نصلُه الحاد تحت أشعة الشمس الحارقة ..
لو اخترق هذا رقبتها ، فستنزلق إلى نومٍ أبديّ لا نهاية له ..
صار هذا الخنجر الآن مخرجها الوحيد من
هذا الجحيم ..
“توقفي!”
عندما اقترب النصل من عنقها ، دوّى صوتٌ فجأة وأوقفها ..
كان صوتًا مختلفًا عن ذاك الذي اعتادته في رأسها ..
“من هذا؟”
أضطرب قلبها بلا سبب ، التفتت نحو مصدر الصوت ، فرأت رجلاً أشقر الشعر ، لا يشبه هذا المكان في شيء ، كان نقيًا، نظيفًا، كأنه قادم من عالمٍ آخر ..
“إيرين …”
نظرت إليه وقد بدا لها وجهه مألوفًا ، لكنها لم تستطع أن تتذكّره ..
“من… أنت؟”
عند سؤالها ، لمعت عينا الرجل الخضراوان بلطف ، لكنها لمحت خيبة أملٍ عابرة فيهما ..
شعرت إيرين فجأة بالذنب ، وكأنها اقترفت خطيئة بحقه ، ورغبت في أن تعتذر… دون أن تدري لماذا ..
‘لكن ، لماذا أشعر أنني أنا من يجب أن يعتذر؟’
تملّكها هذا التساؤل ، لكنها فضّلت الصمت وانتظرت إجابته ..
“ألا تذكرينني ، يا سيّدتي؟”
كادت أن ترد تلقائيًا بـ”لا”، لكنها توقفت
كلمة “سيّدتي” أيقظت في داخلها شيئًا غريبًا، صدى مألوف ..
“من تكون… ولماذا تفعل بي هذا؟”
لماذا تجعلني أشعر هكذا؟
لم تستطع أن تُكمل جملتها، فقد فاجأها عندما احتضنها فجأة ..
دقّ قلبها بعنف ..
“الحمد لله… لم تموتي بعد …”
كان في صوته صدقٌ عميق ، أحسّت به في أعماقها ، وخفق قلبها بشكل أقوى ..
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات