امتدّ دم أسود كأثر باهت ..
شعر الشيطان بالخطر فجأة وتراجع خطوة إلى الوراء ..
“هل قاتلتِ شياطين من قبل؟”
“لا.”
أجابت إيرين بهدوء ، رغم أنها كانت تكذب ، كانت تعرف أن ذلك سيجعلها تبدو أكثر تهديدًا بالنسبة له ..
‘نمط قتال الشياطين ..’
بالنسبة لإيرين التي خاضت حرب الشياطين ، كان الأمر مألوفًا للغاية ، لكن حقيقة أنه تم كشف سلوكهم دون معرفة مسبقة بهم ، جعلت الشيطان يرتبك للحظة ..
“المبعوثة… مزعجة حقًا.”
ابتسم الشيطان ابتسامة ملتوية ثم اختفى ،
حاولت إيرين مطاردته ، لكنه استخدم السحر الأسود للانتقال ، مما جعل تتبعه مستحيلًا.
-كـووم!
اهتزّت الأرض ..
“أنظروا هناك!”
انقسمت شجرة العالم العملاقة إلى نصفين ، وظهرت فجوة في المكان الذي انفصلت فيه ، تماوج ضباب أسود في الأفق ..
“البوابة بدأت تفتح.”
تمتم ألين ..
تنهد راينهارت وقال:
“آه… هل ستُفتح البوابة حقًا؟”
بما أنهم لم يستطيعوا حماية شجرة العالم ، فكان فتح بوابة الأبعاد مسألة وقت فقط ..
امتلأت وجوه الجميع باليأس والظلام ، ما عدا إيرين ..
“جلالتك! جيش من ساكار قد وصل!”
يبدو أن راينهارت أرسل نداء استغاثة إلى ساكار ..
تحدث بحذر ..
“عذرًا ، استعرت اسمكِ قليلًا.”
“لا بأس ، بل هذا أمر جيد …”
كانت إيرين تعرف من خلال تجربتها أن توسيع الجيش كان أمرًا بالغ الأهمية ، حتى ولو بوسائل غير تقليدية ..
لكن في تلك اللحظة ، اتخاذك لذلك القرار مباشرة…
أدركت مدى سرعة بديهة راينهارت وذكائه ..
لم يكن من الغريب أن كيم تاي هيون لم يستطع هزيمته بسهولة ..
فهو كان أضعف بكثير من راينهارت ، وعلى الرغم من أنه كان يعرف “القصة الأصلية” بفضل حظه في التجسد داخل الرواية ، مما منحه ميزة ، إلا أنه لم يفعل شيئًا بقدراته الخاصة ..
وفي النهاية ، كانت نتيجة طمعه أن التهم الشيطان روحه ..
وإذا التهم الشيطان الروح ، فهي تتعذب إلى الأبد في الجحيم ، حتى الكتاب المقدس وصف تمامًا مدى تلك المعاناة ..
—
مرّ بعض الوقت ..
ومع اتساع الفجوة ، بدأت أيدٍ سوداء تزحف للخارج ..
كانت وحوشًا شيطانية ..
“لقد وصلنا.”
في تلك اللحظة ، سُمِع صوت مألوف ..
“أبي؟”
كان سيدريك…
وخلفه وقف ثلاثة من الإخوة من عائلة ليكاون ، ومعهم جيش ليكاون …
فتح راينهارت فمه بخجل وقال:
“لقد استعرت اسمكِ …”
“…أحسنت صنعًا.”
أومأت إيرين برأسها ، لقد كان اختيارًا حكيمًا ،
لو دخل الشياطين والوحوش إلى العاصمة ، ستكون حياة المدنيين في خطر ..
لكن رغم ذلك…
بدأ القلق يتسلل إلى قلبها ..
قبل العودة بالزمن ، سقطوا في فخ السحرة السود ، وقُتل ديتريش على يد الشياطين ..
ماذا لو تكرّر الأمر؟
في ذلك الوقت ، كانت تثق بكيم تاي هيون بسذاجة، ولم تستطع حمايتهم ..
قبضت إيرين على سيفها بقوة ، لن تسمح بتكرار نفس المصير مجددًا ..
قلق…
شعور قوي بالقلق والإصرار تداخل في قلبها ،
بذلت جهدًا كبيرًا لإخفاء هذا الاضطراب ، لأنها أرادت أن تظهر قوية على الأقل أمام راينهارت.
تــشقق!
انقسمت شجرة العالم كليًا وسقطت على الأرض ..
كـووم!
شجرة العالم ، التي كانت يومًا تتلألأ بالنور ، تحلّلت الآن إلى غبار أسود متعفن واختفت ..
“آه… شجرة العالم المقدسة…”
ذرف بعض الكهنة دموعهم وهم يشاهدون المشهد ..
لقد تذكّروا السنوات الطويلة التي قضوها في العناية بها ..
حتى إيرين شعرت بالحزن ، فحوّلت نظرها عن الشجرة المتلاشية …
“في الوقت الحالي ، علينا حماية البابا بأولوية قصوى بينما يُعدّ طقس التطهير.”
رتّب راينهارت صفوف الحراسة ..
في تلك اللحظة ، وصل جيش ساكار ..
كانوا على خيولهم ، يشبهون عاصفة تحمل الرمال ..
بدت هيبتهم ساحقة ، وأثاروا رهبة في نفوس الجميع ..
وفي المقدمة ، ظهر وجه مألوف ..
“إذن ، سنكون نحن من يتولى الحماية.”
رجل بشعر أسود طويل… كان هاكان ..
لم يتوقع أحد أن يأتي هاكان بنفسه ليقود الجيش ، مما أثار دهشة الجميع ..
في تلك اللحظة ، قاطع صوت رجل آخر الحديث ..
“نحن من سيتولى الأمر …”
قال سيدريك بحزم وملامح جادة ..
“كيف يمكنك حماية البابا؟”
“سأقوم بذلك كما يجب.”
“لا يبدو أنك جدير بالثقة ، تعرف أن التمسك بالكبرياء في لحظات حرجة كهذه قد يُهلك الجميع ، أليس كذلك؟”
“وهذا ينطبق عليك أيضًا.”
اندلع توتر خفي بين سيدريك وهاكان ..
رغم أن الموقف كان عاجلًا وخطيرًا ، لم يُظهر أي منهما نيّة للتراجع ..
“الوضع لا يحتمل الجدل ، ولا وقت لفرض الآراء الفردية …”
تدخل راينهارت بهدوء لفض النزاع .
“فلنقسم حماية البابا بينكما مناصفة.”
رضخ سيدريك وهاكان للأمر على مضض ،
تنهد راينهارت وهو يراقبهما وقال بصوت منخفض:
“يا له من إرهاق.”
“أعتذر.”
انحنت إيرين معتذرة ..
رفع راينهارت حاجبه بدهشة ..
“ولمَ تعتذرين أنتِ؟”
“أشعر أن ما حدث سببه أنا بطريقة ما…”
“هذا مجرد صراع سخيف على الكبرياء ، ولا علاقة لكِ به إطلاقًا.”
انتقد راينهارت الاثنين بحدة ..
لحسن الحظ ، كان كل من سيدريك وهاكان منشغلين بقيادة وحداتهم، فلم يسمعا كلماته ..
“…نعم.”
أومأت إيرين برأسها بهدوء ..
“الفجوة تتسع أكثر!”
صرخ أحد الفرسان الحراس ..
“آآآه!”
ثم خرج ذئب ذو رؤوس متعددة ، وانقض على كتف الفارس ، ممزقًا اللحم ومتناثرًا الدم في كل مكان ..
كانت المنظر مروّعًا ، لكن ما جعل قلب إيرين ينقبض فجأة هو إدراكها أن راينهارت كان واقفًا بجوارها مباشرة ..
“يا جلالتك ، من الأفضل أن تلجأ إلى مكان آمن مع البابا.”
“لا، سأشارك في هذه المعركة.”
“سموك!”
لأول مرة ، رفعت إيرين صوتها وهي تتكلم من ضيق قلبها ..
“أنت الشخص الوحيد القادر على قيادة هذه الإمبراطورية.”
“إمبراطورية من دونكِ لا تعني لي شيئًا.”
“بل تعني الكثير ، فكّر في شعب الإمبراطورية.”
لم تستطع إيرين فهم تصرفاته غير المنطقية تجاهها ..
فهي لم تُكمل مهمتها بعد ، ولذلك كان من الطبيعي ألا تفهم مشاعره كليًا ..
“سوف تظهر امرأة أفضل مني إلى جانب جلالتك.”
قالت إيرين ببرود ..
كان عليها أن تقطع الرابط النفسي الذي يكنّه لها ..
نحن في زمن حرب الآن ..
“لذا ، أرجوك لا تعتبر حياتي أكثر أو أقل من حياة فارس شارك في هذه المعركة …”
“…أأنتِ جادة فيما تقولين؟”
اهتز صوته قليلًا ..
“نعم.”
ولم تكن تكذب ، كانت صادقة في كل كلمة ..
رغم أن ظهره الوحيد المنعزل كان يوجع قلبها، إلا أنها لم تكن ترغب بمقتله ..
إنه من سيقود الإمبراطورية ..
فقط الآن أدركت تمامًا دورها كفارس ..
في هذه اللحظة ، لحظة فتح بوابة الأبعاد .
“إيرين!”
صرخ راينهارت ، ارتجفت عيناه الخضراوان المليئتان بالربيع ..
هو الذي كان دائمًا هادئًا ، تمسّك بذراعها فجأة.
“هل أخطأتُ في شيء؟ إن كنت قد أخطأت ، فأخبريني حالًا! سأعتذر عن كل شيء!”
أمسكت إيرين بذراعه بلطف وأعادتها إلى مكانها، ثم قالت:
“جلالتك لم يخطئ في شيء ، الخطأ مني أنا ، إذ نسيت دوري كفارس وتجرأت على قول ما لا يليق بي …”
ثم صرخت نحو الفرسان المحيطين:
“أيها الحراس! اصحبوا جلالته إلى حيث يقيم البابا!”
“أمركِ!”
أسرع الفرسان نحو راينهارت بخطى مرتبكة.
“نتشرف بمرافقتك ، جلالتك …”
“جلالتك…؟”
ارتبك الفرسان من عدم تحركه ..
كان نظر راينهارت مثبتًا على وجه إيرين ، غير قادر على صرف بصره عنها ..
“هاه…”
ضحك راينهارت بمرارة ..
ورغم أن عينيه كانتا فارغتين وكأن روحه تاهت ، شعرت إيرين بأن قلبها يتمزق ،
لكنها أدارت وجهها بعيدًا عن نظره ..
ترجمة ، فتافيت …
التعليقات لهذا الفصل " 116"