تجاهلتُ نظرات الناس التي كانت تراني وكأنني شيءٌ غريب، وأخذت أستعرض المطبخ.
“هذه أوّلُ مرّة أدخل فيها المطبخ، وهناك الكثير من الأشياء الغريبة. هل هذه كلها أدوات طهي؟”
قمت بلمس سكاكين الطهي المثبتة بقوّة في لوح التقطيع، وجربت أن أفتحَ بعض أدوات الطهي التي لم أرَ مثلها من قبل.
يبدو أن الطاهي كينتو لم يعجبه أنني أعبث بأدوات المطبخ بهذا الشكل، فبدأ يتنفّس بغضب.
لكنه لم يجرؤ على قولِ شيء مباشر بسببِ سمعتي السيئة.
“يا سيدتي القديسة، السكاكين خطيرة.”
قال ديتريش و هو غير قادر على تحمل الموقف، محاولًا منعي.
لابد أنه يظن أيضًا أنني أفتعل مشكلة بلا سبب.
“نعم، سيدتي القديسة. إن كنتِ ترغبين في استكشاف المطبخ، فتعالي ليلًا. حينها يمكنني أن أريكِ المكان بهدوء.”
“آه، لم أفكر بذلك. حسنًا، سأعود ليلًا كما قلت، لذا أرني كل شيء جيدًا حينها.”
ابتسمتُ بابتسامة مشرقة عند كلام كينتو الجريء، واستدرت بجسدي.
ظنّ الجميع أنني سأغادر المطبخ، وسمعت أصوات تنهدات ارتياح تملأ المكان.
لكن السّبب الحقيقي لمجيئي إلى المطبخ يبدأ الآن.
فعّلت نظام الخريطة، بما في ذلك الممرات السرية.
هدفي كان بجوار مستودع حفظ المواد الغذائية.
كما قرأت في الرواية، طرقت الجدار بإيقاع معين.
توك، تودوك، توك، توك، تودودوك.
“م، ماذا! توقفي فورًا!”
صرخ كينتو من ورائي.
عندما استدرت، كان يحدّقُ بي بوجه شاحب تمامًا.
يا رجل، من الواضح جدًا أنكَ تعرف عن الممر السري.
دروووووك!
“هاه! ما، ما هذا؟!”
“لا يعقل! في المطبخ مكان كهذا…؟”
انفتح الجدار الذي طرقتُه، وظهر ممر سري مخفي.
تفاجأ العاملون في المطبخ بشدّة.
لكن سرعان ما تغيرت نظراتهم.
“م، مهلاً، هناكَ شيء بالداخل؟”
في داخل الممر المفتوح كانت هناك عدة أكياس موضوعة.
دخل ديتريش بسرعة إلى الممر وتفقد الأكياس، وهو ينظر نحوي ونحو إيريك بوجه مرتبك.
تشااارك.
ما إن فتح الرباط، حتى انسكب من داخله المال.
ليس أي مال، بل كمية يصعب رؤيتها في هذا المعبد الفقير.
“يا إلهي! كل هذا المال! لا أدري لماذا، لكنني شعرت برغبةٍ في طرق هذا المكان، ولم أتوقع أبدًا أن أجد مالًا!”
أليسَ هذا غريبًا فعلًا؟
ضحكتُ بصوت مرتفع وقلت:
“وكأن أحدهم قد أخفاه عمدًا. هل هو اختلاس؟”
عند كلمتي، تجمّد وجه ديتريش تمامًا.
لديه بديهة قوية، فلا بدّ أنه أدركَ الأمر على الفور.
ممرّ سريّ لا يجب أن يعرفه أحد، والمال المخبأ فيه،
والمثير للريبة أن كينتو كان يحاولُ منع كشفه.
حتى الأحمق سيفهم أنها حالة اختلاس.
“…أيها الطاهي.”
ناداه إيريك، الذي ظل صامتًا طوال الوقت.
كان يحدّق بكينتو بعينين حادتين جعلتني أنا نفسي أرتجف.
فالرّجل الذي وثقوا به ليتولى طعام الجميع، اختلس أموال المعبد الفقير. لابد أن الخيانة كانت قاسية.
“هل يمكنكَ أن تشرح لنا هذا الموقف؟”
آه، لم أكن أعلم أن الحديث الرسمي قد يبدو مرعبًا هكذا.
“أ، أنا، لا أعلـ…”
“لن تقول إنكَ لا تعرف، صحيح؟ ردّ فعلكَ عندما فتحت سيدتي القديسة الممر السري لم يكن أبدًا رد فعل شخص يجهل الأمر.”
بالضبط.
لقد شحبَ وجهه تمامًا وصرخ “توقّفي!” مثل لصّ انكشف، والآن يريد أن يفلت بفعلته؟ هذا كثير.
“سأشرح! أستطيع توضيح كل شيء!”
“جيد. عليكَ أن تشرح كلّ شيء بدقة.”
اقترب إيريك من كينتو الذي أصبح شاحبًا كالموتى.
نظر إليه من الأعلى، فارق الطول بينهما كان شاسعًا، وكأن إيريك يسحقه بنظرته.
“إن لم تتمكن من شرح سبب معرفتك بالممر السري رغم أنكَ مجرد طاهٍ بلا قوة مقدسة، فسأضطر بصفتي الكاهن الأعلى المسؤول عن النظام في المعبد إلى استجوابك.”
“ذ، ذلك…”
“ولا أظن أن طريقة الاستجواب تلكَ ستكون لطيفة.”
ثم وجّه له إيريك تهديده الأخير بأناقة:
“يمكنني أيضًا تسليمكَ لقائد فرقة الحراس المقدسين.”
قائد الحراس المقدسين في المعبد أقوى حتى من الكاهن الأعلى.
فهو الأقوى في القوة الجسدية.
ويبدو أن التهديد أصابه في مقتل، إذ ازداد شحوبه.
“ا، القصة، القصة هي…”
اقتربَ كينتو من الممر المفتوح كما لو أنه سيشرح كل شيء.
وفي تلكَ اللحظة، التقت عيناه الزائغتان بعيني.
“أنتِ! لو لم تكوني أنتِ!”
صرخَ كينتو، رافعًا يديه وكأنه سيخنقني، وركض نحوي بجنون.
نحوَ مَن؟ نحوي، طبعًا.
“سيدتي القديسة!”
صرخَ إيريك و ديتريش ومدّا أيديهما لحمايتي، لكن…
رغم أنني أفتقر للقوة المقدسة مقارنة بهما، إلا أنني أستطيع التصدي لشخص عادي.
لأنني أمتلك نظامًا.
【يتم تفعيل المهارة ‘تعزيز الجسد’.】
يا لسعادتي لأنني حصلتُ على هذه المهارة.
“آه، هل كنتَ متحمسًا لمديح فوري؟ لا بأس إذًا. إن كنتَ تريده بشدة، سأمنحكَ إياه الآن.”
ابتسمت ومددت يدي اليمنى.
جمعت 5% من قوتي المقدسة في إصبعي الوسطى وصفعته به ضربة خفيفة.
إلى أين؟ إلى جبهة كينتو.
بـااااق!
صدر صوتٌ يشبه تكسّر جوزة ضخمة.
“أغغ، أغغغ…”
من شدة الصدمة التي لابد أنها بلغت حتى الدماغ، لم يستطع كينتو حتى أن يصرخ، وراح يترنح.
وظل يحدّقُ بي بعينين مليئتين بالدم، حتى انقلبت عيناه وسقط أرضًا بارتطام قوي.
“……”
“……”
“……”
سادَ السكون المكان.
الجميع راح يتناوب النظر بيني وبين كينتو المغشي عليه وفمه يرغي.
“آهه!”
وأخيرًا، مع انتفاخ جبهة كينتو المخيف، بدأ طاقم المطبخ يلتصقون ببعضهم البعض وهم يبتلعون ريقهم.
همم. لو تركت الأمر هكذا، قد تسوء صورتي أكثر.
فمددت كلتا يدي نحو كينتو المغشي عليه، بوجه وقور.
وكأني ألقي عليه بركة.
“أعرب عن امتناني لطاهي المطبخ على وجباته اللذيذة طوال الوقت. لكن من الآن فصاعدًا، استرح بسلام.”
ربما تأثر أحد طاقم المطبخ حقًا ببركتي الصادقة، حتى إنه جلس على الأرض بهدوء وسط البقية المتجمعة.
“سيدي الكاهن الأعلى، ابتهج! أن نحصل على هذا القدر من المال لأمر محظوظ !”
“……ذاك.”
“الآن سنستطيع إطعام المتدربين حتى يشبعوا. أليس هذا رائعًا؟”
ابتسمت ابتسامةً مشرقة نحو إيريك.
لكن نظرات مشوشة ومحرجة انهمرت عليّ.
* * *
بينما كان ديتريش ينظّم الأموال المختلسة، قاد إيريك طاقم المطبخ إلى فرسان الهيكل في المعبد.
لفحص ما إذا كان هناكَ من ساعد كينتو.
وبينما كان الخدم يرحلون بعيون قلقة، طلبت من فرسان الهيكل أمرًا واحدًا.
“قد يكون الجميع أبرياء، لذا لا تحققوا معهم بعنف. تذكروا أنهم جميعًا من أهلنا حتى يتم كشف الحقيقة.”
لم يتوقع الخدم أن أكون في صفهم، ففتحوا أعينهم على اتساعها.
وحتى الفرسان بدوا مذهولين.
كل هذا في سبيل تحسين صورتي.
“يا قديسة.”
حينَ رحل الجميع، ولم يبقَ سوى أنا و ديتريش ، ناداني إيريك بهدوء.
“هل أصبتِ بأيّ أذى؟”
ظننت أنه سيسألني أولًا كيفَ عرفت، لكنه سألني عن سلامتي!
“أعتقد أنني جرحت إصبعي قليلًا.”
“لا داعي للقيام بهذا مرة أخرى.”
كانت مزحة…
لكن إيريك نفخ في يدي اليمنى طاقة مقدسة.
كانت قدرة شفاء لا أستطيع استخدامها بسببِ نقص طاقتي.
أحاطت طاقة ذهبية بأصبعي.
لطيفة و دافئة كطبيعة إيريك.
لكن للأسف، بما أنه ركّز الشفاء على إصبعي الأوسط، صار يضيء وحده بلون ذهبي.
لم أعد أطيق رؤية إصبعي الأوسط يلمع، فسحبت يدي قائلة إنني بخير الآن.
“هل يمكنكِ شرح الموقف؟ كيف عرفتِ بكل هذا؟”
موقع الممر السري، شيفرة الباب، ووجود المال المختلس.
كوني قديسة مزيفة، لا بد أنه لم يخبرني عن الممر السريّ، لذا لا بد أنه مستغرب.
قلتُ بالحجة التي أعددتها مسبقًا.
“بالصدفة!”
لا يمكنني أن أقول إنني عرفته من الرواية.
على أيّ حال، إيريك لا يستطيع التحقيق معي، فلأتمسكَ بكذبتي بثقة!
“……عفوًا؟”
“لديّ حدسٌ جيد جدًا. أحيانًا أشعر بشيء هكذا.”
بالواقع، يمكنني أن أختلق كذبة أكثر إقناعًا، لكن…
خطتي لم تنتهِ بعد.
لذا، لنقل هذا فقط الآن.
وتركت إيريك المتفاجئ، وتوجهت إلى ديتريش.
“كم المبلغ الكلي؟”
“آه، تسعة ذهبيات و سبعة وثمانون فضية.”
يبدو أن ديتريش رأى كلامي غريبًا، لكنه أجاب بأمانة.
100 فضية تساوي ذهبية واحدة، أي المبلغ يقارب 10 ذهبيات.
كم من الطاقة الروحية سيزيدني التبرع بـ 10 ذهبيات؟
لا بد أنه سيزيد بنسبة 1% على الأقل؟
【يزداد بنسبة 0.01%.】
“……؟”
هل أنتَ جادّ؟
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 8"