أمام الأولاد الذين يساعدون في أعمال المعبد لم يكن هناك سوى صحن حساء لا يحتوي على شيء سوى الماء، وخبز الجاودار القاسي فقط.
يا له من نظام غذائي بائس لهؤلاء البراعم الصغيرة.
بينما كنت أحدّقُ بغباء في صحون الأطفال، تفحصت طعامَ الكهنة الجالسين إلى جانبي.
يا إلهي. ليسَ الأطفال فقط مَن يعانون من الجوع.
سواء أكانوا كهنة مبتدئين أم كهنة رسميين، الجميع يأكلون صحنَ حساء واحد فقط؟
وقد أعطوا الأطفال خبز الجاودار الإضافي لمجرّدِ أنهم صغار السن؟
“…هل كان الأطفال يتناولون هذا النوع من الطعام دائمًا؟”
سألت إيريك بدهشة، فأجابَ وهو يحمر خجلًا.
“بسببِ نقص التمويل…”
كان من الواضح أنه يشعر بالخجل من الواقع الذي لا يمكنهم فيه سوى تقديم هذا الطعام للأطفال.
ضربت جبيني بقوة.
لا يجب أن ألوم إيريك. السّبب في نقص التمويل هو إسراف أوريديل.
أن يأكل البالغون حساءً مخففًا؟ هذا لا يعنيني.
فهم بالغون ويمكنهم العمل لكسبِ رزقهم إن شعروا بالجوع.
لكن الأطفال ليسوا كذلك!
هؤلاء الأطفال الذين لا يزالون في طور النمو يتناولون وجبات بلا لحم!
“هل سمعت من الكاهن ديترِيش أنني قلت إنني سأبيع ممتلكاتي؟”
“نعم. سيتم تنفيذ الأمر حسبَ رغبة السيدة القديسة.”
“رجاءً، افعلوا ذلكَ بأسرع ما يمكن. وإن أمكن، استخدموا هذه الأموال أولاً لتحسين جودة الطعام. خصوصًا طعام الأطفال.”
الطعام الذي كنتُ أتناوله هنا كان مختلفًا تمامًا عن ما يتناوله الجميع الآن.
حساء غني باللحم، وخبز قمح طري ولين، وسلطة طازجة بتوابل مختلفة في كل مرة، وحتى عصير لذيذ مصنوع من الفواكه الطازجة.
أدركتُ الآن فقط.
أنني كنتُ أعيش في رفاهية وحدي على حساب تضحيات الآخرين.
لو لم آتِ إلى قاعةِ الطعام، لما كنتُ قد علمتُ بهذا أبدًا.
“من الآن فصاعدًا، قدّموا لي نفس الطعام الذي يأكله بقية الكهنة. وإن كان هناكَ فائض مما كنت أتناوله، أعطوه للأطفال.”
نظرت إلى الأطفال بعينين مشوشتين.
كان من المؤلم رؤية أجسامهم الهزيلة وكأنهم لم يذوقوا طعامًا حقيقيًا من قبل.
وأن كل هذا سببه صاحبة هذا الجسد، أوريديل.
يا للجنون.
* * *
تركت إيريك الذي كان يسألني مرارًا إن كنت حقًا بخير مع هذا الوضع، وغادرت قاعة الطعام.
كان هناكَ شيء لا بدّ لي من التّأكد منه قبل العودة إلى غرفة النوم.
بدأت أتنقل في المعبد بخطى واسعة، وكل من يراني يصابُ بالذعر إما يهرب أو يسقط أرضًا.
كنت أشعر ببعضِ الذنب، لكن لم يكن لديّ وقت للانشغال بذلك الآن.
“سأجنّ، حقًا.”
بعد أن تجولت حول المعبد، توجهت أخيرًا إلى المكان المسمى “الحديقة” على الخريطة في النظام.
ثم انفجرت ضاحكةً بسخرية.
“أيها النظام الملعون. أي جزء من هذا يمكن اعتباره حديقة؟”
مكان لا توجد فيه أزهار، فقط بعضُ الأعشاب المتفرقة، ويُسمى حديقة؟
بل إن التربة و الحصى غير مرتبة إطلاقًا، مما جعله يبدو في غاية الفوضى.
هذا المشهد غير المنظم على الإطلاق يعكس واقع معبد الشمس الحالي بشكلٍ صارخ.
ولم تكن المشكلة في الحديقة فقط.
أعمدة المعبد كانت متشققة في كل مكان، وكان هناك غبار وعناكب في الزوايا بدلًا من النظافة.
غرفة أوريديل كانتْ فاخرة جدًا، لكن المعبد الذي يحتوي على تلكَ الغرفة كان يتعفن.
ذلكَ التّناقض الصارخ بدا غريبًا للغاية.
وضعت رأسي بين يدي وجثوت على الأرض.
المعبد فقير.
كنتُ أعلم هذا بالفعل.
لكن رغم معرفتي، لم أعره اهتمامًا.
لأنه عندما تظهر البطلة إيدِيلا، سيتمّ حلّ كل شيءٍ على أيّ حال.
…لم أفكر حتى للحظةٍ أن الناس في المعبد سيستمرون في المعاناة من الفقر حتّى ذلك الحين.
“كنتُ غبية.”
ربما، كنت أتجنبُ التفكير في الأمر عمدًا.
لأنني كنت غاضبة من بدأ حياتي الثانية دون إذني.
لكن الآن بعد أن رأيت هذا…
كيف يمكنني أن أتجاهله؟
رفعت رأسي من على ركبتي حيث كنت قد دفنت وجهي، وظهرت أمامي نافذة المهمة حسب إرادتي.
【<مهمة> أنقذ “الشمس الزاحفة من الموت”!
حاليًا، “الشمس الزاحفة من الموت” على وشكِ الزوال بسبب نقص عدد التابعين.
كوني القديسة التي ورثت قوة “الشمس الزاحفة من الموت”، وزدي عدد التابعين، وعززي قوتكِ المقدسة لإنقاذ هذا الحاكم و العالم البائس من الفناء!
مكافأة النجاح: الثروة والمجد والسلطة بصفتك القديسة
عقوبة الفشل: الزوال الأبدي لـ “الشمس الزاحفة من الموت” وانهيار البُعد】
عقوبة الفشل التي كنت أتجاهلها عمدًا حتى الآن.
السّبب الرئيسي من استدعائي بدلًا من الانتظار لعام حتى تظهر البطلة إيدِيلا.
تحذير النظام من أنني إن فشلت، فلن يفنى الحاكم فقط بل هذا البعد كله.
بجمعِ كل هذه المعطيات، يمكن استنتاج نتيجة واحدة فقط.
“هذا العالم لا يسير تمامًا مثل رواية <إيديلّا المقدسة> التي قرأتها، أليس كذلك؟”
فلو كان عالمًا مطابقًا تمامًا، لما كان هناك سبب لاستدعائي إلى هذا العالم
【هذا السؤال يمكن الإجابة عليه بـ “نعم/لا” فقط حسب رغبة “الشمس التي زحفت من الموت”.】
【الإجابة على السؤال: “نعم”.】
【إذا أردت شرحًا مفصلًا، فعليكِ بلوغ نسبة 40٪ من القوة المقدسة.】
حتى لو لم أتمكن من سماع الشرح الآن، فهذا يعني على الأقل أن استنتاجي كان صحيحًا.
“هاااااه، سأجنّ.”
إذا هربت، فسوف يختفي حاكم الشمس، وسينهار المعبد الرئيسي، ولسببٍ ما لا أعرفه، سيفنى هذا البُعد أيضًا.
لست قوية القلب كفاية لأتقبلَ كلّ هذا ببساطة.
وقبل كل شيء، إذا فُني البُعد، ألا يعني ذلك أنني سأموت أيضًا في هذا العالم؟
رغم أنني تجسّدتُ بالقوة، إلا أنني لا أريد الموت في سنٍّ مبكرة مجددًا.
أريدُ أن أعيش حتى أشيخَ هذه المرة!
لذا، لا مفر… عليّ أن أعيش حياتي الثانية بجدّ.
وفوقَ ذلك، لا يمكنني ترك الأطفال جائعين هكذا.
“أَيُها النظام، هل يمكن إضافة مكافآت لنجاح المهمة؟”
لا يهمني أن أنجح في الحياة كقديسة.
من البداية، كل ما عليّ فعله هو أن أُبقي على الحاكم حيًا خلال العام الذي يسبق ظهور البطلة.
الثروة و المجد كقديسة يمكن أن تأخذها البطلة، لا بأس بذلك. ما أريده فقط هو شيء واحد.
“إذا متّ في هذه الحياة ، أريد أن أرتاح دونَ أن أفعل شيئًا.”
لا أريد حياة ثالثة أبدًا.
رجاءً، دعني أعيش بسلام في النعيم.
【نظام الذكاء الاصطناعي قد استلم أمنية المستخدم. سيتم نقل الأمنية إلى “الشمس التي زحفت من الموت”.】
كم من الوقت انتظرت؟ عاد النظام بالإجابة.
【”الشمس التي زحفت من الموت” قد قبلت أمنية المستخدم. تم تغيير مكافآت المهمة.】
【<المهمة> أنقذ “الشمس التي زحفت من الموت”!
مكافأة النجاح: الثروة والمجد والسلطة كقديسة + ضمان حق اختيار العالم الآخر بعد الموت للمستخدم】
ابتسمتُ برضى وأنا أقرأ المكافآت المعدّلة.
“جيد، سأقبل المهمة. سأجتهد في تنمية هذا المعبد اللعين.”
【المستخدم قبل المهمة. من الآن، أصبح المستخدم قديسة “الشمس التي زحفت من الموت”.】
【”الشمس التي زحفت من الموت” قد منحت مكافأة قبول المهمة. هل تودّ التحقق منها الآن؟】
أوه، مكافأة قبول المهمة؟
على الأقل، يبدو أن لهذا النظام بعض الضمير.
“لكن ليس الآن.”
مهما كانت المكافأة، لا يمكنني استلامها في مكان مفتوح كهذا.
خاصة وأن هناك مَنٔ يراقبني منذ قليل.
من المرجح أن يكون شخصًا لم يجرؤ على الاقتراب من الحديقة بسبب وجودي، ويكتفي بمراقبتي من الزاوية.
يا للمصيبة. طالما سأعيش هنا، فعليّ أن أستعيد علاقتي مع الآخرين، لكن لا أعلم إن كان ذلكَ ممكنًا.
تنهدتُ وعدتُ إلى غرفتي بهدوء، محاوِلة ألا يلاحظني أحد.
* * *
المكان الذي غادرته أوريديل.
ظهر فيه رجلان.
“ما الذي كانت تفعله هنا بالضبط؟”
نظر دييتريش إلى الأرض بوجه مستغرب.
على تراب الحديقة غير المرتب، طُبعت آثار أقدام القديسة.
يبدو أنها كانت هنا لفترةٍ طويلة، فقد كانت آثار الأقدام عميقة.
“بصراحة، ظننتُ في البداية أنها كانت تبكي.”
رغم أن ذلكَ لا يُصدق إطلاقًا.
منذ أن غادرت أوريديل قاعة الطعام راكضة، لم يستطع إيريك ودييتريش كبحَ فضولهما، فتبعوها خلسة.
وعندما وجدوها هنا، صُدما للغاية.
أوريديل، التي لم تُظهر الضعف أبدًا.
أوريديل، التي كانت تصرخ وتلقي بالأشياء إن شعرت ولو قليلًا بأن أحدًا يستهين بها!
كانت تجلس القرفصاء على التراب المتسخ، ووجهها مدفون في ركبتيها.
لقد صُدم ديتريش لدرجة أنه أمسك بثوب إيريك دون أن يدري.
لكن إيريك بدا أكثر ذهولًا منه.
نظرَ ديتريش نحوه بطرف عينه.
وجه إيريك وهو ينظر إلى آثار أقدام القديسة كان متجمدًا بشكلٍ مرعب.
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 6"