فستان من الساتان الأزرق يتدلى منه الدانتيل الأبيض.
إيريك يعرف جيدًا ما هذا.
هذا الفستان اشتراه الكونت كيريس لأورديل في اليوم الذي أتت فيه إلى المعبد لأوّل مرة بصفتها قديسة.
كانت أورديل تحبّه لدرجةِ أنها كانت تتوخى الحذر في كلّ مرة ترتديه، وإذا ما لمست الخادمة الفستان بشكلٍ خاطئ كانت تثور كالنار، لأنه فستان ثمين حصلت عليه من والدها.
والآن تقول إنها ستبيعه دونَ أن تترك شيئًا منه.
بل وتكذب قائلة إنها اشترته من مصروفها الخاص.
‘أليست هذه خطة رتبتها مع الكونت كيريس؟ هل تنوي حقًا مغادرة المعبد؟’
الآن وقد تذكر أنها قالت إنها مستعدة لخداع عائلة كيريس أيضًا.
هل حدثَ شجار كبير بينها وبين الكونت؟
رغم أن أورديل كانت مخلصة للكونت كيريس، إلا أن الكونت نفسه لم يكن يقدّرها كثيرًا.
ربما أدركت هذه الحقيقة مؤخرًا وقررت الابتعاد عنه.
‘بهذا، تصبح جميع الأمور منطقية.’
حتى تغيرها المفاجئ، وتوقفها عن التصرف كقديسة، ورغبتها في مغادرة المعبد، وتلكَ النظرة المليئة بالفراغ الشّديد عندما قالت ذلك…
الآن أصبحَ كل شيء مفهومًا.
“أعتقد أن بيعها فكرة جيدة… فالوضع المالي يزداد سوءًا.”
بينما كان إيريك يحدّق في القائمة بوجه جدي، قال ديتريش بحذر.
لم يرد أن يفوّتَ هذه الفرصة.
ففي الحقيقة، تدهور الوضع المالي للمعبد كان بسببِ تبذير القديسة.
“… حسنًا. لنفعل كما ترغب القديسة. ابدؤوا من الغد فورًا. اجعل الأمر تحتَ إشرافك.”
“نعم! حاضر!”
ولحسن الحظ، عاد الرد بالإيجاب، فأضاء وجه ديتريش ومال برأسه موافقًا.
يجب أن يُنجز الأمر بسرعةٍ قبل أن يغيّر كل من أورديل وآيريك رأيهما.
“…..”
لكن على عكس ديتريش، لم يستطع إيريك أن يبتسم.
رغمَ أن تغير أورديل كان مُرحبًا به من نواحٍ عديدة…
إلا أن فكرة بيعها للفستان الأزرق الذي كانت تحبه كثيرًا ظلت تزعجه.
خصوصًا أنها قالت إنها ستحتفظ بثمنه لنفسها.
وهذا معناه أنها، رغمَ غضبها، لا تزال عاجزة عن التخلي عن ارتباطها بعائلة كيريس.
إيريك، الذي تذكّر وجه أورديل الخالي من الأمل كما رآه في النهار، تنهّدَ بعمق.
*****
“آه، يا له من شعور منعش.”
في اللّيلة السابقة، بعدما سلّمت القائمة إلى ديتريش، استقبلت الصباح بوجهٍ نضر ومنتعش.
صباحٌ عادي لا عمل فيه… كم هو شعور رائع.
“هل أبقى هنا فقط؟”
إن خرجتُ، سأضطر للعمل مجددًا لأجل لقمة العيش…
أما هنا، فالقديسة هي الأعلى مرتبة، فلا حاجة للعمل.
يُقدم لي الطعام في موعده، ويتم تنظيف كل شيء.
أليس هذا عملاً رائعًا بحق؟
ربّما من الأفضل أن أبقى في المعبد، وأوفر المال تدريجيًا، ثم أغادرَ عندما تظهر إيديلا بعد عام؟
من المربك أن أقول لإيريك الآن أنني لا أستطيع الرحيل، لكن على أية حال، هو عارضَ الأمر من البداية.
لكن خطتي الرائعة هذه لم تصمدْ حتى عشر دقائق قبل أن تنهار تمامًا.
“أ، أ، أ، أسفة جدًا، يا قديسة…!”
حدقتُ بدهشةٍ في الفتاة التي ركعت أمامي وانحنت على الأرض.
كانت الخادمة التي جلبت فطوري خائفة منذ البداية.
حتى تلكَ اللحظة، لم أفكر كثيرًا في الأمر.
لابد أنها كانت ضحية لتصرفاتِ أورديل السيئة.
لذلك، فكرت أن أبدأ بالاعتذار لها ببطء.
فكّرتُ بذلك فقط.
إلى أن اصطدمت بي قليلًا وهي تضع الصينية على الطاولة بسببِ ارتجافها الشديد.
“أخطأت! أنا آسفة! أرجوكِ، أرجوكِ سامحيني…!”
“…..”
واو، لقد صُدمت حقًا.
لم تلمسني إلّا بخفة، ومع ذلكَ تنحني بهذه الطريقة كأنها ارتكبت جريمة عظيمة؟
ماذا كانت تفعل أورديل هنا بحقّ؟
“… لا بأس، يمكنكِ الخروج الآن.”
ماذا يمكنُ أن أقول لشخصٍ يرتجف خوفًا من أن يُضرب؟
أنا متأكدة من أنها لن تتقبل اعتذاري الآن، لذلك فقط طلبت منها المغادرة.
“… أ، أجل؟”
“لستُ غاضبة على الإطلاق، لذا يمكنكِ الانصراف.”
خشيت أن تزداد رعبًا إذا ألححت عليها، فتجاهلتها وبدأت أتناول فطوري.
بعد لحظة، انحنت بخجلٍ وغادرت على عجل.
والمضحك في الأمر، أنها خرجت بهذه السرعة دون أن يُسمع حتى وقع خطواتها.
في الواقع، الأمر ليسَ مضحكًا أبدًا.
“يبدو أنني يجب أن أغادر المعبد.”
سواء تغيرت صورتي أم لا، لأجل الصحة النفسية للناس، عليّ الرحيل.
واصلتِ تناول طعامي بوجهٍ حزين.
لكن بعد انتهاء الفطور، ظهرت مشكلة أخرى.
في الأمس ، ايريك و ديتريش هما من أخذا الصحون الفارغة، أما اليوم، فلم يبقَ أحد ليأخذها لأنني صرفت الخادمة مسبقًا.
لكي لا أرى مشهداً آخر لشخصٍ مرعوب يرتجف أثناء التنظيف، من الأفضل أن أحملها بنفسي.
“لكن أين المطبخ؟”
في ذاكرتي، كانت غرفة الطعام متصلة بالمطبخ… إذًا أين غرفة الطعام؟
وفوق ذلك، لا أعرف حتى موقع هذه الغرفة في هذا المكان.
فبمجرّدِ وصولي إلى المعبد أمس، كنت في حالة نصف وعي بسبب الجوع ودوار السفر، فقام إيريك بنقلي.
ماذا أفعل؟ هل أستدعي الخادمة مجددًا؟
ألن يكون هذا كفيلاً بإصابة الخادمة بنوبة هلع حقيقية هذه المرة…؟
كنت في حالة من التفكير الشّديد أمام الصينية الفارغة عندما حصل ذلك.
【بناءً على طلبِ المستخدم، سيتم تفعيلُ نظام “الخريطة”.】
ظهرت رسالة النظام أمام عيني.
“أكنتَ موجودًا؟”
ربما لأنه لم يكنْ مفيدًا كثيرًا.
لقد نسيته تمامًا خلال يوم واحد فقط.
عندها، كأن النظام غضب لأنني نسيته، كبر حجم الشاشة فجأة.
في الزاوية العلوية اليسرى كُتب: <خريطة معبد الشمس>.
أجل.
نظام مثل هذا من المفترض أن يحتوي على خاصية الخريطة.
“أرني الطّريق من مكاني الحالي إلى المطبخ.”
ظهرت نقاط حمراء على الخريطة تشير إلى الطريق إلى المطبخ.
يبدو أن علي التراجع عن قولي إنه غير مفيد.
اتجهتُ مباشرةً نحو النقاط الحمراء.
كنت سأذهب مباشرة إلى المطبخ، لكن تبيّن أن الطريق الموصل إليه مخصص للخدم، لذا قررت أن أمرُّ عبرَ غرفة الطعام.
أتمنى فقط ألا يُصاب من في غرفة الطعام بالذعر عند رؤيتي…
لكن أمنيتي ذهبت أدراج الرياح.
“آه.”
بمجردِّ دخولي غرفة الطعام، التفتت إلي عشرات العيون التي كانت تتناول الطعام.
أجل، يبدو أن هذا كان وقتَ تناول الطعام للجميع.
الذين التقت أعينهم بعيني شحبَ لونهم في لحظة.
أنا آسفة. لم أقصد أبدًا إفساد وقت طعامكم الهادئ…
“السيدة القديسة؟”
نهض إيريك واقتربَ مني بسرعة عندما رآني.
“ما الذي أتى بكِ إلى هنا…؟”
“أردت أن أضع الصحون الفارغة في المطبخ. لكن يبدو أنني أخطأت في توقيت مجيئي.”
آسفة على الإزعاج في وقت الطعام، لم أقصدْ ذلك حقًا.
عندما اعتذرت بتلميح، أخذَ إيريك الصينية من يدي وكأنه ينتزعها.
“سأتولى إيصالها بنفسي.”
“آه، إن كنتَ ستفعل…”
“وبالمناسبة، لا يوجد مكان في هذا المعبد محظور على السيدة القديسة. يمكنكِ الذهاب إلى أي مكان ترغبين به، في أيّ وقت.”
آه؟ كل هذا فقط لأني جئتُ إلى غرفة الطعام؟
“أه، نعم. سأضع هذا في الحسبان…”
على أي حال، سأغادر قريبًا… لكنني أومأت برأسي في الوقت الحالي.
وكنت على وشكِ أن أغادر غرفة الطعام بسرعة من أجل الجميع، لكن حينها…
“…أه؟”
رأيت شيئًا غريبًا.
“السيدة القديسة؟”
تجاهلت نداء إيريك المتعجب وسرت بسرعة نحو ما رأيته للتو.
رغم أن وجوه الأطفال الذين كانوا عند نهاية الطاولة الطويلة شحبت تمامًا، فإنني لم أرَ شيئًا سوى ما أمامي.
“ما هذا…؟”
فتحت عيني على اتساعهما وأنا أقف أمام الأطفال الذين يجلسون متجمعين معًا في نهاية الطاولة الطويلة.
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 5"