* * *
لكنني لم أتوقع مثل هذا الأمر على الإطلاق.
كان الزائر إلى المعبد الكبير أحد أتباع الكونت كيريس.
كنتُ أظن أنه، بما أنه نبيل يحمل لقبًا، سيُرشد مباشرةً إلى غرفة استقبالي.
لكن عندما سمعت أنه لا يزال عند مدخل المعبد الكبير، تساءلت عما يحدث…
“هيك، هيك، أنا… أنا آسف…”
كانت هناكَ كاهنة متدربة راكعة على الأرض، تذرف الدموع و هي تعتذر، بينما كانت محاطةً بعدد من الفرسان المقدسين كما لو كانوا يحمونها.
وأمامها، وقفَ رجل يرتدي ملابس أنيقة من رأسه إلى أخمص قدميه.
كانت عيناه الزرقاوان، المزينتان بنظارة أحادية، مملوءتين بالازدراء.
من الواضحِ أن الكاهنة المتدربة تلقّت صفعة على وجهها، ويبدو أن الخادمة التي أخبرتني بالوضع لم تكن خائفة بسببي فقط.
“ما الذي يحدثُ هنا؟”
عندما اقتربت وسألت، تراجعَ الجميع المجتمعين بدهشة.
عبسَ الرجل، الذي كان يلهث غاضبًا، عندما رآني وأظهر تعبيرًا مشوهًا.
“لقد جئتِ أخيرًا، يا آنسة كيريس.”
آنسة كيريس؟
ارتفعت زاوية فمي عند سماع هذا اللّقب لأول مرة منذُ استحواذي على هذا الجسد.
“يبدو أن المعبد لا يعلّم أتباعه بشكلٍ صحيح، لذا اضطررت لتعليمهم نيابة عنكم.”
“تعليم؟”
“لم يتعرفوا على عظمة الكونت كيريس وأبقوني واقفًا هنا. لو لم يكن الكونت موجودًا، لكان هذا المعبد الكبير قد دُمر منذُ زمن، ومع ذلك يجرؤون!”
نزلَ صمت بارد على الحضور بسببِ هذا التصريح الوقح.
بغضّ النظر عن مدى اعتماد المعبد على تبرعات الكونت للبقاء، فهذا هو المعبد الكبير الذي يخدم حاكم الشمس عن قرب أكثر من أي شخص آخر.
كان هذا التّصريح مبالغًا فيه بالتأكيد.
“يا آنسة كيريس، بماذا سيفكر الكونت كيريس إذا علم بهذا؟ عليهم أن يبدأوا بتعليم أتباعهم بشكلٍ صحيح من اليوم.”
صاحَ الرجل بثقة، رافعًا ذقنه.
تصلب وجه كلّ من إيريك و سيث، اللذين وصلا متأخرين.
لكن الرجل لم يبدُ مرتبكًا على الإطلاق حتى عندما رآهما. بل، نظر إليّ مباشرةً وكأنه يقول: “ماذا ستفعلون أنتم؟”، و طالب:
“حسنًا، أرشدوني إلى الدّاخل. أنا متعب من الوقوف هكذا.”
“هذا الوغد…”
أمسكت فيكتوريا، التي كانت تقف خلفي، سيفها بنيّة واضحةٍ لقطع رقبته بنظرة واحدة إذا أصدرت الأمر، بسبب استيائها من جرأته في معاملة القديسة بهذه الوقاحة.
بدلاً من إعطائها الإذن بقطع رقبته، تقدّمت خطوة إلى الأمام.
“كلام مثير للاهتمام. إذن…”
“…..”
“إذن… مَنٔ أنت؟”
آه، كنت أريد أن أقول شيئًا رائعًا، لكنني نسيت اسمه.
كيف يمكنني تذكّر حتى أتباع كيريس، بينما أستطيع التعرف على إيريك وسيث، الأبطال الرئيسيين، من مظهرهم فقط؟
“ما اسمكَ؟”
ليس لديّ خيار، تحمّلت الإحراج و سألت.
سمعت صوتًا كمَنْ يكتم الضحك من مكانٍ ما.
كان إيريك يمسك بكتف سيث و يغطي وجهه، يرتجف.
كان من الواضحِ أن سيث يعضّ أسنانه بقوة.
مع تصرفات البطلين، احمرَّ وجه الرجل وتحوّل إلى اللون الأحمر القرمزي.
حسنًا، حتى أنا أعتقد أن هذا كان قاسيًا بعض الشيء.
“كيف لا تعرفين اسمي، أنا الشّخص المقرّب من الكونت!”
“كيف يمكنني تذكّر كل هذه الأشياء واحدًا تلو الآخر؟”
“ما هذه الأشياء!”
“ما الذي يجعل اسمكَ ثمينًا جدًا لدرجة أنكَ تستمر في الصراخ دونَ أن تعرّف عن نفسك؟ مَن أنت؟”
“قال أن اسمه هو البارون ويليام غيل!”
الذي أخبرني بالاسم بدلاً من الرجل كانت الكاهنة المتدربة التي لا تزال راكعة.
“آه، شكرًا لإخباري. بالمناسبة، مهما نظرتُ إلى الوضع ، يبدو لي أنكِ تعرضتِ للضرب . هل أنتِ بخير؟ اطلبي من شخصٍ ما أن يأخذ الكاهنة المتدربة لتلقي العلاج.”
عند كلماتي، هرعت كاهنة لمساعدة الكاهنة المتدربة على النهوض.
لكن وجهها الباكي كان يافعًا جدًا.
هذا الوغد، هل ضربَ طفلة صغيرة كهذه؟ هل هو عاقل؟
“أن يتمّ ضرب طفلة صغيرة بهذه القسوة في المعبد الكبير. لا أعرف مَنٔ يحتاج إلى التعليم في هذا الوضع. إذن، قلتَ ان اسمكَ هو البارون غرايل؟”
“إنه غيل! كيف تجرؤ تلك الشيء على منعي، و هي تقول إنني بحاجةٍ إلى إذن، بينما أنا هنا بأمر الكونت!”
“لماذا ضربتها؟ لقد فعلت الشيء الصحيح، ومع ذلك قمتَ بصفعها؟ ما مشكلة أخلاقيات البارون غوريل؟”
“إنه غيل! لماذا تصرّفها ذاك هو الشيء الصحيح…”
“إذا كان هناك ضيف غير مدعو يقتحم المكان دون دعوة، فمن الطبيعي منعه.”
ارتجف غيل. بدا وكأنه لم يتوقع مني قول هذا، و كان عدم تصديقه واضحًا.
كان الأمر مضحكًا حقًا.
“لا يهم مَنٔ أنتَ أو بأمر مَنْ جئت. إذا أردت الدخول إلى هنا، يجب أن تحصل على إذن مني أو من الكاهن الأكبر أو قائد الفرسان المقدسين. هذه هي مكانتكَ في هذا المعبد الكبير.”
“…..”
“فهمت، أيّها البارون غين؟”
غضب غيل مرّةً أخرى، لكنه لم يحاول تصحيح اسمه هذه المرة.
نعم، يجبُ أن يدركَ الآن.
أنني لا أملك أيّ نية لنطق اسمه بشكلٍ صحيح في المعبد الكبير بعد أن تسبّبَ في هذه الفوضى.
“أريد طردكَ، لكن يبدو أن لديكَ شيئًا لتقوله، لذا سأعطيكَ فرصة. إما أن تعود من حيث أتيت، أو تدخل بهدوء. لن أوقفك، لذا اختر بنفسكَ.”
دخلت بخطواتٍ واثقة دون انتظار إجابته.
لم يتبعني إيريك و سيث، بل وقفا يحدقان بغيل.
لم يكن هناك أي أثر للضّحك على وجهيهما الآن.
تركتهما و توجهت إلى غرفتي مع فيكتوريا.
على أيّ حال، كان خيار غيل محدّدًا مسبقًا.
* * *
كما توقعت، لم يعد غيل، بل تحمّلَ الإذلال وبقي في المعبد.
أخبرتني فيكتوريا أن إيريك وسيث معه.
ماذا أفعل الآن؟
“آه، أشعر بالانتعاش بعد الاستحمام! الاستحمام بعد التعرق هو الأفضل.”
بعد تعرقي من التمارين الصباحية، كان عليّ الاستحمام بالطبع!
بفضل المياه الجوفية، يمكنني استخدام الماء بلا قلق بشأن التكلفة، وهذا شيء رائع.
“لو أجرينا التدليك كالمعتاد، لكان التعب قد زال تمامًا. من المؤسف أن الضيف غير المدعو منعنا من ذلك.”
تنهدت فيكتوريا و هي تجفّف شعري المبلل.
منذُ حوالي ثلاثة أيام، بدأت فيكتوريا، التي فتحت قلبها لي، بمنحي تدليكًا بعد الاستحمام عقب التمارين.
بفضل مهاراتها الممتازة كفارسة، كنت مدلّلة كل يوم.
“أنا أيضًا آسفة. لكن الكاهن الأكبر وقائد الفرسان المقدسين، اللذين يجب أن يظلا مع البارون، هما الأكثر إثارة للشفقة، لذا دعينا نذهب.”
ارتديت ملابس القديسة ودخلت غرفة الاستقبال المتصلة بغرفة نومي.
وضحكت دونَ قصد.
اختفى تمامًا المظهر الواثق الذي كان عليه غيل عندما جاءَ إلى المعبد الكبير أول مرة.
كان يبدو مقهورًا تمامًا بضغط إيريك وسيث الجالسين أمامه.
“يبدو أن الكاهن الأكبر وقائد الفرسان المقدسين أبقياكَ مشغولاً.”
عند كلماتي، أرسلَ غيل نظرةً حادّة، لكنني تجاهلته وجلست في المقعد الرئيسي.
“يمكنكما الخروج الآن.”
كما اتفقنا مسبقًا قبل أيام، لمّحتُ لهما بخفة.
الآن، كل ما يحتاجانه هو الرفض قليلاً ثم الخروج…
“لا يمكن. مَنْ يدري ما قد يفعله هذا الوغد الوقح بالقديسة؟”
“أتفق معه. كيف يمكننا ترك القديسة وحدها مع شخصٍ يضرب الناس بلا مبالاة؟ مستحيل.”
…لكن ردّ فعلهما كان أكثر حدة مما توقعت.
لكن رؤية وجه غيل يتحوّل إلى اللون الأحمر القرمزي لم تكن سيئة.
استمرا في إثارة غضب غيل بكلماتٍ أخرى، ثم خرجا وكأنهما لا يستطيعان التّغلب على إرادتي.
كنت أتوقع هذا من إيريك، لكن لم أكن أعلم أن سيث، الذي يميل إلى الجدية، يمكنه التمثيل بهذا الجيد.
“أورديل كيريس، هل أنتِ مجنونة؟”
في اللّحظة التي بقينا فيها أنا وغيل وحدنا، ألقى كلامًا لم يخرج عن توقعاتي ولو بمقدار شعرة.
تخلى عن لقب “الآنسة كيريس” وناداني باسمي بوقاحة.
إيريك و سيث، اللذان يمتلكان القوة المقدسة الأقوى في المعبد الكبير، مخيفان، لكنني لستُ كذلك، أليس كذلك؟
“بماذا سيفكر الكونت كيريس إذا عرف بسلوككِ الآن؟”
“سيغضب.”
“ماذا؟”
“لكن مَنٔ سيتحمّل غضبه هو أنت، لانكَ أنتَ مَنْ ستعود و تبلغه، ولستُ أنا. أنا لن أغادر هذا المكان ولو بخطوة.”
سخرت منه علنًا.
“هل ظننتَ أنني سأركع و أتوسل إذا ذكرتَ الكونت؟ استيقظ. لن يحدث ذلك أبدًا.”
“أورديل كيريس!”
“بالتّفكير في الأمر، لقد كنتُ طيبة جدًا. في الحقيقة، لا يوجد سبب لأكونَ كذلك. لأنني، كما تعلم، القديسة الآن.”
عند كلماتي، ضرب غيل الطاولة بقبضته.
لكن الصوت كان ضعيفًا، فلم يكن مخيفًا على الإطلاق.
“كيف تجرؤين، أنتِ قديسة مزيفة حصلتِ على هذا المنصب فقط بفضلِ نعمة الكونت!”
“صحيح، أنا مزيفة. لكن هذا سرّ، أليس كذلك؟”
قدّيسة مزيفة.
إذا كُشف هذا، مَنٔ سيُعاني أكثر، أنا أم الكونت كيريس؟
“إذا عُرف أنني قديسة مزيفة، قد أشعر بالحرج قليلاً. لكن الكونت كيريس، الذي جعلَ ابنته بالتبني قديسة مزيّفة من أجل السلطة، هل سينتهي الأمر به إلى الشّعور بالإحراج فقط؟”
زرعت فيه بوضوحٍ موقفهم، وهو الذي لا يزال لا يفهم الموضوع.
“البارون غيل، الشّخص الذي يُمسك بضعف القديسة المزيفة ليس أنا، بل الكونت كيريس. الذين يجب أن يرتجفوا خوفًا من كشف هذا السر هم أنتم.”
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 15"