“بما أنني لم أتمكن من حمايةِ من المعبد، فالرجاء إنزال العقوبة بي. سأقبل أيّ عقوبةٍ برحابة صدر.”
كان سيث يعترف بخطيئته بكآبة.
لكن لا يمكن الانخداع بمظهره… فقد رأيت بعيني كيفَ عاقبَ الجواسيس الذين تم القبضُ عليهم دونَ تردّد.
تكرّرت في ذهني عدّةَ مرات مشاهد البطل و هو يفتك بأورديل في الرّواية الأصلية دونَ رحمة، فشعرت برعشةٍ في صدري.
“إنها خطيئة لا يمكن التغاضي عنها، وإذا أمرتِ فقط فسأتنحى عن منصبي كقائد فرسان الهيكل في أي وقت.”
لكن لا، لا يمكن أن يحدثَ هذا! إلى أين تظنُّ أنكَ ذاهب؟!
“لا تقل هذا الكلام. إن لم تكنْ أنت، فبمَنْ يمكنني أن أثق؟ سأعتبر أنني لم أسمع شيئًا.”
“ولكن لأنني لم أتمكن من حماية أمن المعبد…”
“إذا أردنا تقسيم المسؤولية، فربّما يكون كل اللوم عليّ؟ لأن الجواسيس زرعهم الكونت كيريس. ولو أوليت قليلاً من الانتباه، لكنتُ قد اكتشفت الأمر مبكرًا.”
بصراحة، السّبب في أن الجواسيس كانوا يتحركون بحرية هكذا هو لأن أورديل كانت تساعدهم سرًا في تحويل الأموال.
فكيفَ كانَ سيث ليلاحظَ شيئًا؟
علاوةً على ذلك، بسببِ الفقر الذي يعانيه المعبد، كان يُرسل غالبًا في مهام كمرتزق، لذا كانَ من الصعب عليه ملاحظة الأمر.
“القديسة لم ترتكب أيّ خطأ!”
فارسنا المقدّس، البريء إلى أبعد الحدود، صرخَ بوجه شاحب دونَ أن يعرف شيئًا.
“إن لم أكن مخطئة، فأنتَ أيضًا غير مخطئ، يا قائد الفرسان. وفي هذا الوضع غيرِ المستقر، إن تنحيت وأنتَ الأقوى هنا، فسيزيدُ ذلكَ من شعورنا بعدم الأمان. لذا، أرجوك لا تذهب و واصل حماية هذا المكان بأمان.”
نعم، إلى أين تظنُّ أنكَ ذاهب؟
في هذا العالم القاسي، أحتاجُ بشدة إلى وجوده كأحد مرشحي البطل و كونه سيد سيف، من أجل البقاء بجسدي الضعيف ذو القوة المقدّسة التي تقدّر 5% فقط.
“…فهمت. أعدكِ أنني سأحمي القديسة و المعبد حتى الموت.”
لا حاجةَ لأن تذهب … لكن وجهه الجاد يوحي أنه لن يتراجع.
فلندعه وشأنه.
“ليسَ وقت البحث عن المذنبين الآن، بل علينا الاستعداد لما هو قادم. إذا انقطع الاتصال بالجواسيس، سيكتشفُ الكونت كيريس الأمر فورًا. وعلى الأرجح، سيحاول ابتزازنا باستخدام التبرعات التي يقدمها.”
حاليًا، يعتمد معبد الشمس بشكلٍ متقطع على التبرعات الضئيلة التي يقدمها الكونت كيريس.
وإن توقفت تلكَ المساعدات، فسينهار المعبد حتمًا.
“لا يوجد لدينا أي مصدر دخل، لذا لا يمكننا معاداة الكونت الآن. ولن نتمكّنَ حتى من الاعتراض على وجود الجواسيس.”
“إذاً، ما الذي تنوين فعله؟”
“المعبد لن يفعلَ شيئًا. سأواجه الكونت كيريس وحدي.”
“لكن هذا…!”
لوّحتُ برأسي بقوّة اعتراضًا على محاولتهما الاعتراض.
“حين يأتي رجالُ الكونت لاحقًا، عليكما أن ترفضا بقوة تركي وحدي معهم، ثم تتظاهرا بأنكما انسحبتم على مضض.”
علينا أن نمثّل مشهدًا، ولا يجوز أن تكونا معي حينها.
لا تقلقا، فقط ثقا بي. سأحلُّ كلّ شيء!
*****
غرفةٌ مظلمة مليئة بالدخان الكثيف.
رجلٌ ضخم البنية كان مستلقيًا على كرسي كبير، وقد غاصَ جسده فيه كليًا.
شعره المتروك بشكلٍ عشوائي ونظارته المرتخية أظهرتا تبلده، لكن وجهه كان مشوهاً بشكلٍ مخيف.
كلما تنفّس دخان السيجارة، بدأت تجاعيد جبينه بالتّلاشي تدريجيًا.
رغمَ أن رائحة الدخان النفاذة كانتْ مزعجة، إلا أن الرّجل لم يستطع الاستغناء عنها.
فهو لا يستطيعُ الاستمرار بالحياةِ دونها.
“سيّدي!”
في تلكَ اللحظة، فتحَ أحدهم البابَ فجأةً ودخل.
فغُمر الضيف غير المرغوب فيه بالدخان الكثيف وبدأ بالسّعال الشديد.
“آه، لن أعتادَ أبدًا على هذه الرائحة.”
“…اصمت. لديّ صداع، فتحدّث بهدوء.”
أبدى الرجل انزعاجه من الضجيج، فسارعَ الضيف إلى كتم سعاله.
“لقد وجدتُ ما كنتَ تبحثُ عنه !”
بصياحه، نهضَ الرّجل الذي كان ممددًا فجأة.
“لا تقل لي…”
“نعم! لقد عرفتُ مكان وجود ‘الكنز المقدّس للنور’!”
“أين؟”
“في معبدٍ يقع في شمال غرب الإمبراطورية.”
“الشمال الغربي؟ هل هناكَ معبدٌ هناك؟”
تابعَ الرّجل طرح الأسئلة بسرعة، فأجابه خادمه دون أن يأخذ نفسًا.
“إنه مكانٌ بالكاد على وشكِ الانهيار، لذلك لم يكن معروفًا كثيرًا. لقد عرفته مؤخرًا أثناء بحثي فقط.”
تبًا. لا عجب أننا لم نجده رغم البحث المكثف. إذا كان مخبأً في مكان كهذا، فمن المستحيل العثور عليه.
“استعد. سننطلق فورًا.”
“أمرك!”
بعد خروج خادمه، تنهّد الرّجل ومسحَ وجهه بكفيه.
هذا هو أمله الأخير. إن فشلَ في هذا أيضًا، فلن يتبقّى له شيء.
ولذا، مهما كلّفه الأمر، و مهما كان الثمن، يجب أن يحصل على “الكنز المقدّس للنور”.
لقد سئمَ من التدخين.
*****
“هاه… هاه! متى سيتحسن هذا الجسد اللعين؟! متى سأحصلُ على بعض اللياقة البدنية؟!”
الساعة السابعة صباحًا.
بعد أن أنهيتُ تمرين المشي، سقطت منهارةً على المقعد الذي أصبحَ مخصّصًا لي تماماً، وكنتُ مبللة بالعرق من رأسي حتى قدمي.
في حياتي السّابقة، لم تكن التمارين مرهقة إلى هذا الحد، بل كنتُ أشعر بالسعادة كلما سال العرق أكثر!
أما الآن، فقد أصابني دوار لدرجةِ أنني أردتُ الاستسلام لكلّ شيء.
“في اليوم الذي سأتمكن فيه من الركض لخمسين متراً دونَ مشكلة، سأبكي من الفرح فعلاً…”
“أحسنتِ عملاً، أيتها القديسة.”
في تلكَ اللّحظة، سلّمتني فارسة بشعر أحمر مربوط إلى الخلف زجاجة ماء.
أخذت القارورة بامتنانٍ بذراعين مرتجفتين.
“شكراً لكِ، السّيدة فيكتوريا. لقد نجوتُ بطريقةٍ ما من الموت اليوم أيضاً…”
“لكن يبدو أن لياقتكِ قد تحسنت قليلاً. عندما التقيت بكِ لأوّلِ مرة قبل أسبوع، اعتقدت أن وضعكِ كان سيئاً حقاً.”
شعرت بالفرح، وكان يجب أن أشعر بالفخر لأن خبيرة تقول إنني تحسنت، لكن تعليقها الصريح والمباشر كادَ أن يجعلني أبكي.
“إذا واصلتُ التمارين، فسأتحسن، أليس كذلك…؟ لا أرى أملاً فقط.”
“……أعتقدُ أنكِ ستحتاجين إلى مجهودٍ أكبر من الآخرين.”
اللعنة! ابتلعت دموعي مع الماء.
فيكتوريا لورنس.
فارسةٌ مقدسة تتميز بشعرٍ أحمر لامع يتوهج تحت أشعة الشمس، و قد عيّنها سيث لحمايتي.
بعد اكتشافِ الفارس المقدس المتسلل خلال التحقيق، شعرَ سيث بالمسؤولية وأجرى إعادة هيكلة شاملة لفيلقِ الفرسان المقدسين.
ومن هذه التغييرات وُلدت الفرقة الثانية، وحدة الحماية الخاصة بالقديسة.
تم اختيارُ فيكتوريا كقائدةٍ لهذه الوحدة من خلال عملية تحقق صارمة أجراها سيث، وهي أفضل العناصر المختارة.
بمعنى آخر، هي حارستي الشّخصية المباشرة.
لأن سمعتي كانت سيئة جدًّا، تعاملت فيكتوريا معي في البداية بشكلٍ رسميّ جدًّا.
بل، كان الأمر أسوأَ من ذلك.
“……هل تقولين إنكِ ستقومين بتمارين صباحية يومياً؟”
أنتِ؟
لم تسخر منّي علانية، لكن نظراتها عبّرت عن كل شيءٍ بوضوح.
بدلاً من شرح مطوّل، واظبتُ على التمارين يوميًّا بصمتٍ لمدّة أسبوع.
وتناولتّ الطعام مع الآخرين كل يوم، وأصبحت أكثر وُدّاً مع إيريك و.سيث لبضعةِ أيام.
“……خُذي الأمر بهدوء. قد تموتين إن واصلتِ بهذا الشكل.”
لا أعلم إن كانتْ تمزح أم هي جادّة، لكن على الأقل أصبحنا أكثرَ راحة معاً مقارنةً بالسابق.
لقد كان هذا تقدمًّا كبيرًا، حتى أنني كدتُ أبكي لأوّل مرّةٍ في ذلكَ اليوم.
…باستثناء فيكتوريا، لا يزال الآخرون يصابون بنوباتٍ عندما يرونني ويتجنبونني.
لا يزال الطريق طويلاً أمامي.
“هناك شخصٌ ما قادم.”
عندما كانت فيكتوريا تسلّمني منشفة، استدرت بناءً على كلامها.
كانتْ خادمة تركضُ باتجاهنا و وجهها شاحب للغاية.
“س، سيدتي القديسة. أعتذرُ بشدة على الإزعاج.”
وما إن وصلت حتى سقطت أرضًا.
حقاً، الطّريق طويل أمامي…
“انهضي و أخبِريني بما حدث بهدوء.”
سألتها بلطف قدرَ الإمكان حتى لا تخاف.
عندها، ساعدتها فيكتوريا سريعًا على النّهوض ونفضت الغبار عن ركبتيها المتسختين.
ازدادَ وجه الخادمة شحوباً، لكنها بدت مضطربة بما يكفي لتتحدث بتلعثم.
“يو، يوجد شخصٌ بالخارج جاء للقاء سيدتي القديسة. قال إنه يحمل رسالة من الكونت كيريس.”
آه، لقد جاء! أخيراً!
“هل أنتِ متأكدة من أنكِ تستطيعين مقابلته وحدكِ؟”
يبدو أن فيكتوريا قلقةٌ لأنها سمعتْ الوضع الحالي من سيث.
آسفة، فيكتوريا. مَنْ يجب أن تقلقي عليه ليس أنا، بل الشخص الذي جاء.
لأنني أنوي ابتزازه حتّى آخر فلسٍ منذُ هذه اللّحظة.
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 14"