“آه، وإذا أمكن، أرجو أن يتمَّ إغلاق المعبد بالكامل حالًا.”
“…المعبد؟”
إيريك، الذي تنهّد لسببٍ ما، تساءل مستغربًا من طلبي المفاجئ.
“لأن الجاسوس ليس كينتو فقط.”
“ماذا؟”
“تقولين إن هناكَ جواسيس آخرين؟”
كانَ كل من إيريك وسيث مذهولين تمامًا.
أشعرُ ببعض الذنب لأنني أواصل مفاجأتهما، لكن للأسف، هذه هي الحقيقة.
“نعم، لكني لا أعلم مَن هم، ولا كم عددهم.”
هذا حقيقي. لو كنتُ أعرف هذا أيضًا بدقة، لكنتُ قد حصلتُ على ثقتهما الكاملة!
لكن للأسف، في الرّواية الأصلية، تم وصف هذا الجزء بشكلٍ مبهم.
يا للأسف.
لذا ليسَ أمامي خيارٌ سوى البحث عنهم بنفسي.
“أرجو أن يتكفل كبير الكهنة و قائد فرسان الهيكل بالكشفِ عن الجواسيس. أعتذر لطلبِ ذلك فور عودتكَ، قائد الفرسان.”
فكرتُ للحظةٍ في أن أستجوبهم بنفسي، بما أنني بارعة في الاستجواب، لكن إيريك وسيث هما من المرشحين الذكور الرئيسيين.
ليسَ من الضروري أن أتدخل بنفسي، فهما سيتوليان الأمر بدقة، لذا قرّرتُ أن أتركَ الأمر لهما.
“لا داعي للاعتذار. هذا من واجباتي كقائد للفرسان. سأجري تفتيشًا دقيقًا، فلا تقلقي و اذهبي للراحة الآن. تبدين متعبة.”
بصراحة، كنتُ أود أيضًا أن أقضي الليلة مع سيث نضحك و نستجوب كينتو بحماس…
“حسنًا، سأتركُ الأمر لكَ. وسنتحدث عن الباقي غدًا.”
ذهني كان صافياً، لكن جسدي كانَ على وشكِ الإضراب.
يا ترى، هل لم تمارس هذه الجسد أي تمرين في حياتها؟
جسد أوريديل كان بلا طاقةٍ على الإطلاق.
هذا لا يمكنُ أن يستمر. عليّ البدء بتدريبات لياقة أساسية قريبًا.
“تبدين وكأنك لا تستطيعين المشي… دعيني أرافقك إلى غرفتك.”
يبدو أن سيث شعرَ أنني قد أسقط بعد خطوةٍ واحدة فقط، فأمسكَ بذراعي بحذر وساندني.
“أوه، شكرًا لك، إذًا.”
ولماذا أرفض؟ لا يوجد سببٌ لذلك.
بعد أن ودعت إيريك قائلة “أراك غدًا”، اتكأت على كتف سيث القوي و توجهنا ببطء نحو غرفة النوم.
*****
بعد مغادرة أوريديل وسيث، وضع إيريك يده على جبهته وهو وحده في المطبخ.
الصّداع الذي رافقه منذُ أن قَبِـلَ أوريديل كقديسة للمعبد، زادَ حدّة في الأيام الأخيرة.
وتحديدًا منذُ أن بدأت تُظهر هذا التغير المفاجئ في شخصيتها. لا يزال غيرَ متأكد إن كان هذا أمرًا جيدًا.
“…قالت إنها لم تخبرني عمدًا لأنني لا أثقُ بها تمامًا.”
أوريديل، التي قالتْ ذلك بكل برود، وكأنها لم تعرض نفسها للخطر.
لكن، هل كانت تدرك؟
أنَّ ما قالته يعني أيضًا أنّها لا تثق بي؟
نبرة أوريديل التي توحي بأنها لم تكنْ تتوقع ثقتي من الأساس، كانت تزعجني بشدّة.
لقد مرَّ عامان منذ أن دخلتْ أوريديل إلى المعبد.
وخلالَ هذا الوقت، لم تكن هناكَ لحظة واحدة يمكن أن يثق أحدنا بالآخر فيها.
لذا من الطبيعيّ ألا تنشأ ثقة فجأة… لكن لماذا يبدو الأمر صادمًا الآن؟
ضحكَ إيريك ساخرًا.
“آه، لا زلتَ هنا؟”
في تلكَ اللحظة، عادَ سيث إلى المطبخ بعدما رافقَ أوريديل.
واغتنم إيريك الفرصة ليسألَ عن شيء كان يشغله.
“قائد الفرسان، لماذا لم تتعرف على القديسة؟ لقد قابلتها أكثر من مرة.”
سيث، الذي هو سيّد السيف، لديهِ حاسّة ملاحظة قوية للغاية.
فمن غير المعقول ألا يتعرف على أوريديل.
“لا أعلم… لكن انطباعها كان مختلفًا تمامًا عن السابق. كما لو كانتْ شخصًا آخر تمامًا.”
“مختلفة؟”
“نعم. في آخر مرّةٍ رأيتها قبل أن أغادر المعبد، كان لها انطباع حادّ و عدواني… أما الآن، فهي ناعمة جدًا لدرجةِ أني لم أستطع تصديق أنّها نفس الشخص.”
تذكّرَ سيث أوريديل.
كانت دائمًا تحدّقُ بعينين حادتين، و وجهها يحمل عنادًا دائمًا.
عيناها المصبوغتان بلونٍ أصفر قوي كانتا مليئتين بالقسوة، تمنعان أيّ شخصٍ من التجرؤ على التعامل معها باستخفاف.
لكن كيفَ كان انطباعها بعد رؤيتها مجدّدًا بعد نصف عام؟
سيث لم يرَ أوريديل بذلكَ الوجه اللطيف والهادئ من قبل أبدًا.
حتى عيناها، التي ابتسمت بها، لم تكنْ صفراء بل ذهبية تذكّره بالعسل.
إن كان الفرق بهذا الحجم، فكيفَ يمكن أن يفكر أنها نفسُ الشخص؟
بل إن قوة ملاحظته كانتْ السبب في هذا الالتباس.
“…يبدو أن القديسة مرّت مؤخرًا بتغيراتٍ كبيرة في مشاعرها. ربّما لذلك، تغيرت شخصيتها أيضًا.”
شرحَ ايريك باختصارٍ ما فعلته أوريديل في المعبد خلال الأيام الماضية.
من اقتراحها تحسين وجبات الأطفال، وتناولها الطعام معهم في قاعة الطعام، إلى كشفها اختلاس كينتو بعد الظهر.
تفاجأ سيث بشدّة.
“لقد قامت القديسة بعملٍ عظيم بالفعل. كان يجب أن أكون أنا مَنْ يقبض على المختلس… أعتذر. يبدو أنني غبت طويلًا.”
“وهل ذلكَ خطؤك وحدك؟ بل هو خطئي لأني لم ألاحظ أن الفأر كانَ يسرق من المخزن.”
ابتسمَ إيريك بابتسامةٍ مريرة.
كان عليه أن يراقب المعبد بدقّة أكثر في غياب سيث، لكنه لم يفعل. كانت هذه غلطة كبيرة منه.
“وعلى كلّ حال، ليس الآن وقتَ الحديث عن الخطأ والصواب. علينا القبض على باقي الجواسيس قبلَ أن يفوت الأوان.”
عند كلمات إيريك، تلألأت عينا سيث الزرقاوان بضوء مظلم.
“كلام كبير الكهنة صحيح. كما قالت السيدة القديسة، سأصدر أمر الإغلاق حالًا، وسأستدعي جميعَ من يقيم في المعبد.”
“يجبُ التحقيق مع كل الكهنة والفرسان المقدسين والمتدربين دونَ استثناء. فقط تأكدوا من عدم إخافة الأطفال و افحصوهم بدقة حتى لا تبقى أي شبهة.”
التحقيق مع الأطفال قد يبدو مبالغًا فيه، لكن هذه مسألة تتعلّق بأمن المعبد.
لا يمكن تكرار نفسِ الخطأ مرّتين.
أومأ سيث برأسهِ بتصميم واضح.
“سوف أكونُ دقيقًا جدًا.”
“في غضون ذلك، سأقوم باستجواب كينتو. سأجعله يعترف مَن هم شركاؤه.”
“هل ستكون بخير لوحدكَ؟ يمكنني أنا القيام بذلك.”
عند قلق سيث، هزَّ إيريك رأسه بحزم.
“هذه مسألة تتعلق بشرفِ المعبد. لن أتهاون فيها، فلا تقلق.”
وافقَ سيث دونَ أن يصر مجددًا.
وبدآ بالتحرك فورًا.
جمعَ سيث الفرسان المقدسين، بينما توجه إيريك بمفردهِ إلى أعمق زنزانة حيث كان كينتو محتجزًا.
رائحة رطبة و قذرة مشبعة بالرطوبة ضربت أنفه.
الفرسان المقدسون الذين كان سيث يثق بهم خصيصًا هم مَن كانوا يحرسون زنزانة كينتو.
وبما أن هذين الرجلين كان سيث قد رباهما تقريبًا، لم يكن هناك احتمال أن يكونا جواسيس، لذا دخلَ إيريك الزنزانة مطمئنًا.
كان كينتو مقيّدًا من أطرافه الأربعة بأصفادٍ و سلاسل مثبتة بالحائط.
“كينتو. مِنَ الآن فصاعدًا، عليكَ أن تجيبَ بصدقٍ على أسئلتي.”
رفع إيريك سوطًا كان موضوعًا في أحد أركان الزنزانة لأجلِ الاستجواب.
كان كينتو يسخر منه، لكن عند رؤيته للأشواك الحادة في طرف السوط، بدأت عيناه ترتجفان.
هل ظنَّ أن المعبد، لا يُمارَس التعذيب؟
هو مخطئ و بعيد كل البعد عن الحقيقة.
في الواقع ، لأنه معبد، يمكن فعل ذلك فيه.
من الطبيعيّ تمامًا أن يُنزل العقاب بمن دنّس اسم المعبد.
“أنا في مزاجٍ سيء للغاية الآن، لذا سيكون الأمر مؤلمًا جدًا. لذا، اصرخ طويلًا، وعندما تصبحُ غير قادرٍ على الإحتمال، اعترف. حينها فقط قد يتحسّنُ مزاجي قليلًا.”
ربّما شعرَ كينتو بجوٍّ غير طبيعيّ، فبدأ يتراجع إلى الوراء.
لكنه كانَ محاصرًا من جميع الجهات، ولم يكن هناك مكان يهرب إليه.
“لا تقلق. لن تموت. ولحسن حظك، الحاكم الذي أتبعه هو حاكم الشمس، المتخصص في الشفاء.”
التعذيب، ثم العلاج، ثم الاستجواب، ثم العلاج.
بمعنى أنه يخطّطُ لتكرارِ هذه العملية مرارًا، فتحول وجه كينتو إلى الأزرق من شدّة الخوف.
لكن وجه إيريك، الذي كان ينظر إليه من أعلى، لم يظهر عليه أي تعبير.
وسرعانَ ما دوى صراخ مروع في أرجاء الزنزانة.
* * *
في صباح اليوم التالي.
بعد أن قاما بواجباتهما طوالَ الليل بكفاءة، التقى إيريك و سيث مجدّدًا أمام غرفة استقبال القديسة.
عندما شمَّ سيث رائحة الدم الخفيفة المنبعثة من إيريك، عبسَ وجهه بشيء من الحرج.
“يا كبير الكهنة، هناكَ رائحة دماء…”
“آه، يا إلهي. حاولتُ غسلها قدر الإمكان، لكن هل ما زالت باقية؟”
“همم. السّيدة القديسة لن تلاحظ، ولكن في غرفة مغلقة قد يُكشف الأمر.”
عند نصيحة سيث، أومأ إيريك برأسه.
سيفتح النوافذ فورَ دخوله. على أي حال، كانت أورديل تأخذ وقتًا طويلًا في الاستعداد.
“آه، لا. لم تعد تتزيّن بعد الآن.”
في السّابق، كانت أورديل تقضي الكثير من الوقت في ارتداء فساتين فاخرة و زينة متكلفة.
لكنها فجأةً أمرت بالتخلص من كل تلك الفساتين.
وبدأت بارتداء ثياب القديسة أو الملابس العادية التي لم تكن تلتفت لها من قبل.
كان هذا دليلًا واضحًا على أنّها تغيرت حقًا.
عندما تذكّر إيريك أورديل و هي تطلب منه أن يثق بها، شعرَ بالارتباك و تنهّد.
“عذرًا، يا كبير الكهنة. يا قائد الفرسان.”
في تلكَ اللحظة، عادت الخادمة التي دخلت غرفة نوم أورديل لإبلاغها بوصولهم، بوجه مرتبك.
“الـ، السيدة القديسة ليستْ في غرفة نومها. الغرفة فارغة تمامًا.”
اتسعت عيون الشخصين عند سماع الخبر غير المتوقع الذي أحضرته.
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 12"