“سمعت صوتًا غريبًا، فجئتُ لأتفقد الأمر، وإذا بالمجرمِ الذي منَ المفترض أن يكونَ في السجن ينبش هنا بشيءٍ ما! قال إنه يجب أن أجد المال المتبقي و أهرب بسرعة!”
في الحقيقة، كنتُ في مهمة مراقبةٍ سرية، لكن سيث الذي وصلَ للتو لم يكن يعلم، لذا كذبتُ بوقاحة.
“الآن وأنا أفكر في الأمر، لقد سمعت عن قضية اختلاسٍ حصلت اليوم في الظهيرة…”
لحسنِ الحظ، يبدو أن سيث قد تمّ إبلاغه بما حصلَ في الظهيرة، فراحَ يحدق في كينتو بنظرات باردة.
كانت جروحه المنتشرة و مظهره القذر يوحيان بوضوحٍ بأنه فرَّ من مكان خطير.
“رأيته وهو يخرج كيسًا من تحتِ منضدة الطهي أيضًا!”
مع وجودِ دليل مادي و شاهد عيان، لن يستطيع كينتو النجاة أبدًا.
لم أكن أتخيّل أن مهاراتي كشرطية ستساعدني حتى بعد أن أصبحتُ في جسدٍ جديد.
“فهمت ، كنتُ أراقبه لأنه يتحرك كثيرًا وظننت أنه سيُخرج سلاحًا، لكنه في الواقع كان يحاول إخفاء شيء. إن لم تكن تريد أن تموت، فضع ما في يدكَ أمامكَ فورًا.”
سيث، الذي لاحظَ كل حركات كينتو المرتبكة، وجّه سيفه نحوه كالمايسترو الحقيقي.
وعلى عكسِ ما حدثَ معي، فإن كينتو، الذي لم يساعده أيّ ذكاء اصطناعي، شحب وجهه من شدّة الخوف.
“سيدي القائد! لقد فهمتَ الأمر بشكلٍ خاطئ! لا يجب أن تنخدعوا بكلامها! هذه المرأة…!”
مسحَ كينتو عينيه بسرعةٍ ناحيتي.
يبدو أنه يحاول إنقاذ نفسهِ بكشف هويتي الحقيقية أمامَ سيث الذي لا يعلم أنني لست القديسة الحقيقية.
لكن لا يمكنني أن أبقى مكتوفة الأيدي وأشاهده يفعل ذلك.
“آه! صحيح، لقد قال إنه سيتفقد الخزانة بعد منضدة الطهي!”
قاطعتُ حديث كينتو وفتحت بسرعةٍ الخزانة التي بجانبي والتي تحتوي على أدوات المائدة.
كما توقعت، ظهر كيس نقود آخر مخبأ في أسفل الخزانة ذات الهيكل المزدوج.
“ك، ك، كيف عرفتِ ذلك…؟!”
حينَ رفعت الكيس عاليًا، بدا الذهول واضحًا على كينتو.
فهو لم يفتش سوى تحتَ منضدة الطهي، ولم يقترب حتى من الخزانة، لذا كان من الطبيعيّ أن يُصدم.
قديسة مزيفة غبيّة لا يُفترض أن تعرفَ شيئًا، تكشف مكان المال المختلس الواحد تلو الآخر، تصفعه من الأمام والخلف دونَ رحمة، لذا لا بدّ أنه فقد صوابه.
“بما أن المال المختلس الذي عُثر عليه في الظهيرة كانَ في مكانٍ مختلف، فمن المحتمل أن هناكَ المزيد في أماكنَ أخرى.”
بالتأكيد هناكَ المزيد، لكني لا أتذكر أماكن أخرى حاليًا.
لذا لا بد أن أستجوب كينتو حتى يعترف بكل شيء.
“اعترفْ بجميع أماكن الإخفاء. يمكنني قتلكَ هنا الآن وتكليف جميع مَنْ في المعبد بالبحث عنه، فالخيار لك.”
صوت سيث الحازم جعلَ كينتو يشعر باليأس.
الآن، لم يعد بإمكانه أن يفشي هويتي.
لأنه، مع وجود أدلة دامغة كهذه، فإن سيث لن يشكّ بي، بل سيثور غضبًا ظنًا أنه تم اتهامي ظلمًا.
“س، سأتحدّث بكل شيء…”
وأخيرًا، جلسَ على ركبتيه وبدأ يبكي وهو يعترف بأماكن الإخفاء المتبقية.
واو، كيفَ استطاع إخفاء المال بهذا الشّكل في كل زاوية من هذا المطبخ الضيق؟
يا لها من موهبة مهدورة في الاختلاس.
“أن نأتمن شخصًا مثله على الطعام المهم… لا يُصدق.”
وبذلك، تم العثور على سبعة أكياس نقود في المجمل.
لقد أخفاها بطريقةٍ مرعبة بالفعل.
حتى سيث بدا مصدوما من العدد الذي لا ينتهي من أكياس النقود، وكان وجهه يدل على الدهشة.
وبما أن قبضته كانت مشدودة حتى بدت عروقه، فإن مستقبل كينتو يبدو مظلمًا للغاية.
بعد ذلك، أمرَ سيث الفرسان المقدسين بأخذ كينتو و حبسه في أعمق زنزانات السجن تحت الأرض.
مع تشديد الحراسة لمنعِ أي محاولة هروب جديدة، وأمرَ بألا يقترب منه أحد سوى هو و الكاهن الأعظم إيريك.
الفرسان المقدسون صُدموا من حقيقة أن كينتو، الذي كان يفترضُ أنه مسجون، قد هرب، وذهلوا مرّةً أخرى عندما علموا بوجود أموال مخفية أكثر، وسحبوه معهم.
أما أنا، فخشيتُ أن يصاب الفرسان المقدسون بالذعر إن رأوني في الليل، لذا غطيت شعري و وجهي واختبأت في زاوية، ولم أخرج إلا بعد أن غادر الجميع.
ثم انحنى سيث لي وقال:
“بفضلكِ، استطعنا القبض عليه. لولاكِ، لكنا خسرنا المال والمختلس معًا. أشكرك جزيل الشكر.”
لا حاجةَ لأن ينحني إلى هذا الحدّ…
“من الطبيعي أن تقوم قديسة بإلقاء القبض على المجرمين.”
“… ماذا؟”
هاه؟ ما الأمر؟ لماذا يبدو مذهولًا هكذا؟
وجهه يبدو أكثر ذهولًا من اللّحظة التي اكتشف فيها أن كبير الطهاة كان يختلس طوال هذا الوقت.
“ماذا؟ ماذا قلتِ…؟ ق، قديسة؟!”
“…؟”
لا يُعقل أنه لا يعرفُ أنني القديسة؟
صحيح أن سيث كثيرًا ما يغيب عن معبد القيادة بسببِ المهام الخارجية، لكن لا يمكن أن لا يعرف القدّيسة أورديل.
صحيح أنني ارتديت ملابس عادية بدلًا من زي القديسة بسببِ مهمة المراقبة، لكن من الغريب ألا يتعرف عليّ شخصٌ صاحب نظرةٍ ثاقبة مثله بسببِ تغيير في الملابس فقط.
علاوةً على ذلك، أورديل في العادة لا ترتدي زي القديسة أصلًا.
فلماذا لم يتعرف عليّ؟
“سيدي القائد!”
في تلكَ اللّحظة، اندفع شخصٌ ما إلى المطبخ الذي كان يسوده صمت غريب.
كان الكاهن الأكبر إيريك، الذي هرعَ إلى المكان بعد تلقيه تقريرًا من الفارس المقدس.
“سمعت أن رئيس الطهاة هربَ من السجن، وأنه تم اكتشاف أموال مختلسة أخرى، ما الذي يحدث بحق الجحيم…؟”
كان إيريك يسأل بوجهٍ مرتبك وعلى عجل، ثم سرعان ما رآني واتسعت عيناه بدهشة.
“لماذا القديسة هنا…؟”
“هل… هل كنتِ حقًا القديسة؟”
هل حقًا لم يكن يعرف؟
“لم أكن أعتقد أن القائد لن يتعرف عليّ.”
“أ-آسف جدًا.”
انحنى سيث بسرعة. بدا وكأنه لا يزالُ مصدومًا، لذا تركته والتفتُّ إلى إيريك.
“في الحقيقة، كنتُ أعلم أن كينتو سيهرب ويختبئ هنا مرّةً أخرى، لذا كنت أنتظره لأمسكه.”
“ماذا؟ كنتِ تعلمين بذلك؟”
اتسعت عينا إيريك بدهشة. وكذلك سيث.
ربما لأنني قلتُ أمام كينتو منذُ قليل إنني اكتشفته بالصدفة.
أخبرت الاثنين بالحقيقة.
“كينتو ليسَ مجرد مختلس بسيط. ذلك الرجل هو جاسوس زرعه والدي، الكونت كيريس، في المعبد الكبير.”
“ماذا؟”
صُدمَ الاثنان. لم يشكّا بالأمر ولو لمرّةٍ واحدة.
“علمت بالأمر فقط عندما عدت مؤخرًا إلى العائلة. صادفت والدي ونائبه يتحدثان عن كينتو.”
لم أستطع أن أقول إنني رأيتُ ذلك في العمل الأصلي، لذا اختلقت قصة معقولة.
فحقيقة أن الكونت كيريس زرعَ كينتو في المعبد الكبير صحيحة.
“لم أكن أتصور أن الشخص الذي كان دائمًا يظهر أمامي بصورة صارمة، كان يرتكب أفعالًا قذرة في الخفاء. لقد كانت صدمة كبيرة.”
ارتجفت يداي كما لو أنني تعرّضت لخيانةٍ كبرى.
“بصراحة، فكرت كثيرًا. هل عليّ إبلاغ المعبد بذلك، أم الحفاظ على سرّ والدي؟”
“…لكن القديسة قررتْ الكشف عن فساد كينتو، أليس كذلك؟”
أومأت برأسي ردًا على كلام إيريك.
“عندما عدتُ إلى المعبد وأنا أعلم بكلّ شيء، بدأت أرى أشياء لم أكن أراها من قبل. البذخ الذي ارتكبته بسذاجة دونَ أن أدرك أن والدي كان يسرق الأموال، المعبد الذي أصبح أفقر نتيجةً لذلك، والأطفال الذين يعانون.”
ربما ألّفتُ بعض الأمور، لكن الحقيقة أنني كنتُ على وشكِ الهرب ثم غيرت رأيي بسبب الأطفال.
أنا الوحيدة التي يمكنها حلّ مشاكل المعبد الآن، فكيف لي أنْ أهرب؟
“لقد كنت عمياء و ارتكبت أفعالًا لا تُغتفر. أعتذر منكما حقًا.”
انحنيتُ أمامهما. رغم أنني لم أكن من ارتكب تلك الأفعال، لكن كان عليّ الاعتذار.
يجبُ كسب قلوب الناس حتى أتمكن من النهوض بالمعبد لاحقًا بسلاسة.
“أودّ أيضًا أن أعتذر لباقي الأشخاص عن أفعالي السابقة. وأعدُ أنني من الآن فصاعدًا، سأضع المعبد أولًا قبلَ العائلة.”
“ما الذي…؟”
كان سيث، الذي وصلَ للتّو إلى المعبد ولم يعرف شيئًا، في حالةِ ارتباك شديد.
على عكسه، سألني إيريك بوجهٍ جاد:
“هل حقًا الكونت كيريس هو مَـنْ أمرَ بكل هذا؟”
“أستطيع أن أؤكد على أن هذه هي الحقيقة.”
“إذًا، لماذا لم تخبرينا بالحقيقة منذ البداية؟ لماذا حاولتِ الإمساك برئيس الطهاة وحدكِ مع أنكِ كنت تعلمين أنه سيعود إلى هنا؟ لماذا لم تخبريني؟”
سألني إيريك بنبرةٍ مليئة بالشك.
هززت كتفي وقلت:
“لأنه إن لم يكنْ لدي دليل، فلن تصدقوا كلامي بالكامل. لذلك كنتُ أنوي إخباركم بعد أن أمسك بالدليل القاطع.”
هذا هو السّبب ذاته الذي جعلني لا أخبرهم ظهرًا بأن كينتو كان جاسوسًا للكونت كيريس.
لو كنتُ أعرف مكان الأموال المختلسة بدقة زائدة، لصارَ من الصعب تصديقي.
بل ربما كانوا سيشكّون في أنني متواطئة مع كينتو، لذا انتظرت حتى يأتي وحده بحثًا عن المال بعد هروبه.
رغم أن ظهور سيث كان متغيرًا غير متوقع، إلا أنني تمكنتُ من القبض على كينتو وهو يبحث عن المال، لذا نجحت الخطة.
آه، الشعور حينَ تمسكُ بمجرم وفقًا للخطة… لا يُضاهى.
“هل كنتِ تعتقدين أنني لن أثق بكِ، أيتها القديسة؟”
بالطبع. أنا لستُ فقط قديسة مزيفة، بل أيضًا ابنة الكونت كيريس، وإن كنتُ أوّلَ مَنْ كشف اختلاسه، فلن يصدقوني بسهولة.
خاصّة أنني كنت أُثيرُ المشاكل في المعبد حتى وقتٍ قريب.
“رغم أنني حصلتُ على مساعدة غير متوقعة من القائد، لكن بما أنني تمكنتُ من القبض على كينتو، أرجوكَ صدّقني قليلًا الآن.”
ابتسمت لإيريك.
بالطّبع، لن يثق بي تمامًا بسببِ هذه الحادثة فقط.
لكن يكفيني ألا يعترضَ طريقي من الآن فصاعدًا بينما أجمع المال من أجل المعبد.
فالثقة تُبنى تدريجيًا.
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 11"