كان ذلك مجرد عذر افتعله لأنه شعر بالحرج من خروجه خلف ليرييل، لكنه كان صحيحًا أيضًا، فقد تراكمت لديه الأعمال حتى صارَت الوثائق كجبل.
وكان السبب أنه تلقى دعوة الحفل متأخراً، فصار مضطرباً ولم يستطع التركيز في عمله مؤخرًا.
لكن فيريك لم يُعر ذلك أي اهتمام. فقد أخذها معه خارج القصر الملكي، رغم علمه بأن كلامه يناقض نفسه.
“لقد حصلت على قليلٍ من الوقت الآن. لذا اتبعيني بهدوء. إنه أمرٌ يتعلق بحفل ميلادكِ.”
فوجئ أحد الحرس وسأل إلى أين يذهبان، لكنه سرعان ما أغلق فمه مثل جروٍ خائف.
‘لا تسأل، ولا تتبعنا.’
كان فيريك يصدر ذلك الأمر بعينين مرعبتين.
لم يكونا ذاهبين إلى مكان خطير، فما حاجته لإلصاق الحرس بهما بهذا الشكل؟
تمتماً متذمرة، لكن الحقيقة أن لاوعيه كان مرتاحًا لأن لا أحد سيزعج الوقت الذي سيقضيه معها.
بينما تبعت ليرييل فيريك بخطواتٍ هادئة ووجنتين محمرّتين.
ربما يكون هذا أول موعد يجمعهما…..
***
خرج الاثنان من القصر واتجها نحو سوق المدينة.
كان الوقت متأخرًا بعض الشيء حين وصلت ليرييل، فكان الخارج قد بدأ يظلم. لمع هلالٌ رقيق في السماء، وانسابت إضاءة المصابيح المنصوبة بين القصر والمدينة بهدوءٍ على الطريق.
وبسبب أن الوقت كان قريبًا من إغلاق المحال، كان عدد المارة قليلًا، وهذا ما كان نعمةً في تلك اللحظة.
فمظهر فيريك وليرييل كان لافتًا جدًا، ولو أتيا في وضح النهار لربما ازدحم المكان بالناس الذين سيأتون لمجرد رؤيتهما. وهو أمر لم يكن أيٌ منهما يرغب به.
“حسنًا، وصلنا.”
وحين وصلا إلى وسط السوق، أفلت فيريك يد ليرييل.
وفيما كانت ترتب خصلات شعرها المبعثرة بسرعة، أشار برأسه نحو المحال وهو يعقد ذراعيه.
“اختاري ما تريدينه. سأشتريه لكِ.”
ولم يشرح شيئًا أكثر من ذلك.
قد يبدو هذا العرض مفاجئًا لمن يسمعه. لكن ليرييل فهمت الأمر تقريبًا.
فهو قال قبل الخروج أن الأمر يتعلق بحفل ميلادها، فاستطاعت أن تستنتج أن إحضارها للسوق مرتبطٌ بذلك.
لكنه جاء ليشتري لها هدية!
‘لم أتوقع هذا أبدًا.’
صارت ليرييل ترتجف لدرجة أنها لم تكن واثقةً من قدرتها على الكلام.
لم تكن تحاول الابتسام، لكن شفتيها ظلّتا ترتفعان من تلقاء نفسيهما، حتى بدت كأنها أسعد امرأة على وجه الأرض.
و تفاجأ فيريك من ابتسامتها فأشاح بوجهه. وحين رأته ليرييل فعل ذلك، أسرعت باستعادة ملامحها.
‘الآن وأنا أفكر…..هذا ليس وقت الابتسام.’
لقد خصص فيريك وقته المزدحم ليأتي معها ويشتري لها هدية. بل إنه لا يزال يشعر بثقل في التعامل معها، ومع ذلك فعلها.
لابد أنه فعل ذلك لأنه يخشى الشائعات التي ستسمع إن لم يشترِ لها شيئًا.
وبدل أن تخفف قلقه، ها هي تقف وتبتسم بلا وعي. فاعتبرت نفسها غير ناضجة وقررت أن تركز.
لم يكن هناك وقت ليضيع. كان عليها أن تختار هديةً مناسبة بسرعة، ثم تعيده إلى القصر.
ما الهدية المناسبة؟
وبينما كانت تتلفّت بسرعة بين المحال الدائرية حول النافورة، أشارت إلى أوّل محل مجوهراتٍ رأته وهتفت،
“عقد! أريد عقدًا.”
ولو سُئلت لماذا عقدٌ بالذات، لم تكن لتعرف الجواب.
فمحل المجوهرات كان أول ما رأته، والخاتم كانت قد حصلت عليه كخاتم خطوبة، فلم يبقَ سوى عقد أو أقراط.
وكانت تلك هديةً مناسبة لامرأة بالغة في حفل ميلادها، وشراء جوهرة ثمينة سيُظهر الاهتمام بما يكفي.
التعليقات لهذا الفصل " 75"