ولتحقيق ذلك، كان لا بد من الاقتراب أكثر من يوليان.
ولحسن الحظ، كان يعتقد أنها مجرد امرأةٍ غبية لا تعرف شيئاً وقد أصبحت لطيفةً بلا وعي. وكان هذا ما يجب أن تستغله.
فكلما أصبحت علاقتهما أوثق، صار لسانه—المفتون بالمال—أخفّ، وحذره أضعف. وحينها فقط ستتمكن من استخراج الأسرار.
‘لا أحد غيري يمكنه فعل ذلك.’
لا أحد في العالم، حتى فيريك تريان نفسه، يستطيع القيام بذلك.
كانت ليرييل مقتنعةً بأنها الأنسب لهذه المهمة. بل وكان هناك سببٌ آخر جعل حلّ هذه المشكلة أمراً مرغوباً أكثر.
فأمالت رأسها مبتسمةً ابتسامةً تحمل مغزى.
‘لو كشفتُ فساد أكبر جمعية إغاثة في المملكة، فلن يجرؤ أحدٌ بعد ذلك على الشك في أن عائلة تينيبريس قد تغيّرت حقاً.’
وكان الوقت مناسباً تماماً لتثبيت صورة تينيبريس المتجددة. واختارت ليرييل أن تجعل “الأجنحة البيضاء” قرباناً لذلك.
ولم تشعر بذرة ندم. فهم أشرارٌ يستحقون ذلك وأكثر.
وبينما ارتسمت على وجهها ابتسامةٌ ماكرة تشبه ابتسامة الشريرات، لم تكن الخطط التي راودتها كالعادة خططاً شيطانية تُشقي الجميع، بل كانت هذه المرة خطط بطلة،
كانت تلك الدعوة أكثر صدمةً من إعلان الحفل ذاته. ولم تستطع سيندي كبح صرختها.
فضحكت ليرييل من ردّ فعلها العلني.
“ولماذا تتصرفان كأنني قلتُ شيئاً لا يجوز قوله؟”
قالت ذلك ببرود وكأنها تسأل شخصاً لماذا يصرخ بعدما طُعن بالسكين. فشعرت سيندي بالغليان من الداخل.
دعوة لحفل ميلاد؟ بعد حرب نفسيةٍ خفية قبل دقيقة؟ هل تريد منا القفز فرحاً؟
هذا ما رغبت بشدة أن تقوله.
“لا، بالطبع الأمر ليس كذلك!”
لكنها أجبرت شفتيها على الابتسام.
فبناءً على ما جرى قبل قليل، أصبحت تعلم أن ليرييل ليست امرأةً يُستهان بها. وكان عليها مجاملتها حتى لو رغماً عنها.
“حفلة ميلاد ابنة عائلة تينيبريس؟ يا للشرف العظيم! لهذا السبب أنا…..متأثرةٌ هكذا!”
ضحكت سيندي ضحكةً رسمية خفيفة.
وبينما ارتسمت على وجهها ابتسامةٌ مليئة بالمجاملة، لم يخطر ببالها أبداً قبول هذا العرض المريب.
“ولكن ماذا أفعل؟ نحن مشغولون جداً هذه الأيام. وحتى هذا المعبد مليءٌ بالأطفال الذين تتم تهيئتهم للتبنّي. للأسف، حضور الحفل صعبٌ للغاية.”
“آه، لا تقلقي بشأن هذا.”
لكن الحقيقة أن سيندي لم يكن لديها أي خيارٌ آخر منذ البداية. فقد استوقفتهما ليرييل لتخبرهما بهذا الشيء بالذات.
“سأدعو كل أطفال هذا المعبد أيضاً.”
“ماذا؟!”
كانت هذه هي المرة الثانية التي تصرخ فيها.
حتى الأطفال الذين كانوا يلعبون حولهم توقفوا ليتساءلوا عمّا يحدث. ووقع فم بوريس من شدة الذهول، ولم ينتبه حتى أن الغبار بدأ يدخل فمه.
“هذا مستحيل! كل الأطفال مرهـ—أقصد…..لديهم مواعيد تبنٍّ محددةٌ مسبقاً!”
“يمكن تأجيلها قليلاً. اسم عائلة تينيبريس وحده سيجعل الجميع يتفهم الأمر.”
“آ-أه، هذا….”
كانت سيندي على وشك قول كلمة “مرهونون للبيع” بدلاً من “التبنّي” من شدّة ارتباكها.
‘وريثة دوقية…..تريد دعوة الأيتام إلى حفل ميلادها؟ هل فقدت عقلها؟’
بدأت تشعر أن هذه المرأة المجنونة تجاوزت قدرة احتمالها.
‘لا، هذا لا ينفع. لن أستطيع إيقاف هذه الشريرة وحدي.’
وسريعاً قررت سيندي أن ترمي المسؤولية على شخص أعلى مكانةً منها وقادراً على ردعها.
“أنا…..بالطبع أتمنى ذلك!”
قالت ذلك وهي تتنفس بصعوبةٍ من شدة الارتباك، مخترعةً عذراً مرتجلاً.
“لكن تأجيل مواعيد التبنّي من دون إذنٍ لن يسمح به الرئيس! فهو إنسانٌ يقدّم مستقبل الأطفال السعيد فوق كل شيء!”
لكن حتى ذلك الشخص “المُهاب” لا قيمة له إن كان داخل قبضة ليرييل.
“لا تقلقي بشأن ذلك أيضاً.”
أجابت ليرييل بابتسامةٍ مشرقة.
“سأدعوه إلى الحفل هو أيضاً.”
فساد الصمت مرة أخرى. ولمدة أطول من السابقة.
كان مذاق الهزيمة يملأ فم سيندي، بينما تذوقت ليرييل حلاوة الانتصار.
‘هل لديكما اعتراضٌ آخر؟’
بهذا المعنى كانت تنظر إليهما بثبات.
وبطبيعة الحال، لم تستطع سيندي ولا بوريس قول أي شيء.
“سأموت من الغيظ!”
صرخت سيندي للمرة الثالثة في ذلك اليوم، ولا تزال غير مصدقةٍ لما حدث.
ومع خروجها من المعبد، لم تعد بحاجةٍ لإخفاء مشاعرها، فأطلقت صراخها الذي دوّى في الأزقّة.
“اهدئي يا سيندي.”
حاول بوريس تهدئتها بفتح يديه بخجل.
“صحيحٌ أنها امرأةٌ غريبة…..لكن، لقد دعتنا آنسة عائلة تينيبريس بنفسها.”
قال ذلك مبتسماً بغباء وهو يحكّ خده.
“لم أحضر في حياتي حفلاً لشخص بهذا القدر من العظمة.”
لقد فهم بوريس دعوة ليرييل بمعناها الحرفي…..وهذا ما أذهل سيندي.
كيف لشخص بهذه السذاجة أن يصبح جزءاً من الجانب المظلم لـ “الأجنحة البيضاء”؟
فصفعت سيندي ظهره بقوة—من شدّة القهر.
“آخ!”
“هل أنتَ أحمق؟ هل تظن أن تلك المرأة دعتنا لأنها ممتنّةٌ لنا؟!”
“إذًا…..لماذا دعتنا؟”
كان سؤاله صادقاً تماماً.
وكما يحدث مع ساعةٍ معطّلة تصيب الوقت الصحيح مرتين في اليوم…..أصاب هذا السؤال البريء الحقيقة مباشرة.
“لماذا.…؟ بالطبع لأن..…”
رفعت يدها لتضربه مرة أخرى، لكنها توقفت فجأة في الهواء. ثم غرقت في التفكير.
‘حقاً…..لماذا دعتنا؟’
هي بالتأكيد لم تفعل ذلك كتعبيرٍ عن الامتنان. لا بد أن هناك خلفيةً ما…..لكن سيندي لم تستطع فهم نواياها أبداً.
حتى أن موقف ليرييل عندما منعت تبنّي فيوليت كان غريباً.
فالمعبد مليءٌ بالعشرات من الأطفال الذين يمكن تبنّيهم. ولم يكن هناك أي سببٍ لعرقلة طفل مُقرر إرساله للخارج—على الأقل ظاهرياً—بدلاً من اختيار طفل آخر لا مكان له.
‘لكن…..لماذا؟’
أصبح وجه سيندي أكثر جدية.
وتوقفت في مكانها وهي تستعيد في ذهنها تلك العينين الخضراوين الداكنتين التي كانت تحدّق بها وكأنها تريد قتلها.
_______________________
لا صدق ليه بتناديهم كلهم
المهم اكثر شي يضحك يوم قالت لهم بسوي حفل ميلادي وسكتت😭 طيب؟ كملي!
انوين و لوفرين توهم مستانسين بس اظن بينفجعون من ذا الحفل
التعليقات لهذا الفصل " 71"