و لم تستطع فيوليت، التي لم تلحق بالأحداث المتغيرة بسرعة، أن تمنع نفسها من طلب التفسير.
وفجأة أصبح بريق عيني سيندي حادًا.
‘لا أعلم ما هي حالك! اذهبي وتدللي على زوجَي الدوق كما تشائين!’
ولوهلة، كادت تصرخ بذلك، لكنها جمعت بقايا صبرها وابتسمت بتصنع.
“أظن أنه سيكون من الأفضل أن تناقشي بقيّة الإجراءات مع عائلة تينيبريس! هذا يكفي، صحيح؟”
كان ذلك بمثابة اعترافٍ صريح بالهزيمة.
وبرغم ابتسامتها، كان الغليان يشتعل داخل سيندي.
“حقًا….؟”
أما بالنسبة لفيوليت، فلم تكن هناك نهايةٌ أفضل من هذه.
و اتسعت عيناها على أثر الإجابة، ثم التفتت فورًا نحو زوجَي الدوق.
“فيوليت!”
فتحت لوفرين ذراعيها كما لو كانت تنتظر هذه اللحظة. وهرعت فيوليت لتعانقها.
نادراً ما كانت لوفرين تعانق حتى ليرييل أو هيفال بصدق، لكن في هذه اللحظة القصيرة أيقظت فيوليت فيها إحساسًا جديدًا.
إحساسْ يشبه الحصول على جوهرةٍ لطالما رغبت بها، لكن أكثر دفئًا.
غمرتها راحةٌ لأنها لم تفلتها، وعزمٌ على الاعتناء بها من الآن فصاعدًا.
ذلك الشعور كان…..تعلقًا.
“أوه، فيوليت، هيا نذهب معًا. لدينا الكثير من الملابس التي يجب أن ترتديها.”
كانت لوفرين سعيدةً لدرجة أنها بدأت تقول أشياء بلا معنى، لكن فيوليت لم تبالِ، بل ابتسمت.
وحين لم تتوقف لوفرين عن احتضانها لفترة طويلة، اضطر أنوين إلى تنبيهها بسعال خفيف.
“أهم، لوفرين.”
“آه!”
آنذاك فقط أدركت لوفرين ما تفعله.
أن تعانق طفلةً لم يمضِ على معرفتها بها ساعةْ كاملة كما لو كانت ابنتها الضائعة في حياة سابقة…..شيءٌ مخجل حقًا.
وأسوأ من ذلك أنها دوقة عائلة شريرة!
لكن رغم ذلك، لم تستطع التخلص من رغبتها في احتضان فيوليت أكثر.
‘هل سيعتبرني الناس غريبةً الآن؟ مثل ابنتنا؟’
ارتجفت لوفرين وهي تفكر في ابنتها التي كانت محور شائعات لا تنتهي في المجتمع الراقي.
والآن، لا شك أنها ستصبح صاحبة الإشاعات الجديدة، وسيطلقون عليها ألقابًا غريبة. وسينشرون أنها أصيبت بعدوى “جنون ابنتها” وأنها جلبت يتيمةً إلى المنزل بسبب ذلك.
وبينما كان القلق يتصاعد داخل لوفرين وبدأ وجهها يظلم—
“وماذا في ذلك؟”
ردت ليرييل بلهجةٍ غير مكترثة ورفعت كتفيها، وكأن أنوين هو الغريب هنا.
ثم أعلنت بثقة،
“لن تنهار عائلة تينيبريس لمجرد أننا تغيرنا قليلًا، أليس كذلك؟”
“صحيح، لكن…..الكلام والثرثرة—”
“دَعيهم يقولون ما يشاؤون.”
قالت ليرييل ذلك بابتسامةٍ واثقة.
“نحن لم أفعل شيئًا خاطئًا.”
في تلك اللحظة، صُعق كلٌّ من لوفرين وأنوين. لم يتخيلا يومًا أنهما سيسمعان هذه الجملة من ليرييل “التي تغيّرت”.
‘هل سيُغير الكلام شيئًا؟ دَعيهم يقولون ما يشاؤون. أنا لم أفعل شيئًا خاطئًا.’
صحيح أن بعض أفعال ليرييل كانت تتجاوز الحدود لدرجة أنها أثارت خوف الناس وثرثرتهم، حتى إن البعض هاجم عائلة تينيبريس بسببها.
لكن ليرييل…..لم تلتفت يومًا إلى ذلك. بل كانت تسير وفق قناعاتها بثبات.
ومع مرور الوقت، هدأت الشائعات…..بل إن البعض بدأ يهابها ويحترمها. وكان والدَاها يشعران بالفخر كلما رأوا ذلك.
لكن عندما أصبحت ليرييل “لطيفة”، أيقنا أن تلك الأيام المجيدة لن تعود أبدًا، وأصابهما اليأس.
‘إنها مثل تلك الأيام…..لا، تبدو حتى أكثر تألقًا…..’
لكن ذلك كان مجرد وهم. فالحقيقة أن ليرييل لم تتغير قط.
نظر إليها زوجا الدوق، وتأكد لهما ذلك.
لم يكن الأمر متعلقًا بالخير أو الشر. بل كانت ليرييل، كما هي دائمًا، تتصرف بفخرٍ وفق قناعاتها.
ولهذا كان أنوين يزداد حيرة. هل ما يجري الآن جزءٌ من مخطط شريرٍ جديد وضعته ليرييل؟
أم أن العائلة كلها انجرفت خلف “نسختها الرقيقة” بلا أن تشعر؟
لم يكن قادرًا على التمييز على الإطلاق.
“على أي حال، كيف تشعرون؟”
“نعم؟”
“أليس الأمر أفضل مما ظننتم؟”
عند السؤال المفاجئ الذي سمعه، استفاق أنوين من شروده.
أفضل؟ ماذا تقصد؟
وبينما كان يتلعثم غير قادرٍ على فهم السؤال، ابتسمت ليرييل وأشارت بذقنها إلى تلك الحياة الصغيرة التي أنقذاها اليوم.
“بفضل والدي، ستتغير حياة هذه الطفلة بدءاً من اليوم. كيف تشعران بعد أن قمتم بأول عملٍ خيّر لكم؟”
وبعد أن شعرت فيوليت بنظراتهما، خفضت رأسها خجلاً. لم تستطع حتى أن تشكر من منحها حياةً جديدة، واكتفت بتغطية وجهها خجلاً.
من منظور أنوين، قد يُعدّ ذلك نكرانَ جميل، لكنه—وقد اشتاق حتى لهذه التذمّرات—و وجدها لطيفةً في نظره.
لقد كان تغيّراً في المشاعر يصعب الاعتراف به.
“حسناً، ليس سيئاً.”
لذا اكتفى أنوين بإعطاء تقييمٍ بارد وهو يدير رأسه جانباً.
خطواته البعيدة، التي رافقها صوت عصاه الجافة، جعلته يبدو جافاً للغاية وهو يغادر بلا كلمة. لكن ليرييل رأته. رأت طرف أذنه وقد احمرّ تماماً.
‘هاه، هو غير قادرٍ على أن يكون صريحاً أبداً…..’
من الطبيعي أن يكون من الصعب على رجل في منتصف العمر عاش طوال حياته بجمود أن يتقبل فجأةً الشعور الرائع الذي يمنحه فعل الخير.
وقررت ليرييل أن تتفهّمه، وتنهي عملهما التطوعي لهذا اليوم.
حين وصلا إلى المعبد، كانا كلاهما يتخبطان من قلة الخبرة، أما الآن فهما يعودان ومعهما طفلٌ واحد. نتيجةٌ لم تكن في الحسبان. بل يمكن وصفها بالمعجزة.
وبهذا المعدل، لم يكن من المستحيل إصلاح تينيبريس من الجذور.
لكن ابتسامتها لم تدم طويلاً. فقد خطر ببالها أمرٌ يجب أن يُحلّ مهما كان نجاح اليوم.
‘لا يمكنني ترك الأجنحة البيضاء وشأنهم.’
نظرت ليرييل حولها بوجهٍ متصلب. و رأت بعض الأطفال ما زالوا يمرحون بسعادة.
كيف يمكن لأيٍّ كان أن يفكر في بيع أطفال يضحكون بهذا النقاء لمجرد أنهم يُسمح لهم باللعب في الخارج؟
كلما فكرت بذلك، ازدادت غضباً واشمئزازاً.
‘لماذا بقيتُ صامتة طوال هذا الوقت؟ وأنا أعرف أنهم جماعة حقيرة؟’
وكانت تعرف الإجابة بالفعل. لأنها كانت بالكاد تحاول النجاة. فقد كانت منشغلةً كلياً بكيفية الحفاظ على حياتها.
ومن هنا بدأ فعل الخير. لم يكن هناك أي سببٍ آخر.
كانت تعتقد أنه إذا تظاهرت بأنها أصبحت طيبة، فستقوم عائلتها بنبذها. لكن هذا لا يعني أنها أدّت التطوع بلا اهتمام.
بما أنها بدأت به، كان عليها أن تؤديه بإتقان. هذا كان مبدأها.
وبعد أن لعبت مراتٍ عدة مع الأطفال، وخرجت في بعثاتٍ تطوعية، وشهدت قاع شخصية القديسة المتمرّدة…..أدركت أخيراً: آه… هذا لا يكفي.
‘أنا أكثر طمعاً مما ظننت.’
لم تدرك ذلك إلا متأخراً. بعد أن واجهت شخصاً أكثر صدقاً منها بكثير.
‘سموه…..’
وجدت نفسها تفكر في وجه فيريك تريان.
فكرت في شكّه الدائم في كل ما تفعله، لكنه رغم ذلك لم ينكر قيمة العمل الخيّر بحد ذاته.
ومن أجل شخصٍ مثله، كان على ليرييل أن تصبح إنسانةً أكثر نزاهة.
وحين فكرت بذلك، بدأت ترى أشياء كثيرة لم يعد بإمكانها تجاهلها.
نعم…..لو كان فيريك تريان هنا، لما تجاهل الوضع أبداً.
و بدأت تفكر على هذا النحو.
‘كيف يمكنني فضح حقيقتهم بالكامل؟’
لكن لو تسرّعت، فلن تنتهي إلا وقد كُسر أنفها مجازاً.
كانت متأكدة. فالخصم هو يوليان الذي احتل المركز الثاني في تصويت الأشرار في القصة الأصلية.
ولو أخطأت في التعامل، فقد ينتهي الأمر بانتشار شائعةٍ مفادها أن شريرةً تهاجم جمعيةً خيرية.
كان عليها أن تكشف دليلاً لا يمكن إنكاره وتضعه أمام أعين الجميع.
________________________
دونت ووري قربي منه شوي وينفضح
لوفرين وانوين عشانهم كبروا الظاهر صارت مشاعرهم الابويه كذا؟ كل شوي يقولون ماكانوت يسوون كذا مع ليرييل وهيفال بس الحين؟ نزل عليهم الوحي الظاهر😂
التعليقات لهذا الفصل " 70"