ولم تستطع ليرييل الرد بشيء، فقد صار من الصعب عليها حتى مجاراة سرعة الرقص التي ازدادت فجأة.
“فهمت، فقط أبطئ قليلًا…….”
وما إن فتحت فمها بصعوبة حتى اختلّ توازنها بسبب السرعة الزائدة وسقطت للأمام. وفي اللحظة نفسها التي أغمضت فيها عينيها غريزيًا، لامست راحة يدها شيئًا مستويًا وصلبًا.
توقفت الموسيقى فجأة، ولم يبق سوى همهمة الحاضرين تملأ المكان. بينما غمرتها رائحةٌ عطرة عند أنفها ففتحت عينيها ببطء. و وجدت نفسها بين ذراعيه.
تجمّدت ليرييل من الذهول تحدّق فيه، بينما فيريك لم يتنفس حتى بتوتر، بل قابل نظرتها بثبات.
كان قريبًا جدًا، حتى أنها استطاعت رؤية كل رمش من رموشه بوضوح.
حينها همس في أذنها بصوتٍ منخفض،
“أؤكد لكِ، لن يطول الأمر حتى يُنزع قناعكِ. سأحرص على ذلك بنفسي.”
اتسعت عينا ليرييل بدهشة، وقبل أن تسأله عن معنى كلامه، أطلق سراحها واستدار مغادرًا قاعة الحفل.
وهكذا انتهى رقصهما.
وقفت ليرييل في مكانها، ممسكةً صدرها بيدها، بينما نبض قلبها لم يهدأ. ربما بسبب الحركة المفاجئة، أو ربما بسبب كلماته الأخيرة التي ما زالت تتردد في أذنيها كالصدى.
بعدها عادت ليرييل مباشرةً إلى قصر الدوق.
في الأصل، كان من المفترض أن تبقى في الحفل قليلًا لتُظهر للنبلاء صورتها الجديدة كفتاةٍ طيبة، لكن الخطة فشلت.
فقد كان رقصها مع فيريك أعنف مما توقعت، وما دار بينهما من حديثٍ كان أشد وقعًا. و لم يتبقَّ لها بعدها طاقةٌ لأي شيءٍ آخر.
“هاه…….”
زفرت تنهيدةً خافتة وهي تغمس ساقيها المتعبتين في ماءٍ دافئ.
“أوه، كم هذا مريح..…”
و تمتمت بذلك بلا وعي.
تراقصت بتلات الورد الطافية على سطح الماء ثم تباعدت شيئًا فشيئًا لتصطدم بجدار الحوض وتعود. و راقبت حركتها غير المنتظمة وهي تستعيد في ذهنها كلماته الأخيرة،
“أؤكد لكِ، لن يطول الأمر حتى يُنزع قناعكِ. سأحرص على ذلك بنفسي.”
“قناع؟ أليس هذا قاسيًا بعض الشيء؟”
تمتمت باستياءٍ متأخر وهي تغمر جسدها أكثر في الماء.
تحاول الإنسانة أن تتغير نحو الأفضل، و بدل أن يشجعها خطيبها، يرميها بلعنة! أي رجلٍ يفعل ذلك؟
“……ومع ذلك، ماذا سأفعل الآن؟”
لم تدم تذمراتها طويلًا، إذ سرعان ما غمرت الأفكار الواقعية رأسها.
لو تركت فيريك وشأنه على هذا الحال، فقد تتعثر خطتها للهرب من منزل الدوق الشرير.
وإن تقدمت قصة البطلة ولو قليلًا…..
“يا إلهي، مجرد تخيل ذلك مرعب…….”
رغم أن الماء لم يبرد بعد، ارتجف جسد ليرييل بقشعريرةٍ تسللت إلى عظامها.
لا بد مما ليس منه بد. لم يعد أمامها إلا أن تقوم بفعل خيرٍ حقيقي لا جدال فيه، بحيث حتى فيريك نفسه يعترف به.
ذلك ما توصّلت إليه. فحتى هي كانت ترى أن مجرد رقصةٍ واحدة مع خطيبها لا تكفي لتزعم أنها أصبحت طيبة.
فعلى مدى عشرين عامًا، كانت تُعرف بلقب الشريرة من عائلة تينيبريس، لذا كانت بحاجة إلى عملٍ نبيل يضاهي ذلك الاسم سوءًا بقوةٍ خيّره.
وإن كان الأمر كذلك……
توقفت قدماها التي كانت تعبث بالماء برفق.
قطرة… قطرة…
و تساقطت بضع قطرات ماءٍ من الصنبور.
ثم ابتسمت ليرييل بهدوء ونهضت من مكانها. بينما انسكب الماء من حافة الحوض بصوتٍ خافت يملأ الحمّام.
وبين خصلات شعرها الأحمر المبلل الذي بدا أكثر قتامة، تلألأت عيناها الخضراوان المتحمستان بابتسامةٍ تنم عن تصميمٍ غامض.
و سارت نحو باب الحمّام ونادت الخادمة التي كانت تنتظر بالخارج.
“إيليا!”
“آه، نعم! هل ناديتِني يا آنستي؟”
حين هرولت الخادمة نحوها، طلبت منها ليرييل أن تُحضر منشفةً لتجفيف جسدها، وملابس لتبديلها، وأمرًا آخر إضافيًا.
“آه، وبالمناسبة، هل يمكنكِ أن تبحثي عن أكبر دار أيتام في مملكة تريان؟”
“نعم؟ دار أيتام……؟”
ردّت الخادمة بتردد على الطلب المفاجئ، فظنت ليرييل أن صوتها ربما كان منخفضًا جدًا، فأجابت بلطفٍ أكبر،
“نعم، صحيح. ألم تسمعي جيدًا؟”
“آه، لا، لا! سمعت! سأذهب فورًا!”
اهتز صوت الخادمة المرتبك بردّها عبر الباب، وقد كاد البكاء يختنق في حلقها.
‘هل سخرت مني لتوّها وسألت إن كانت أذناي تعملان؟!’
ما اعتبرته ليرييل لطفًا سمعته الخادمة كتهديدٍ لطيف لا أكثر.
وفي النهاية، اختفت مسرعة.
استمعت ليرييل لخطواتها التي ابتعدت بسرعة، بينما رسمت ابتسامةً مفعمة بالتوقع على وجهها، تجمع خصلات شعرها بيدها وتعصر الماء منها.
“طبعًا، لا يوجد عملٌ خيّرٌ أنسب من التبرع والخدمة التطوعية! بهذا القدر، لا بد أنهم سيقولون عني أنني فتاةٌ طيبة، أليس كذلك؟”
تحدّثت لنفسها وكأنها تُعلن بفخرٍ أمام صورة “الشريرة” المنعكسة في المرآة، لكن الانعكاس لم يُبدِ سوى ابتسامةٍ متغطرسة على شفتيها.
“همم.”
فتنحنحت ليرييل عبثًا وهي تحاول صرف نظرها عن المرآة.
المهم هو النية في فعل الخير، أليس كذلك؟
طمأنت نفسها وانتظرت بحماس عودة الخادمة وهي تأمل أن تُحضر لها المنشفة والملابس وقائمةً بدور الأيتام.
هذه المرة، شعرت أن بإمكانها أخيرًا أن تمحو سمعتها كالشريرة ليرييل وتنال اسمًا طيبًا بدلها.
***
كانت الخطة مثاليةً من جميع الجوانب.
فبمساعدة خادمتها، علمت ليرييل أن أكبر دار أيتام في مملكة تريان يقع في العاصمة، فسارعت بالاتصال بهم وأعربت عن رغبتها في تقديم عملٍ خيري لديهم.
ولكي لا يُساء فهمها مجددًا، كتبت بنفسها وثيقة تبرعٍ رسمية. رغم أنها استخدمت أسلوبًا متأنقًا ومليئًا بالعبارات المزخرفة، إلا أن معناها كان يُختصر بجملةٍ واحدة،
[حقًا، لا غاية لي سوى المساعدة الخالصة!]
وأرفقت معها أيضًا طلبًا للمشاركة في العمل التطوعي.
واجهت بعض الصعوبة عندما تعرّف الكاهن المسؤول على وجهها فارتعب، لكنها طمأنته حتى قبل طلبها في النهاية.
“لن تضربي الأطفال، أليس كذلك؟”
“لا.”
“ولن تُسيئي معاملتهم، صحيح؟”
“أليست هذه نفس العبارة؟ على أي حال، لا.”
“ولن تُضايقيهم أو تؤذيهم بأي شكلٍ من الأشكال…….”
“قلت لا! لن أفعل!”
وبينما كانت تتذكر ذلك الحوار المزعج الدائر في دوائر مفرغة، ظهرت على شفتي ليرييل ابتسامةٌ تحمل شيئًا من النصر.
‘الآن، لن يجرؤ أحدٌ على مناداتي بالشريرة بعد اليوم. اقتربت اللحظة التي تُلطّخ فيها سمعة عائلة تينيبريس العتيدة بنوري الخيّر!’
وفي تلك الليلة التي سبقت ذهابها إلى دار الأيتام، نامت مطمئنةً تمامًا.
“يا لروعة القدر، لم أكن أظن أنني سأذهب معكِ إلى عملٍ تطوعي. حقًا أمرٌ مؤثر.”
‘يا إلهي…….’
في صباح اليوم التالي، وقبل انطلاقها مباشرة، ظهر أمامها خطيبها وولي عهد مملكة تريان، فيريك، وهو يقول ذلك بابتسامةٍ غير متوقعة.
فتجمّدت ليرييل في مكانها، وقد شعرت أن خطتها بدأت تتداعى منذ اللحظة الأولى.
ودأرادت أن تبتسم، لكن وجهها لم يطاوعها.
‘هل تمزح معي الآن؟’
تجمّدت ملامحها في برودٍ واضح، وهي ردة فعل لم تخفَ على فيريك الذي أطلق ضحكةً ساخرة حادة.
“ما هذا الوجه؟ كان عليكِ أن تستقبليني بلطفٍ أكبر، فأنا خطيبكِ بعد كل شيء.”
‘أوه…..خطأٌ فادح.’
عندها فقط، أجبرت نفسها على رسم ابتسامةٍ متأخرة باهتة، كانت من الواضح أنها ابتسامة مجاملة مصطنعة.
لكن فيريك لم يتراجع رغم أنه أدرك ذلك تمامًا. ولم تستطع ليرييل كبح نفسها أكثر، فسألته بصراحة،
“لكن…..ما معنى قولكَ أنكَ ستذهب معي إلى التطوع؟”
“ألم تسمعي؟ حين علمتُ أنكِ ذاهبةٌ لأداء عملٍ خيري، أرسلتُ إليكِ رسالةً أعبّر فيها عن رغبتي في مرافقتكِ.”
“غريب، لا أذكر أنني تلقيت أي رسالة.”
“عجيب. لقد أرسلتها عبر مساعدي…..قبل ساعةٍ فقط.”
قبل ساعة؟!
نظرت إليه مذهولةً بينما ارتسمت على وجهه الوسيم ابتسامةٌ متعمدة تعبّر عن الانتصار.
‘ومن بحق يقرأ الرسائل قبل الانطلاق بساعة؟!’
فهي كانت مشغولةً بتجهيز نفسها واستئجار العربة وترتيب كل شيء.
‘إذاً فعلها عمدًا.’
أدركت ليرييل سريعًا ما كان ينوي عليه، لكن بقي سؤالٌ آخر يُقلقها.
لماذا يرغب ولي العهد، الذي يكرهها لدرجة الاشمئزاز وأُجبر على خطبتها قسرًا، أن يرافقها فجأةً في هذا العمل الخيري؟
ذلك ما لم تستطع فهمه بعد.
‘لماذا تتبعني أصلًا؟ أنت تكرهني، أليس كذلك؟ أليست خطتكَ المستقبلية أن تمسك بيد القديسة وتنتقم من كل من ينتمي إلى عائلة تينيبريس؟!’
_______________________
هو بيقعد يتبعس لين يحبس واضحه 😘
واضح الخدامات بيصدقونها قبل فيريك على ذا الوضع😂 يضحكون وهم يفسرون حكيها بس يارب مايطول كذاته
المهم فيريك هو البطل واضح بس شوي غريب مب زي الابطال الي امسكهم واضح شخصيته رايحه فيها عشان اهانات النبلاء الي تكلم عنها 🌝
بس تراه ولدي لحد يتنمر
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 7"