كانت الغرفة في المكتب أضيق بلا مقارنة من صالون استقبال تينبريس، لكنها بدت مرتبةً وتشع دفئًا إنسانيًا.
وكان أكثر ما لفت الانتباه هو الصور التي غطّت أحد جدران الغرفة بالكامل، وكل إطارٍ منها يضم صورًا ليوليان وأعضاء “الجناح الأبيض” أثناء خدمتهم التطوعية.
للوهلة الأولى، بدا المكان كمأوى مثالي لأسمى أفعال الخير.
‘هل يمكن أن تُعلق صورتي هنا يومًا ما؟’
تسلّل أملٌ صغير إلى صدر ليرييل ودغدغ قلبها بخفة.
ثم تحدّثت بابتسامةٍ خفيفة،
“كما وعدتُ، جئت اليوم للانضمام إلى الجناح الأبيض.”
“كنت بانتظاركِ، آنسة ليرييل. هذه استمارة التسجيل. بينما تقومين بالتوقيع، سأشرح لكِ بإيجاز عن جمعيتنا.”
ناولها يوليان الاستمارة بينما كانت تجلس بعد أن انتهت من تأمل الصور.
وهذه المرة، كتبت اسمها في خانة التوقيع بكل فخر. لقد خطت خطوةً أخرى في طريق أن تصبح “ليرييل الطيبة”.
فارتسمت على شفتيها ابتسامةٌ راضية من تلقاء نفسها.
“نقوم بأعمالٍ تطوعية، إنقاذ، واستشارات. و عندما يطلب المواطنون المساعدة أو تصلنا بلاغات، نتحرك على الفور. القاعدة الأساسية هي أن يجتمع من يستطيع المساعدة ويقدم ما يقدر عليه.”
“جميلٌ جدًا.”
“تمويل أنشطتنا يعتمد أساسًا على التبرعات، لكن إن رغبتِ، يمكنكِ التبرع بمبلغ إضافي إلى جانب نسبة العشرة في المئة المذكورة في الاستمارة.”
“هذا رائع، وماذا بعد؟”
كان الشرح التالي يضم بالضبط كل ما كانت ليرييل تحلم به عن قمة فعل الخير، فتلألأت عيناها حماسًا.
فتابع يوليان بابتسامة خجولة،
“الأعضاء الجدد يتعلمون أولًا بمرافقة عضو ذي خبرة عالية ليتأقلموا مع العمل……”
“همم، يوليان، هل يمكن أن أطلب منكَ أن تكون أنتَ من يرافقني؟ أم أن الأمر صعبٌ عليكَ بصفتكَ الرئيس؟”
“هـ، هل تقصدينني أنا؟”
“نعم. يبدو أن الآخرين يخافون مني قليلًا. ثم إنني أود أن أتعلم منكَ مباشرة.”
أرادت ليرييل أن تطلبه تحديدًا، فقد تذكّرت الموظفة التي كانت ترتجف كالورقة أمامها، وكان هذا الطلب نتيجةً طبيعية.
“ليس هناك ما يُتعلَّم مني حقًا……أنا فقط أساعد الناس قدر استطاعتي فحسب.”
‘لهذا السبب بالضبط، أريد أن أتعلم كيف تكون المساعدة إلى درجة أن يُطرد الإنسان من عائلته بسببها.’
فقد سمعت أن يوليان هو الابن الأكبر الذي طُرد من بيت عائلة فيشر.
‘كم من الناس كان عليه أن يساعد ليُطرد حتى من عائلةٍ نبيلة عادية، وليست حتى من عائلة شريرة؟’
كان سرّ ذلك يثير فضول ليرييل، فأمالت رأسها قليلًا برجاء لطيف، فتدلى شعرها الأحمر الناعم من كتفها وانساب إلى الأمام.
فأخذ يوليان يحدق للحظة في الخصلات المنسدلة قبل أن يومئ موافقًا.
“حسنًا، إن كنتِ لا تمانعين مرافقة شخصٍ مثلي……فسأكون رفيقكِ.”
“شكرًا لكَ.”
ابتسمت ليرييل برضا، وكانت ابتسامتها جميلةً ومشرقة على الرغم من ملامحها الباردة.
فابتسم يوليان بدوره، بينما كان قلبه ينبض بعنف بلا توقف.
‘آه، الأمور تسير بسلاسة تفوق التوقع.’
فكر بذلك وهو يشعر بخفقة طمعٍ في صدره.
‘لم أتخيل قط أنني سأتمكن من جعل امرأة من عائلة تينيبريس إلى جانبي بهذه السهولة.’
كان ينوي في الأصل إيجاد أي ذريعةٍ ليصير شريكًا لها، لكنها هي من طلبت ذلك أولًا، فكان شاكرًا للقدر.
‘تلك الشائعات عن كونها “الشريرة العظمى”……كلها كذب؟’
منذ لقائه الأول بها وحتى الآن، وجدها أهدأ وأنقى بكثير مما سمع.
لم يكن ذلك مجرد تغيّرٍ في الشخصية، بل أشبه بولادة جديدة كليًا.
‘على أية حال، هذا أفضل لي.’
لعق شفتيه من غير وعي، كأن جشعه أفلت منه.
‘لو تمكنتُ من جعلها ملكي……لامتلكتُ عائلة تينيبريس بأكملها.’
***
كان “الجناح الأبيض” أكبر جمعية إغاثةٍ مدنية في المملكة، ومؤسسها هو يوليان، الابن الأكبر المطرود من بيت فيشر.
“سأغادر المنزل. كوني نبيلًا يفرض عليّ الكثير من القيود.”
الطرد؟ في الحقيقة لم يُطرد. بل هو من أعلن بنفسه أنه سيغادر.
لأنه حينها سيبدو في أعين الناس شابًا طيبًا إلى درجة أن عائلته النبيلة طردته ظلمًا. والناس يلتفتون إلى المظلومين، فيقدمون لهم الاهتمام والدعم……والمال.
ويوليان كان يعرف ذلك جيدًا. فلقب “الكونت” في منطقة ريفية صغيرة لا يعني شيئًا سوى الاسم، ولم يكن يجلب له أي مكسبٍ فعلي.
وبناءً على طلبه، سجّل الكونت فيشر رسميًا أنه “مطرود” من العائلة.
“يمد الجناح الأبيض يده لمساعدة من هم في حاجةٍ إلى الإنقاذ.”
هكذا كُتب في منشورات الجمعية، ولم يكن ذلك كذبًا……على الأقل ظاهريًا.
“إلى أين تأخذونني؟!”
لكن في الحقيقة، كانت أعماق تلك الجمعية فاسدةً بقدر فساد عائلات الأشرار.
فمن يحتاجون إلى المساعدة غالبًا ما يكونون من الفئات الضعيفة اجتماعيًا، وكان يوليان يختار بعناية أولئك الذين لا يملكون القدرة على الدفاع عن أنفسهم……ليبيعهم سرًا إلى الخارج.
وكانت الأرباح وفيرةً للغاية.
“بفضل تبرعكم، استطاع شخصٌ آخر أن يجد قوت يومه اليوم.”
عبارةٌ أخرى من منشوراتهم البراقة.
لكن لو علم الناس أن أغلب التبرعات لا تُصرف أبدًا على أولئك المحتاجين، لما دعم أحدٌ جمعية “الجناح الأبيض” بعد الآن.
على أي حال، ما دام لا أحد يعرف الحقيقة، فلا مشكلة تُذكر.
وهكذا واصل يوليان توسيع ثروته معتمدًا على طيبة الآخرين وحسن نواياهم. وحتى بعدما تخلّى عن لقبه النبيل، ظل ما يجنيه كبيرًا جدًا.
‘أن يُقال إن وريثة دوق عائلة تينيبريس الشريرة أصبحت طيبة……؟’
حين بلغته تلك الشائعة عن ليرييل، أدرك في الحال، بغريزة حادّة، أنها فرصة العمر التي لا تتكرر.
فتردد في ذهنه طنينٌ خافت كصوت نقود تتساقط.
كان يوليان، رغم مظهره البريء الوديع، رجلًا نفعيًّا حتى النخاع، تغلي داخله رغبة المال والطمع.
‘أريدها……أريد أن أجعلها لي وحدي.’
بلع ريقه وهو يعضّ شفتيه خفية، ولم يفكر إلا بشيءٍ واحد: أن يتقرّب من ليرييل ليمد يده إلى الثروة الهائلة التي تملكها عائلة تينيبريس.
بل في هذه اللحظة، كانت أفكاره تتجاوز ذلك بكثير.
‘تخيّل لو تزوّجتها……كم من الثروة سينهمر عليّ حينها؟’
الأراضي، الممتلكات، المكانة، السلطة……كل ما تملكه عائلة تينيبريس سيكون ملكه.
مقارنةً بذلك، لم تكن أرباح جمعية “الجناح الأبيض” سوى فتات. فابتلع لعابه لا إراديًا.
كان قد سمع من قبل أنها مخطوبةٌ لولي العهد، لكن ذلك لم يثنه أبدًا. فقد كان صاحب سجل طويل في سحر السيدات النبيلات وسلب أموالهن.
فأن يلاحق الآن امرأةً مخطوبة لم يكن أمرًا جديدًا عليه.
‘سمعتُ أن علاقتهما ليست على ما يرام أصلًا……بضعة كلماتٍ مناسبة في أذنها، وسينفصلان عاجلًا.’
التقط أنفاسه المرتجفة ونظر خلسةً إلى ليرييل. و كانت عيناه الرماديتان الصافيتان تعكسان للحظة بريقًا غامضًا، دافئًا ولزجًا في آن.
“أظن أنه حان وقت عودتكِ، أليس كذلك؟ اسمحي لي أن أرافقكِ.”
“يا إلهي، أيمكنني أن أطلب منكَ ذلك فعلًا؟ كنت سأعود وحدي وشعرتُ ببعض الوحدة.”
“بالطبع، بكل سرور.”
ابتسم ابتسامةً لطيفة وهو يمد يده بطبيعية، فأمسكتها ليرييل دون أدنى ريبة.
دخلت أصابعها الرفيعة الصغيرة بين راحتيه العريضتين، فأطبق عليها بقوة، كأنه لا يريد أن يتركها أبدًا.
‘يا لها من فتاة محبوبة بحق……’
‘إن سارت الأمور كما أريد، فسأنجح أنا أيضًا في أن أُطرد من الدوقية بسلام.’
لكن ليرييل، على العكس، كانت منشغلةً بأفكار مختلفة تمامًا وهي تحدّق فيه بهدوء، بعد أن رأت بوضوح نواياه السافرة.
‘لقد انضممت إلى جمعية الإغاثة، بل أصبحتُ صديقة رئيسها……أعتقد أنني هذه المرة سأخيّب آمال والدي تمامًا.’
‘شكرًا لكَ يا يوليان، إن انتهى بي الأمر منبوذة من العائلة، فسيكون ذلك بفضلكَ أنت.’
أرسلت له ابتسامةً دافئة وهي تشكره في سرّها. فاحمر وجه يوليان خجلًا، مبتسمًا ابتسامةً خفيفة، متظاهرًا بالعفّة والتأثر.
ولم يعد يرى أي ذهب أو جواهر في العالم تُضاهي ما أمامه.
آه……لقد كانت هي نفسها أروع كيس نقود يمكن أن يوجد على وجه الأرض.
***
وفي تلك الأثناء، كان أنوين يقف أمام قصر الدوق بوجهٍ صارم متجهم، ينتظر عودة ابنته.
‘ماذا قالوا؟ جمعية إغاثة؟ حقًا؟’
حين استجوب الخدم و هيفال عن وجهة ابنته، لم يجد إلا خيبة أمل جديدة تضاف إلى سابقاتها.
طرق بعصاه الأرض الحجرية بنفاذ صبر، تُصدر كل ضربة صدى غاضبًا.
‘لقد بلغت حدّاً لا يوصف……لم أعد أستطيع التظاهر بأنني أغضّ الطرف.’
وكان قد عقد العزم على أن يفرض على ليرييل عقوبةً جديدة حال عودتها إلى المنزل.
_________________________
احا ماتوقعت يبي يتزوجها! 😭 توني اقول مب صاير طرف ثالث بس شكله صار
يعني يوم قال انها محبوبه ادري انه يمدح كيس الفلوس بس شكله بيوقع صدق 🙂↕️
المهم خل نشوف صرعة اهلها الجايه ✨
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 20"