لكن ذلك كان كل شيء. و سرعان ما ارتسمت على وجهها ابتسامةٌ ساخرة وهي ترفع رأسها نحوه، وكأنها تتحداه أن يتمادى أكثر.
“…….”
منذ البداية كانت معركةً نتيجتها محسومة. لا شيء سيتغير مهما فعل، فالأغلال كانت قد قُيدت بالفعل حول كاحليه.
وأثقل تلك السلاسل كانت هي نفسها من وضعتها بيديها.
وهكذا، أقيمت حفلة الخطوبة. ليرييل انتصرت، وفيريك انهزم.
أو هكذا ظن الجميع.
***
‘لو كنتُ أنا مكانه، لصفقت من الفرح لو عرضت عليّ فسخ الخطوبة!’
زفرت ليرييل أنفاسها الدافئة فوق فنجان الشاي.
حتى بعد استعادة ذكرياتها، لم تستطع فهم الأمر تمامًا.
“أممم…..ألا ترغب في فسخ الخطوبة؟”
قررت أن تسأله مباشرة. لم يكن أمامها خيارٌ آخر، فقد انتهى الشاي ولم يعد بوسعها كسب المزيد من الوقت.
“ها! بالطبع لا! لطالما انتظرت هذا اليوم يا آنسة — اليوم الذي أتحرر فيه من كل ما يربطني بكِ!”
ردّ فيريك بسرعة حادة قبل أن تنهي كلامها. فنظرت إليه ليرييل في حيرة تامة، وكأنها لا تستوعب ما يجري.
لكن فيريك ازداد غضبًا، معتقدًا أن تلك النظرة أيضًا جزءً من تمثيلها المعتاد.
واشتعل اللون الأحمر القاتم في عينيه بالكراهية.
“لكن ليس بهذه الطريقة. لو كنتُ أنا من فسخ الخطوبة لربما تقبّلت الأمر، أما أن تبادري أنتِ؟ بالتأكيد أنتِ تخططين لشيء ما، أليس كذلك؟”
‘ها هو النمط المعتاد مرة أخرى..…’
بمجرد أن سمعت كلماته، بدأت ليرييل تفهم قليلًا سبب غضبه.
كان هناك مثل قديم يصف هذا الوضع تمامًا:
“تعطي الداء ثم الدواء.”
“هل تنوين الزواج من نبيلٍ آخر لتعزيز نفوذ حزب النبلاء؟”
‘ومن أين لي الوقت لذلك؟ بالكاد أجد فرصةً للهرب من القديسة!’
“أم أنكِ تنوين نشر شائعاتٍ عن أن ولي العهد فظّ ومكروه لدرجة أن خطيبته نفسها أنهت الارتباط؟ كي تسقطي هيبة العائلة المالكة إلى الأبد؟”
‘ولا واحدة صحيحة…..كيف يمكن أن يخطئ في كل شيء بهذا الشكل!’
لقد كانت ليرييل هي التي أذاقته مرارة المرض. والآن، بعدما جاءت بالدواء، لم يعد يميز إن كان ما تحمله في يدها علاجًا أم سمًّا جديدًا.
أمام غضبه المنفجر وفقدانه السيطرة، لم تجد ما تفعله سوى أن تظل جالسةً صامتة. و أدركت أنها تسرعت كثيرًا بطلب فسخ الخطوبة.
حتى لو قامت ببعض الأعمال الخيّرة مؤخرًا، فلن تمحو سمعة عشرين عامًا من الأفعال الشريرة بهذه السرعة.
‘أقسم أني فقط أريد الانفصال! بلا مخططات ولا مؤامرات، أريد فقط أن أعيش بسلام!’
كانت هي أول من اقترح الخطوبة وسعت إليها، والآن انقلبت الآية، وأصبح فيريك هو من يتمسك بها.
لقد انقلبت الأدوار كليًا.
حتى أن عقلها صار يدور في دوامة، متيقنة أنها ستموت من الغيظ قبل أن تقتلها القديسة.
“حسنًا، إذًا فلنفعل هذا!”
صرخت فجأة، فتوقف فيريك في مكانه بعد أن كان يخطو نحوها. لكن نظراته بقيت حادةً ومليئة بالتهديد. فالكثير سيتغير بناءً على ما ستقوله تاليًا.
وقد كانت ليرييل واثقةً تمامًا مما ستقترحه.
“سأثبت لكَ أني لا أملك أي نيةٍ سيئة بفسخ الخطوبة، وبعدها ستستطيع إنهاء كل شيء وأنت مطمئن، أليس كذلك؟”
“تُثبتين ذلك؟”
“بالضبط.”
كان كلامها أشبه بعبثٍ لا يُصدق. ولم يكن غريبًا أن يظل فيريك متشككًا بشدة.
“وكيف ستفعلين ذلك؟”
لكن ليرييل كانت مصممةً على إقناعه. بل حتى لو لم تكن تملك الثقة، كان عليها أن تفعل.
رفعت يديها ببطء وبابتسامة مترددة كما لو كانت تهمس لقطٍّ بريٍّ: “اهدأ، لن أؤذيكَ.”
“سأُطرد من عائلتي خلال شهرٍ واحد.”
لكن ما خرج من فمها بعد ذلك لم يكن شيئًا يُقال بابتسامة.
اتسعت عينا فيريك بصدمة، فمجرد فكرة فسخ الخطوبة كانت كافيةً ليثور، فكيف الآن بهذا الكلام الجنوني؟
ساد بينهما صمتٌ ثقيل، كأن الهواء نفسه توقف عن الحركة.
و مرّ بعض الوقت قبل أن يتمكّن فيريك أخيرًا من فتح فمه.
“انتظري لحظة…..هل سمعتكِ جيدًا؟ نفي؟”
“نعم، سمعتَ جيدًا تمامًا.”
وأخيرًا بدأت ملامح التقدّم تظهر على ملامح المحادثة.
و فيريك، المصدوم من غرابة ما سمع، نسي حتى أن يغضب، واكتفى بالتحديق فيها مذهولًا.
استغلت ليرييل تلك الثغرة، فنهضت بهدوء من مقعدها ودفعته برفق نحو أريكة الضيوف. وبينما كانت تضغط على كتفه بخفة ليجلس، جلس هو دون مقاومة تقريبًا، لكنه لم يستطع أن يزيح عينيه عنها.
عيناه الحمراوان، اللتان كانتا دومًا تلمعان بنذر الشر، اضطربتا هذه المرة بارتباك واضح. وكان ذلك بحد ذاته فرصةً نادرة لليرييل.
“كما قلتُ مرارًا، لم أعد تلكَ التي كنتها سابقًا. لم أعد أرغب في فعل الشر بعد الآن.”
قالت ذلك بابتسامةٍ هادئة وواثقة.
في الماضي، لكان فيريك أول من يتهمها بالتمثيل أو الكذب، لكن الآن كانت مختلفة، صادقة بشكلٍ يكاد يُنسيه لقب «أخطر امرأة في المملكة» الذي التصق بها لسنوات.
‘ومن ذا الذي يريد أن يموت لأجل ذنبٍ لم يقترفه بنفسه؟’
كانت تلك مشاعر “هان جيول”، روحها الحقيقية، لا “ليرييل”.
حدّقت به قليلًا، ثم قررت أن تمضي قدمًا وتكشف له خطتها المتقنة التي لفّتها بعباراتٍ منطقية.
“لكن عائلة تينيبريس لا تعترف بتلك التغييرات. إنهم يريدون أن أبقى كما كنتُ، شريرةً بلا رحمة، لأتولى منصب رئيسة العائلة.”
“….…”
“لذلك، إن واصلتُ سلوكي الطيب، فلن يعترفوا بي كوريثة. وعندها، لن تكون هناك مشكلةٌ في فسخ الخطوبة، أليس كذلك؟”
ففي الأصل، كانت عائلة تينيبريس تسعى لزواجها من ولي العهد فقط كي تتمكن من استخدام امتيازات العائلة المالكة بطريقةٍ شرعية.
لكن إن تم نفي ليرييل من العائلة؟
حتى لو تم الزواج، فلن تجني عائلتها أي فائدة. وبالتالي، لا شيء يمنع إلغاء الخطوبة أيضًا.
حاول فيريك أن يفهم ما تخفيه وراء كلماتها، لكنه لم يجد أي نية سيئة يمكن التمسك بها.
هل كانت تخطط للزواج بنبيل آخر لتقوية نفوذ حزب النبلاء؟ مستحيل — فمن تُطرد من بيتها لا يجرؤ أحدٌ على الزواج بها.
هل كان هدفها إذلال ولي العهد عبر إلغاء الخطوبة علنًا؟ ومن سيلومه لو رفض امرأةً نبذتها عائلتها؟
حينها ستكون الشائعات كلها ضد ليرييل لا ضده.
“…….”
لم يجد أي ثغرةٍ واحدة. اقتراحها كان مثاليًا لدرجة أن رفضه سيكون هو الغريب، خاصةً بالنسبة لشخصٍ طالما كره تلك الخطوبة مثله.
ظلّ صامتًا يفكر، وحين رأت ليرييل ذلك، أدركت أن كلماتها بدأت تُؤتي ثمارها.
‘أرجوكَ…..فقط أومئ برأسكَ، مرةً واحدة فقط. عندها فقط سأعيش.’
تمنّت في سرّها بكل ما أوتيت من رجاء. وفي تلك اللحظة، فتح فيريك فمه،
“إذًا…..سؤالٌ واحد فقط قبل أن أوافق.”
لم يكن قبولًا صريحًا، لكنه كان أقرب ما يكون إليه.
“بالطبع! اسأل ما تشاء!”
أجابت بسرعة، بحماسٍ من سيضحي حتى بمرارته لإقناع الآخر. و كانت واثقةً أنه لا يوجد سؤالٌ لا تستطيع الإجابة عنه.
“لماذا…..قررتِ التوقف عن ارتكاب الشر فجأة؟ هل حدث شيءٌ جعلكِ تتغيرين؟”
لم تكن تتوقع هذا على الإطلاق. لقد اختار فيريك، من بين مئة سؤال ممكن، السؤال الوحيد الذي لا يمكنها الإجابة عنه.
‘رائع…..من بين كل الأسئلة في العالم، اختار هذا بالذات!’
“في الحقيقة..…”
مهما قالت سابقًا أنها ستجيب عن أي شيء، لم يكن بوسعها أن تعترف بالحقيقة — أنها لم تفعل ذلك إلا لأنها تعرف أنها ستموت على يد البطل إن لم تتغير.
تعثرت كلماتها وهي تحاول اختلاق جوابٍ مناسب، بينما عاد الشك يلوح في عيني فيريك.
بس تخيلوا ماتنطرد هي نفسها تغير اهلها؟ يضحك واقرب واحد اخوها ذاه ما اشوف فيه بذور شر بلا قاعد يزين شاهي المسيكين😂
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 18"