حرصت ليرييل على الدخول في صلب الموضوع سريعًا مراعاةً لأخيها الصغير المرتبك.
ورغم أنها تظاهرت بالجهل، إلا أنها في الواقع كانت تعرف أن هناك شخصًا واحدًا فقط يمكن أن يأتي لرؤيتها.
“ذاك هو……”
“هل أخمِّن؟ شخصٌ وسيمٌ جدًا، أليس كذلك؟”
“!”
كانت تمزح، لكن الذهول الذي ارتسم على وجه هيفال كان كافيًا ليؤكد لها أن تخمينها أصاب الهدف.
فابتسمت ليرييل بخفة، وأمالت ذقنها مستندةً على يدها. و أصابعها الطويلة والناعمة راحت تطرق خدّها بخفةٍ منتظمة.
‘سموك، أما زال لديكَ كل هذا الوقت الفارغ؟’
حسنًا، بعد كل تلك الضجة عن “الخدمة” وما شابه، انتهى بها الأمر إلى تلقي عقوبة الإقامة الجبرية. طبيعيٌ أن يشعر بالملل إذًا. و كانت تتوقع أن يأتي في أي وقت.
“إنه بانتظاري في غرفة الاستقبال الآن، أليس كذلك؟”
“آه، نـ-نعم……”
“حسنًا، سأنزل إليه حالًا. هيفال، أحضر الشاي من فضلك.”
“ماذا؟ أ-أنا، يا أختي؟”
هزّ هيفال رأسه بعنف، وقد شحب وجهه كمن رأى شبحًا.
لم يسبق له أن خدم الشاي في حياته، فذلك من شأن الخدم لا النبلاء. لكن بالنسبة لليرييل، كان هذا العذر بلا قيمة.
“ومن غيركَ إذًا؟ تقول أن الخدم خائفون مني، أليس كذلك؟”
“لكن……”
“هيّا الآن، كن أخًا مطيعًا وجيدًا، حسناً؟”
ابتسمت له ابتسامةً حادة تشبه شفرة السيف.
في هذه المرحلة، لم تعد طلبًا بل تهديدًا مقنّعًا. بدا وكأنها عادت لتكون تلك الأخت الشريرة الشهيرة بفظاظتها.
و لم يجرؤ هيفال على المقاومة أكثر، فاتجه مباشرةً إلى المطبخ. إن كان في كونه شقيق الشريرة خطيئة، فها هو يدفع ثمنها الآن.
‘حسنًا، لنستعد لاستقبال سموه إذًا.’
وبعد أن حمّلت أخاها كل الأعمال المزعجة، خطت ليرييل بخفة نحو غرفة تبديل الملابس.
صحيحٌ أنه خطيبها الذي ستنفصل عنه قريبًا، لكنها لم تستطع أن تقابله بملابسها المنزلية العادية.
بدّلت ثوبها، ومشطت شعرها بعناية، ثم فتحت صندوق المجوهرات تبحث فيه. و ارتدت أقراط الزمرد التي تلائم لون عينيها تمامًا، وابتسمت بخفة للمرآة.
‘بما أننا سنلتقي، ربما عليّ أن أسأله إن كان نادمًا على الخطوبة.’
تألقت صورتها في المرآة وهي ترتدي الأقراط. اليمنى، ثم اليسرى. عندها فقط انعكس في المرآة بريق الخاتم الماسي في إصبعها الرابع من يدها اليسرى.
كان مشهدًا مألوفًا للغاية.
‘……لن يتبقَّ الكثير من الوقت وأنا أضع هذا الخاتم.’
نظرت إليه لوهلة، شاردة.
كلما رأت ذلك الخاتم، شعرت بأنفاسها تُحبس في صدرها، فكانت تتجاهله دائمًا. لكن في الآونة الأخيرة لم يعد الأمر كذلك.
بل على العكس، كانت تراه كثيرًا خلال فترة الإقامة الجبرية، كلما شعرت بالملل. لأنه، كلما نظرت إليه، خطر في بالها فيريك.
“…….”
كمّ الأكمام المرفوعة حتى منتصف ساعديه في دار الأيتام……خصلات شعره الأمامية التي التصقت بجبينه من……وعيناه الحمراوان اللتان كانتا تحدقان فيها بصمتٍ طويل.
حتى صوته العميق حين ناداها قائلًا: “ليرييل”……لا يزال واضحًا في ذاكرتها.
‘هاه……يبدو أنني حقًا ضعيفةٌ أمام الرجال الوسيمين.’
قبل أن يشتد حنينها أكثر، سارعت بإبعاد الخاتم عن ناظريها.
كانت وجنتاها قد احمرّتا قليلًا دون أن تشعر. ولأن المرآة كانت أمامها، بدا ذلك أكثر وضوحًا.
‘لا يمكنني الخروج وأنا بهذا الشكل.’
اضطرت إلى الانتظار حتى يزول الاحمرار عن وجهها. وبعد نحو خمس دقائق، توجهت أخيرًا إلى غرفة الاستقبال.
كانت تخطو بسرعة، تشعر ببعض الذنب لأنها جعلته ينتظر طويلًا.
ثم فتحت الباب دون أن تطرق، وخرجت منها كلمات اعتذار لم تكن تليق بامرأةٍ اشتهرت بلقب “الشريرة”.
“آسفة! هل انتظرتَ كثيرًا……”
“الآنسة ليرييل!”
لكن الذي استقبلها لم يكن فيريك. فالرجل الذي نهض من على الأريكة بابتسامة مشرقة كأشعة الشمس لم يكن يملك الشعر الأشقر الأنيق المعتاد، بل شعرًا أشعثًا بلون القشّ.
عيناه الرماديتان الشفافتان كانتا تحدقان بها وحدها، مملوءتين لا بالكراهية أو الشك، بل بتوقعٍ نقيّ وصادق.
“أخيرًا ألتقي بكِ! كنتُ متحمسًا جدًا لهذا اللقاء لدرجة أنني لم أستطع النوم ليلًا!”
“هاه……؟”
بابتسامةٍ خجولة لكنها صافية، تقدم خطوةً بعد خطوة. وفجأة، أمسك بيديها بكلتي يديه. فرفعت ليرييل رأسها تنظر إليه مذهولة.
لم يكن وسيمًا كفيريك، لكن ملامحه الجذابة وابتسامته الودودة كانت كافيةً لتجعل النساء ينجذبن إليه بسهولة.
إن كان فيريك يجسد الوسامة الفاتنة، فإن هذا الرجل كان يجسد الجاذبية الطبيعية والبساطة المريحة.
أيًّا يكن، فهذا يعني أن هيفال لم يكن يكذب.
‘صحيحٌ أنه وسيمٌ فعلًا……لكن……’
كانت المشكلة أن هذا الرجل لم يكن الزائر الذي كانت ليرييل تتوقعه.
وجهه لم يكن مألوفًا أبدًا — لا شعره الأشعث بلون القش، ولا عيناه الرماديتان الصافيتان.
نظرت إليه ليرييل بارتباك وسألته بينما لا يزال ممسكًا بيديها.
“من……تكون؟”
“آه، أعتذر. يبدو أنني اندفعت من شدة الحماس……لم أقصد قلة اللباقة.”
حتى ابتسامته الخجولة حين أفلت يديها كانت غريبةً عليها تمامًا.
‘هل يمكن أنه شخص عرف ليرييل قبل أن أتقمص جسدها؟’
لو كان كذلك، وهيئته بهذا القدر من الوسامة، لكانت حتمًا تعرفه. لكنها فتشت في ذاكرتها دون أن تجد أي شيء.
‘لا، لا أعرفه إطلاقًا……’
نعم، هذا الرجل غريبٌ عنها كليًّا. ومع ذلك، يقول أنه لم يستطع النوم من فرط الترقب للقائها — ويمسك بيديها بهذه البساطة!
يد امرأة تُلقَّب بالشريرة، وتخضع لعقوبة بسبب فضيحة أهانت بها عائلتها!
“أظن أنني تأخرت في التعريف بنفسي،”
قال ذلك مبتسمًا وقد لاحظ نظراتها المتحفظة.
“اسمي يُوليان.”
عند سماع الاسم، اتسعت عينا ليرييل إدراكًا.
“يُوليان؟ ألستَ……من جمعية الجناح الأبيض؟”
“بلى، هذا صحيح. أنا رئيس جمعية الإغاثة ‘الجناح الأبيض’،”
ثم ابتسم بخجل وأضاف،
“رغم أنني معروفٌ أكثر كابنٍ أكبر للكونت فيشر المطرود.”
قال ذلك وهو يحكّ مؤخرة رأسه بحرج، وكأن الاعتراف بذلك يسبب له خزيًا. لكن ليرييل لم تأبه بذلك أبدًا.
رمشت عيناها بذهول، ثم أمسكت بيده من جديد وهي تهتف بصوتٍ مرتفع،
تألقت عيناها بلمعان حقيقي. و خديها اللذان هدأ احمرارهما منذ قليل عاد إليهما التورد من جديد.
كانت كمن التقت شخصًا كانت تحلم برؤيته طويلًا، تتحدث بلهفة ويغمر وجهها بريقٌ ناعم، وشفاهها المتوردة تنفرج بابتسامةٍ خفيفة.
في تلك اللحظة، لم تكن تشبه “الشريرة” أبدًا، بل فتاةً صادقة تعترف بحبها لأول مرة.
‘كيف لا أعرفكَ، وأنت أحد أكثر الشخصيات شراسةً في رواية القديسة التي لم تنقذ أحدًا!؟’
***
يُوليان، رئيس أكبر جمعية خيرية في المملكة، “الجناح الأبيض”، كان الشخصية المثالية لنمط “الطيب الذي اتضح أنه الأسوأ.”
“يا قديسة! دعيني أساعدكً في أفعالكِ النبيلة!”
رجلٌ وسيم بملامح بريئة وقلبٍ يبدو طيبًا إلى حد السذاجة.
لذلك، في بداية ظهوره، ظنه الجميع مجرد تابعٍ مخلصٍ للقديسة الجامحة — كجروٍّ صغيرٍ يتبعها أينما ذهبت.
لكن الحقيقة ظهرت خلال فصلين فقط.
“أيتها القديسة، أحقًا ظننتِ أنني ساعدتكِ بلا غرض؟ حتى دون مقابل؟”
يا لعدد القراء الذين شهقوا من الصدمة حين أسقط قناع البراءة عن وجهه!
فقد كانت الجمعية الخيرية مجرد واجهةٍ براقة — خلفها غسيل أموال، واستغلال بشع للعمال، وكل أنواع الفساد الممكنة.
وكان يُوليان يستخدم “القديسة” نفسها كواجهة دعائية لتحسين صورة المنظمة أمام الناس.
وفي النهاية، تحالف مع ليرييل ليطيح بالبطلين في أعنف مأزقٍ مرّ بهما، وكان أداؤه في ذلك بالغاً من الروعة بحيث كاد يفوز بلقب “أفضل شرير” إلى جانبها.
في الاستطلاع الشهير لشخصيات القديسة التي لم تنقذ أحدًا، نافسها بفارقٍ ضئيل جدًا — لكنها في النهاية تغلبت عليه بفارقٍ بسيط.
“لم أتوقع من الآنسة أن ترحب بي بهذا الحماس……”
“بل بالطبع أرحب بكَ!”
لماذا إذًا كانت ترحب بمجرمٍ مثله بكل هذا الحماس؟
الجواب بسيط ووحيد.
“كيف لا أرحب برجلٍ نبيلٍ ضحّى بلقبه وأقام جمعيةً خيرية لأجل خدمة الآخرين؟”
كما استخدم هو القديسة لتحسين صورته، كانت ليرييل بدورها ترى فيه فرصةً ذهبية لتحسين سمعتها كـ”الشريرة التي تابَت”.
‘يا للسعادة! هذه فرصةٌ لا تعوّض!’
كانت قد استسلمت مسبقًا لفكرة أنه سيرفض انضمامها إلى جمعيته بسبب سمعتها السيئة، لكنها لم تتخيل أنه سيأتي بنفسه لزيارتها!
زفرت في سرّها تحاول تهدئة نبض قلبها الذي كاد يفضحها.
‘اهدئي يا ليرييل……لو أظهرتِ حماسكِ أكثر من اللازم سيشكّ فيكِ.’
حاولت التماسك بابتسامةٍ مهذبة، ثم سألته بصوتٍ هادئ، متحسّسةً النبض في كلماته،
“إذاً، أيمكنني أن أعرف سبب زيارتكَ لي اليوم……؟”
___________________________
واااااااو شكله البطل الثاني؟ بيجين استغلال وهو مايدري ويقول وناسه اول من تستغلني 😂
ضحكتني يوم رحبت به حسبتها فانز طلعت تبي تستغل✨
المهم مب كأنها تتنمر على اخوها؟😭
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 14"