حديقةُ الورودِ الشهيرة في قصرِ دوقِ لافانتس.
في المكانِ الذي تفتّحت فيه آلافُ الورودِ معًا، جلستُ وجهًا لوجه أمامَ البطلةِ في هذا العالم.
شعرٌ ذهبيّ كلونِ العسل مرفوعٌ بأناقة، وعينان خضراوان كالغابة،
ثم ذلك الوقارُ المهيبُ الذي يُضفي عليها سحرًا خاصًا.
‘كيف يمكن لإنسانةٍ أن تكونَ بهذا الجمال؟’
لا عجب، فهي البطلةُ التي تستحقُّ أن تكونَ محورَ روايةٍ بأكملها.
لكنّ انبهاري بجمالها لم يدم طويلًا، إذ اخترقت أذني نبرةٌ باردةٌ حادّة.
“إذًا، لِمَ أردتِ رؤيتي؟”
كانت نظراتها الحادّة كافيةً لتجميدِ الهواء.
اسمُ تلك السيدة هو إيزابيل فون لافانتس.
قبل زواجها كانت تُعرفُ باسم إيزابيل ديلايني، والآن أصبحت زوجةَ الدوق.
وبشكلٍ شخصيّ، هي زوجةُ أخي… أختي الجديدة.
نعم، البطلةُ التي أمامي هي زوجةُ شقيقي.
ومن هنا يبدأُ الكابوس.
لأنني… في هذا العالم، أنا الشقيقةُ الصغرى الحقيرة التي كانت تُعذّبُ البطلةَ الطيبةَ وتحتقرها،
وتنتهي بي الحالُ بأن أُباعَ كعروسٍ لخدمةِ مصلحةِ العائلة.
“… آنسة؟”
“آه، آسفة.”
أفقتُ من دوّامةِ أفكاري وأنا أصرخُ داخليًا.
كانت نظرةُ أختي الجديدة لا تزال باردةً كالجليد.
“إذًا، ما الذي تريدينه؟”
حقًّا، لو كنتُ مكانها لما استطعتُ الابتسام أمامَ من كانت تُعذّبني يومًا بعد يوم.
لكنّ نظرتها الجافة تؤلمني، فهي بطلةُ قصّتي المفضّلة.
من الأفضل أن أدخل في الموضوع مباشرة.
“ألا تُفكّرين بالطلاق؟”
اتّسعتْ عيناها دهشةً.
أسندتُ ذقني على كفّي وابتسمتُ بخفّة.
“سأساعدكِ.”
صحيح أنّه ليس من اللائق أن أقول هذا عن أخي، لكن… ذاك الوغد لا يُطاق حقًا.
لذا يا أختي، أعتقد أنّ الوقتَ قد حانَ لتتخلّصي من تلك الخردة المسمّاة زواجًا، أليس كذلك؟
سأُساعدكِ ماديًا ومعنويًا في بدايتكِ الجديدة، فقط اجعليني شريكتَكِ في الطلاق!
<لقد سئمتُ من كوني مجرّد ظلّ.>
كان هذا عنوانَ الروايةِ الخياليةِ الرومانسية التي كنتُ أقرأها بشغفٍ في حياتي السابقة.
ولو كنتُ أعلمُ أنني سأُبعثُ داخلها، لما قرأتُها أصلًا ولخلدتُ إلى النوم بهدوء.
القصةُ كانت هكذا تقريبًا:
البطلةُ إيزابيل تتزوّجُ من دوقِ لافانتس، إحدى أعرقِ عائلاتِ الإمبراطورية.
لكن الحقيقة أنّ تلك العائلة هي أكثرُ ما يمكن أن يُوصف بالانحطاط.
زوجٌ خائن، قاسٍ ومتغطرس.
وحماةٌ متسلّطة، وشقيقةُ زوجٍ لئيمةٌ تحتقرها بلا سبب.
بعد سنواتٍ من العذاب، تنجحُ إيزابيل في تطليقِ زوجها،
وتلتقي بالبطلِ الحقيقيّ لتبدأَ حياتها الجديدة.
لكن كما يقولون، لا يمكن للسعادةِ أن تأتي من دونِ معاناةٍ تسبقها.
وذلك الجزءُ المليءُ بالمعاناة… هو أنا.
إيلودي فون لافانتس،
ابنةُ الدوق، زهرةُ المجتمع، صاحبةُ الجمالِ والثروة.
شقيقةُ الزوجِ التي ساهمتْ في معاناةِ البطلة،
واستمرّت في قسوتها حتى بعد الطلاق،
إلى أن ماتت موتًا غامضًا وقيل إنّها “ماتت بالمرض”.
لكنّ الحقيقة كانت أبشع.
الناسُ كانوا يتهامسون بأنها قُتلت على يدِ زوجها الجديد، المركيز بارتسن، الذي اشتراها كسلعة.
“لا، هذا غير مقبول!”
صرختُ وأنا أقفزُ من السرير غاضبةً.
أن يُعبّر الكاتبُ عن انحطاطِ عائلةِ لافانتس بطريقةٍ كهذه؟!
حتى الموتُ لم يكن انتقامًا بل إهانةً!
والأسوأ، أن إيزابيل، البطلةُ الطيبة، أشفقتْ على موتي وقدّمت تعازيها بصدق… أهذا يُعقل؟
‘لن أسمح بأن ينتهي أمري هكذا.’
عضضتُ شفتيّ بعزمٍ وأنا أضعُ خطتي للبقاء.
لكي أهربَ من تلك النهايةِ المأساوية، يجب أن أستقلّ تمامًا عن عائلةِ لافانتس.
لكنّ عليّ أوّلًا أن أضمنَ ألّا يتمكّن أحدٌ منهم من التعرّض لي.
أفضلُ طريقةٍ لذلك هي أن أُقوّي نفوذي، وأحمي نفسي بنفسي.
‘لكن لا مانع من استغلالِ كلّ ما يمكن استغلاله.’
وهكذا قرّرتُ مساعدةَ أختي في طلاقها بكلِّ ما أملك من وسائل.
بمجرد أن تُركّز العائلةُ على قضيةِ الطلاق، سأكونُ أكثرَ حريةً في التحرّك،
وسيخسرُ أخي سمعته،
وستتحرّرُ أختي أخيرًا من ذلك الزواجِ القذر.
‘ممتاز.’
قبضتُ قبضتيّ بحماس.
سأساعدُ أختي حتى تُنجز طلاقها بنجاح،
لكن عليها ألا تنسى جهودي حين يحين الوقت.
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل " 1"