كنت أبتلع الكلمات التي لم أجرؤ على سؤالها، حين فردت إميلي صدرها بفخر واضح على وجهها.

قالت وهي تتباهى:

“إذا عقدت العزم، حتى سحرة برج السحر لا يمكنهم ملاحقتي.”

“……أي نوع من الحياة عشتِها بالضبط؟”

ردّت بخفة:

“جرّبي أن تتعاملي مع أولئك السحرة المتذمرين طوال اليوم. مهما كانت أعصابك قوية، لن تتحمّلي البقاء دون الهرب.”

ورغم تذمّرها، لم تكن ملامح وجهها سيئة. بل ظهرت ابتسامة خفيفة وكأنها تتذكر ماضيها.

وبعيدًا عن قلقي بسبب رينيال، لا أنكر أن رؤية إميلي بهذا الشكل كانت ممتعة.

وفي النهاية استسلمت تمامًا.

“بما أنني خرجتُ بالفعل… فلأعتبرها جولة لتغيير الجو. صحيح أن العواقب قد تكون مخيفة، لكن… لم أطلب من إميلي أن تأخذني معها، أليس كذلك.”

سألتها:

“إذًا… إلى أين نحن ذاهبتان؟”

وبمجرد قبول الوضع، بدأت أشعر بالفضول حول المكان.

بالتأكيد لا بد أن هناك سببًا لاختيارها “رونيتّي” كوجهة للانتقال.

لكن بدل الإجابة، توقّفت إميلي فجأة بعد أن كانت تسير بثقة وكأن لديها هدفًا محددًا. توقّفتُ بدوري دون تفكير.

كان أول ما صدم حواسي هو الموسيقى العالية ورائحة الزهور القوية.

وبكلمات أوضح:

لقد كنّا أمام قاعة زفاف.

…لماذا؟

حدّقت في قاعة الزفاف بذهول، ثم نظرت إلى إميلي بهدوء. لكنها سألتني وكأن الأمر طبيعي:

“ألستِ من قالت إنها تريد مشاهدة حفلات زفاف الناس؟”

“لا يا إميلي! لم أقصد ذلك أبدًا…”

كنتُ فقط أشتكي من إفراط العريس في الحرص الذي منعني من حضور حفلٍ كنتُ مدعوةً إليه…

لم أقل إنني غاضبة لأنني لم أشاهد زفاف أحد الغرباء!

بينما كنت أحدّق بذهول في قوس كبير مزين بالزهور، ضحكت إميلي بصوت عالٍ وقالت:

“هربتِ من المنزل لأنكِ لم تستطيعي مشاهدة زفاف غيرك؟”

“ما هذا الكلام! لستُ مهووسة بالزفاف إلى هذه الدرجة!”

نطقتُ قبل أن أفكر، وحدّقتُ بها، فرفعت حاجبيها ونظرت إليّ مطولاً.

“…حسنًا، ربما… قليلًا… ربما تشبثتُ بالموضوع بعض الشيء.”

نعم، ربما لأنني تشاجرتُ مرارًا مع رينيال بخصوصه… وبما أنه كان يقطع كلامي بلا أي نقاش، فقد أثار ذلك رغبتي في العناد.

لكن الحقيقة أنني أعرف جيدًا أن ما بيننا لم يكن يستحق كل هذا.

الأمر لا يحتاج إلى عناد بهذا الشكل، ولا بالتأكيد إلى مبيت خارج المنزل.

كنت أتصرف كطفلة عنيدة لا أكثر.

وبينما أهمّ بالسعال لتخفيف التوتر، بدأت أنظر حولي. وبعد أن أدركت أننا في قاعة زفاف، بدأت أرى ما حولي بوضوح:

الممر الطويل، الضيوف الجالسون، ثم…

امرأة تحمل طفلًا، واقفة أمام العروسين.

كانت تصرخ:

“كيف تستطيع فعل هذا بنا؟ انظر إلى عيني توم! هل ستتخلى عنا بعد أن ترى هاتين العينين؟”

توقيتٌ… لا يمكن أن يكون حقيقيًا.

كتمت صرخة، كان المشهد كأنه مأخوذ من مسلسل رديء.

تمتمت إميلي بلا مبالاة:

“أوه، ظننتها حفلة… لكنها جنازة.”

حتى الضيوف الذين حاولوا تجاهل الأمر كانوا في الحقيقة يصغون بكل اهتمام.

كل الأنظار كانت متجهة إلى “العروسين” الذين كادا أن يصبحا زوجين… وإلى المرأة التي اقتحمت الممر وهي تحمل طفلًا.

صرخت المرأة باكية:

“قل شيئًا! أي شيء! أرجوك…”

رغم أنها قصة مستهلكة في الدراما، رؤيتها في الواقع جعلت الأمر مثيرًا جدًا. حتى أنا شابكتُ يديّ وأنا أستمع بشغف.

فجأة، رمت العروس باقة الورد أرضًا.

هل ستصفع الرجل الآن؟

لكنها قالت:

“أنا آسفة… يا حبيبي.”

“…ماذا؟”

وبدلاً من الصفعة، اعتذرت له!

ثم أمسكت بكتف المرأة — ماري — وقالت:

“هيا بنا، ماري… توم.”

ثم غادرتا مع الطفل، بينما تُرك الرجل مذهولًا.

هل ما رأيته الآن… حقيقي؟

تابعتُهم بذهول، بينما صفقَت إميلي بإعجاب:

“ها قد تحقق الحب الحقيقي!”

“حب حقيقي…؟”

قالت بنبرة توبيخ:

“إن كنتِ تحملين أي أحكام مسبقة، راجعي نفسك يا ابنتي.”

لا أحكام مسبقة ولا شيء.

أنا فقط كنتُ أريد أن أعرف: لمن يعود الطفل توم بالضبط؟

لكن من يمكنه الإجابة… قد غادر لتوه.

فتحت فمي ثم أغلقته، بلا كلام. لا معنى لأي شيء أقوله الآن.

قالت إميلي مستاءة:

“لكن ليس هذا ما أردت رؤيته. تبا.”

طرقَت بعصاها بسرعة وكأنها تفكّر، ثم ظهر ضوء بنفسجي من يدها.

لا… لا أرجوكِ…

“لحظة، لا بأس لو توقّفنا هن—”

“إلى قاعة الزفاف التالية!”

وللمرة الثانية، لم أستطع منعها، وتغيّر المشهد أمامي.

—

قال فايدرو وهو يمسح عرقه البارد:

“يبدو أن سيدة البرج استخدمت قوتها مجددًا…”

جلس رينيال أمامه بلا تعابير، لكن عيناه أصبحتا أعمق وأكثر برودة مع مرور الوقت.

قال بحدة:

“إذن أظهر مهاراتك القديمة في ملاحقة تلك العجوز.”

ضحك فايدرو بعصبية:

“الأمر صعب عندما تقرر استخدام قوتها…”

كان ذلك بالتأكيد ليس الجواب الذي يريده رينيال.

“لا يمكنك حتى تتبع تعويذة انتقال واحدة من عجوز… كيف تدير هذا القسم يا فايدرو؟”

أجاب فورًا:

“أحضرتُ أداة التتبع القديمة الخاصة بك يا سيدي. سأرى إن كانت تعمل.”

وبينما يحاول فايدرو تشغيل الأداة الصدئة، كان رينيال يمسح المكان بعينيه — دمى متناثرة,على الأرض، ثم توقّف عند الدائرة السحرية.

قال بأسنان مطبقة:

“اللعنة عليكِ أيتها الساحرة المجنونة.”

لم يكن يعلم أن لديها ما يكفي من القوة لاستخدام سحر انتقال بهذا التعقيد.

وسحرها خاص… لا يمكن تتبع وجهته عبر الدائرة فقط.

كل ما يعرفه الآن هو أنها أخذت جيزيل وغادرت المدينة.

قرب المدخل، قالت ويندريا بخفوت:

“على الأقل لن تؤذِي جيزيل.”

ردّ بحدة:

“المشكلة أنها أخذتها دون إذن.”

“لا تخرج حتى لحفل زفاف… ثم تخرج من المدينة؟”

جيزيل بلا أي قوة سحرية، وملفتة للنظر… وهذا يعقد الأمور.

وقفت ويندريا بعيدًا خوفًا من غضبه، ثم نظرت نحو فايدرو الذي يعمل بجنون.

وشيئًا فشيئًا تطمأن قلبها… فايدرو سيقود المهمة. جيد.

فتنهدت وقالت:

“طالما أن عملي انتهى… سأعود الآن.”

لكن رينيال قال بصرامة:

“إلى أين؟ عندما نجد جيزيل، ستكونين مسؤولة عن إقناعها.”

“…هل ما زال ذلك أمرًا رسميًا؟”

لم يجبها، فقط حدّق في الدائرة مجددًا.

وفجأة صاح فايدرو:

“التقطت الإشارة! لدينا موقع!”

قفز رينيال:

“اتبعها فورًا!”

ضجّ المكان بالحركة، بينما رفعت ويندريا

رأسها نحو السقف وزفرت من أعماق قلبها.

“هاه… أنا أكثر واحدة تستحق الشفقة هنا.”

—