لكن إقامة حفل زفاف في «فانهيل» تبقى فكرة خطيرة بعض الشيء.”

 

 

 

 “الجميع يعلم ذلك ومع ذلك يحضرون، لأن العيش في فانهيل يعني تقبّل هذا القدر من الخطر. ثم في النهاية، إنه حفل زفاف مهما يكن.”

 

 

 

 أيّ شخص في فانهيل يعيش بهذه الطريقة، فكيف يُعقل أن أعيش أنا فقط وكأنني دمية زجاجية محمية من كل شيء؟

 

 

 

 لو بقيت أعيش تحت الحماية فقط، فحين أتعرض للخطر سأكتفي بالبكاء منتظرة أن يأتي «رينييل» لينقذني مجددًا. لا أريد أن أكون كذلك.

 

 

 

 نظرت إليّ «إميلي» بعينين متعبتين وأنا أتكلم بانفعال، ثم التفتت فجأة نحو الباب.

 

 

 

 “لكن الغريب أنه لم يأتِ ليأخذك بعد.”

 

 

 

 “آه، هذا لأنني… هددته بألا يفعل.”

 

 

 

 “قلت له: لا تتبعني. إن تبعتني، سأهرب فعلًا من فانهيل!”

 

 

 

 تهديدي كان سخيفًا بصراحة، لكن بما أنه لم يظهر حتى الآن، يبدو أنه فعلاً أخذ كلامي على محمل الجد.

 

 

 

 طبعًا، ربما يكون غاضبًا وقرر تجاهلي… لكن لا، رينييل إن غضب، لحبسني بدل أن يتركني وشأني. إذن هو فقط يحترم كلامي هذه المرة.

 

 

 

“ربما لم يأتِ بنفسه، لكنه بالتأكيد سيرسل أحد أفراد عصابته الثلاثة ليتجسس علينا.”

 

 

 

 أو ربما سيرسلهم جميعًا.

 

 

 

 لقد مر يوم واحد فقط، وهذا صبر عظيم منه، لذا على الأرجح سيظهر أحدهم اليوم.

 

 

 

 لكن حتى لو فعلوا، فلا نية لي بالتعاون معهم أبدًا.

 

 

 

 “على أي حال، أؤمن بأن شريك الحياة ليس شخصًا نعتمد عليه بشكلٍ أحادي، بل من نسير بجانبه كتفًا إلى كتف.”

 

 

 

 قلت ذلك بثقة وأنا متشابكة الذراعين. فردت إميلي بتنهيدة وهي تهمهم بلا اهتمام:

 

 

 

 “نعم نعم، معك حق. ما أذكاكِ.”

 

 

 

 كان واضحًا أنها تقولها لمجرد الموافقة، لكن بالنسبة لي كان المهم أنها لم تعارض.

 

 

 

 قبضت يدي بحماس وهززت رأسي بقوة.

 

 

 

 “حتى أنتِ تفهمين هذا، لكن رئيسي لا!”

 

 

 

 “همم… ولا أفهم لماذا تروين هذا لي أنا بالذات.”

 

 

 

 “ولمن إذًا أقول مثل هذا الكلام؟” 

 

 

 

 كنت أرتب الدمى على الأرض بينما أسألها، فأجابت فورًا:

 

 

 

“على الأقل ليس لي.”

 

 

 

 أجابت بسرعة وحزم لم أعهدها منها، فحدقتُ بها بملامح خائبة.

 

 

 

 “لكن أنتِ من ربّيته، أليس كذلك؟”

 

 

 

 “هذا لا يُسمى تربية…”

 

 

 

 “بلى، لقد علّمتِه، لذا أنتِ مسؤولة عنه كمربية!”

 

 

 

 قلتها بصرامة، ثم عدت إلى التنظيف. رغم تراكم الغبار في الزوايا، لم يكن هناك أي أثر لعنكبوت.

 

 

 

 بعد الكنس سأمسح الأرض بالماء… أين أضع الدمى الآن؟

 

 

 

 “الشيء الوحيد الذي تعلمه مني هو الشرب…” تمتمت «إميلي» بصوتٍ منخفض، ويبدو أنها كانت جادّة تمامًا. لكنها اكتفت بالتنهد أخيرًا قائلة:

 

 

 

 “حسنًا، ما دمتِ أنقذتِ حياته من قبل، فهذه العجوز ستتحمل المسؤولية الآن.”

 

 

 

 “هاه؟!”

 

 

 

 توقفتُ عن التنظيف وحدقت بها مذهولة. ماذا تقصد بذلك؟

 

 

 

 نهضت وهي تتأوه قليلًا وتوجهت نحو الخزانة، نفس تلك التي استخدمتها سابقًا لحبس «بيري بين غريند».

 

 

 

 بعد أن بحثت قليلًا داخلها، أخرجت عصًا خشبية تصلح للمشي.

 

 

 

“هاه؟”

 

 

 

 لم أفهم ما تفعل حتى رأيتها ترتدي رداء «سيد برج السحر».

 

 

 

 كنت أظن أنه يناسب «رينييل» كثيرًا، لكن يبدو أنه في الأصل يخصها. وبالفعل، عندما ارتدته «إميلي» بدا عليها رائعًا.

 

 

 

 انتظري… أليس ذلك الرداء يعزز القوى السحرية؟

 

 

 

 “لماذا ترتدين هذا الرداء؟”

 

 

 

 “هيا يا فتاة، طالما قررتِ الهروب، فلنهرب بجدّية!”

 

 

 

 “ماذا؟ لا، أنا لم أقصد أن أهرب حقًا إلى هذا الحد…”

 

 

 

 لم أتمكن حتى من الرد قبل أن تندلع من العصا ومضة ضوء قوية جعلتني أغمض عيني. شعرت بجسدي يطفو في الهواء.

 

 

 

 وفي تلك اللحظة فقط، أدركت بحدسي شيئًا واحدًا:

 

 

 

 **رينييل سيغضب غضبًا حقيقيًا هذه المرة.**

 

 

 

 —

 

 

 

 ما إن دخل ويندريا إلى ورشة إميلي حتى أطلقت تنهيدة خافتة.

 

 

 

 “أوه لا…”

 

 

 

 لم تحتج حتى للبحث، إذ كان واضحًا أن إميلي وجيزيل ليستا هنا.

 

 

 

 نظرت إلى أدوات التنظيف الملقاة على الأرض ودخلت بهدوء إلى غرفة العمل، تمرر يدها على الأرض حيث بقي أثر خافت لدائرة سحرية.

 

 

 

 “يا للمصيبة…”

 

 

 

 تمتمت وهي تضرب لسانها بتعب، ثم أخرجت من جيبها أداة تواصل سحرية صغيرة، انتظرت لحظة حتى صدر صوت الاتصال.

 

 

 

 “آه، سيد رينييل؟”

 

 

 

 لم يأتِ صوت من الطرف الآخر، لكن ويندريا شعرت تمامًا بوجهه الغاضب كما لو كانت تراه.

 

 

 

 وضغطت على صدغها من الصداع وقالت وهي تهمّ بالخروج:

 

 

 

“هناك… مشكلة صغيرة فقط.”

 

 

 

ــــــــ

 

 

 

 

 

 “أنا… لا أصدق…”

 

 

 

 كنت أحدّق مذهولة بالمكان الذي انتقلنا إليه، فيما تحدثت إميلي بنبرة هادئة تمامًا:

 

 

 

 “لقد راجعتُ تعاويذ الانتقال مؤخرًا بعناية، واستخدمتُ طاقة الرداء أيضًا، لذا حتى هو لن يتمكن من تتبعنا بسهولة.”

 

 

 

 يبدو أنها محقة، فحتى «رينييل» لن يستطيع أن ينتقل إلى «رونِتّي» بهذه السرعة.

 

 

 

 نظرتُ إلى المدينة المألوفة بوجهٍ شاحب، لكن سرعان ما قفز إلى ذهني خاطر مرعب:

 

 

 

> “ماذا لو احترقت ورشتك؟”

 

 

 

 تخيلتُ «رينييل» الغاضب يحرق الورشة والدمى كلها، ولن يكون ذلك غريبًا منه… خصوصًا أنه سبق وفعل شيئًا مماثلًا من قبل!

 

 

 

 تبدلت ملامح «إميلي» بقلق حقيقي، وازدادت تجاعيد وجهها عمقًا.

 

 

 

 “حينها سأحوّل متجره إلى ورشة جديدة.”

 

 

 

 “ماذا؟! المتجر لا ذنب له! هو المخطئ، فليتحمل المسؤولية بنفسه!”

 

 

 

 هذا المتجر ثمرة جهدي كلها!

 

 

 

 صرختُ بسرعة وأنا أشير إليها.

 

 

 

 “لو لم تختطفيني، لما احترقت الورشة أصلًا!”

 

 

 

 “لكنها لم تحترق بعد، يا فتاة.”

 

 

 

 “على كل حال! بالنظر لكل ما حدث، فالمسؤولية ليست على رئيسي وحده، أرجو مراعاة ذلك!”

 

 

 

 ربما تكون الورشة تحترق الآن فعلًا، لكنني لم أجرؤ أن أنطق بهذه الفكرة.

 

 

 

 ومع ذلك لم أستطع إخفاء توتري، بينما كانت «إميلي» تسير بهدوء تام، تمسك العصا بيد، وتضع الأخرى خلف ظهرها.

 

 

 

 رغم أن مظهرها بالرداء الأبيض لافت للنظر، إلا أن أحدًا في الشارع لم يلتفت إلينا. بل حتى أنا بدوت وكأنني غير مرئية.

 

 

 

 “كم مرّ من الوقت منذ آخر مرة خرجت فيها من الورشة…”

 

 

 

 نظرت حولها بعينين دامعتين، وكأنها تزور المدينة لأول مرة منذ زمن طويل. كانت تبدو مختلفة تمامًا هنا بين ضجيج الحياة، بعد أن اعتدت رؤيتها بين الغبار والدمى القديمة.

 

 

 

> كم تمنيت أن أشاركها لحظتها هذه، لكن لم يكن لدي أدنى طاقة نفسية لذلك.

 

 

 

 “إميلي، أنا جادّة! لم أقل أنني سأغادر فانهيل نفسها!”

 

 

 

 همستُ وأنا ألاحقها بخطى سريعة.

 

 

 

 نظرت إليّ بطرف عينها وقالت ببرود:

 

 

 

 “وهل عندما يهرب أحد، يعلن إلى أين سيذهب؟ يا فتاة، لا تعرفين حتى كيف تهربين كما ينبغي!”

 

 

 

“أرجوكِ!”

 

 

 

“أتظنين الهروب أمرًا بسيطًا؟ أبهذا التهاون جئتِ إلى ورشتي؟ تبا!”

 

 

 

 رفعت عصاها وطرقت بها الأرض بعصبية، بملامح صارمة جعلتني أشعر وكأنني تلميذة تتعرض للتوبيخ.

 

 

 

 عند هذه النقطة، بدأت أستسلم للأمر الواقع. لم يكن بوسعي فعل شيء أصلًا.

 

 

 

 فقد تم نقلنا سحريًا إلى “رونِتّي”، والعودة إلى “فانهيل” مستحيلة دون مساعدتها.

 

 

 

“يبدو أنك تملكين خبرة في الهروب، أليس كذلك؟”

 

 

 

 “هاه، لو عدنا إلى شبابي، لما استطاع أحد أن يسبقني! يجب أن تكوني فخورة أنني أنا من اختطفك.”

 

 

 

 

 

فخورة؟ اختُطفت على يد ساحرة عجوز هاربة سابقا؟