لم يرفض رينيال طلب جيزيل قط، لذلك قرر الاثنان الذهاب في نزهة مفاجئة في منتصف الليل.

 

في البداية، فكرا في التجول في الحديقة السحرية، لولا أن جيزيل فاجأته بقولها:

 

“سمعت أن فانهيل كبرت كثيرًا هذه الأيام.”

 

“آه، هذا صحيح. لكنها ليست مملكة بعد. نحن نحاول، لكن الأمر ليس سهلاً.”

 

أغمضت جيزيل عينيها ببطء بينما رد عليها بمزاح.

 

“سمعت أن الحاجز أصبح أكبر مع اتساع نطاقها.”

 

نظرت جيزيل إلى حديقة الزهور المتمايلة وتابعت بحذر:

 

“أتساءل عما إذا كان عبء المدير قد ازداد.”

 

هل كانت تعلم؟ أنها الوحيدة التي تقلق من أن يشعر بالعبء عند استخدام السحر.

 

نظر رينيل إلى جيزيل التي كانت تقلق عليه بصدق، وشعر بمشاعر لا توصف تتلاطم بداخله.

 

إذًا، هذا ما شعر به عندما رآها تشرب السم من أجله… 

 

“هل أنتِ فضولية بشأن حاجز فانهيل؟”

 

“يقول الجميع انه رائع.”

 

لم يكن تعبير جيزيل جيدًا عندما نطقت بكلمة “رائع”. كان من الواضح أنها، على عكس الآخرين، لا تفكر فيه بهذه الطريقة.

 

“رائع، تعبير مثير للاهتمام.”

 

“قالوا إن الحاجز صُنع عندما جن جنون واين أيور، لكن من جن جنونه بالفعل هو المدير، أليس كذلك؟”

 

صمت رينيل للحظة.

 

كان غارقًا في التفكير بينما يمرر يده برفق على شعر جيزيل الجانبي، ثم سأل فجأة:

 

“هل نذهب لنراه؟”

 

نظر رينيل بهدوء إلى عيني جيزيل الزرقاوين المليئتين بالشك وقال باقتضاب:

 

“الحاجز.”

 

قبضت جيزيل على صدرها بقوة، ثم أومأت برأسها بحذر بعد تفكير.

 

كانت فانهيل مظلمة جدًا في الليل بشكل عام.

 

بطبيعة الحال، كانت مدينة لا تجد فيها مصابيح الشوارع أو أضواء النيون.

 

إذا كان هذا هو الحال داخل المدينة، فماذا عن خارجها؟ على الرغم من أن الناس الذين تدفقوا للعيش في فانهيل قد أقاموا قرية خارج الجدران، إلا أن الظلام كان هو نفسه في الليل.

 

في هذا الظلام الحالك، كان الحاجز المتوهج بخفة جميلًا حقًا.

 

“واو…”

 

على الرغم من أنني كنت أشعر بالاستياء سراً عندما رأيت الأشرار الثلاثة يصفون الحاجز بأنه “رائع”، إلا أنني الآن أوافق بشدة على هذا الوصف.

 

يبدو أن الحاجز، الذي كان شفافًا في الأصل، كان يظهر شكله أحيانًا بفضل ضوء القمر، وكان ممزوجًا بقليل من الهالة السوداء، مما أعطاه جوًا غامضًا للغاية.

 

لقد رأيت رينيل في السابق ينشر حاجزًا يحيط بقلعة بأكملها.

 

كما رأيته يقيم حواجز حول القصر بشكل متكرر.

 

ومع ذلك، مقارنة بالحاجز الذي أمامي الآن، فإن كل ما رأيته حتى الآن كان مجرد مزحة.

 

“ألا تجد صعوبة في الحفاظ على هذا الحاجز؟”

 

على الرغم من روعته وعظمته، إلا أنني ما زلت أشعر بالقلق.

 

كنت أخشى أن القوة التي فرضتها عليه قد تسببت له في مسؤولية أكبر.

 

“إنه كبير جدًا.”

 

“أبدًا.”

 

وكأن قلقي كله لا أساس له، ابتسم رينيل ومسح الجزء الخلفي من رأسي.

 

على الرغم من أن وجهه يوحي بأنه بخير حقًا، إلا أنه رجل لا يظهر صعوباته أبدًا، لذلك لم أستطع الوثوق به تمامًا.

 

الآن، لا أستطيع أن أحل محله وأشرب السم.

 

بينما كنت أحاول جاهدة التخلص من مشاعري غير المريحة، عدت لأحدق في الحاجز. ثم فجأة، لاحظت شخصًا يتجول بعيدًا في الجهة المقابلة.

 

كان الشعر الأشقر اللامع لا يمكن إخفاؤه حتى في الظلام، وكان لافتًا للنظر بشكل خاص.

 

“……ديلون ستاسي؟”

 

في اللحظة التي تمتمت فيها دون تفكير، تحول الحاجز الشفاف فجأة إلى اللون الأسود الداكن.

 

“يا إلهي!”

 

“آه، هل تفاجأتِ؟”

 

ربت رينيل على كتفي وسحبني إلى الوراء. بينما كنت أتراجع بسبب لمسته، لم أستطع رفع عيني عن الحاجز الذي أصبح أسود تمامًا.

 

بسبب الحاجز الذي أصبح كالجدار، لم أستطع رؤية الجانب الآخر. ومع ذلك، بقيت الصورة التي رأيتها قبل قليل واضحة في ذهني.

 

“هل كان ذلك ديلون ستاسي قبل قليل؟”

 

هززت كُم رينيال، فأطلق تنهيدة عميقة.

 

“جيزيل خاصتي لديها بصر حاد جدًا. أتمنى أن يصبح أقل حدة.”

 

أمال رأسه نحوي، قائلاً ألا أنظر إلى عيون هؤلاء الأوغاد الغريبة، وأن أنظر إلى وجهه الجميل بدلاً من ذلك.

 

لكني لم أكن في مزاج للمزاح الآن.

 

بالطبع! ديلون ستاسي يقف أمام فانهيل مباشرة الآن!

 

حتى لو كان هناك حاجز، فهذا الرجل كان يتصرف بطرق لا يمكن التنبؤ بها!

 

“لماذا يتسكع هذا الرجل هنا؟ ألا يفعل شيئًا مريبًا؟ هل يحاول غزو فانهيل مرة أخرى؟”

 

بينما كنت ألقي كلماتي بسرعة، ضحك رينيل ضحكة خافتة.

 

“لا أعتقد ذلك.”

 

ربت على خدي المليء بالقلق وقال:

 

“يبدو أنه يظهر أحيانًا بمفرده ليصلي لروح فيفيانا.

(وطبعا نحن كقراء نعرف أن السبب الحقيقي هو لرؤية جيزيل)

 

بالنظر إلى أننا واجهناه في الليلة التي خرجنا فيها للتنزه، يبدو أن قدرنا سيء حقًا. لقد تركته على قيد الحياة لأنني كنت بحاجة إلى شخص لتصحيح الأمور، لكن ربما كان يجب أن أقتله. لم أكن أعرف أنه سيتسكع ويزعجني هكذا.”

 

كانت الكلمات الأخيرة أقرب إلى حديثه لنفسه، لكن رؤية عينيه الحمراوين المتوهجتين ببرود، كانت كلماته صادقة ومليئة بالجدية.

 

سرعان ما تخلص رينيال من برودته واحتضنني بشكل طبيعي. ثم بدأ يتذمر، قائلاً إنه يجب علينا الاستمتاع بوقتنا الخاص بدلاً من القلق بشأن شخص كهذا.

 

بالطبع، لم أكن أرغب في القلق أيضًا. لكن أليس هذا غريبًا؟

 

“……في هذه الهاوية، يصلي لروحها؟”

 

للوهلة الأولى، كانت كلمات غريبة. اتجهت عيني بطبيعة الحال إلى الأسفل.

 

كان الحاجز يبدأ من أعماق الهاوية. كان ظلامًا لا نهاية له.

 

كان مجرد النظر إلى الأسفل يبعث على الارتعاش، لذلك مددت رأسي قدر الإمكان لألقي نظرة خاطفة على أسفل الهاوية.

 

“إنه قبر فيفيانا.”

 

“ماذا؟”

 

“جثة فيفيانا شارلوت موجودة هناك في الأسفل.”

 

لم أسمع خطأ.

 

بينما كنت أنظر إلى رينيل بعينين مذهولتين، أعدت بصري إلى أسفل الهاوية.

 

“فيفيانا…….”

 

ظننت أن رينيال لن يتركها وشأنها.

 

ربما ظننت أنها ماتت.

 

لأن بقاء رينيل على قيد الحياة وبصحة جيدة يعني أن فيفيانا قد هُزمت.

 

“من الغريب أنه ترك جثة فيفيانا وشأنها.”

 

إذا كان يصلي لراحة روحها بهذا القدر، فربما كان سيحاول انتشال الجثة من أسفل هذه الهاوية.

 

أطلق رينيل ضحكة خافتة على كلماتي.

 

“لأن ديلون ستاسي فضح تصرفات فيفيانا وفيريفين. إنه يعلم أنه من الأفضل تركها هنا بدلاً من إخراجها.”

 

“ديلون ستاسي؟”

 

“نعم. وقريبًا، سيتم إعادة تقييم إنجازات جيرديان بالكامل. بمجرد الكشف عن تصرفات فيريفين غرينف، فإن الماضي الذي يرتبط بجيرديان سيُسلط عليه الضوء حتمًا.”

 

على الرغم من أنني اعتقدت أن القصص التي نُشرت بشكل غير عادل كانت ظلمًا، إلا أنني لم أتخيل أبدًا أنها يمكن أن تنقلب بهذا الشكل المثالي.

 

كان تصرف ديلون ستاسي في الكشف عن الحقيقة دون تردد، على الرغم من أنه قد يكون عيبًا له، مفاجئًا بعض الشيء.

 

هذا لا يعني أن استيائي منه سيزول.

 

“إنها مجرد أخبار خارج الحاجز. حياتنا لن تتغير.”

 

عاد رينيل بسرعة إلى وجهه البارد واحتضنني، ثم قبل رقبتي.

 

أصبحت لمساته مألوفة تدريجياً، فتركت نفسي بين ذراعيه ورفعت رأسي في ذهول.

 

الحاجز الضخم، التقييمات المتغيرة، الأشرار الموتى…

 

“لم أكن أعلم أن العالم يمكن أن ينقلب رأسًا على عقب بهذه السرعة.”

 

ضحك رينيل قليلاً على كلامي. سمعت همسه الخافت في أذني.

 

“هذا كله عالم أنتِ منحتيه لي.”

 

كنت أفترض ضمنًا أن هذا العالم لن يخرج عن مسار “التفاحة السامة”. وأن الجهود التي أبذلها لن تغير الحبكة الرئيسية كثيرًا.

 

ولكن الآن، وقد تغيرت النهاية، وتغيرت القصص اللاحقة للشخصيات بالكامل، شعرت بشعور غريب حقًا.

 

يمكن أن يتغير. إذا بذلت جهدًا، إذا تغيرنا.

 

حتى الشرير يمكن أن يكون سعيدًا هكذا. وأنا أيضًا.

 

“أشعر بشعور غريب.”

 

التففت وأنا محتضنة من الخلف لأواجه رينيل. كان رينيال، الذي أصبح الآن بشعره الفضي اللامع، ينظر إليّ بنظرة حلوة.

 

أصبح وعاء قوة رينيل السحرية، الذي استوعب قوة سحري غير المتميزة، كاملاً الآن. عند رؤية ذلك، لم أشعر بالأسف على قوى السحر غير المتميزة التي غادرتني.

 

أنا ممتنة فقط للقوى السحرية التي أحاطت رينيل حتى النهاية، كما تمنيت.

 

“أشعر أنني انفصلت حقًا عن هذه القوى السحرية الآن.”

 

مددت يدي لأمسح شعره الفضي المتمايل، فمرت خصلات شعره بسلاسة بين أصابعي.

 

“أشعر وكأنني ولدت من جديد.”

 

“حقًا؟”

 

بدا رينيل مستمتعًا بكلماتي، فرفع حاجبيه وتألقت عيناه. ثم فجأة، تركني وتراجع خطوة إلى الوراء.

 

على وجهه المبتسم ابتسامة عريضة، ظهرت قليل من المرح والبهجة.

 

“مرحبًا، سررت بلقائك.”

 

مد يده وكأنه يصافح شخصًا يلتقيه للمرة الأولى.

 

“أنا رينيل. ما اسمكِ؟”

 

تأملت يده بصمت، ثم تشابكت أيدينا ببطء.

 

يده، التي كنت أظنها باردة دائمًا، كانت دافئة بشكل خاص اليوم. كانت قبضة يده قوية جدًا، وكأنها لن تتركني أبدًا، مما جعل قلبي ينقبض.

 

حركت شفتي وفتحت فمي بحذر.

 

“يوشيل.”.              

 

وكأنني أقدم نفسي لشخص ألتقيه للمرة الأولى إخترت الآن إسمي الحقيقي الذي ولدت فيه في كوريا.

 

” يوشيل.”

 

شعرت بشعور غريب.

 

“يوشيل.”

 

بعد أن كرر رينيل اسمي مرتين في فمه، ابتسم بابتسامة أوسع.

 

لم تكن تلك الابتسامة المرحة التي رأيتها قبل قليل، بل كانت ابتسامة سعيدة جدًا حقًا.

 

“سررت بلقائك، يوشيل. هل تتزوجينني؟”

 

خطبة في أول لقاء، ما هذا؟

 

انفجرت في الضحك دون أن أدري. كنت أضحك وأنا أحني رأسي في وضعية المصافحة، بينما كان رينيل يبتسم بوقاحة وينتظر ردي.

 

بعد أن ضحكت حتى سالت دموعي، تمكنت بصعوبة من استعادة أنفاسي.

 

رفعت رأسي فرأيت الرجل ذو الشعر الفضي يقف يستقبل ضوء القمر الساطع. كان الجدار الضخم الذي خلقه يقف شامخًا، وكأنه سيحميني في المستقبل أيضًا، وكانت قوته السحرية السوداء تحوم حوله، تخلق جوًا ظالمًا.

 

كان كل شيء مثاليًا. تركت يده ومددت ذراعي لأحتضن عنقه بقوة.

 

“نعم، رينيل.”

 

آه، لقد كانت ليلة رائعة حقًا للتقدم للزواج.

 

.