“ضجيج لا داعي له!”

ويندريا، لقد كلفتِ بحماية جيزيل المجنونة، لذا لا بد أنكِ بخير! لكن نحن… نحن…!”

سوليان، الذي كان يجادل وعيناه غارقتان بالدموع، مسح دموعه بكمه مجددًا وكأنه غارق في الحزن.

“هل تعرفون كم هو صعب ضبط جميع البشر في بانهيل حتى لا تصل الشائعات عديمة الفائدة إلى جيزيل المجنونة؟ 

لقد أمرني اللورد رينيال بمنع كل شيء لأنني من بدأ الأمر! بانهيل لم تعد مدينة صغيرة كما كانت من قبل!”

عند ذكر “الشائعات”، ارتفعت مشاعر القلق بشكل انعكاسي.

“شائعات عديمة الفائدة؟”

“الشائعات التي تقول إن ساحرة عظيمة وسيدة سيف وشخصية شريرة تخفي قواها وتعيش منعزلة في متجر للبضائع المتنوعة!”

“هل هذه الشائعات الغريبة لا تزال تنتشر؟”

كنت على وشك أن أجادل باستنكار، لكن جيلبرتون فتح فمه قبلي.

“كان هناك مئات الأشخاص يتجمعون حول المتجر كل يوم للحصول على توقيع. كان الأمر فظيعًا حقًا.”

كان صوت جيلبرتون غامضًا للغاية. أومأ سوليان برأسه بقوة موافقا له.

“لقد حافظنا على سرية الأمر خشية أن تهربي إذا عرفت أن بانهيل مدينة جريمة.”

أضافت إيزابيل، التي تعرضت للكثير من المتاعب من رينيال في القصر، شرحًا عرضيًا.

“لقد أحدث ذلك الساحر ضجة كبيرة حول ضرورة أن يكونو حذرين لأنكِ خائفة وضعيفة القلب.”

مسح سوليان عينيه الحمراوين بكمه، ثم لمعت عيناه الرطبتان ببريق وهو يصرخ:

“لكن كل شيء انتهى الآن! هيا يا جيزيل المجنونة! لقد استعدتِ ذكرياتك، لذا يمكنكِ الآن إقامة حفل توقيع بكل فخر! سأصبح الآن صديق أشهر شخصية في بانهيل!”

“نعم، ويمكنني أيضًا التحرر من خطة السنوات الخمس لجعل شوارع بانهيل آمنة.”

“ما هذا الهراء؟”

بصعوبة بالغة ابتلعت الكلمات التي كدت أرميها بلا مبالاة، ثم تجاهلت سوليان وجيلبرتون بهدوء.

“يبدو أن هؤلاء البشر بحاجة إلى المزيد من المعاناة ليُفيقوا.”

بينما كنت أتجاهل سوليان وجيلبرتون بإصرار، وهما يصرخان بكلام غريب ويهللان وكأنهما تحررا، نظرت حولي داخل المختبر.

في خضم الضجيج، لم يكن أحد مرئيًا.

“بالمناسبة، السيد تين ليس هنا، أليس كذلك؟”

“آه، لقد ذهب ليشتري الحلوى لأن جيزيل ستزوره.

سيأتي قريبًا.”

الآن وقد تذكرت، لم أرَ تين خلال فترة فقدان الذاكرة. بما أنني أمتلك ذكرياتي كاملة الآن، أدركت بسرعة أن عدد الأشخاص الذين تواصلت معهم في ذلك الوقت كان قليلًا جدًا.

حتى الزبائن كانوا قليلين بشكل غريب، وفي النهاية كادوا ينعدمون.

ربما كان رينيال هو من قام بضبط الأمر عن عمد.

خشية أن تحدث مشكلة في استعادة ذكرياتي.

بالإضافة إلى ذلك، وفقًا لجيلبرتون، ساحرة عظيمة وسيدة سيف وشخصية شريرة… لا، انتظر لحظة.

“لكن لماذا أنا الشخصية الشريرة؟”

الساحرة العظيمة وسيدة السيف مفهومة، ولكن متى أصبحت “شخصية شريرة”؟

بينما كنت أتساءل بعينين واسعتين، نظرت إلى جيلبرتون. لكن سوليان هو الذي أجاب:

“لأن جيزيل، بقوتها الخفية، جعلت اللورد رينيال أقوى! اتضح أن جيزيل كانت تتحكم بالجميع! هي الشريرة الحقيقية!”

الأكثر رعبًا هو أن جزءًا من هذا صحيح. لقد أدركت بمجرد استعادة ذكرياتي أن رينيال أصبح أقوى بكثير بفضل قوتي السحرية غير المنسوبة.

لكن ما عدا ذلك، كان كله كذبًا! التحكم؟ أنا مجرد مواطنة عادية مسكينة من بانهيل طُردت من منزلي بلا إخطار مسبق بالأمس!

بالإضافة إلى ذلك، كانت هناك شخصية شريرة أخرى معروفة للعلن.

“………… السيد وين هو المسؤول عن الشخصية الشريرة.”

“وين قد تقاعد الآن! أريد أن أصبح صديق شخصية مشهورة أنا أيضًا!”

قال سوليان متذمرًا. لقد ساهم كثيرًا في تضخيم سمعتي منذ فترة طويلة، ويبدو أنه لا يمكنه التخلي عن فكرة كونه صديقًا لشخصية مشهورة.

“لهذا السبب تشاجرت مع وين بشدة. لقد أفسد صورته الجادة في لحظة.”

أضافت ويندريا شرحًا عرضيًا. حسب ما فهمته، لقد كشفت عن موقع مزرعة الدواجن الذهبية اللطيفة التي زينها وين، مما ألحق ضررًا كبيرًا بصورته.

كيف يمكن ربط صفة “لطيفة” بـ “مزرعة دواجن ذهبية”؟ قررت ألا أسأل عن ذلك. على الأرجح لن أفهم الإجابة على أي حال.

صرخ سوليان لويندريا بصوت عالٍ هراءً قائلًا: “لا يوجد شرير أبدي، لذا يجب على وين العجوز أن يتقاعد ويفتح عهد جيزيل المجنونة!”

“هل ستنتهي هذه الفوضى إذا وضعت قطعة قماش في فمه طوال اليوم؟”

بينما كنت أفكر بجدية في طريقة عنيفة للتعامل مع الموقف، فُتح باب المختبر على مصراعيه ودخل تين.

“يا سيدة جيزيل!”

فتح ذراعيه على مصراعيه، وكان يبتسم ابتسامة ترحيب واسعة على وجهه.

وخلفه……………

“قلت إنكِ أتيتِ لشراء الحلوى، لذا أراد الجميع أن يحيّوكِ!”

“هذا الأحمق…………”

تمتمت ويندريا بوجه متضايق. في هذه اللحظة، رغبت أنا أيضًا في موافقتها الرأي.

أدركت الآن لماذا لم أستطع مقابلة تين خلال فترة فقدان الذاكرة. اتضح أن تين كان شخصًا شديد البراءة ويشعر بسعادة غامرة بشعبيتي.

كان تين يحجب المدخل إلى المختبر بحجمه، لكنني رأيت عيون سكان بانهيل تتسلل من الشقوق وتنظر إلينا.

لحسن الحظ، كنت في الداخل ومُختبئة خلف جيلبرتون وسوليان وغيرهما، لكن لو أطللت برأسي قليلًا، لوجدوني.

عندما بدأت أرتد إلى الوراء بشكل انعكاسي، أشارت ويندريا إلى مكان ما بوجه هادئ.

“جيزيل. هناك باب خلفي في تلك الجهة.”

كان تين يقف أمام الباب ببراءة، ولم يكن يدرك بعد ما الخطأ. وبدون أي تفسير، وبخت ويندريا تين وأخبرته أن يستمر في سد الباب بجسمه.

في هذه الأثناء، استدرت باتجاه ويندريا الذي أشارت إليه وصرخت بسرعة:

“سيدة ويندريا، سأسألك عن أحوالك لاحقًا. هيا، سيد جيلبرتون! استيقظ بسرعة!”

“همم؟”

“عليك أن تقود العربة! يجب أن نذهب لتحية إيميلي الآن!”

لقد أحضرني رينيال بالسحر عندما أتيت، لكنه غادر مؤقتًا بعد أن استدعاه بايدرو.

بالطبع، حتى بدون رينيال، لم أكن وحدي. كانت إيزابيل في حضني، ولين وبان اللذان أرسلهما رينيال كانا بجانبي، ولكن بغض النظر عنهم، كنت بحاجة إلى شخص يحميني.

في الوقت الحالي، أنا مجرد شخص عادي بلا قوة سحرية غير منسوبة! لذلك، لم يكن أمامي خيار سوى أن أتمسك بـ جيلبرتون، الذي كان يتولى حراستي في بعض الأحيان.

“لماذا أنا………”

“إذن أنت تقول أن أتجول وحدي في هذه الشوارع الخطرة حيث لم تنتهِ خطة السنوات الخمس لجعل شوارع بانهيل آمنة بعد؟”

نظر جيلبرتون إليّ دون أن ينبس ببنت شفة، ثم التفت إلى ويندريا طلبًا للمساعدة.

نظرت ويندريا إلى جيلبرتون بنظرة غير مبالية. من الواضح أنها لم تكن تنوي مساعدته بأي شكل من الأشكال.

في النهاية، خفض جيلبرتون كتفيه وتقدم بهدوء.

“حسنًا، إذن………… لماذا، يا سوليان؟”

عندما كنت على وشك أن أتبع جيلبرتون، توقفت فجأة عندما رأيت سوليان ينظر إليّ بذهول.

كان سوليان فارغ الفم وواسع العينين، وبدا وكأنه مصدوم. بعد أن رمش بصمت، عبس سوليان.

“لقد فكرت فيما إذا كان تحول جيزيل إلى جيزيل المجنونة أمرًا جيدًا حقًا.”

“ألم تكن تبكي قبل قليل من الفرح؟”

“اعتقدت أنه جيد……”

“ماذا؟ هل هذا يعني أنه ليس جيدًا؟” بينما كنت أضيق عيني وأنا على وشك الجدال، دفعت ويندريا ظهري بسرعة لتشير لي بالذهاب.

مع شرح أن سكان بانهيل، الذين كانوا محتجزين من قبل تين، يبدو أنهم قد أدركوا وجودي.

“على أي حال، سأذهب لرؤية إيميلي إذن. تفضلوا بزيارة المتجر  من وقت لآخر!”

لم يكن عليّ القلق من أن رينيال سيبحث عني. على أي حال، لين وبان، اللذان كانا يدوران حولي في هذه اللحظة، سيكوّنان تقريرًا من تلقاء أنفسهما.

********

“ورشة إيميلي؟”

أمال رينيال رأسه بانحراف عندما سمع تقارير خدامه، ثم أومأ برأسه.

نظرًا لأن جيزيل الذكية قد غادرت مع جيلبرتون من تلقاء نفسها، فلا داعي لأن يتبعها على عجل. علاوة على ذلك، كان لين وبان يبلغان عن كل شيء يتعلق بوضع جيزيل، بما في ذلك كل محادثة تجريها مع الناس.

حتى أنه وضع سحرًا خاصًا لتمكينها من الانتقال على الفور عبر خدمه في حال حدوث أي شيء، وأحاط جيزيل بجميع أنواع تعويذات الدفاع.

ربما جيزيل، التي فقدت كل قوتها السحرية، لم تستطع أن تشعر بالقوة السحرية التي تحيط بها على الإطلاق.

“حتى لو صدمتها عربة، فإن العربة هي التي ستتكسر، لكن جيزيل ستكون بخير…”

عبس رينيال عندما فكر في ذلك. لقد تذكر حادثة عندما كادت جيزيل، التي فقدت ذاكرتها، أن تصدمها عربة بينما كانت تتجول في الأزقة الخلفية بلا خوف.

“الأفضل أن أبقى بجانبها.”

بينما كان يفكر بجدية في العودة، سمع صوتًا يناديه من جانبه:

“سيد رينيال.”

كان بايدرو. عندما رأى رينيال وجهه القلق، استجمع قواه.

على الرغم من أنه كان يرغب في العودة إلى جيزيل على الفور، إلا أنه كان هناك سبب لقدومه إلى هنا مع بايدرو تاركًا جيزيل. كان الأمر على قدر كبير من الأهمية.

إنه أمر مزعج أن يكون بعيدًا عن جيزيل لساعة واحدة فقط، لكن هذا التذمر لا يمكن أن يحدث إلا إذا كانت آمنة تمامًا.

لقد تعلم رينيال من عدة تجارب أن سلامة جيزيل هي أهم شيء لديه.

لذلك، كان عليه بالطبع أن يكبح زيارته الفورية ويُعالج الأمر الذي أمامه. ابتسم رينيال ببطء وتمتم:

“تبدو بحالة جيدة جدًا.”

كانت تحته هاوية لا قاع لها.

حدق رينيال في الظلام أدناه. شعر بالقوة السحرية تتسرب ببطء من أعماق الهاوية. كانت تلك هي القوة السحرية التي كانت تُستخدم للحفاظ على الحاجز المنتشر في هذه الهاوية.

“في الصباح، انهار الحاجز لفترة وجيزة بسبب هجوم سحري من الجانب الآخر.”

“آه، هذا يمكن أن يحدث.”

كانت الهاوية وادياً صنعه بنفسه. كانت خطاً يفصل بانهيل عن المناطق الأخرى. على الرغم من أن المقياس كان أكبر قليلاً من مجرد رسم الأطفال بالخطوط على الأرض، فقد قام بانهيار الأرض بأكملها.

بالإضافة إلى ذلك، نشر رينيال حاجزاً. كان حاجزاً لصد الهجمات التي تنهال من الجانب الآخر. وكانت القوة السحرية التي تحافظ على هذا الحاجز تستمد من الأسفل، من فيفيانا.