بدأت ذكريات “جيزيل رويزبين” التي عاشت هنا، تتراءى لي شيئًا فشيئًا. والدليل على ذلك هو شعوري بالألفة كلما قمت بفعل معين.
لقد قمت بترتيب تلك الذكريات الواحدة تلو الأخرى.
وكلما مر يوم، أصبحت الذكريات أوضح، والمثير للدهشة أنها كانت تتطابق أحيانًا مع تاريخ علاقات السيد الرومانسية.
‘تتطابق مع تاريخ علاقاته الرومانسية.’
هل يعني ذلك أن السيد و”جيزيل رويزبين” كانا على علاقة؟
ولكن إذا كان الأمر كذلك… فقد قال لي السيد بوضوح: ‘هناك شخص أنتظره.’
إذا كان لـ”جيزيل رويزبين” علاقة خاصة به، كان يجب أن يبدي رد فعل ما بمجرد عودتي إلى المتجر بعد أن استعدت وعيي.
‘ولكن إذا لم تكن هناك علاقة، فما هذه الذكريات إذًا؟’
كانت الذكريات كقطع أحجية غير مكتملة. شعرت أن هناك تلميحًا حاسمًا لاستعادة الذكريات في مكان ما، لكنني لم أكن أعرف ما هو.
لم أستطع إخبار السيد بتلك التفاصيل التافهة.
كان هناك سبب واحد فقط لعدم قدرتي على الكلام.
كانت هناك أجزاء في ذاكرتي لا تتطابق مع الواقع، لذلك كان من الصعب عليّ التأكد مما إذا كانت هذه الأشياء قد حدثت بالفعل.
‘ربما يكون هذا أحد الآثار الجانبية للتناسخ.’
جلست على طاولة المحاسبة وسندت ذقني كالعادة، كنت أحدق في الفراغ عندما سمعت سؤالًا من جانبي:
“ماذا تشاهدين؟”
كان السيد الذي حضر إلى العمل اليوم بجد، ولا يفعل شيئًا.
نظرت إليه للحظة، ثم أدرت رأسي إلى مكانه الأصلي بهدوء.
“إيزابيل.”
“إيزابيل؟”
ارتفع صوت السيد في نهاية كلامه، وكأنه مندهش.
بينما كنت أفكر كيف أشرح له، نهضت واتجهت إلى الرف. وأشرت إلى “إيزابيل” وقلت:
“هذه هي إيزابيل. نتبادل التحية كل يوم.
إيزابيل، هذا هو صاحب هذا المتجر.”
تغير تعبير السيد بشكل غريب عندما تحدثت وكأنني أقدم صديقًا.
رفع السيد زاوية فمه وهو ينظر إلى “إيزابيل” ورأسه مائل.
“أعرف إيزابيل واحدة أيضًا.”
ضحك السيد بخفة وكأنه يجد الأمر ممتعًا، ثم أضاف:
“سأحضرها المرة القادمة بالتأكيد.”
عند سماع هذه الكلمات، أصبحت مشاعري أكثر تعقيدًا. شعرت أنني أغرق في الغموض أكثر فأكثر.
لا أفهم الأمر على الإطلاق. هل جننت؟
‘همم، ربما جننت حقًا.’
لأن إحدى الذكريات التي خطرت ببالي مؤخرًا هي مشهد كان يُطلق فيه عليّ اسم “جيزيل المجنونة”.
ربما كنت مجنونة منذ البداية.
لكنني لم أرغب في الوقوف ساكنة غارقة في أفكاري وحدي. تظاهرت بالبراءة ورفعت صوتي:
“هل اسمها إيزابيل أيضًا؟”
“نعم.”
“غريب. هل أطلق عليها السيد هذا الاسم؟”
سألته بنبرة خفيفة، فأغلق السيد فمه بهدوء.
هل أنا أبالغ في رد فعلي إذا ظننت أن نظراته التي تحدق بي بصمت تحمل مشاعر مختلفة؟
بصراحة، لقد عثرت منذ فترة طويلة على “إيزابيل” التي ذكرها السيد للتو في مكان ما في ذاكرتي.
كلما اكتشفت نقطة تقاطع بين الذاكرة والواقع، ازداد شعوري بالغرابة. لم يمض وقت طويل منذ أن أصبحت “جيزيل رويزبين”.
لا… هل يمكن القول إنني لم أصبح “جيزيل رويزبين” إلا منذ وقت قريب؟
تذكرت الحلم الذي رأيته الليلة الماضية. على الرغم من أنه كان في شكل حلم، إلا أنني اعتقدت أنه ذكرى مستعادة.
في الحلم، كنت في برج “سوليتيا”. كنت “أنا”، وليس “جيزيل رويزبين”. وفقًا للحلم، تجسدت هناك لأول مرة في جسد “جيزيل رويزبين”.
كما أنني قابلت شخصًا.
إذن، الذي هرب من سجن برج “سوليتيا” كان “أنا”، وليس “جيزيل رويزبين”.
“سيد، رأيت شيئًا في الزقاق الخلفي من قبل.”
عندما عدت إلى طاولة المحاسبة، بدأت أتحدث ببرود:
“يقولون إن صبغ الشعر الأسود يجعلك أقوى.”
أبدى السيد تعبيرًا محتارًا على كلامي المفاجئ، ثم أطلق تنهيدة خافتة.
“آه. هناك.”
ضحك السيد بخفة وكأنه فهم ما كنت أقوله.
“ألا تزال تلك اللافتة معلقة هناك؟ طلبت منهم إزالتها.”
قال إن سكان “بانهيل” حساسون للخرافات، ثم تنهد بخفة، ساخرًا من حماقتهم.
مع أنه هو نفسه صاحب متجر للسلع الملعونة.
“سيد، شعرك فضي. لو…”
“أنا قوي.”
قال السيد ذلك بحزم دون أن يستمع إلى بقية كلامي. علاوة على ذلك، حدق بي بوجه جاد وخطير.
“لون الشعر لا يزيد القوة. أنت لم تصدقِ ذلك، أليس كذلك؟”
“بالطبع لا، لكن…”
عبس السيد عندما تركت نهاية كلامي غامضة. حرك يديه في الهواء وهو جالس، وكأنه يتباهى بسحره.
بمجرد ذلك، تحركت طاقة سحرية سوداء متلألئة في كل مكان، ترسم صورًا في الهواء، وتخلق أوهامًا، وتجعل المتجر يرقص بجمال.
بعد أن تباهى السيد بقدراته السحرية لفترة طويلة، رفع ذقنه وابتسم بوقاحة.
“ليس بإمكان أي شخص أن يهدر كل هذه الطاقة السحرية بهذه الطريقة.”
لقد كان يشرح لي ما فعله للتو، خوفًا من ألا أفهم.
ضحكت ضحكة باهتة على شكله الذي لا يختلف عن طفل. لم أكن أشك في قدراته.
يمكنني بسهولة تخمين أن قدرات السيد السحرية مذهلة حتى بدون أن يظهرها بهذه الطريقة.
يمكن ملاحظة ذلك من خلال تصرفات العصابة الشريرة المكونة من ثلاثة أشخاص الذين يزورون المتجر أحيانًا. بينما كانوا يتصرفون بحرية أمامي، يتحولون إلى دمى خشبية متحركة بشكل متقطع بمجرد مواجهة السيد.
حتى أنهم لا يأتون كثيرًا هذه الأيام. مهما نظرت إلى الأمر، فإن توقفهم المفاجئ عن المجيء كان بسبب السيد الذي يجلس في المتجر طوال الوقت.
إذا كان لدى العصابة الشريرة سبب للشعور بالتوتر والخوف بهذه الطريقة، فمن المؤكد أن ذلك بسبب أن السيد أقوى منهم، أليس كذلك؟
أو ربما يكون السيد من طبقة يصعب التعامل معها بحرية.
“لقد كنت أتساءل فقط وقلت ذلك.”
قال السيد ورفع حاجبيه عندما تحدثت بنبرة ضاحكة.
“هل أنت مهتمة بشعري الأسود؟”
“أعتقد أن الشعر الأسود سيبدو جيدًا عليك أيضًا.”
على الرغم من أن السيد كان مستغربًا من كلامي المفاجئ، إلا أنه استخدم السحر بسهولة.
بدأ الشعر الفضي الذي كان يتلألأ بشكل جميل في يده وكأنه يذوب، يتلون بالأسود من الجذور.
وصل اللون الأسود الداكن إلى أطراف الشعر، وأصبح السيد ذا شعر أسود.
اقترب السيد من طاولة المحاسبة وأمسك بمرآة يدوية، وكأنه يتأكد من أن اللون قد تغلغل بشكل صحيح.
أدار السيد رأسه يمينًا ويسارًا، وتأكد من أن الجزء الخلفي من شعره قد تلون بالأسود أيضًا، ثم وضع المرآة وابتسم لي.
“كيف أبدو؟”
نظرت إلى السيد الذي كان يقف بجانب طاولة المحاسبة وينظر إليّ.
الشعر الأسود، البشرة الشاحبة، والعيون الحمراء.
عندما رأيت هذا المنظر الحي أمامي، وجدت أخيرًا أن قطع الأحجية في رأسي، والتي كانت تسبب لي الضيق، قد وجدت مكانها الصحيح.
لقد كانت مُجزَّأة جدًا، واستغرق الأمر وقتًا طويلاً جدًا لتجميعها كلها.
عندما لم أستطع فتح فمي، بدأ تعبير السيد يمتزج بالشك تدريجيًا.
لقد أخفيت تعابير وجهي، لكن دقات قلبي السريعة ربما انكشفت. أردت إخفاء صوت قلبي، فبدأت أتحدث بشكل عشوائي:
“الشخص الذي تحبه…”
تيبست زاوية فم السيد المبتسم قليلاً. لكنني تجاهلت رد فعله واستمررت في سؤالي:
“أي نوع من الأشخاص هو؟”
عبس السيد قليلاً. بدا وكأنه في حيرة، أو ربما مندهش.
لكنه لم يتجنب الإجابة.
“هو الشخص الذي أنقذني دائمًا.”
بعد أن بدأ السيد يتحدث بصعوبة، أضاف بلهجة أكثر تأكيدًا:
“وقد أنقذني في النهاية أيضًا.”
بعد أن أجاب السيد، صمت بهدوء وكأنه ينتظر رد فعلي.
ماذا أفعل؟ أشعر وكأنني سأبكي مرة أخرى. لكنني كنت قد اكتسبت بالفعل سمعة سيئة بأنني كثيرة البكاء. لم أعد أرغب في تعزيز تلك السمعة!
أخذت نفسًا عميقًا بصمت وقمعت مشاعري المضطربة بصعوبة، ثم فتحت شفتي ببطء.
“ألم تشعر بالضيق؟”
“إطلاقًا.”
“لكن…”
كيف لا تشعر بالضيق؟ لو كنت مكانه، لما انتظرت فحسب، بل كنت سأغضب بشدة وأعتبر الأمر وقحًا.
ربما كنت سأمثل كل أنواع الدراما وحدي.
بينما كنت أفكر هكذا، أجاب السيد بلامبالاة:
“لأنك أنتِ، حتى لو كنتِ بلا ذاكرة.”
عند سماع تلك الإجابة، لم أعد أستطع التحكم في تعابير وجهي.
على الرغم من أنه رأى ابتسامتي تختفي على الفور، إلا أن السيد ظل هادئًا.
“إذا بقيتِ بجانبي، ستحبينني مرة أخرى.”
رمشت ببطء. نظر السيد إليّ بهدوء، ثم مد يده ومررها على جانبي شعري بخفة.
لقد كان هادئًا ومطمئنًا، كما كان دائمًا.
“إذا حاولت جاهدًا إغراءك، فليس هناك من سبب لعدم استسلامي.”
حتى تلك الوقاحة واللعب الذي لا يبالي بالعواقب.
أشعر بالذهول والشفقة، وغضب قليل وحزن، لكنني لا أستطيع إيجاد أساس لهذه المشاعر المضطربة على الإطلاق.
فتحت شفتي ثم خفضت نظري بلا جدوى.
“إذن، كل الهدايا التي أعطيتها لي كانت مليئة بالنوايا السيئة؟”
“هل علمتِ بذلك الآن؟”
كانت يد السيد لا تزال تحوم حول أذني. كان دفئه يلامسني الآن بحذر.
لقد كان دفئًا لم يجرؤ على لمسي به من قبل، وظل يدور حولي. إنه…
“نعم، علمت الآن.”
لا بد أن “رينيال” كان يحلم بهذا اليوم، يوم يلامسني فيه، بينما كان يراقبني وقد فقدت ذاكرتي، وينتظر حبًا لا أمل فيه.
تدفقت الدموع المتجمعة فجأة، وسقطت بغزارة.
“لقد علمت الآن…”
مررت اليد التي كانت تداعب أذني بخفة على زوايا عيني. كانت لمسته الباردة مألوفة جدًا لي.
آه، كيف نسيت هذا؟ كيف فعلت ذلك؟
“إذا علمتِ، فهذا يكفي.”
احتضتني ذراعان كبيران وقويان. كانت لمسة يده التي تربت على ظهري لتهدئني لطيفة وهادئة لدرجة أنني لم أستطع التوقف عن البكاء.
“لأنكِ علمتِ، فهذا يكفي.”
بينما كنت أبكي وأنا أختنق بالدموع، مددت ذراعي واحتضنت عنقه. وكأنها كانت تنتظر، سقطت قبلات لا حصر لها على خدي وشفتي.
تدفقت المشاعر التي كانت مكبوتة لفترة طويلة بغزارة فوق رأسي، وغمرت جسدي بالكامل.
“رينيال.”
رسمت الشفاه التي تلامست مع الهمس الباكي قوسًا.
ازدادت قوة الذراعين اللتين تحتضناني. ارتفع جسدي فجأة وفقد توازنه و
تمايل، لكنني لم أقلق من السقوط.
علمت أن “رينيال” لن يدعني أسقط أبدًا. لن يتركني.
إلى الأبد، وإلى الأبد.
“التفاحة السامة” قد انتهت.
لقد كانت نهاية سعيدة للغاية.
<سأصبح خبير فحص السموم للظل الأسود> – انتهت
———————————————————
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 191"