“…إذا وافقت على توقيع العقد فقط، فسأقدّم لك كل ما جلبته بنصف السعر.”
“أسرة أوغست تمتلك من الثروة ما يكفي لذلك.”
“أحقًا؟ ليس إلى معسكر الفرقة الأولى فقط، بل إلى معسكر الفرقة الثانية أيضًا، وصلت عربات بالحجم نفسه. لقد أنفقنا مبالغ فلكية في التحضير.”
“غراهام… إذن.”
“كما قلت، أرقام فلكية.”
نظرتُ إليه مبتسمة بثقة.
أجل، المال مخيف، أليس كذلك؟.
أطبق الدوق فمه، وحدّق فيّ مليًّا. كان حضوره مهيبًا، كجبل شامخ يضغط على الأنفاس.
‘لا تتراجعي. إن خسرتِ هنا، انتهى كل شيء.’
استجمعت كل ما بقي لدي من شجاعة، ورفعت بصري لأواجه عينيه مباشرة. عينان بلون أزرق مخضرّ، تتلألآن بغموض.
هيا، افترسني إن شئت، أنا مرعوبة أصلًا.
تحرّكت شفتاه الجميلتان قليلًا، ثم قال بصوت منخفض:
“ما الذي تريدينه مني حقًا؟.”
آه، أخيرًا! كم انتظرتُ هذه الجملة!.
في الرواية، كان هناك مشهد قال فيه ولي العهد آرثر دي فابيان لروزيتا في ليلة زفافهما:
“روزيتا، لو لم أذهب إلى فينس في تلك الليلة، قبل أسبوع من مأدبة النصر، لما التقينا، أليس كذلك؟.”
نحن الآن في أبريل، ومأدبة النصر أُقيمت في مهرجان مايو. أي أن روزيتا ستظهر بعد شهر وثلاثة أيام.
معلومة استخرجتها من أعماق ذاكرتي، وكأن حياتي معلّقة بها.
كم تمنّيت أن أقول له: بعد شهر وثلاثة أيام، ستظهر القديسة في ساحة برج الساعة في فينس، اذهب وأنقذها، ولتقع في حبها، تزوجها، واتركني وشأني مع والديّ والمدينة!.
لكن الأمور لا تسير بهذه البساطة. كنت سأبدو مجنونة لا محالة.
ثم إن كشف ذلك الآن قد يفسد خطتي لتغيير مجرى القصة. الحذر، ثم الحذر.
“جئتُ أطلب منك طلبًا بسيطًا للغاية، وقد خاطرتُ بحياتي من أجله.”
مال رأس دوق زافيار قليلًا.
“طلب بسيط؟.”
“بعد شهر وثلاثة أيام بالضبط، سأزور قصر الدوق صباحًا. حينها، أرجو أن تلبي لي أمرًا واحدًا فقط.”
ارتسمت على شفتيه ابتسامة ساخرة.
“أتمزحين معي؟ ألا ترين أننا في حرب؟.”
“لستُ أمزح.”
عاد التوتر يخنق الهواء. انبعثت من ملامحه برودة مخيفة.
شدَدتُ على أسناني المرتجفة، وقلت بوضوح:
“إن كانت الحرب لا تزال قائمة بعد شهر، فاعتبر طلبي لاغيًا. هل يرضيك ذلك؟.”
رمقني بنظرة غريبة، وقد عقد حاجبيه بشدة. ربما ظنني مجنونة، لكن هذا أفضل ما لدي.
“انظر إلى جنودك الذين يئنّون هناك. أليسوا رجالك؟ طلبي تافه، أمر يمكنك فعله وأنت مغمض العينين. أسهل من تقليم الأظافر أو مسح الدموع. مجرد توقيع على العقد، وسيُحل كل شيء.”
“…”
“لا تتجاهل هذا الوضع بدافع الكبرياء.”
كان ذلك استفزازي الأخير.
أرجوك، مرّرها فقط.
ظلّ يحدّق بي بلا حراك.
خُيّل إليّ أن صوت دقات قلبي وحده يملأ الخيمة.
رفع يده الطويلة وضغط بخفة على ما بين حاجبيه.
“تقولين أمورًا خطيرة جدًا دون أن يرفّ لكِ جفن.”
“حين أقول الحقيقة، لا حاجة للخوف.”
صمت لحظة، ثم قال:
“حسنًا. سأقبل الإمدادات والأشخاص، متخليًا عن كبريائي.”
يا له من رجل لا ينسى الإساءة.
“أعترف بجرأتكِ، أن تأتي إلى أوغست فجأة وتفرضي هذا العرض.”
“وطلبي…؟.”
“وسأقبل طلبك البسيط أيضًا.”
خرج مني صوت غريب يشبه صرخة دلفين.
“آه! أحسنت الاختيار، سيدي العميل! لديّ هنا عقد بسيط—”
رفع حاجبه:
“…العميل؟.:
آه، عادة قديمة من عملي السابق.
“أقصد، سموّ الدوق! ستوقّع العقد، أليس كذلك؟.”
راجع العقد سريعًا.
“لا أرى فيه بنودًا سامة كإجبار على الزواج.”
بدت شفتاه أقل تصلبًا قليلًا.
‘ظلم، كأنني سألتهمه!.’
أمسك بالقلم، ثم سأل:
“ما الذي تنظرين إليه؟.”
“لا شيء! تفضل وأكمل التوقيع.”
ابتسمت ابتسامة تجارية مثالية، وأشرت إلى الورق بكلتا يدي.
أثناء توقيعه، جُلت بنظري في الخيمة، فلفت انتباهي شيء غريب، عصا صيد مكسوّة بالفرو.
هاه؟ لعبة قطط؟.
لماذا يوجد هذا هنا؟.
غريب، هل يحب القطط؟.
سألته بلا تفكير:
“هل تربي قطًا؟.”
تجمّد.
“ماذا؟.”
“لأن هذا موجود هنا…”
تبع نظره إصبعي، وفجأة تصدّع ثبات ملامحه.
“هذا… ليس لي.”
لم أقل إنه لك! ولماذا هذا الارتباك؟.
“لا توجد قطط في ساحة حرب.”
“إذًا الأمر أغرب. لماذا توجد لعبة قطط هنا؟.”
تصلّب.
“حتى الدوق البارد محب للحيوانات؟ أنا أحب القطط أيضًا.”
“لو علم الجنود بهذا—”
اشتدّت نظراته.
“قلت إنه ليس لي.”
“آسفة…”
“خذي العقد وغادري.”
“نعم، سيدي.”
انحنيت وغادرت.
المرحلة الأولى، أُنجزت.
وعند الباب، تذكّرت فجأة: اللعنة. كان يعاني منها في الأصل.
التعليقات لهذا الفصل " 8"