في لحظة، انبعثت من كارلوس موجةٌ من نيّة القتل.
“هاها، ألا تعتقد ذلك؟ أليس من الطبيعي التضحية بشيءٍ أثمن لإثبات معتقداتكما؟”
ضحك الرجل ذو الشعر الأسود ضحكةً مكتومة، غافلاً عن حقيقة أن رأسه كاد أن يُفجَّر في ثوانٍ.
“أنتَ مُحق.”
لم أُرِد أن أقف إلى جانبه، لكنني وافقتُه الرأي بأن عليّ أن أحلّ محله، فقلتُ بسرعة.
‘إذا بقيتَ أنت، يُمكنكَ إخضاعهم وتهديدهم لاحقًا إذا لم يستخدم رامادا تعاويذه.’
نظرتُ إلى كارلوس نظرةً حملت هذا الشعور.
لستُ متأكّدةً مما إذا كان قد تم إيصاله بشكلٍ صحيح، لكنني رأيتُ كارلوس يومئ برأسه على مضض.
إذا تردّدنا أكثر، فمن المرجّح أن يشكّ المُلحِدين بنا.
“حسنًا. المرأة، ليا، كما قلتِ؟ تقدّمي.”
تحدّث الرجل ذو الشعر الأسود، فنفضتُ عني نظرة كارلوس المُلِحّة ومشيتُ إلى جانبه.
“تبدين شابةً مُهذّبةً. ألن تبكي حتى لو آذيتُكِ؟”
كادت كلمات الرجل أن تُضحكني، لكنني بالكاد استطعتُ كبت ضحكتي.
يا رجل، لقد مِتُّ وعدتُ إلى الحياة مرّةً أخرى.
بالطبع، لم أُحبّذ أن أُصاب بأذى، لكنني لم أكن خائفةً أيضًا.
لكنني لم أُرد أن أبدو مُعتادةً على ذلك، فمددتُ ذراعي وأنا أرتجف قليلًا.
“…..”
شعرتُ بهالةٍ من الخوف خلفي.
صرّ كارلوس على أسنانه وحدّق بي بتوتّرٍ وأنا أُسلِّم ذراعي للرجل ذو الشعر الأسود.
‘كارلوس، ما بك؟ أنتَ تعلم أن هذا كلّه تمثيل.’
فجأةً، شعرتُ بالقلق مما سيحدث إذا ظنّ كارلوس أنني خائفةٌ حقًا.
أضحى كارلوس يكبتُ مشاعره كثيرًا مؤخرًا …
“هل تفكّرين في شيءٍ آخر؟ أنتِ جريئةٌ بشكلٍ مدهش.”
بينما كنتُ أفكّر في كارلوس، ابتسم الرجل ذو الشعر الأسود ابتسامةً ساخرة.
تنهّدتُ وركّزت عليه مجددًا.
“سيؤلمكِ كثيرًا.”
عمد الرجل ذو الشعر الأسود إلى لفّ الخنجر، وشفرته تلمع بإشراق، في يده.
أوه، أسرِع.
كتمتُ رغبتي في صفعه وحاولتُ أن أُظهِر تعابير خائفة، وارتجف جسدي قليلًا أيضًا.
في هذه الأثناء، فكّرتُ أنه من الأفضل أن ألعب الدور الذي أراده الرجل ذو الشعر الأسود، والمُلحِدون.
… أشعر مرّةً أخرى بطاقةٍ غير عاديّةٍ من الخلف.
لا يمكن أن يكون أنت، أليس كذلك؟ عندما نتحدّث عن الصبر، كارلوس، فأنتَ بالتأكيد خير مثالٍ على ذلك.
بينما كانت أفكار كارلوس تشغل عقلي، شعرتُ فجأةً بحرقةٍ في ذراعي.
“آه …!”
لم أستطع إلّا أن أُطلِق أنينًا أشبه بالصراخ من هذا الشعور غير المتوقّع.
بينما دفع الرجل ذو الشعر الأسود دلوًا وجده تحت ذراعي، تقدّم كارلوس بصعوبةٍ ليقف بجانبي.
“لا، لم أصرخ من الألم، كنتُ فقط مذعورة …”
كان تعبيره غريبًا لدرجة أنني لم أستطع إلّا أن أنبسٍ بعذرٍ دون أن أدرك ذلك.
لكن كارلوس كان غريبًا. لم تفارق نظراته الجرح في ذراعي.
علاوةً على ذلك، كانت تعابير وجهه قاسيةً للغاية، كما لو كان يريد تحرق هذه المجموعة من المُلحِدين عن بكرة أبيها فورًا.
كارلوس؟ لم تنسَ أنكَ هنا لنبش ماضي ولي العهد، أليس كذلك؟
أنتَ تعلم أننا لا نستطيع تفجير هذه القاعدة من المُلحِدين حتى ذلك الحين، أليس كذلك؟
نظرتُ إلى كارلوس مرّةً أخرى بقلق، خائفةً ممّا قد يفعله بتهوّر.
لكن بدا أن كارلوس فسّر نظرتي بشكلٍ مختلفٍ قليلًا.
“اللعنة.”
وَيحي، كارلوس. لماذا تشتم هكذا؟
كأنني أرسل إشارةً أطلب فيها المساعدة.
راقب كارلوس دمي يتجمّع في الدلو وعيناه تكادان تحرقان المكان. عندما امتلأ الدلو إلى ثُلثه تقريباً، بدأ صداعٌ يتسلّل إليّ، وبدأتُ أشعر بالدّوار.
هل يكفي هذا لملء دلوين من الدم؟
“ليا!”
لم أُدرِك أنني تعثّرتُ إلّا عندما سمعتُ صراخ كارلوس. قبل أن أُدرِك، كنتُ متّكئةً على حضن كارلوس، وكان يُمسِك بكتفيّ بيديه المرتعشتين.
“حتى الآن …”
“لا.”
انفصلتُ ببطءٍ عن حضنه وهززتُ رأسي نحو كارلوس.
“علينا أن نُنظِّف هذه الإمبراطورية الفاسدة، أليس كذلك؟”
‘علينا أن نُمسِك بولي العهد من ذيله ونسحق المُلحِدين، أليس كذلك؟’
تغيّر تعبير وجه كارلوس إلى العبوس.
“فـ … فهمت.”
شدّ كارلوس على قبضتيه وأخفض رأسه.
“إنه نصف دلوٍ فقط. إن كنتَ ستنفعل هكذا الآن، فماذا ستفعل لاحقًا؟”
تمتم الرجل ذو الشعر الأسود ساخرًا، منتهزًا الفرصة.
أنتَ حقًا ستكون في ورطةٍ بعد انتهاء هذا الأمر.
حدّقتُ في الرجل ذو الشعر الأسود، ورؤيتي ضبابية.
تعثّرتُ مجددًا، لكنني شعرتُ به يُمسِك بي ويُعيدني إلى وضعي قبل أن يفعل كارلوس.
“…..”
امتلأت نظرة كارلوس بنيّة القتل مجددًا.
“حتى لو كنتَ تشعر بالأسف على حبيبتك، فمن الأفضل أن تبقى ساكنًا الآن.”
بدا الرجل ذو الشعر الأسود مستمتعًا بتلك النظرة.
لا تفعل ذلك، أيّها الأحمق. إن أصبح كارلوس الذي طُبِع بالفعل غاضبًا حقًا، لكان بإمكانه بسهولةٍ تدمير الجميع هنا.
أردتُ تحذير الرجل ذو الشعر الأسود، لكنني لم أملك القوّة لفتح فمي.
شعرتُ وكأن دهرًا قد مرّ، لكنني لم أملأ سوى نصف دلوٍ من الدم.
“لا يُمكن فعل هذا. أوقِفوا الاختبار فورًا.”
خفّت حدّة صوت كارلوس، وبدا غامضًا.
“أليس هذا اختبارًا لا يُمكن لجسم الإنسان تحمّله؟”
وبما تبقّى لديه من عقلانية، سمعتُ كارلوس يُحاول جاهدًا إقناع الرجل ذو الشعر الأسود.
“ألا تُريد ذلك؟”
لكن ذو الشعر الأسود لم يُنصت لكارلوس.
“مهما كان اختيار اختبارك، فهو قرارنا، أليس كذلك؟”
بدلًا من ذلك، شدّني بقوّةٍ أكبر، ساخرًا من كارلوس.
“آه …”
في العادة، ما كان ذو الشعر الأسود ليتسبّب في إيلامي مهما شدّني، لكن الآن، ربما لأنني فقدتُ الكثير من الدم، خرجت مني صرخةٌ لم أستطع كتمها.
في رؤيتي الضبابية، رأيتُ عيني كارلوس مُحمرّتين بالدم.
‘لا، كارلوس. لا تقتله.’
حتى مع شعوري بازدياد الدوار، هززتُ رأسي لكارلوس نفيًا.
“…..”
لكن كارلوس كان غريبًا.
لم ينطق بكلمة، واختفى تعبيره فجأة، وهو أمرٌ مُخيفٌ أكثر.
تحرّكت يد كارلوس قليلًا. لم يستطع أحدٌ غيري رؤية ذلك، لكنني رأيتُ هالةً تتجمّع في يده.
كان عليّ إيقافه!
لكن قوّتي كانت تتلاشى، والآن أصبح بصري مُظلِمًا أكثر.
“أخبرتُكَ أنني سأُنقِذُ حبيبتك، صحيح؟ ماذا ستفعل إذا حدّقتَ بي هكذا؟”
في هذه الأثناء، استمر ذو الشعر الأسود في استفزاز كارلوس مجددًا.
رفع كارلوس يده، مُصمِّمًا على ما يبدو بفعل ما يريده الآن.
“لا … لا يمكنك …”
بالكاد استطعتُ فتح فمه لأواجه كارلوس.
“ماذا تفعل؟”
في تلك اللحظة، جاء صوتٌ غريبٌ من الطرف الآخر. أدار ذو الشعر الأسود رأسه مُفزوعًا، وتبدّدت الهالة التي تجمّعت في يد كارلوس على الفور.
من هذا؟
في رؤيتس المُظلمة، لم أستطع رؤية الشخص المُقتِرب بوضوح.
كل ما استطعتُ معرفته هو أنه كان يرتدي رداءً رماديًا.
لحسن الحظ، سرعان ما أُشبِع فضولي مع صرخة أحدهم.
“سيد رامادا!”
أخفض الرجل ذو الشعر الأسود رأسه نحو الرجل ذي الرداء ونادى باسمه.
هذا هو رامادا.
أردتُ رؤية وجهه، لكنني كنتُ على وشك الوصول إلى أقصى حدود طاقتي. قد أفقد الوعي في أيّ لحظةٍ الآن.
“ماذا تفعل بحق الجحيم؟”
اقترب رامادا، وانتزع يدي من ذي الشعر الأسود، ووبّخه.
آه، رامادا أو أيًا كان، هل يمكنكَ التوقّف عن شدّ ذراعي فجأةً؟ أنا … أشعر بدوارٍ شديدٍ جدًا …
“أوه لا.”
بدا أن رامادا لاحظ حالتي، فترك ذراعي بحذرٍ وساندني.
بينما استقرّت ذراع رامادا على خصري، انبعثت هالةٌ من التهديد من كارلوس، لكن رامادا بدا غير مبالٍ.
“هل ترين وجهي؟”
سأل رامادا وهو ينظر إليّ. من خلال رؤيتي المتقطّعة، لمحتُ وجه شابٍّ ذي شعرٍ رمادي. وبينما أومأتُ، تنفّس رامادا الصعداء ووضع يده على ذراعي.
تلا تعويذة، فاختفى الألم من ذراعي وكأنه لم يكن.
وعندما تلاها مرّةً أخرى، خفّ الدوار واتّضحت رؤيتي قليلاً.
هل هذا نوعٌ من السحر؟
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1
التعليقات لهذا الفصل " 83"