“ليست المشاعر؟ إن لم نكن المشاعر، فماذا إذن؟”
حتى تلك اللحظة، لم أكن أعرف ما الذي يحاول كارلوس قوله، فسألتُه دون تفكير.
تنهّد كارلوس تنهيدةً طويلةً بلا حولٍ ولا قوّة. عاد وجهه المتورّد ببطءٍ إلى طبيعته.
“نحتاج إلى اتصالٍ جسدي.”
“…ماذا؟”
“اتصـ …”
“لا، فهمتُ ما تقصده. أنا مصدومةٌ جدًا.”
رفعت يدي لأُوقف كارلوس. وقد احمرّ وجهي من خجلٍ لا يُطاق.
‘اتصالٌ جسدي؟!’
كان من الواضح ما يعنيه كارلوس بالاتصال الجسدي. ربما كان يتحدّث عن نوع الاتصال الذي قد يحدث بين الزوجين.
ما هذا الكلام المبتذل؟!
أردتُ الصراخ، لكنني كتمتُ نفسي، لعلمي أن ذلك لن يُحسِّن الوضع إطلاقًا.
بدلًا من ذلك، تنهّدتُ تنهيدةً طويلة.
“لا توجد طريقةٌ أخرى … أليس كذلك؟”
لو كان هناك، لما كان كارلوس ليقول ذلك.
“أنا آسف.”
اعتذر كارلوس بصدق.
“عندما طبعتُكِ، لم أعتقد أن هناك أيّ آثار جانبية، وحتى بعد البصمة، شعرتُ بالارتياح لأنها لم تكن موجودة.”
“لا داعي للاعتذار. لم يكن خطأك.”
لكن كارلوس ما زال يشعر بالأسف. بدا وكأنه يعتقد أنني في ورطةٍ بسببه.
حسنًا … لم يكن مُخطِئًا.
بالطبع، أنا أحبّ كارلوس، لكن ليس لديّ أيّ انجذابٍ عاطفيٍّ تجاهه، لذلك كان عليّ أن أتواصل معه عن قرب.
ولكن كالعادة، حياتي تأتي أولًا.
“لنفعل ذلك.”
“هاه؟”
“الاتصال الجسدي، لنفعل ذلك.”
تصلّب وجه كارلوس عند سماع كلماتي.
كان وجه كارلوس يعكس مشاعر متعدّدةٍ ومتناقضةٍ في آنٍ واحد، شديدةٌ كما الرغبة، لكنه أجبر نفسه على افتعال تعبيرٍ جامد خالٍ، متردّدًا في الكشف عنها.
“كيف أفعل ذلك؟”
“أنا جديدٌ في عالم البصمة، لذا لا أعرف الكثير. لكن … لا بد أن يكون اتصالاً حميميًّا للغاية.”
“اتصالٌ حميمي؟ ما تعريف الحميمية تحديداً؟”
“….”
لم يُجِب كارلوس.
ربما شعر أنه من الوقاحة أن يسرد كيف تكون اللقاءات الحميمية بفمه.
يبدو أنّ عليّ أن أتولّى زمام الأمور هنا.
“دعنا نُمسِك أيدي بعضنا أولاً.”
مددتُ يدي لكارلوس.
حدّق في يدي بنظرةٍ صارمة، غير قادرٍ على الحركة.
“هل يمكنني الإمساك بها؟”
سألتُه تحسباً، فأومأ كارلوس برأسه ببطء، ببطءٍ شديدٍ للغاية.
بدأتُ على الفور بالاقتراب من كارلوس.
رأيتُ كارلوس يتلكأ في خلع قفازاته أم لا. كان الأمر بسيطاً، لكنه تصرّف كما لو كان يواجه أكبر تحدٍّ في حياته.
أربكني تردّد كارلوس.
‘يا إلهي، لا أعرف.’
رفعتُ يد كارلوس اليمنى بيدي وبدأتُ أسحب طرف قفّازه منها بنفسي.
“…..!”
في اللحظة التي تحرّك فيها القفاز قليلاً، تراجع كارلوس إلى الوراء مندهشًا، كما لو أنه احترق.
“مـ ماذا تفعل؟”
زممتُ شفتيّ، مندهشةً ومُستاءةً من ردّة فعله، ونظرتُ إلى كارلوس.
“من الغريب أن نتشابك الأيدي ونحن نرتدي القفازات، أليس كذلك؟”
“…..”
“ألا تعتقد ذلك أيضًا؟”
أومأ كارلوس برأسه بتعبيرٍ مُعقّدٍ مُوافِقًا.
اعتبرتُ ذلك إذنًا، وحاولتُ مدّ يدي مرّةً أخرى، لكنه أمسك بذراعي بسرعةٍ وأوقفني.
“سأخلع القفازات، سأخلعها أنا.”
“آه … حسنًا.”
تنهّد كارلوس بارتياحٍ وأفلت ذراعي. ثم بدأ يسحب القفاز على يدي اليمنى بيده اليسرى.
سقط القفّاز، كاشفًا عن يد كارلوس اليمنى الطويلة، الجميلة، والمتصلّبة.
‘هناك شيءٌ غريبٌ في هذا.’
مجرّد خلع القفاز بدا خطأً فادحًا.
توك.
وضع كارلوس القفاز الذي خلعه على الطاولة.
ثم مدّ يده بتصلّب، كما لو كان سيصافحني.
“هذا لن يُجدي نفعًا.”
صحيحٌ أنني لم أكن خبيرةً في أيّ تواصلٍ حميم، لكنني شعرتُ أن هذا ليس صحيحًا، فتحدّثتُ بصراحة.
ثم بدا كارلوس مستاءً مرّةً أخرى.
“لو لم يكن الشخص الذي يقف أمامي الآن هو أنتِ، قائدة، لكنتُ أفضل في هذا بكثير.”
انظروا إلى هذا الرجل؟
حدّقتُ به بدهشة، ورأيتُ كارلوس يُحرِّك يده ببطء.
اقترب مني وأمسك بيدي، تماماً كما فعل عندما رافقني خلال المداهمة على دار المزادات غير القانونية، والتي بدت الآن ذِكرًى بعيدة.
غمرت طاقةٌ دافئةٌ جسدي من حيث لمستني يد كارلوس، وانتشرت في جميع أنحاء جسدي.
شعرتُ بنشاطٍ في جسدي كلّه، كما لو أنني تناولتُ مُنشِّطاً.
‘هل هذا هو تأثير البصمة؟’
كان شعوراً رائعاً بشكلٍ مُفاجِئ.
بما أن بصمة جسدنا لم تكن مثالية، كنتُ متشوّقةً لمعرفة مدى فعالية البصمة الكاملة.
“هل تشعرين بتحسّن؟”
أمسكنا أيدي بعضنا في صمتٍ لبضع ثوانٍ، ثم تكلّم كارلوس.
“نعم، أشعر بتحسّنٍ بالتأكيد.”
تنهّد كارلوس بارتياحٍ وأفلت يدي.
“أشعر بطاقتكِ تستقرّ أيضاً.”
التقط كارلوس القفازات من على الطاولة وأعادها. أوه، هل هذه هي النهاية؟
كنتُ مستعدّةً لقُبلةٍ على الأقل.
على أيّ حال، في اللحظة التي فكّرتُ فيها أنه لأمرٌ جيّدٌ أن الأمر انتهى هنا،
“من الآن فصاعدًا، لن يكفي هذا التواصل البسيط.”
قال كارلوس بصوتٍ خافت.
“لا أعرف كم ستستمرّ الآثار الجانبية أو مدى شِدّتها، لكن قد نحتاج إلى أن نكون أكثر حميميةً مما تتخيّلين.”
بقيتُ صامتة، غير متأكّدةٍ من كيفية الرد.
ابتسم كارلوس بمرارة.
“أنا آسف. لجعل الأمور هكذا لكِ.”
“لا، أنا …”
كنتُ عاجزةً عن الكلام.
كنتُ أعرف تمامًا ما يفكّر فيه كارلوس.
ربما ظن أنني لا أحبّه، لذا سأجد التلامس معه مَهمَّةً مُزعجة.
لكنني لا …
‘لا، انتظر.’
منعتُ نفسي من إكمال تفكيري في هذا الاتجاه.
‘إذا كنتُ لا أحبّ كارلوس حقًا، فسيكون هذا الموقف مُزعِجًا بالنسبة لي، أليس كذلك؟’
لكن الأمر لم يُزعجني. على الأقل بدا أن تشابك الأيدي غير مُزعج.
“بالطبع، يُمكن تفسير الأمر على أنني لم أشعر بأيّ نفورٍ يُذكَر بمجرّد تشابك أيدينا …”
لم أكن قلقةً للغاية بشأن ما سيحدث لاحقًا.
بالطبع، كان الأمر مُحرِجًا، مُرِهقًا، وغير مألوف … لكنني لم أشعر بأيّ كراهيةٍ أو اشمئزاز.
لذا، ربما أنا …
لا، دعنا لا نستبق الأحداث.
في الوقت الحالي، تم احتواء الآثار الجانبية المُباشِرة، لذا فقد حان الوقت للاهتمام بأمورٍ أكثر إلحاحًا.
“إذن، لنبدأ بمعرفة لمَن يعود السن الذي بحوزة ولي العهد.”
“جيد.”
استطعت أن أرى ارتياح كارلوس العميق عند ذِكر العمل.
* * *
منذ ذلك اليوم، قضينا شهرًا كاملًا في البحث وتحليل الأشخاص الذين قابلهم ولي العهد طوال حياته.
وكانت النتائج بالغة الأهمية.
اكتشفنا أن هناك سرًّا خفيًّا في الفيلا الصيفية التي كان يرتادها ولي العهد.
“يبدو أنه يُخفي شيئًا ما. ومن المُرجّح جدًا أن يكون له علاقةٌ بصاحب السِنّ في القلادة.”
تحدّث كارلوس بثقةٍ شبه تامّة.
“لكن المعرفة غير المُباشِرة قد بلغت حدها، لذا أعتقد أنني سأضطرّ للذهاب إلى هناك بنفسي لمزيدٍ من التحقيق.”
أضاف كارلوس فورًا أنه سيزور الفيلا الصيفية بنفسه.
تأمّلتُ الوثائق التي سلّمها لي كارلوس للحظة.
‘لا أستطيع ترك كارلوس يفعل هذا بمفرده.’
خطرت لي هذه الفكرة بمجرّد أن رأيتُ الفيلا.
بدا سرّ الفيلا الصيفية أكثر تعقيدًا مما توقّعت.
علاوةً على ذلك، انتهت فترة الإخضاع الثالث، وفشلت محاكمة القديسة، ولم يبقَ لي شيءٌ لأفعله.
بالإضافة إلى أنه إذا عانيتُ من الآثار الجانبية للبصمة بدون وجود كارلوس، فلن يكون هناك سبيلٌ لحلِّها، وهذا ما أشعرني بالعجز.
من ناحيةٍ أخرى، إذا ذهبنا معًا، يمكننا العمل معًا لكشف السرّ، وإذا عانيتُ من أيّ آثارٍ جانبية، يمكننا اتخاذ إجراءٍ فوري.
إذن، أليس من الأفضل أن نذهب معًا؟
“سير إيباخ، أعتقد …”
نقلتُ أفكاري إلى كارلوس.
“… لنفعل ذلك.”
فكّر كارلوس مليًّا ثم أومأ برأسه أخيرًا.
لم يقُل شيئًا، لكنه بدا قلقًا من أن أكون الوحيدة التي تُعاني من الآثار الجانبية.
قدّمتُ على الفور بلاغًا كاذبًا زعمتُ فيه اكتشاف آثارٍ لمُلحِدين قُرب الفيلا الصيفية الإمبراطورية، وهكذا، غادرتُ أنا وكارلوس إلى المنطقة.
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1
التعليقات لهذا الفصل " 78"