لقد دُهشتُ، فلم أتوقّع أن يوقفنا الكاردينال بيشيل، ناهيك عن رئيس الكهنة.
“كاردينال، ماذا تقصد؟”
عبس ولي العهد، في حيرةٍ من أمره، قدر استطاعته.
“يبدو أنني مضطرٌّ لرفض زيارتكم.”
تحدّث الكاردينال بيشيل بحزمٍ وبصوتٍ ثابت.
“هاا.”
رأيتُ ولي العهد يتنهّد بانزعاجٍ ويلمس جبهته.
“كاردينال، ابتعد عن الطريق. هل تعتقد حقًا أنكَ في وضعٍ يسمح لكَ بإيقافي؟”
ثم أصدر أمرًا حازمًا للكاردينال بيشيل.
لمح ولي العهد الذعر في عينيه.
نقر ولي العهد بلسانه بانزعاجٍ ومشى بجانب الكاردينال بيشيل، وقادنا إلى المعبد.
تبعتُه، لكن … هذا يبدو خاطئًا.
كشفت نظرةٌ سريعةٌ إلى الجانب أن كارلوس بدا وكأنه يفكّر في الشيء نفسه. آمل ألّا يتدخّل الكاردينال بيشيل في خططنا.
“هذه غرفة القديسة.”
أشار ولي العهد، وقد بدا عليه الاستياء، إلى باب.
“أنتما تعلمان هذا، ولكن إن فعلتُما أيّ شيءٍ متهوّر، فسأقطع رأسيكما هنا والآن.”
كما لم ينسَ تحذير المُلحِدين، خشية أن يفعلوا شيئًا قد يقتل القديسة تمامًا.
فتحتُ أنا وكارلوس باب غرفة القديسة بحذرٍ ودخلنا.
كان الصمت خانقًا في الداخل، والجوّ ثقيلًا.
“هل أنتم هنا لرؤية القديسة؟”
سأل فرسان المعبد الذين يحرسون الغرفة بصرامة.
أومأنا برؤوسنا، وتبع ذلك تفتيشٌ جسدي. كنّا نتوقّع هذا المستوى من الأمن، فتجاوزناه بسهولة.
“يجب أن تبقيا لفترةٍ قصيرةٍ جدًا.”
قادنا فرسان المعبد إلى سرير القديسة بعيونٍ شرسة.
كان سرير القديسة مُغطًّى بستارة، فلم نتمكّن من رؤية وجهها. كلّ ما استطعنا رؤيته هو قوّةٌ مقدّسةٌ تُحيط بالسرير بشكلٍ خافت.
قال فارس المعبد.
“لقد جعلنا القوّة المقدّسة للقديسة أن تتدفّق وتنتشر.”
استمرار وجود هذه القوة المقدّسة يعني أن القديسة لا تزال على قيد الحياة.
‘في هذه المرحلة، سيكون من الأفضل العودة وفتح موضوع الخزنة مع ولي العهد.’
بعد التأكّد من سلامة القديسة، أرسلتُ إشارة إلى كارلوس للمغادرة.
“… سماحتك!”
“إذا فعلتَ هذا … فإن سموّه سوف …”
“اهدأ!”
شعرتُ بضجّةٍ من الخلف، قأدرتُ رأسي متسائلةً عما يحدث، عندها، رأيتُ الكاردينال بيشيل عند باب غرفة القديسة.
“مهما فكّرتُ في الأمر، هذا ليس صحيحًا!”
كان الكاردينال بيشسل في حيرةٍ من أمره، إما غاضبًا مما حدث للتوّ أو قد فقد رشده أخيرًا بسبب حزنه الشديد.
بدا الاحتمال الأخير هو الأرجح. كانت القديسة في حالةٍ حرجةٍ للغاية وما زالت فاقدةً الوعي، لكن زيارة ولي العهد المتهوّرة مزقّت أعصاب الكاردينال بيشيل.
“أنتما الاثنان، اخرجا الآن!”
زمجر الكاردينال بيشيل بصوتٍ خافت.
كانت شراسته شديدةً لدرجة أن حتى فرسان المعبد ارتجفوا.
هذه مشكلة.
إذا جرّني الكاردينال بيشيل للخارج بهذه الطريقة، فلن تكون هناك فرصةٌ للتحقّق من خزنة ولس العهد الشخصية.
الموقف الذي أردتُ بشدّةٍ تجنّبه أصبح واقعًا أعيشه.
“ماذا تفعلان؟ لماذا لا تخرجان الآن!”
زفر الكاردينال بيشيل، ربما كان مدركًا لمشاعري أم لا، واقترب منا.
‘ماذا أفعل؟’
كان عليّ أن أفكّر بسرعةٍ وأتّخذ قرارًا.
تبادلتُ نظرةً خاطفةً مع كارلوس، وفي لحظة، وضعتُ خطة.
ثم اقترب مني الكاردينال بيشيل أخيرًا وأمسك بذراعي.
“هذا لأجل القديسة.”
همستُ للكاردينال بيشيل بصوتي الطبيعي.
“…..؟!”
اتّسعت عينا الكاردينال بيشيل بدهشةٍ ونظر إلي.
“سيـ …”
“اصمت.”
وضعتُ يدي بسرعةٍ على يد الكاردينال بيشيل.
“تركت لي القديسة رسالةً قبل أن تفقد وعيها بقليل. أنوي تنفيذها، لذا من فضلكَ لا تتدخّل.”
تحدّثتُ بصوتٍ خافتٍ جدًا لم يسمعه ولي العهد ولا فرسان المعبد.
كانت الخطّة بسيطة.
أن أقل أمام الكاردينال بيشيل أن كلّ هذا كان إرادة القديسة وأُخفي الأمر.
كان هذا ملاذًا أخيرًا، وخطوةً محفوفةً بالمخاطر، وفعاليتها غير مؤكّدة.
لكن مهما فكّرتُ في الأمر، كان هذا هو الخيار الأمثل في الوضع الراهن.
“إرادة القديسة …”
رأيتُ الكاردينال بيشيل يتراجع خطوةً إلى الوراء.
لحسن الحظ، بدا أن الخطّة قد نجحت.
“هاه، إن كان الأمر كذلك، إن كان الأمر كذلك …”
“في الوقت الحالي، استمرّ في التظاهر بطردنا. لكن بمجرّد خروجنا من الغرفة، لا تكترث بأمرنا.”
كنتُ أعلم أن ولي العهد سيستغرب إذا غيّر الكاردينال بيشيل موقفه بسرعةٍ كبيرة، لذلك أمرتُه باستكمال طردنا.
“هاه، آه.”
عادت النظرة الشرسة تدريجيًا إلى عيني الكاردينال بيشيل.
“فهمت.”
ثم حسم أمره، وعاد تعبيره إلى الغضب.
“اخرجا! يجب أن ترتاح القديسة!”
دفعنا الكاردينال بيشيل. هذه المرّة، تظاهرنا بالهزيمة، وطُرِدنا من الغرفة.
بانغ.
أغلق الكاردينال بيشيل الباب ووقف حارسًا أمامه. بدا وكأنه يتظاهر بأنه لن يسمح لنا بالدخول ثانيةً.
هل انتهى الأمر هكذا؟
عدتُ أنا وكارلوس إلى ولي العهد بتعبيراتٍ قلقة.
“هل انتهيتُم؟”
سأل ولي العهد، الذي بدا غير راغبٍ في التدخّل، سؤالًا غامضًا وبدأ يقودنا إلى خارج الردهة.
تبادلنا أنا وكارلوس النظرات. الآن حان وقت إدفتح موضوع الخزنة الشخصية.
“السيد رامادا يتساءل متى يمكنه استلام ‘ذلك’.”
بدأتُ حديثي بفكرة.
من الواضح أن محتويات خزنة ولي العهد الشخصية مرتبطةٌ بالملحدين، لذلك كنتُ أخطّط لبيع اسم رامادا.
“ذلك؟”
توقّف ولي العهد والتفت إلينا.
“هل تقصد ما في خزنتي الشخصية؟”
نعم، لقد دخلنا!
كنتُ في غاية السعادة، لم أتوقّع أن تُحَلّ الأمور بهذه السهولة. لكن فرحتي تحطّمت بكلمات ولي العهد التالية.
“قائدكم لا يكلّ أبدًا. لقد سئمتُ حقًا. مهما كان ذلك ضروريًا لغايتنا، فلن أسلّمه له أبدًا.”
رفض ولي العهد رفضًا قاطعًا قول أيّ شيءٍ آخر.
علاوةً على ذلك، كان تقييمه القاسي لرامادا وانزعاجه على المحك.
ذاك الـ رامادا، إلى أيّ مدًى أزعج ولي العهد؟
“السيد رامادا …”
“كفى. إذا استمررتم، فسأكشف هويّاتكم الحقيقية هنا والآن.”
“…..”
“سأقول فقط إنني خُدِعت بكم.”
شعرتُ أن ولي العهد سينفجر غضبًا إذا استفززتُه أكثر من ذلك.
“إذن فلنفترق.”
ومما زاد الطين بلّة، تَرَكَنا ولي العهد أمام المعبد وانصرف.
“الأمر يزداد تعقيدًا. لكن ليس الأمر وكأننا لم نخرج بشيءٍ ذي فائدة.”
تنهّد كارلوس بتعب.
“لماذا لا نحاول الاقتراب من رامادا؟ إذا قلنا أننا نريد الإمساك بيده، فمن المرجح أن يُرينا وجهه.”
“لكن إذا ذهبنا لصفّ رامادا، فلن نتمكّن من الحصول على محتويات الخزنة.”
“لكننا سنظلّ قادرًا على معرفة ما بداخلها.”
كنتُ أناقش مستقبلنا مع كارلوس.
“أحدٌ قادم.”
عندها شعر كارلوس بوجود أحدهم وقال.
“هل نتحرّك؟”
“أعتقد أن هذا هو الأفضل.”
وبينما كنا على وشك مغادرة المعبد،
“مهلاً! هناك! انتظرا من فضلكما!”
سمعتُ صوت الكاردينال بيشيل.
بينما كنتُ على وشك المغادرة، توقّفتُ والتفتُّ لأنظر إليه.
كان يتصبّب عرقًا بغزارة، ربما لأنه كان يركض بسرعةٍ كبيرةٍ لدرجة أنه قد يفقدنا.
“ما الذي يحدث؟”
لم تكن هناك حاجةٌ لإخفاء هويتي عن الكاردينال بيشيل، فسألتُه مباشرةً.
“أنا أيضًا أودّ المساعدة في تحقيق وصية القديسة.”
قادنا الكاردينال بيشيل إلى منطقةٍ مهجورةٍ وقال.
تبادلنا أنا وكارلوس النظرات مجدّدًا.
“أُقدّر كلماتكَ الرقيقة، ولكن…”
“ألا تُحاولون فتح خزنة صاحب السمو الملكي الشخصية والاستيلاء على محتوياتها؟”
كنتُ على وشك الرفض عندما قاطعني الكاردينال بيشيل فجأةً.
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1
التعليقات لهذا الفصل " 75"