“ماذا؟”
سألتُ، لم أستطع تصديق ما سمعتُه للتوّ.
“ماذا قلتَ للتوّ، سير إيباخ؟”
“قلتُ إن علينا أن نتنكّرَ كأننا المُلحِدين.”
نظر إليّ كارلوس بنظرةٍ تقول ‘لماذا أنتِ مندهشةٌ هكذا؟’
“لا… المُلحدون؟ أليس هذا خطيرًا جدًا؟”
“إنه خطير، لكنه أسهل بكثيرٍ من التنكّر في زيّ خادمٍ أو خادمةٍ وتفتيش غرفة ولي العهد.”
كانت فكرة التنكّر في زيّ خادمٍ أو خادمةٍ وتفتيش غرفة ولي العهد هي الفكرة التي اقترحتُها سابقًا.
شعرتُ أنها إهانةٌ خفيّة، لكن سأدع الأمر الآن … ملحدين؟
“إذا أُلقي القبض علينا، فحينها سنُحال إلى المحكمة.”
عند سماعه لكلامي، وضع كارلوس فنجان الشاي الذي كان يحمله.
وضع كلتا يديه على المكتب وانحنى نحوي قليلًا.
“سيدتي.”
“نـ نعم؟”
“مَن نحن؟”
“فرسان.”
أعتقد أنني خضتُ هذا الحوار من قبل.
“مَن مِن بين الفرسان؟”
“فرسان الوسام الثالث المجيدين الذين هزموا المُلحدين …”
“هذا صحيح.”
ابتسم كارلوس بارتياح.
“حتى لو أُلقي القبض علينا، فربما ننجو إذا قلنا إنه جزءٌ من تحقيقٍ سري.”
‘حـ … حقًا؟!’
كان مُقنِعًا بشكلٍ مدهش.
“علاوةً على ذلك، بما أنه قد كُشِف بالفعل أن المُلحدين يتواطؤون مع أشخاصٍ داخل الإمبراطورية، فإن التحقيق السريّ سيبدو أكثر منطقية.”
واصل كارلوس إقناعي.
“يمكننا القول ببساطةٍ أننا كنّا نحاول القبض على الشخص الداخلي المتواطئ مع الملحدين.”
“هذا صحيح.”
“وفوق ذلك، أليس من الأنسب إجراء تحقيقٍ سريٍّ للقبض على شخصٍ يتواطأ بالفعل مع الملحدين؟”
“هذا أيضًا … نعم.”
كارلوس، هل كان هذا الرجل بارعًا دائمًا في الكلام؟ رفعتُ يدي لأُسِكت كارلوس، وفكّرتُ في أمر التحقيق السري.
وكانت النتيجة …
‘الأمر ليس سيئًا إلى هذا الحد.’
سيكون الأمر صعبًا لو اكتشفوا أننا نستهدف ولي العهد، لكن يُمكننا التهرّب بقول أننا نُحقّق مع كلّ شخصٍ مُشتَبهٍ به في الإمبراطورية.
علاوةً على ذلك، بصفتنا من الوسام الثالث، كنا نعرف الكثير عن المُلحِدين، والأهم من ذلك، كنتُ على درايةٍ بالقصة الأصلية.
“حسنًا، لنفعل ذلك.”
بعد تفكير، أومأتُ لكارلوس، ومنذ تلك اللحظة، بدأ تحقيقنا السري.
كانت الخطوة الأولى هي التنكّر بزيّ مُلحِدٍ يُمكنه التواصل مع ولي العهد.
“ولي العهد على اتصالٍ بساحرٍ يُدعى رامادا، أحد قادة المُلحدين.”
كشفتُ لكارلوس بشجاعةٍ معلومات القصة الأصلية.
“إذن، إذا تنكّرتُ كأحد أتباع رامادا، فسأكون قادرًا على التقرّب من ولي العهد بسهولة.”
نظر إليّ كارلوس، الذي كان يُخطّط للتنكّر في مكتبه كمُلحد مُندهشًا.
“…..”
نظر إليّ بنظرةٍ كأنه يريد أن يسألني كيف عرفتُ ذلك.
لقد كان موقفًا مصيريًا، موقفًا يُمكن لكارلوس أن يشتبه فيه بسهولةٍ بأنني جاسوسةٌ للمُلحدين.
… هذا لو كان في الماضي، قبل البصمة.
“لا أعرف كيف عرفتِ ذلك، أيّتها القائدة، لكنها معلوماتٌ موثوقة، وأنتِ في صفي.”
قال كارلوس، وقد استشعر صدقي من خلال البصمة.
مع ذلك، فإن البصمة مُفيدةٌ في مثل هذه اللحظات.
“أنا آسفة، لا أستطيع شرح الأمر كما ينبغي.”
ما زلتُ لا أملك الشجاعة لأخبر كارلوس أنني شخصٌ آخر.
ربما لن أستطيع أبدًا إخباره أنني متجسّدة.
“فهمت.”
لكن كارلوس لم يُلحَّ أكثر ولم يُبدِ أيّ استياء، بل تقبّل كلامي بهدوء.
“ألستَ فضوليًّا؟”
أخيرًا، لم أستطع تمالك نفسي وسألتُه.
“لستُ فضوليًّا.”
قال كارلوس ببرود.
… هذا غير متوقّع. توقعتُ منه على الأقل أن يبدأ الحديث بشيء مثل ‘إذا قلتُ أنني لستُ فضوليًّا، فسأكون كاذبًا…’
“ألا تريد استجوابي بشأن الأمور المُريبة التي أريتُكَ إياها حتى الآن؟”
هذه المرّة، سألتُ، مُتذكّرةً المرّة التي استدعتني فيها القديسة على انفراد واعترفت.
“لا أريد استجوابكِ.”
لكن، أجاب كارلوس بصراحة.
“… لماذا؟ هل بسبب الثقة التي تحملها هذه البصمة؟”
سألتُه دون تردّد. ثم ابتسم كارلوس ابتسامةً خفيفة.
“لأنني أحكُم عليكِ بناءً على العاطفة، لا العقل.”
في لحظة، احمرّ وجهي بشدّة.
‘يا إلهي، هذا …’
ألا يتحدّث بسهولةٍ شديدةٍ عن حبّه لي؟
“هل تتذكّرين ما قلتُه آخر مرّة؟”
“ماذا…”
“في جبل لوبس، قلتُ إنني أبحث عن شخصٍ واحدٍ فقط.”
متى كان ذلك؟
بينما كنتُ أبحث في ذاكرتي، تذكّرتُ مشهدًا حدث من قبل.
« …. ألن تثق بأحدٍ مرّةً أخرى؟»
قال كارلوس إنه ليس من النوع الذي يثق بالناس، فسألتُه هذا السؤال.
«يومًا ما، سيكون هناك شخصٌ واحدٌ فقط يمكنني الوثوق به.»
وأجاب كارلوس.
«إن ظهر شخصٌ كهذا يومًا ما، فلن أصمت أيضًا.»
قال هذا أيضًا.
هل هذا… هل يُمكنني تفسير هذا على أنني أصبحتُ ذلك الشخص؟
أم أنني أستبق الأحداث؟
أرجوكم، ليُجِبني أحدكم.
لكن كارلوس، وبشكلٍ مُزعج، صمت بعد ذلك.
كنتُ أنا أيضًا أملك بعض الفطنة، لذا لم أُعِد أفتح موضوع البصمة أو موضوع ‘الشخص الموثوق به’ مع كارلوس أكثر من ذلك.
لسببٍ ما، تذكّرتُ نصيحة جيناتا بأن أترك كارلوس يتعامل مع هذا الأمر كما يريد.
“حسنًا، امم. لهذا السبب سنبحث عن ولي العهد باسم رامادا.”
بعد ذلك، واصلنا الحديث عن العمل.
* * *
بعد شهرٍ من انهيار القديسة.
تنكّرنا أنا وكارلوس، بعد تحضيرٍ مُكثّف، بزيّ المُلحدين وأرسلنا رسالةً إلى ولي العهد.
كان نصّ الرسالة [نريد التأكّد من حالة القديسة من هنا].
كانت القديسة متواطئةً أيضًا مع المُلحدين، فرأينا أن طلبهم معقولٌ من وجهة نظرهم، لذا خطّطنا للخطّة. تردّد ولي العهد للحظة، ثم قَبِل عرضنا.
“لنتحدّث عن الخزنة الشخصية إذًا.”
بما أن دخول غرفة ولي العهد مباشرةً كان أمرًا مستحيلًا، قرّرنا إعطاء الأولوية لجمع المعلومات.
لحسن الحظ، أوفى ولي العهد بوعده لنا.
من وجهة نظره، ربما كان يفي بوعده للمُلحِدين.
‘حسنًا، هكذا تسير الأمور.’
بدافع التفاؤل، تنكّرنا كأشخاصٍ مُلحُدين.
ثم أضفنا تنكّر ‘الكهنة المتديّنين المهّتمين بسلامة القديسة’.
كانت خطّة الأمير هي ‘تنكّر المُلحدين بزيّ الكهنة ليتمكّنوا من مراقبة حالة القديسة’.
كان التنكّر بالاثنين أمرًا مرهقًا، لكن النتائج كانت جيدة، لذا شعرنا بالراحة.
دوّننا سجلّات عملنا مُسبقًا، واختبأنا في مكاتبنا، ننتزر الوقو ليمضي قبل أن نتسلّل خارج مقرٌ الفرسان من الباب الخلفي.
وعندما تقدّمنا ووصلنا إلى أمام المعبد، لمحتُ ولي العهد، وكان تعبيره مُنزعجًا.
“أُريكم إياها لأنكم فضوليّون، لكنني أُفضِّل ألا تُقدِّموا هذا الطلب مُجدّدًا.”
حتى مع التنكّر، كان السماح للمُلحِدين بدخول المعبد أمرًا مُحفوفًا بالمخاطر، لذلك بدا ولي العهد مُتردّدًا.
“…..”
أومأنا أنا وكارلوس برأسينا ببساطة.
كنا مُدرَّبين على التحقيقات السرية، لذا كان بإمكاننا تغيير أصواتنا، لكننا لم نُرِد أن نُفصِح عن أيّ أدلّةٍ مُنذ البداية.
“تعالوا من هنا.”
قادنا ولي العهد نحو المعبد.
“سموّك، هؤلاء الناس …”
خرج الكاردينال بيشيل لتحيّة ولي العهد شخصيًا فور سماعه بوصوله.
لم أكن أتوقّع حضور بيشيل، لذا شعرتُ ببعض الدهشة.
“إنهم كهنةٌ أعرفهم شخصيًا. أحضرتُهم إلى هنا لأنني سمعتُ أن حالة القديسة قد ساءت وأنهم يريدون الصلاة. أعتقد أنني شرحتُ كلّ شيءٍ في رسالة، أليس كذلك؟”
“لقد تلقّيتُ بالتأكيد رسالةً كهذه، وقد أَذِن رئيس الكهنة …”
تلاشى صوت الكاردينال بيشيل.
كانت نظراته، وهو ينظر في هذا الاتجاه، متشكّكة.
‘ما هذا؟ لماذا أنتَ متشكّكٌ لهذه الدرجة؟ حتى رئيس الكهنة أَذِن لنا؟’
حدّق الكاردينال بيشيل باهتمامٍ بي وبكارلوس، اللذين كنا متنكّرين.
شبكنا أيدينا معًا، متظاهرين بالصلاة، محاولين ألّا نبدو متلهّفين جدًا.
ربما بفضل أدائنا المتديّن، أشرق وجه الكاردينال بيشيل قليلًا.
لكن الأمر لم ينتهِ عند هذا الحد.
“أعتقد أن القديسة يجب أن تبقى في راحةٍ تامّة، لذا حتى لو كانوا ضيوف سموّه، لا أعتقد أن الزيارة ممكنة.”
أوقفنا الكاردينال بيشيل.
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1
التعليقات لهذا الفصل " 74"