رفعتُ سيفي وضربتُهم، وكان الأمر سهلاً وبسيطاً بشكلٍ لا يُصدَّق.
‘هذا سهلٌ للغاية بشكلٍ مخيف.’
اندهشتُ بيني وبين نفسي عندما رأيتُ المُلحِدين يسقطون على الأرض، عاجزين حتى عن التأوّه، وقد جرحهم سيفي.
جرحتُهم في أرجلهم، ليس لقتلهم، بل لشلّ حركتهم. حتى ذلك كان شعوراً مختلفاً تماماً عن ذي قبل.
بدا أن البصمة قد أعادت ليس فقط يدي اليمنى، بل قدرات جسدي كلّه إلى ذروتها.
تحرّكت يدي اليمنى بسلاسة، كما لو كانت تطير مع الريح، ولم أعد أفتقر إلى القوّة، فلوّحتُ بسيفي بسهولة.
‘آه، دعنا لا نفكّر في الأمر الآن.’
هززتُ رأسي لأُبعد أفكاري، ودفعتُ مُلحِداً كان يتأوّه من ضربتي عن الأرض بقدمي.
في تلك اللحظة، كانت أولويتي العثور على أماكن وجود السحرة، بدلًا من الانبهار بتفوّقي القتالي.
“لسنا بحاجةٍ إلى غطاء، لذا ركّزوا فقط على إخضاعهم!”
صرختُ على الفرسان الذين يتبعونني وكارلوس.
كنتُ أعرف مكان اختباء السحرة مُسبقًا، لذا لم تكن هناك حاجةٌ لتوفير غطاءٍ كالمرّة السابقة.
“انتبها على أنفسكما!”
نادى عليّ إلسون، الذي كان يقاتل بجانب سيزار لهزيمة المُلحِدين.
بدا قلقًا، متذكّرًا ما حدث في المرّة السابقة.
أومأتُ لإلسون وسيزار، وتوجّهتُ إلى مكان السحرة مع كارلوس.
بعد أن افترقنا عن الفرسان، لم أضطرّ للتظاهر بالارتعاش، لذا سحقتُ المُلحِدين بسهولةٍ أكبر.
نظرتُ إلى كارلوس، متسائلةً عمّا يفعله بدوره، وكان يُخضِع المُلحِدين كما لو كان يأكل عصيدةً باردةً قُدِّمت على الإفطار.
“يبدو أن السحرة ما زالوا في نفس الغرفة كما كانوا في المرّة السابقة.”
راقب كارلوس غرفة السحرة من بعيدٍ وقال.
كنتُ قلقةً من أنهم ربما انتقلوا، لكن ذلك لم يحدث.
“يتطلّب أداء التعويذة أدواتٍ كثيرة، لذا لم يكن ترك الغرفة التي يتلون فيها التعويذة سهلًا.”
شرح كارلوس السبب ببساطة.
“هل ستعود سهام النار تطير مرّةً أخرى هذه المرّة؟”
“هذا محتملٌ جدًا. لقد رأيتِ كيف تعمل من قبل.”
“همم …”
بالتفكير في ذلك.
لن تختفي السهام حتى تخترق شيئًا ما، لذا بدا الأمر وكأنه سيكون صداعًا كبيرًا.
فكّر كارلوس للحظةٍ ثم تكلم.
“…لديّ طريقةٌ جيدة.”
“ما هي؟”
“سأستخدم هالتي لتبديد سهام النار.”
“هذا … هل هذا ممكن؟”
“أليس من الغريب ألّا ينجح؟ من المفترض أن تتمكّن الهالة من اختراق كلّ شيءٍ في العالم.”
“هذا صحيح.”
وفقًا لسياق الرواية، تُعتبر الهالو أقوى سلاح. لذلك، كان من المستحيل أن تفشل في مواجهة سهام النار التي أُدخِلت في الجزء الثاني من القصة.
“إذن فلنُتخلّص من سهام النار مع الهالة. إذا لم ينجح ذلك، فسنستهدف مَن يُلقيها.”
“جيد.”
أومأ كارلوس.
عدّ واحدًا، اثنين، ثلاثة، وركل الباب بقدمه ليفتحه.
حالما فُتِح الباب، وقفنا على الفور مُستندين إلى الحائط.
في تلك اللحظة، انسكب سهمان ناريّان من الداخل.
‘اثنان هذه المرّة!’
عبست، ياللصداع.
وووش.
في تلك اللحظة، ملأ ضوءٌ ذهبيٌّ ساطعٌ رؤيتي.
“هاه…؟”
“انتهى الأمر.”
قبل أن يتلاشى الوهج، سمعتُ صوت كارلوس الهادئ.
ومع خفوت الوهج تدريجيًا، رأيتُ جمرةً متوهّجةً أمام غرفة السحرة
داستُ عليها، فانطفأت بسرعة.
“هل يُمكن أن تكون هذه … بقايا السهم الناري؟”
“نعم.”
قال كارلوس، وقد صُدِمتُ لدرجة أنني حدّقتُ في وجهه بنظرةٍ فارغة.
هل هذا مُمكنٌ أصلًا؟ كيف يُمكن التعامل مع شيءٍ كاد أن يقتلني بهذه السهولة؟
بدا السحرة في ذهولٍ مماثل، وساد الصمت الغرفة.
“تفضّلي بالدخول.”
أشار كارلوس إلى داخل الغرفة، كما لو كان يدعوني إلى مقهىً دافئ.
“أنتم، أ- أيّها الوحوش اللعينة!”
“وااه! ابتعدوا!”
“ساعِدوني!”
ما إن دخلتُ، حتى صرخ السحرة وتفرّقوا.
بدا أن عددهم حوالي اثني عشر أو ثلاثة عشر شخصًا. لكنهم تعثّروا ببعضهم وسقطوا، فقد بعضهم القوّة في ساقيه وانهاروا أرضًا. كان المكان في فوضى عارمة.
شلّ كارلوس السحرة بسهولة.
وساعدتُ كارلوس أيضًا، فضريتُ عددًا من السحرة الهاربين ودمّرتُ أدواتهم في الغرفة.
بعد أن استنفد السحرة كلّ طاقتهم في استخراج سهام النار، لم يعودوا يُقاوِمون.
“كـ كيف … وحدهم السحرة قادرون على إطفاء سهام النار!”
كان السؤال الوحيد هو هذا.
أخضع كارلوس، الذي بدا غير راغبٍ في الإجابة، الساحر الذي سأل فورًا.
“لنترك الباقي للفرسان، ولنذهب.”
“جيد.”
أومأتُ لكارلوس وأنا أُخضِع الساحر الأخير.
وبينما كنتُ أغادر الغرفة …..
“هاه؟”
من بين أدوات السحرة، لفتت نظري جوهرةٌ مألوفة، فتوقّفتُ.
“سير إيباخ، انظر هناك.”
أمسكتُ بكمّ كارلوس فورًا.
“أليس هذا هو الزمرّد الذي عُرِض للبيع في مزادٍ في دار القمار غير القانوني الذي يديره موردن؟”
“لماذا سيكون الزمرد هنا … حقًّا هو؟”
عبس كارلوس، الذي كان على وشك إنكار ذلك، عند رؤية الزمرد اللامع وسط أدوات السحر المكسورة.
دفعنا السحرة فاقدي الوعي عن الطريق وسِرنا إلى زاوية الغرفة، واقتربنا من الزمرّد.
“انتبهي، قد يكون تحت تأثير تعويذة.”
وخز كارلوس الزمرّد بطرف سيفه المُغلَّف بالهالة.
ظهر ثقبٌ صغيرٌ في وسط الزمرد.
يا إلهي، إنها تُحدِث ثقوبًا في الجوهرة كما لو كانت تُحضِّر حلوى. الهالة مُبهرةٌ حقًا.
“ألقِ نظرة.”
“ماذا؟”
“لو أن السحرة ألقوا تعويذةً شريرةً على هذه الجوهرة، لكان باطِنُها فوضوي.”
بكلمات كارلوس، نظرتُ إلى الداخل المثقوب.
لكنني لم أستطع تمييز أيّ علامات تلف. بل تدفّقت طاقةٌ بيضاء أنيقةٌ عبرها …
“أليست هذه قوّةً مقدّسة؟”
سألتُ بدهشة، فأومأ كارلوس برأسه بجدية.
“إذن هل كانت حقيقية؟”
عندما عُرِضت هذه الجوهرة في المزاد غير القانوني، افترضنا بطبيعة الحال أن ادّعاء المُضيف أنها تحمل مباركة القديسة كان كذبة.
ذلك لأننا لم نعتقد أنه يمكن العثور عليها في مزادٍ غير قانوني. فالعائلة الإمبراطورية والمعبد يسيطران عليها بشدّة.
“لماذا تُعرَض جوهرةٌ مباركةٌ حقًا في مزادٍ غير قانوني؟”
سأل كارلوس بحيرة. كنتُ مرتبكةً جدًا أيضًا لدرجة أنني لم أستطع الإجابة فورًا.
لكن بدا أن كارلوس لديه فكرةٌ ما.
“ماذا؟ بماذا تفكّر؟”
سألتُ بفضول، فهزّ كارلوس رأسه.
“الأمر غير مؤكّدٍ بعد، لذا أعتقد أنه من السابق لأوانه قول أيّ شيء. سنناقش الأمر بجديّةٍ عندما نعود إلى العاصمة.”
بعد ذلك، مدّ كارلوس يده والتقط الزمرّد المثقوب. مع أن كارلوس لم يُخبِرني بتخمينه، إلّا أنني، وللغرابة، لم أنزعج إطلاقًا.
في الواقع، فهمتُ سبب صمت كارلوس.
هل هذه أيضًا قوّة الطبع؟
أملتُ رأسي، لكن كارلوس فتح باب حجزة السحرة واستدعى الفرسان.
“اقبِضُوا على السحرة والمُلحدين الذين ما زالوا على قيد الحياة، واصطحبوهم إلى القاعدة الوسطى. لا نستطيع التعامل معهم جميعًا، لذا تواصلوا مع القاعدة الرئيسية ليطلبوا التعزيزات.”
تحرّك الفرسان بنشاطٍ بأمر كارلوس.
انتظرنا التعزيزات من القاعدة الرئيسية، وبمجرّد أن أصبح لدينا ما يكفي من الفرسان لمرافقة المُلحِدين الناجين، بدأنا بالنزول من الجبل.
ثم أرسلتُ رسولٌ من القاعدة الوسطى إلى القاعدة الرئيسية التي في أسفل الجبل، وانتظرتُ السير كروجر، من وسام الفرسان الأول، الذي كان ينتظر في مكانٍ ما.
هذه المرّة أيضًا، كانت حراسة الذين تمّ القبض عليهم جاريةٌ بالتعاون مع وسام الفرسان الأول.
‘أشعر وكأن معالجة ما بعد الإخضاع أصعب من حملة الإخضاع نفسها.’
ومع هذا التفكير الهادئ، قضيتُ ثلاثة أيامٍ في القاعدة الوسطى، حتى صعد السير كروغر ومعه فرسانه إليها.
“يا إلهي! التضاريس هنا ليست مزحة.”
بدا اللورد كروجر أيضًا مُرهَقًا من وعورة جبل لوبس.
التعليقات لهذا الفصل " 62"