“آآه!”
استيقظتُ من النوم مع صرخةٍ مكتومة.
كان إيان ميلاسون يحتجز صاحب المقهى، السيد غراف، رهينةً بالتأكيد!
نظرتُ حولي بذُعر، فرأيتُ كارلوس جالسًا على الكرسي المقابل للسرير، ذراعيه مطويتان، ينظر إليّ.
“آ … أوه، سير إيباخ؟”
“لا تُرهقي نفسكِ كثيرًا. جرح رقبتكِ لم يُشفَ تمامًا بعد.”
بعد كلمات كارلوس، تحسّستُ عنقي. شعرتُ بالضمادة ملفوفةً حولها.
ما الذي يحدث بحق الجحيم؟
من الواضح أنني حاولتُ تقييد على إيان ميلاسون، لكنه أمسكني من رقبتي بقوّته الغاشمة، وكارلوس … هاه.
جعلتني فكرة حمله لي كالأميرة أشعر فجأةً بإحراجٍ شديد، لدرجة أنني أردتُ الزحف إلى حفرةٍ فورًا.
أن أُحمَل بين ذراعيه كتلأميرة! لم أظنّ أنّ يومًا كهذا سيأتي وأنا على قيد الحياة!
وكان هناك فرسان الوسام الثالث متجمّعين أمام المقهى!
لا بد أنهم رأوا كلّ شيء!
“هل ما زال حلقكِ يؤلمكِ؟”
سأل كارلوس بينما كنتُ أضمُّ رأسي وأئنُّ من الألم.
لا، ليس هذا هو السبب.
أنا قلقةٌ فقط بشأن كيفية مواجهة مرؤوسيّ في المستقبل.
“مع ذلك، من حسن الحظ أنها ليست إصابةً خطيرة.”
قال كارلوس.
فجأة، خطر ببالي أنه أصبح من الطبيعي تمامًا أن يعبّر عن قلقه علي.
“ماذا عن السيد غراف وإيان ميلاسون؟”
“السيد غراف تحت حماية الفرسان، وإيان ميلاسون رهن الاحتجاز حاليًا.”
الاحتجاز. لن يُعاقَب فورًا، أليس كذلك؟
“عائلة ميلاسون تبذل قصارى جهدها لحماية إيان ميلاسون.”
قال كارلوس وهو يُقطِّبُ جبينه بشدّة.
“الأمر واضحٌ للجميع، لكنهم يرفضون حتى التحقيق.”
“يرفضون حتى التحقيق، هاه؟”
من الطبيعي أن تحمي العائلات النبيلة أبنائها، لكن … أليس من المبالغة رفض التحقيق؟
أشعر بشيءٍ غريب.
لكن، ولأنّني لم أستطع أن أحدِّد بالضبط ما هو الغريب، غمرني شعورٌ بالانقباض والضيق.
“وهناك مشكلةٌ أخرى.”
“مشكلة؟ أيّ مشكلة؟”
“إنه، بخصوص القائدة …”
“أنا؟”
“عَلِمت عائلة القائدة بأمر إصابتكِ.”
“عائلتي؟ هل تقصد بالعائلة السيدة دوريس والشقيقين جيناتا وزاكاري؟ لا بد أنهم كانوا قريبين حينها.
“….؟ ما المشكلة؟”
تنهّد كارلوس ردًّا على سؤالي وهزّ الجرس على الطاولة.
رنين، رنين.
ثم استطعتُ سماع وقع خطواتٍ مَهيبةٍ للغاية خارج غرفة المرضى.
‘ماذا؟’
أملتُ رأسي في حيرة، ما زلتُ غير قادرةٍ على استيعاب الموقف.
توك.
ثم فُتِح الباب.
ظهر مايكل وماركيز إلفينجتون عند باب الغرفة، كانت ملامحهما متجهّمة.
“الماركيز الشاب؟ والماركيز أيضًا؟”
أملتُ رأسي باستغراب، لأنني لم أتوقّع رؤيتهم في مقرّ الفرسان للوسام الثالث.
“ما الذي أتى بكم إلى هنا … آغه.”
كنتُ على وشك أن أسألهم عن سبب وجودهم هنا، لكن حلقي آلمني وسعلتُ فجأة.
ازدادت تعابير الرجلين شدّةً عندما رأوني.
تجهّم وجه مايكل، وازداد وجه الماركيز إلفينجتون تصلبًا، كما لو كانوا … قلقين عليّ.
‘إنهم قلقون عليّ.’
لم يكن الأمر مستحيلًا.
لقد انكشفت علاقتي الممتلئة بالحبّ والكراهية مع مايكل من قبل، وأصبحنا مقرّبين جدًا من خلال تدريب الجحيمي الخاص به.
وكان الماركيز إلفينجتون قد أعرب عن قلقه عليّ من قبل، وسألني ‘هل تتناولين طعامكِ بانتظام؟’.
لكن الشيء الذي ما زال يحيّرني هو سبب قلقهم عليّ ‘إلى هذه الدرجة’.
مَن يرَ التعبير الذي يصنعونه على وجوههم سيظنّ أنني قد عدتُ من الموت.
“معذرةً؟ أنا بخير … كحح.”
كنتُ على وشك أن أقول أنني بخير، لكنني سعلتُ مجددًا.
ارتفع شيءٌ ما في حلقي، وضعتُ يدي على فمي بسرعةٍ ورأيتُ دمًا يلطّخها.
هاه؟ ما هذا؟ لم يكن جرحًا خطيرًا حتى.
حدّقتُ بكارلوس مذهولة.
هزّ كارلوس رأسه، كما لو كان يُثبِت براءته.
بدا وكأنه يقصد ‘رغم ما يبدو عليه، إلّا أنه ليس جرحًا خطيرًا.’ …
“إيليا.”
“أنتِ …”
المشكلة أن مايكل وماركيز إلفينجتون لم يعتقدا ذلك.
عندما رأى الرجلان دمي، اقتربا مني بتعبيراتٍ متغيّرة.
رأيتُ كارلوس ينهض ببطءٍ ويغادر غرفة المرضى.
‘كارلوس، لا تذهب! لا تتركني وحدي!’
صرختُ في داخلي، لكن دون جدوى.
أُغلِق الباب بصوتٍ خافت، تاركًا إيّانا، عائلة إلفينجتون، وحدنا في الغرفة.
“معذرةً، أنتما الاثنان. لا أعرف ما تفكّران به، لكنني بخير.”
“تقولين إنكِ بخير، ومع ذلك ترقدين في سرير المشفى؟”
خفض مايكل صوته متوتّرًا.
“هذا … أنا بخير الآن …”
“سمعتُ أنكِ خُنِقتِ.”
نظر إليّ مايكل بعينين ملؤهما الندم.
“والصفيق الذي فعل هذا بأختي لا يتم استجوابه حتى الآن، إنه فقط مسترخٍ في مكانٍ مريح.”
… هل تُسمّي عادةً الاحتجاز هو الاسترخاء في مكانٍ مريح؟
كنتُ أشعر بالفضول، لكن المزاج لم يكن مناسبًا لطرح هذا النوع من الأسئلة.
“ذلك الوغد …”
شدّ مايكل على قبضته، وانكسرت القضبان الجانبية للسرير تحت وطأة يديه بصوتٍ مكتوم.
فزعتُ، فنظرتُ إليه في رعب.
معذرةً، لقد اشتريتُ كلّ هذا بمالي الذي كسبتُه بشقّ الأنفس. لذا، هل يمكنكَ أن تهدأ من فضلك؟
“سأتأكّد من أن يُحكَم على ذلك الوغد، ويُعاقب، ثم يُزَجُّ به في السجن.”
لكن مايكل لم يُبدِ أيّ علاماتٍ على الهدوء.
نظرتُ إلى ماركيز إلفينجتون، متوسّلةً أن يُهدِّئه.
لكن ماركيز إلفينجتون كان في حالةٍ مماثلةٍ لمايكل.
“أتفقُ معك، مايكل. قلتَ أن اسمه إيان ميلاسون. سأتأكّد من أنه لن يرى نور النهار مرّةً أخرى.”
عن ماذا يتحدّث هؤلاء الناس!
بالطبع، إيان ميلاسون شخصٌ شريرٌ ويستحق العقاب لتهديده المدنيين الأبرياء، لكن …
“إيليا، هل أنتِ بخير؟”
بينما كنتُ أفكّر في عقاب إيان ميلاسون، سمعتُ صوت مايكل فجأة.
“بصرف النظر عن إصابة رقبتكٓ، هل هناك أيّ إصاباتٍ أخرى؟ لدرجة أنكِ فقدتِ الوعي، كم شدّ ذلك الـ …”
لم يستطع مايكل الاستمرار، وعضّ على شفتيه.
رأيتُ عينيه ترتعشان بشكلٍ لا إرادي.
… رؤية ذلك جعلتني أشعر بغرابة.
حتى الآن، كنتُ أعتقد أن لا أحد يهتمّ لأمري سوى كارلوس.
لكن الآن، أن يكون هناك شخصٌ قريبٌ مني يهتمّ لأمري … بصراحة، كنتُ سعيدةً بمعرفة ذلك.
“أنا بخير.”
قلتُ مرّةً أخرى.
حدّق بي مايكل بنظرةٍ فارغةٍ وأطلق تنهيدةً طويلة.
“ياللراحة.”
كانت تلك الكلمات صادقةً حقًا.
“إذن كلّ ما تبقّى هو أن أقطع أطراف إيان ميلاسون اللعين.”
لكن هذا الرجل …
هل من المقبول لشخص يُدعى قائد الفرسان أن يتولّى مَهامًا رسميةً بمثل هذه المشاعر الشخصية؟
نظرتُ إليه في حيرة، ثم سمعتُ سعالاً عالياً بعض الشيء قادماً من جانبي.
كان ماركيز إلفينجتون.
على عكس مايكل، الذي أصبحتُ قريبةً منه، كانت علاقتي مع ماركيز إلفينجتون لا تزال مُحرِجة.
لم أكن قادرةً على إخفاء حرجي، لذا حدّقتُ به فقط. أزال ماركيز إلفينجتون يده عن فمه وحدّق بي باهتمام.
“إيليا.”
تحدّث ماركيز إلفينجتون.
هل سيقلق عليّ هذا الشخص، مثل مايكل، ويسألني إن كنتُ بخير؟
كان هذا ما فكرتُ فيه في تلك اللحظة.
“لقد أحسنتِ صُنعاً في اتّخاذ القرار الصائب في موقفٍ حرج، إنقاذ المدنيين، وإخضاع إيان ميلاسون.”
في اللحظة التي خرجت فيها كلمة ‘أحسنتِ صُنعاً’ من فم ماركيز إلفينجتون، لُجِم لساني من الصدمة.
هل سمعتُ حقاً ماركيز إلفينجتون يقول إنني أحسنتُ صُنعاً؟ من ‘ذلك’ الماركيز إلفينجتون؟
خفضتُ رأسي بسرعة.
شيءٌ ما، سواء كان يعود لإيليا أو لي، اندفع فجأةً في داخلي.
ما هذا بحق الجحيم، كيف يُمكن لشيءٍ كهذا أن يظهر فجأةً؟
“أنا …”
“لا تفكّري في أيّ شيءٍ آخر اليوم، استريحي فحسب.”
مع ذلك، استدار ماركيز إلفينجتون، ويداه خلف ظهره.
رأيت مايكل ينظر بيني وبين ماركيز إلفينجتون، وقد بدت على وجهه علامات الارتياح.
لم أستطع أن أقول شيئًا، لذا بقيتُ في حالة صمتٍ لفترة.
* * *
كانت كلمات كارلوس بأن الجُرح ليس خطيرًا صحيحة.
بعد ثلاثة أيام في المشفى، تمكّنتُ من الكلام والحركة بنشاطٍ وغادرتُ غرفة المرضى.
“سيدتي! لقد خرجتِ من المستشفى.”
“كنتِ رائعةً حقًا في ذلك اليوم.”
“كما هو متوقّعٌ منكِ، سيدتي القائدة!”
بعد أن تلقّيتُ ترحيبًا حارًّا من فرسان الوسام الثالث، توجّهتُ مباشرةً إلى مقرّ الفرسان.
كنتُ هناك للتحقيق ومحاكمة إيان ميليسون، الذي كان احتجازه لا يزال مستمرًّا.
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1
التعليقات لهذا الفصل " 51"