“ما قلتُه بالضبط. السيد إيان ميلاسون يجلس في المقهى ويرفض المغادرة حتى بعد أن طُلِب منه المغادرة. وهو لا يكتفي بالجلوس، بل يلجأ إلى القوّة، مما صعّب الأمور كثيرًا.”
تحدّث سيزاري بإلحاح.
“ماذا؟”
“القوة؟”
صرختُ أنا وكارلوس في آنٍ واحد.
“لحسن الحظ، لم يتأذَّ أحد، لقد حطّم أثاث المقهى فقط … لكننا لا نعرف ما سيحدث. أعتقد أن عليكِ المجيء بسرعة.”
دون تفكير، هرعتُ إلى المقهى بعد سماع كلمات سيزار.
تَبِعني كارلوس وسيزار.
بدا المقهى المكوّن من طابقين، الواقع أمام مقرّ الوسام الثالث، والذي يُقدِّم الشاي والقهوة للفرسان، هادئًا ومسالمًا من الخارج.
لكن نظرةٌ خاطفةٌ من خلال النافذة الزجاجية كشفت أن الأمور لا تسير على ما يرام في الداخل.
“هل هذا إيان ميلاسون؟”
“نعم، هذا صحيح.”
أشرتُ إلى الرجل الوسيم ذي الشعر القمحي الداكن والعينين الخضراوين، كما هو موصوفٌ في النص الأصلي، وسألتُ، فأومأ سيزار برأسه.
“… يا له من عملٍ رائعٍ ليقوم به!”.
سمعتُ كارلوس يتمتم بازدراءٍ من جواري.
وكما قال، كان استبداد إيان ميلاسون في المقهى خطيرًا للغاية.
“كم كوبًا قد كسر؟”
تمتمتُ مصدومةً من المشهد. بجانب إيان ميلاسون، كانت كومةٌ من الأكواب المكسورة ملقاةٌ جانبًا، وشظايا أباريق الشاي تُرى من حينٍ لآخر.
وخلف المنضدة، وقف صاحب المقهى شاحب الوجه متيبّسًا.
للحظة، التقت عينيّ بعيني إيان ميلاسون.
‘… ياللجنون في عينيه.’
بطريقةٍ ما، كانت عينا إيان ميلاسون تحملان لمحةً شرسةً وغير وديّةٍ إطلاقًا.
‘الأمر غريب.’
كان إيان ميلاسون شريرًا، لكنه كان هادئًا تمامًا حتى داس أحدهم على ذيله. كيف يُمكن أن يحدث هذا؟
كنتُ في حيرة، لكن لم يكن لديّ وقتٌ للتفكير طويلًا.
“هل يجب أن نعتبره قد أخذ رهينة؟”
سأل سيزار، فتردّدتُ للحظةٍ قبل أن أومئ.
“سأعتبر هذه أزمةً من المستوى الثاني واجمع الفرسان. سلِّح الرجال واستدعِ خبيرًا في التفاوض.”
أعطيتُ سيزار الأمر، وقرّرتُ أنا وكارلوس مواجهة إيان ميلاسون في الوقت الحالي.
“… إيليا إلفينجتون؟”
في تلك اللحظة، رآني إيان ميلاسون وتمتم باسمي.
همم، هكذا تُدار مواقفٌ كهذه.
التفاوض مع خاطف رهائن هو عمل المُفاوضين المحترفين، لذلك لم أتعلّم الكثير عنه من قبل.
أثناء بحثي في ذكريات إيليا، تذكّرتُ بشكلٍ غامضٍ قِسمًا من دليل الفرسان حول حالات احتجاز الرهائن، لكن لم يكن هناك دليلٌ يُحدِّد متى يكون الشخص الذي يريده خاطف الرهائن هو أنا.
“أجل، أنا إيليا إلفينجتون.”
مع ذلك، وافقتُ، مُعتقدةً أنه من الأفضل صرف الانتباه عن صاحب المقهى المدني الأعزل إليّ.
عندها، اتّسعت عينا إيان ميلاسون.
“إيليا إلفينجتون …”
تمتم إيان ميلاسون باسمي مجدّدًا وأمال رأسه.
بدا عليه الارتباك، وضاقت حاجباه بعُقدة.
“لماذا عليّ … آه.”
عبس إيان ميلاسون فجأةً وأمسك رأسه بكلتا يديه.
“رأسي … يُؤلمني بشدّة …!”
ازدادت نظرة إيان ميلاسون شراسةً. بدأت طاقةٌ غريبةٌ تتدفّق من حوله.
غريزيًا، عرفتُ أن عليّ اتخاذ قرارٍ بسرعة.
“سير إيباخ، لا أعتقد أن لدينا وقتًا لانتظار الدعم.”
همستُ لكارلوس.
“سأتحرّك وأُخضِعُ إيان ميلاسون. إنه يُريدني أنا، لذا من الأفضل أن أتقدّم. هل يمكنكَ توفير حماية؟”
تردّد كارلوس للحظة، ثم أومأ برأسه.
شعر هو أيضًا أن إيان ميلاسون يتصرّف بريبةٍ غير معتادة.
“سأتأكّد من عدم تعرّض القائدة لأذى.”
ملأتني كلماته بشعورٍ من الطمأنينة.
عرض عليّ بطل رواية أكشن حمايتي، فما الذي سيكون الأكثر أمانًا من هذا؟
لحسن الحظ، كان إيان ميلاسون على الأرض، يشكو من صداع، لذا لم تكن هناك حاجةٌ لتحديد الوقت.
“الآن!”
همستُ لكارلوس، ثم ركلتُ الباب ودخلتُ المتجر.
اقتربتُ من إيان ميلاسون بسرعةٍ لم يستطع معها حتى الرّد، ولففتُ ذراعه خلف ظهره وركلتُ ركبته.
“آه!”
تأوّه إيان ميلاسون وسقط على ركبتيه.
رأيتُ شظايا فنجان الشاي المكسور تغوص في ركبته. آغه، هذا يبدو مؤلمًا.
لكن الآن لم يكن الوقت مناسبًا للقلق بشأن ذلك.
“كارلوس، أسرِع، أعطِني شيئًا لأربط هذا الرجل …”
كنتُ على وشك الصراخ لتقييده.
“آآه!”
رمى إيان ميلاسون ذراعي بعيدًا بقوّةٍ هائلة، تكاد تكون غير بشرية.
لم تمضِ سوى لحظةٍ قبل أن يُمسك إيان ميلاسون برقبتي ويضربني بالحائط.
“آه!”
تأوّهت لا إراديًا، وبدأت رؤيتي تدور.
في تلك الرؤية المشّوشة، رأيتُ وجه كارلوس يتلوّى، وخوفًا ما يملأ عينيه البنيّتين.
“سيدتي!”
“لا!”
منعت كارلوس من سحب سيفه والاندفاع نحو إيان ميلاسون.
“ماذا تقصدين بـ ‘لا’؟”
“احمِ السيد غراف أولًا!”
كان غراف هو اسم صاحب المقهى، الرهينة.
توقّف كارلوس، كما لو أنه استيقظ من حلم، ثم اقترب من السيد غراف.
“آه، آه …”
حتى حينها، ازدادت قبضة إيان ميلاسون قوّة، مما جعلني أتنفّس بصعوبة.
“أ- أيّها الفارس …”
“لا بأس. سأحميك، لذا انهض.”
بدا مشهد كارلوس وهو يرفع السيد غراف، الذي انهار جالسًا، مؤثّرًا.
نعم، هذا هو واجب الفارس حقًا.
أخرج كارلوس السيد غراف من المقهى. ثم سلّمه إلى فرسان الوسام الثالث المتجمهرين.
كان صبر كارلوس قد بلغ ذروته.
بمجرّد أن تأكّد من أن الفرسان يحمون السيد غراف بأمان، التفت إلى إيان ميلاسون ودخل.
اقتحم المقهى لإنقاذي، ودون تردّد، ضرب إيان ميلاسون في مؤخّرة رأسه، فأُغمي عليه واختفت قبضته عن عنقي.
“هل أنتِ بخير؟!”
سأل كارلوس بإلحاح بينما كان سيزار والفرسان الآخرون يقيّدون إيان ميلاسون.
“آه، سعال.”
أردتُ الرّد على كارلوس، لكن صوتي لم يخرج. انهمرت دموعي، وشعرتُ بألمٍ في حلقي ورئتيّ كما لو أن أحدهم مزّقهما بسكين.
“سُحقًا، أيّتها القائدة …”
رفعني كارلوس بحذرٍ من مكاني.
“امشِ ببطء. الفريق الطبي على أهبّة الاستعداد.”
شعرتُ بالارتياح لسماع ذلك. لأنني كنتُ على وشك أن أفقد وعيي.
“احذري.”
أمسكني كارلوس وأنا أترنّح على وشك السقوط على الأرض، حيث تناثّرت شظايا فناجين الشاي المكسورة.
“هذا لن ينفع. ربما لن تسامحيني أبدًا على هذا، لكن أرجو أن تتفهّمي لمرّةٍ واحدةٍ فقط.”
ثم تغيّر مجال رؤيتي فجأةً بشكلٍ غريب.
“مهلاً…! آغه.”
أدركتُ متأخّرةً أن كارلوس قد حملني. وفي وضعية الأميرة!
“لا تتحرّكي. هل تريدين أن تسقطي؟”
سأل كارلوس بشراسة، ولأنني لم أُرِد أن أقع بين شظايا الخزف الحادّة، وضعتُ رأسي أخيرًا بهدوءٍ وطاعة بين ذراعيه.
ثم، وللمفاجأة، شعرتُ بالراحة تغمرني.
شعرتُ أيضًا بالارتياح، لمعرفتي أن كارلوس يحميني حقًا.
كانت هذه هي المرّة الأولى التي يحتضنني فيها أحدهم هكذا.
حتى قبل أن أتجسّد في جسد إيليا، لم يسبق أن احتضنني أحدهم بهذه الطريقة.
لم يكن مكانًا يحدث فيه أيّ خطرٍ يستدعي أن يتمّ احتضاني هكذا.
طقطقة، طقطقة.
مع كلّ خطوةٍ يخطوها كارلوس، كنتُ أسمع صوت شظايا الخزف وهي تتكسّر تحت وقع خطوات حذائه.
كان الصوت أشبه بتهويدة، فأغمضتُ عينيّ برفقٍ وواصلتُ السعال.
إنه مشابهٌ لما شعرتُ به من قبل، ولكنه أكثر حلاوةً وشدّة. وكأن الحلوى ذابت داخلي حتى تحوّلت إلى غاز …
“… سيدتي؟”
سمعتُ صوت كارلوس يناديني.
لكنني لم أستطع الرّد. ليس لأن حلقي يؤلمني.
بل لأني غفوتُ في نومٍ عميقٍ وهادئ، أوّل نومٍ هانئٍ أشعر به منذ دخولي هذا العالم.
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
تجدون الفصول المتقدمة لغاية نهاية الرواية على قناة التيلجرام، الرابط: Link
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 50"