اندفع المُلحِدون، المتأهّبون بالفعل، فور أن لاحظوا اقتراب الفرسان.

 

“وااااااه!”

 

دوى هديرٌ في أرجاء الجبل.

 

لكن صيحاتهم كانت خافتة.

 

لقد بذلوا جهدًا كبيرًا في الحراسة عند سفح الجبل، وقد أضعف هذا قوّتهم.

 

من ناحيةٍ أخرى، كان فرسان الوسام الثالث، الذين استولوا على زمام المبادرة، نشيطين.

 

“سحرة! حوالي خمسة أو ستة منهم!”

 

تعرّف سيزار، الذي كان يسير في المقدّمة، على السحرة من بين المُلحِدين المتدفّقين وصاح.

 

في الوقت نفسه، تدفّقت مادّةٌ لزجةٌ من رؤوس عصي السحرة.

 

“موجةٌ أخرى من الوحل!”

 

صرّ سيزار على أسنانه وصاح بنبرة اشمئزاز.

 

أثناء قتاله ماتاتا، أدرك مدى خطورة وقسوة سربٍ من المادّة اللزجة.

 

ارتسمت على وجوه الفرسان الآخرين نظرة اشمئزاز.

 

 في تلك اللحظة. 

 

“أحنوا رؤوسكم جميعًا!”

 

صرخ كارلوس، الواقف بجانبي، بصوتٍ مدوٍّ.

 

تعرّف الفرسان على صوته، فأخفضوا رؤوسهم، ثم استلّ كارلوس سيفه ولوّح به بعنف.

 

ثم حدث أمرٌ لا يُصدَّق.

 

طارت الرياح الناتجة عن أرجحة سيفه، قاطعةً الكائنات اللزجة المندفعة نحونا إلى نصفين، فقتلتهم.

 

بوم، بوم!

 

انفجرت الكائنات اللزجة.

 

‘ما هذا؟ هل هذا ممكنٌ بقوّة البشر؟’

 

نظرتُ مصدومة، ورأيتُ كارلوس، وقد بدا عليه الإرهاق، يستعيد الخنجر من أوّل حارسٍ هزمه.

 

“إلى ماذا تنظرون؟ تقدّموا إلى الأمام!”

 

صرخ كارلوس، وهو يستعيد الخنجر. رفعتُ سيفي بسرعةٍ وضربتُ أحد المُلحدين المندفعين نحوي.

 

“لقد كان من الممكن أن يحدث أمرٌ خطير!”

 

قال كارلوس وهو يمسك خنجرًا بيده اليمنى وسيفًا طويلًا بيده اليسرى، واقفًا أمامي وكأنه يحميني.

 

“آغه، سيحين موعد أَوجِنا قريبًا … آه!”

 

استخدم كارلوس خنجره لقتل المُلحِد الذي ضربتُه للتوّ.

 

أوجعني رؤية أحدهم يموت أمام عيني.

 

في ماتاتا، كان الخصم ساحرًا، وبدا غير إنسانيٍّ تمامًا، فشعرتُ أن الأمر أقلّ واقعية، لكن الآن هو …

 

“لا وقت للتفكير. سأُلاحق الساحر فورًا.”

 

نظرتُ إلى الجثّة للحظة، ثم أعادني صراخ كارلوس إلى وعيي.

 

“نحن في خضمّ عملية إخضاع. لا وقت للتردّد.”

 

“هيا بنا.”

 

قلتُ لكارلوس، وأنا أُعيد التشديد قبضتي على سيفي.

 

أومأ كارلوس برأسه وانضمّ إلى المعركة بين المُلحدين والفرسان.

 

منذ ذلك الحين، قتل كارلوس عددًا لا يُحصى من المُلحدين، كما استطعتُ إخضاع عددٍ منهم. لم تكن هزيمة المُلحدين أمرًا صعبًا.

 

المشكلة كانت السحرة.

 

كان ستّة سحرة، بحماية المُلحدين، يفعلون شيئًا غير عاديٍّ في قلب المخبأ.

 

“سير جيروتي! لا تَدَع المزيد من المُلحِدين يقتربون من هنا! سأتولّى أنا والقائدة أمر السحرة!”

 

صرخ كارلوس مُخاطِبًا القوّة الرئيسية، وقاد سيزار القوّة الرئيسية وبدأ بمرافقتنا.

 

تجاوزتُ أنا وكارلوس، بحماية سيزار، المُلحِدين واقتربنا من السحرة الستة.

 

وقف السحرة الستة على شكل نجمةٍ سداسية، يتمتمون بكلمات.

 

عندما أدركتُ ما يفعلونه، تسارعت دقّات قلبي في رعب الموقف.

 

هذا استدعاء وحش!

 

إذا نجحت هذه التعويذة، سيظهر وحشٌ مرعبٌ يحمل سيفًا ناريًا، وستكون فرصنا في الفوز ضئيلة. 

 

‘هل كان هناك مشهدٌ كهذا في عملية الإخضاع الثانية في النسخة الأصلية؟’

 

لا أعتقد ذلك …

 

لم يكن لديّ وقتٌ للتفكير مليًّا.

 

شعرتُ وكأن شيئًا ما على وشك الانفجار من دائرة السحرة في أيّ لحظة.

 

“سير إيباخ، دعنا نتعامل مع السحرة أولًا!”

 

“فكرةٌ جيدة.”

 

استشعر كارلوس الأجواء الخطرة المنبعثة من دائرة السحرة، فتبع خطّتي دون أن ينبس ببنت شفّة.

 

بينما اقتربتُ من السحرة، انفجرت مادّةٌ لزجةٌ ملتهبةٌ من مكانٍ ما.

 

لوّحتُ بسيفي وقطعته إلى نصفين، لكنه لم يمت.

 

نقرتُ بلساني على الوحل اللزج، بينما لا تزال أجسادهم المنقسمة تهاجمنا.

 

“ألا ينبغي لشخصٍ واحدٍ أن يتعامل مع الوحل بينما يتعامل الآخر مع السحرة؟”

 

“سأعتني بالوحوش.”

 

كنتُ أعلم أن كلمات كارلوس كانت مُلِحّة، لكنني حدّقتُ به لا شعوريًا.

 

“ألن يكون من الأفضل لو أخذتَ السحرة؟”

 

“للوحوش قوّةٌ قتاليةٌ أكبر. من ناحيةٍ أخرى، السحرة عُزَّل، يُتقنون تعاويذهم.”

 

هزّ كارلوس رأسه وقال.

 

“لذا، اذهبي إلى السحرة.”

 

كان يَفترِضُ أنه أقوى مني، لكنني لم أشعر بالسوء إطلاقًا.

 

في الواقع، كنتُ قلقةً بشأن ما إذا كنتُ سأنجح، وكان قلبي يخفق بشدّة.

 

“حسنًا.”

 

لكنني لم أستطع التراجع، فأومأتُ برأسي.

 

بينما كان كارلوس يُقاتِل الوحل، ركضتُ بأقصى سرعتي، مُقتربةً من السحرة.

 

“… متى؟!”

 

كان السحرة، غير مُدركين لشجاعة كارلوس، مُذعورين من رؤيتي أخترق الوحل الناري. 

 

“لا! سيظهر سيد العالم السفلي العظيم قريبًا في هذا العالم…!” 

 

دون أن أُنصت، لوّحتُ بسيفي بيدي اليسرى.

 

ثم سقط الساحر الذي كان أمامي.

 

كان شعور السيف يخترق جسده حقيقيًا جدًا، حتى أنه أصابني بالقشعريرة.

 

لكنني لم أتردّد أو أتلكّك.

 

كنتُ أعلم أن حياتي في خطر إن لم أقتل هؤلاء الرجال فورًا.

 

وكان ذلك عندما هزمتُ ساحرًا واحدًا، اثنين، ثلاثة، أربعة.

 

“أنا ولاريا لن نُقتَل بسهولة!”

 

سحب الساحر الخامس خنجره، ليحمي الساحر السادس، الذي كان يُدعى لاريا.

 

أوحى تشابه مظهرهما بأنهما شقيقان أو من عائلةٍ واحدة.

 

“أخٌ يحمي أخاه الأصغر … في ظلّ الوضع الحالي، أبدو كالشريرة.”

 

لكن بالنظر إلى تشكيل السحرة الذي تحت قدميّ، أدركتُ أن الأمر ليس كذلك.

 

كان التشكيل مطليًّا بدماءٍ بشرية، وفي وسطه جماجمٌ صغيرةٌ لا تُحصى متراكمة.

 

كان ذلك دليلًا على أنهم ضحّوا بالبشر لاستدعاء وحوش. 

 

“تُقدِّمون البشر كقرابين، أيّها الأوغاد البغيضون.”

 

صررتُ على أسناني، وواجهتُ الساحر الخامس.

 

بالنظر إلى طريقة إمساكه بخنجره، لم يبدُ مُبارِزًا ماهرًا، لكنني لم أستطع التراخي عندما كان خصمي يحمل سلاحًا.

 

“يااااه!”

 

زأر الساحر الخامس واندفع نحوي.

 

بما أن هجومه كان مليئًا بالثغرات، تجنّبتُ الخنجر بسهولةٍ وطعنتُه في جنبه.

 

“آه … آغه!”

 

تعثّر الساحر الخامس وأسقط خنجره.

 

ركلتُه بعيدًا بقدمي وشاهدتُه يسقط ويلقى حتفه.

 

لم يبقَ سوى واحد.

 

أرجحتُ سيفي جانبًا، وأنا أزيل الدم عنه، وتقدّمتُ للأمام.

 

“أخي!”

 

عرفتُ أن تخميني أنهما كانا إخوةً صحيحًا عندما صرخ الساحر السادس.

 

“أ-أنتِ وحش!”

 

صرخ الساحر السادس في وجهي، والدموع تنهمر على وجهه. حتى أنا شعرتُ بغرابةٍ وأنا أقف أمام صبيٍّ في السادسة عشرة من عمره يبكي.

 

للحظةٍ وجيزة، كانت لحظة تردّدٍ عابرة.

 

“حمقاء!”

 

انفجر الساحر السادس فجأةً في ضحكةٍ جنونيةٍ وركض نحو الدائرة السحرية.

 

“القائدة!”

 

جاءت صرخة كارلوس من بعيد.

 

ولكن كان الوقت قد فات. سيُكمِل الساحر السادس الدائرة السحرية أسرع من اندفاع كارلوس.

 

“لا بأس!”

 

صرختُ لكارلوس، ثم، كما فعل سابقًا، أرجحتُ ذراعي للخلف ورميتُ سيفي.

 

طار السيف الطويل بسرعةٍ مذهلةٍ واخترق ظهر الساحر السادس وهو يُكمل الدائرة السحرية.

 

“آآه!”

 

مات الساحر السادس على الفور.

 

وفي الوقت نفسه، اختفت ألسنة اللهب النارية التي كانت مستعرةً في كلّ مكان. عندما أدرك المُلحِدون أن ألسنة اللهب النارية قد اختفت وأن جميع السحرة قد ماتوا، فقدوا هم أيضًا عزيمتهم على القتال، وألقوا أسلحتهم واستسلموا.

 

“أيّتها القائدة!”

 

كان كارلوس أوّل مَن اقترب مني، مناديًا عليّ.

 

“أحسنتِ. لا تتخيّلين كم كنتُ مذهولاً في النهاية …”

 

توقّف كارلوس، عندما رأى يدي اليمنى ترتجف بشدّة.

 

“أيّتها القائد، من المستحيل أن …”

 

“هذا ما حدث.”

 

رفعت يدي اليمنى المتهدّلة بيدي اليسرى وابتسمتُ بسخرية.

 

“لقد رميتُ السيف بذراعي التي أَلَفَت الحركة في اللحظة الأخيرة.”

 

استخدمتُ يدي اليمنى.

 

وكانت يدي اليمنى، بعد أن رمت السيف بقوّة وشدّة، في حالةٍ خطيرة.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄

ترجمة: مها

انستا: le.yona.1