“أنا … احم.”
ابتعد مايكل خطوةً عني وجلى حلقه.
“يسعدني أنكِ تفهمين ذلك.”
تحدّث بنبرةٍ بدت وكأنه تم إجباره على أن يكون صريحًا.
‘أصبح المزاج جيدًا.’
لكن المزاج الجيد لم يدم طويلًا.
“إذن قولي إنكِ لن تُشاركي في الحملة.”
كان مايكل يُصدِر أوامر لم تكن لطيفةً على الإطلاق.
“أنتَ تعلم أنني لا يُمكنني فعل هذا، أليس كذلك؟”
اعترضتُ على الفور. عندها، ارتفع أحد حاجبي مايكل بشكلٍ خفيف.
“ألم تقولي للتوّ أنكِ فهمتِ ما كنتُ أقوله؟”
“فهمتُه. لكن إذا كنتُ لا أُريد التنحي عن منصب القائد، فعليّ المُشاركة في الحملة. و … أنا متأكدةٌ من أن الماركيز يُريد ذلك أيضًا.”
تصلّب وجه مايكل عند ذِكر الماركيز إلفينجتون.
همم، كما هو متوقّع، يبدو أن الماركيز إلفينجتون يعتقد أنني يجب أن أُشارِك أيضًا. لكن لماذا يُعارِض مايكل الأمر؟
‘هل يمكن أن يكون ذلك لأنه قلقٌ عليّ حقًا؟’
بالنظر إلى عادة إيليا في وصف مايكل بـ’المتحجّر’ ونفور مايكل من ‘أخي’، بدا الأمر مستبعدًا.
أيضًا، لو تجاهلتُه، لصعّب عليّ خروجه السريع والمُباشِر مبكّرًا.
همم … هل يمكنني تفسير هذا على أن هذين الشقيقين يكنّان حبًّا وكراهيةً متبادلين لبعضهما البعض؟
على أيّ حال، لنعد إلى الموضوع المطروح.
“إذا عارض الماركيز مشاركتي في الإخضاع، فسأتوقّف.”
عبس مايكل، عاجزًا عن إيجاد الكلمات المناسبة.
“ويبدو أن الماركيز موافقٌ بالتأكيد؟ إذًا هذه هي نهاية القصة.”
بعد ذلك، استدرتُ لدخول القصر.
“…وأبي أيضًا.”
بدأ مايكل حديثه بصوتٍ خافتٍ وهادئ.
“أنا متأكدٌ من أنّ أبي أيضًا .. لا يريد أن تُصابي بأذًى خطيرٍ بعد الآن.”
تكلّم مايكل، ولم أُصدِّق ما سمعتُه حيث كان مضمونه غير متوقعًا.
“في الواقع، بعد مبارزتكِ للسير جيروتي آخر مرّة …”
وقبل أن يكمل مايكل حديثه، سمعتُ صوت أحدهم.
“يا إلهي، إيليا! لقد أتيتِ مبكّرًا اليوم.”
سمعتُ صوتًا مألوفًا، ولكنه مُرعِبٌ في الوقت نفسه، من خلفي.
التفتُّ لأرى امرأةً في منتصف العمر بشفاهٍ حمراء فاقعة وابتسامةٍ أنيقة.
كانت السيدة دوريس.
واو، لستُ مسرورةً برؤيتكِ حقًّا!
ظننتُ أنني كنتُ أتجنّبها جيدًا حتى الآن، ولكن لماذا ظهرت السيدة دوريس هنا تحديدًا؟
بصرخاتٍ داخلية، أجبرتُ نفسي على الابتسام للسيدة دوريس.
“لقد مرّ وقتٌ طويل …”
حتى أنني قدّمتُ لها تحيةًّ مهذّبة.
“… سيدة دوريس.”
خاطبتُها باللقب الصحيح.
عبست المرأة بشدّةٍ عند استخدام لقب ‘سيدة دوريس’ بدلًا من ‘أمي’، وهو لقبٌ يكشف بوضوحْ عن مكانتها، على الرغم من لقبها كماركيزة إلفينجتون.
ما رأيك؟ لطالما عامَلتِ إيليا دائمًا كأنّها حشرة، ألستِ منزعجةً وأنتِ الآن تتعرّضين للمعاملة نفسها؟
كان عليكِ أن تَعرفي حدّكِ. حتى الفأر إذا حُوصِر قد يعضّ القط.
‘بالطبع، لا أقول إنني فأر، وبالتأكيد لا أقول إن السيدة دوريس قطة.’
وبينما كنتُ أفكّر في هذا، رفعت السيدة دوريس حاجبيها باستغراب.
“إذن، الآن تعرفين كيف تحيّيني بشكلٍ لائق، إيليا.”
تحدّثت بنبرةٍ متأثرةٍ وفتحت مروحتها.
حملت ريح المروحة الخافقة رائحة عطرٍ قوية.
“لم أقصد ذلك، لكنكما كنتما تتحدّثان بصوتٍ عالٍ لدرجة أنني سمعتُكما من بعيد. بدا الأمر وكأنكما تتحدّثان عن إخضاع الملحدين في وادي لاتام.
لم أُكلِّف نفسي عناء تأكيد أو نفي ذلك. تبادل مايكل النظرات بيني وبين السيدة دوريس بتعبيرٍ غامض.
“يبدو أن مايكل يعارض ذلك، ويقول إن مشاركتكِ يا إيليا خطيرةٌ جدًا.”
غمزت السيدة دوريس لمايكل وقالت.
“إيليا، يبدو أنكِ متردّدةٌ في المشاركة بسبب هيبتكِ …”
حيّرتني كلمات السيدة دوريس اللاحقة.
تساءلتُ لماذا تستخدم كلمة ‘هيبة’ لإخفاء ضعفي.
“إذا كان الأمر كذلك، فلديّ حلٌّ جيد.”
غطّت السيدة دوريس فمها بمروحتها، وعيناها تلمعان.
“سأُرسِل زاكاري مكانكِ. بهذه الطريقة، ستحفظ عائلة إلفينجتون ماء وجهها، وبما أنكِ أرسلتِ عائلتكِ مكانكِ، إيليا، فستكون هيبتكِ في مَأمن. ما رأيكِ؟”
عندما سمعتُ ذلك، خرجت ضحكةٌ جوفاء من شفتي.
‘هذا ما تريدينه إذًا.’
إذا تم إقصائي، فسيُتيح ذلك فرصةً لزاكاري، الذي كان يتطلّع بشغفٍ إلى المنصب الشاغر.
إذا كان زاكاري يشارك بالفعل في الإخضاع، لكان ينوي إضافة جنود عائلة إلفينجتون الخاصّين لحمايته من الخطر.
وكما فعلت إيليا حتى الآن، سينسِب الفضل لنفسه وليس لكارلوس.
‘متى ستدرك السيدة دوريس أنه حتى لو تنحّيتُ جانبًا، فلن يكون هناك أيّ أملٍ في أن يحُلَّ زاكاري مكاني؟’
في هذه اللحظة، انتابني فضولٌ شديد.
“أجِبني. ماذا سيحدث إذا خرج زاكاري بدلاً مني؟”
على أيّ حال، كان من الواضح أن السيدة دوريس لن تدرك ذلك فورًا.
بإلحاح السيدة دوريس، التفتُّ فورًا إلى مايكل.
عبس مايكل، كما لو كان يتألّم.
أدرك مايكل أنه ما دامت السيدة دوريس تدخّلت وتنافسني على المنصب، فلن أستطيع ترك الإخضاع. أومأ مايكل، وكان تعبيره كأنه يتجرّع ماءً مُرًّا.
“أنا آسف، لكن لا يمكنني الموافقة على ذلك.”
تحدّث بحزمٍ إلى السيدة دوريس.
“ماذا؟ لكن … مايكل، لم تُرِد مشاركة إيليا في الحملة، أليس كذلك؟”
أمسكت السيدة دوريس بمايكل على الفور وسقط تعبيرها الواثق.
تنهّد مايكل، تنهّدًا أطول من ذي قبل.
نظر إلى السيدة دوريس.
“كنتُ قلقًا بشأن ذلك، لكنني غيّرتُ رأيي للتو.”
وأكمل.
“أعتقد أنه من الأفضل لإيليا أن تُشارِك في الحملة.”
“مـ ماذا؟”
احمرّ وجه السيدة دوريس قليلًا من الغضب من كلمات مايكل.
“والدي يريد ذلك أيضًا. لذا أعتقد أنه يجب عليّ الامتناع عن التدخّل في هذا الأمر أكثر من ذلك.”
أكّد مايكل هذه النقطة.
….. قبل قليل، تحدّيتَ معارضة الماركيز إلفينجتون وصرختَ مُؤكِّدًا عدم رغبتكَ في مشاركتي في الحملة.
“آه، هذا صحيح…”
نظرت السيدة دوريس ذهابًا وإيابًا بيني وبين مايكل، ووجهها يملؤه عدم التصديق.
بدا وكأن عينيها تقولان ‘منذ متى أصبحا هذان الاثنان على هذا القدر من الوفاق؟’
“حسنًا … سأدخل إذًا.”
غادرت السيدة دوريس بسرعةٍ وما زالت الحيرة تملأ وجهها.
تنهّدتُ ومرّرتُ يدي في شعري، أراقب هيئتها المنسحبة.
‘الذهاب إلى الإخضاع صعبٌ حقًا.’
لم تعد هناك عقباتٌ الآن، أليس كذلك؟
كانت تلك هي اللحظة التي فكّرتُ فيها بهذا.
“لقد سمحتُ لكِ بالذهاب إلى الإخضاع، لكن هذا لا يعني أنني نسيتُ الخطر الكامن خلف ذلك.”
بعد أن أكّد مايكل أن السيدة دوريس بعيدةٌ بما يكفي، تحدّث.
“ماذا؟ لكن…”
“مقابل السماح لكِ بالذهاب في حملة الإخضاع، هناك شرطٌ واحد.”
“ما هو؟”
“ستصقلين مهاراتكِ من خلال التدريب معي لمدّة أسبوع.”
“هاه؟”
مباراة تدريبٍ فجأة؟ هذا الشرط غير المتوقّع جعلني أتساءل مجددًا.
“لكن يدي اليمنى …”
“لا تقلقي، لن أزيد من مخاطرة حياتكِ بمباراة تدريبٍ متهوّرةٍ تُنهِكُ طاقتكِ.”
ما نوع التدريب الذي تُخطّط له؟ هذا أكثر إثارةً للقلق.
“ماذا سيحدث إذا رفضتُ؟”
“سأُخاطِر مرّةً أخرى وأُبعِدُ زاكاري.”
“…..”
إنه جاد. هذا الرجل جادٌّ في ذلك.
شعرتُ في نبرة مايكل الحازمة عزمه على عدم الاستسلام بعد الآن.
فكّرتُ في الأمر مليًّا، لكنه لم يدم طويلًا.
“… حسنًا.”
في النهاية، إذا أردتُ إخضاع المُلحدين، فعليّ زيادة قوّتي القتالية.
ومايكل هو قائد وسام الفرسان الأول، أشرف فرسان الإمبراطورية وأكثرهم شهرة.
لذا، حتى لو بحثتُ في القارة بأكملها، لن أجد مُعلِّمًا أفضل من مايكل.
“سأفعل.”
“تفكيرٌ سليم.”
بدا مايكل شبه راضٍ عن إجابتي.
“متى سنبدأ مباراة التدريب؟”
“متى؟ بدءًا من اليوم.”
“….”
كما هو متوقّع.
“سنقوم بذلك بعد تناول الطعام، صحيح؟”
“سنفعل ذلك قبل تناول الطعام، وبعد أيضًا.”
“…..”
“اتبعيني الآن.”
نادى مايكل خادم القصر، وأمره بترك حصاني الأسود في عهدته وإخلاء المساحة المفتوحة المستخدمة كساحة عرضٍ مؤقّتة.
تَبِعتُ مايكل إلى المساحة المفتوحة، وأنا أبكي بمرارة.
“التقطي السيف الخشبي، إيليا.”
أومأ مايكل نحو الثكنة المؤقّتة حيث عُلِّقت عدّة سيوفٍ خشبية. اتّبعتُ تعليمات مايكل واخترتُ سيفًا خشبيًا بعناية.
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1
التعليقات