“أجل، سأُشارِك.”
أجبتُ على سؤال كارلوس بصوتٍ حازم.
ارتعشت عينا كارلوس وهو يحدّق بي.
في ذاكرتي، كان المُلحدون يُشكِّلون تهديدًا كبيرًا، لكن وسام الفرسان الثالث لم يفشل أبدًا في إخضاعهم.
والأهم من ذلك كلّه، أنني أعرف القصة الأصلية، لذا سأكون قادرةً على الرّد إذا حدثت أزمة.
إلى جانب ذلك …
“لقد تمكّنتُ أخيرًا من استخدام سيفي مجددًا، وأعتزم التعاون بإخلاصٍ مع العملية، لذا لن أكون عبئًا.”
مع استعادة إيليا لقوّتها تدريجيًا، لم يكن هناك داعٍ للقلق.
“…..”
نظر إليّ كارلوس بتعبيرٍ مُحتار.
“ما الخطب؟ هل هناك شيءٌ على وجهي؟”
شعرتُ بالحرج من تلك النظرة، فهززتُ كتفي بتوتر.
“…لا.”
هزّ كارلوس رأسه.
ثم جمع الوثائق على مكتبه وناولها لي.
“هذه هي الوثائق المُتعلِّقة بهذه الحملة. يُرجى قراءتها بعنايةٍ وتأكيدها والمُوافقة عليها غدًا.”
حسنًا، إذا شاركتُ، فسيكون القرار النهائي لي بطبيعة الحال، لذا يلزم موافقةٌ منفصلة.
“شكرًا لك.”
قَبِلتُ الوثائق.
خفض كارلوس بصره، كما لو لم يكن لديه ما يقوله، وعدتُ أنا أيضًا إلى مكتبي.
عندما عدتُ إلى مكتبي، أغلقتُ الباب فورًا وفتحتُ الوثائق.
“الملحدون هم جماعةٌ غادِرةٌ تستخدم السحر ضد إرادة الإله. إنهم يسعون إلى قلب الإمبراطورية، لذا يجب إخضاعهم.”
احتوت الصفحة الأولى من الوثيقة على وصفٍ سطحيٍّ للملحدين ومسعاهم وأسباب إخضاعهم.
“التضحيات البشرية التي يمارسونها، على وجه الخصوص … آه، إنها مروّعة.”
عبستُ عندما قرأتُ عن طقوس المُلحدين الوحشية.
لكنني لم أستطع تجاهل الأمر، لذلك ثابرتُ. بعد أن انتهيتُ من قسم التضحية البشرية، ظهر أخيرًا الجدول الزمني المُحدَّد للحملة.
“تنقسم حملة الإخضاع إلى ثلاث مراحل، وهذه هي الأولى.”
كُتِب أن المرحلة الأولى كانت في الأساس حملة استطلاع، لذا ستكون هناك مواجهاتٌ مُباشِرةٌ قليلةٌ مع الملحدين.
لذلك، كان عدد القوات المُرسَلة قليلًا أيضًا.
مع ذلك، قال إن معرفة العدو ومعرفة الذات هي مفتاح النصر في كلّ معركة، لذا كانت حملة الإخضاع الأولى، التي تضمّنت أيضًا الاستطلاع، بالغة الأهمية.
بعد قراءة مُخطِّط المرحلة الأول، حوّلتُ نظري إلى المؤحلة التالية.
“الذهاب إلى وادي لاتام، وإخضاع المُلحدين المُتمركزين هناك، واستجوابهم لمعرفة المزيد عن الملحدين في جبال ماسنت … آه، هذا بالضبط ما حدث في النص الأصلي.”
كما هو متوقّع، ومع تطور المعركة، عادت أحداث القصة الأصلية إلى ذاكرتي.
في النص الأصلي، لم تُشارك إيليا في جميع عمليات الإخضاع.
إذن …..
“مع تقدّم حملة الإخضاع، أصبح النقاش حول تعيين كارلوس قائدًا أكثر وضوحًا. ظنّ الجميع أن فظائع إيليا قد بلغت ذروتها.”
لذا مثّل هذا الإخضاع نقطة تحوّلٍ حاسمةٍ بالنسبة لي أيضًا.
“كان سيزار أوّل مَن دافع بنشاطٍ عن تعيين كارلوس قائدًا.”
كان سيزار متعاونًا معي بعد المبارزة، لذا اعتقدتُ أنه لا داعي للقلق بشأنه.
“التالي … السير جيلبرت والسير ميلك.”
لم يكن جيلبرت وميلك بنفس أهمية سيزار في العمل الأصلي.
ومع ذلك، كانا شخصيتين ثانويتين تظهران باستمرارٍ كالتوابل المُكمِّلة، يعملان كدُمى كارلوس، ويلعبان دورًا حاسمًا في كشف فساد إيليا.
“يجب عليّ إقناع هذين الاثنين.”
على الرغم من أنني قد عُدتُ إلى رشدي بعد أن تجّسدتُ، إلّا أن هذا لا يعني أن فظائع إيليا السابقة ستتضاءل أو تختفي.
هذا يعني أنه إذا قرّر جيلبرت وميلك الإبلاغ عن إيليا، فلا سبيل آخر.
“إذن، عليّ بطريقةٍ ما أن أكسب هذين الرجلين إلى صفي. أو على الأقل أجعلهما يشعران بالرّضا عني.”
كانت مَهمّةً صعبة.
على عكس سيزار، الذي كان يُقدِّر الفروسية وكان تقليديًا بعض الشيء، كان جيلبرت وميلك، بعبارةٍ مُلطَّفة، مرنين، وبصراحة، أذكياء.
“همم. ماذا أفعل …”
تصفّحتُ التقرير، مُفكِّرةً في كيفية كسب جيلبرت وميلك إلى صفي.
“… حسنًا، هكذا ينبغي أن يتم الأمر.”
وبعد تفكيرٍ طويل، توصّلتُ إلى طريقةٍ مناسبة.
وكما هو متوقّع، فإن معرفة العمل الأصلي سلاحٌ مفيدٌ للغاية.
بعد تفكيرٍ طويل، ختمتُ الوثيقة بختمي وطلبتُ من سيزار إرسالها إلى كارلوس.
“هل هناك أيّ شيءٍ آخر عليّ فعله؟”
إن لم يكن، عليّ أن آخذ استراحةً سريعة!
ركضتُ بسرعةٍ إلى الخارج.
كان عليّ إحضار بعض كعكات الشوكولاتة.
شعرتُ بتحسّنٍ في معنوياتي بعد استراحةٍ وتناول وجبةٍ خفيفة.
لذا عدتُ إلى مكتبي راضية، عندها لاحظتُ شخصًا يقف بثباتٍ عند الباب.
اقتربتُ منه وأصدرتُ صوتًا، فارتجف الشخص الآخر ورفع رأسه.
“ا- احترامي، سيدتي القائدة!”
“هاه، ما الذي يحدث؟”
“يـ يقول نائب القائد إنه راجع جميع الوثائق ويريد أن يخبركِ أننا نسير كما هو مخطّطٌ له!”
تلعثم صبيٌّ صغير، بدا أنه مرافق كارلوس، بكلماته وهو يُبلِغني.
“أوه، شكرًا لك.”
وجدتُ الصبي ظريفًا، لذا ابتسمت.
اتّسعت عينا الصبي مندهشًا.
“ماذا؟ هل أختلف عمّا سمعتَ عني؟ بالنسبة لشخصٍ وغد، فأنا مهذّبةٌ جدًا، أليس كذلك؟”
الآن وقد اعتدتُ نوعًا ما على ردود أفعال الناس، ضحكتُ بصوتٍ عالٍ ومازحتُ الصبي.
“أ- أنا …. آسف!”
صُدِم الصبي بمزحتي، واعتذر بسرعة.
“لا تعتذر. أعلم أن هذا مُفاجُئ.”
ربتتُّ على رأس الصبي ودخلتُ مكتبي.
ظننتُ أنني سمعتُه يلهث خلفي.
* * *
جلستُ في مكتبي، ولم أستلم أيّ أوراق أخرى، فأضعتُ الوقت وغادرتُ في الوقت المناسب تمامًا لنهاية اليوم.
مغادرة العمل في الوقت المحدّد دائمًا ما تكون ممتعة.
في هذه الأيام، بدا أن كارلوس يثق بي، لذلك لم يتبعني إلى القصر. كانت رحلة العودة إلى المنزل ممتعةً للغاية لدرجة أنني وجدتُ نفسي أُدندن بارتياح.
بينما انطلق رفيقي في الرحلة، الحصان الأسود، إلى الأمام بخشخشة، ظهر مشهد المدينة الذي قبّلته غروب الشمس.
‘الرحلة الاستكشافية بعد أسبوع. لن يحدث شيءٌ سيءٌ حتى ذلك الحين، أليس كذلك؟’
فكّرتُ في ذلك، ودخلتُ قصر إلفينجتون.
“إيليا!”
في تلك اللحظة، سمعتُ صوتًا صارمًا وعاليًا.
أملتُ رأسي، متسائلةً إن كان بإمكان أحدٍ التحدّث بصوتٍ عالٍ كهذا في قصر إلفينجتون. ثم لمحتُ مايكل يقترب مني بتعبيرٍ جادٍّ عبر الحديقة.
“أخي … لا، الماركيز الشاب؟”
“بماذا تفكّرين بحق السماء!”
ناديتُ مايكل، وأنا أنزل عن حصاني الأسود، فأمسك بكتفيّ بإحكام.
“آه، إنه يؤلمني.”
وعندما تذمّرتُ من قبضته الشديدة، أزال مايكل يده بسرعةٍ عن كتفي.
“… أنا آسف.”
أزال يده ببساطة، لكنه لم يبتعد عني.
“على أيّ حال، ماذا الآن؟ هل أخطأتُ مجددًا؟”
تشوّهت تعابير وجه مايكل بكلماتي. كان مزيجًا من القلق والحيرة. تأمّل وجهي للحظة، كما لو كان يحاول فهم ما أفكّر فيه.
كم دام الصمت؟ أخيرًا تحدّث مايكل.
“…سمعتُ أنكِ ستُشاركين في إخضاع الملحدين في وادي لاتام.”
تحدّث مايكل بهدوء.
“آه، هذا.”
“هذا؟ هل تفهمين معنى المشاركة في إخضاع المُلحدين؟”
ازدادت الحيرة على وجه مايكل.
“بالتأكيد أفهم.”
“إذن كان عليكِ أن تقولي إنكِ لن تُشاركي!”
“لماذا؟”
“لأن…”
انقبض فكّ مايكل وصمت.
وقعت عيناه على يدي اليمنى، وزمّ شفتيه.
استطعتُ أن أفهم ما كان يُفكِّر فيه دون أن أسمعه.
“أتظنّ أن إخضاع المُلحدين سيكون خطرًا عليّ؟”
انحنى مايكل للخلف قليلًا، كما لو أن كلماتي قد أصابت عين الحقيقة.
“ها.”
تنهّد مايكل تنهيدةً طويلة. بدا أنه غير سعيدٍ بخوضه نقاشًا طويلًا معي مرّةً أخرى.
“أُدرِكُ تمامًا أن الماركيز الشاب قلقٌ عليّ.”
ثم، وأنا أواجه مايكل، فتحتُ فمي وقلتُ.
“أتدركين أنني قلقٌ عليكِ … هاه؟ تدركين ذلك؟”
اتسعت عينا مايكل مندهشًا.
“أتدركين أنني لا أُوبِّخُكِ، بل أنني قلقٌ عليكِ، وأنني لا أُقلِّلُ من شأن قدراتكِ، بل أُقيّم المخاطر الموضوعية؟”
“… بالتأكيد.”
ابتسمتُ ابتسامةً خفيفةً لمايكل، الذي كان مصدومًا تمامًا.
“لو لم يكن الأمر كذلك، فلماذا قد ينتظرني الماركيز الشاب ثم يندفع لحظة رؤيتي هكذا؟”
انفرجت تعابير وجه مايكل عند سماع كلماتي.
‘هذا الرجل يستطيع حتى أن يُبدي هذا النوع من التعبير.’
درستُ تعابير وجه مايكل بفضول، حتى استعاد رشده واختفى تعبيره.
يا للأسف. كان من الجميل رؤية بعض الإنسانية في مايكل.
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1
التعليقات