كان الرجل الذي ظهر من خلال الستائر مقيّدًا بإحكامٍ بالسلاسل.
لكن حتى السلاسل لم تستطع إخضاع هالته تمامًا، لذا ارتعد الناس داخل دار المزاد تحت وطأة طاقته المشعّة.
رجلٌ ذو شعرٍ أسود فاحمٍ وعينين سوداوين فاحمتين يراقب دار المزاد بعينين لامعتين.
“أليس خطيرًا؟”
“حسنًا، إن رُبِّي على يد الذئاب، سيكون بالتأكيد شرسًا.”
“لكنه عبدٌ نادرٌحقًا.”
همس الناس عن البطل الثاني.
بالكاد كتمتُ الغثيان الذي انتابني من تصرّفهم، ومعاملتهم له كشيءٍ عاديٍّ.
بدا أن عيون كارلوس تُشير إلى أنه سيقلب هذا الوضع لو استطاع.
لكن كان علينا الانتظار.
“هل يبدو شرسًا ومخيفًا؟ لا تقلقوا! سيساعدكم هذا القيد على التحكّم بعبدكم.”
كان المفتاح المرصّع بالجواهر في يد المُضيف. هذا القيد من صنع الملحدين، ولا يُفتَح إلّا بهذا المفتاح.
قال المُضيف.
“أسرِعوا وزايِدوا على العبد وخُذوا مفتاحه!”
“مليون!”
حالما انتهى المُضيف من صيحته الأخيرة، صاح أحدهم بصوتٍ عالٍ.
“مليونٌ ومئة آلاف!”
“مليونٌ ومئتي ألف!”
ارتفع سعر المزايدة عاليًا بشكلٍ سريع.
“هذه المرّة أيضًا…”
“سأفعلها هذه المرّة.”
همستُ لكارلوس والتقطتُ لوحة المفاتيح بنفسي.
“العميل رقم 36! أخبرني!”
تعرّف المُضيف على لوحة مفاتيحي وصاح.
“عشرة ملايين.”
ساد الصمت قاعة المزاد الصاخبة عند كلمتي.
“عـ عشرة ملايين؟”
تلعثم المُضيف، ربما لم يتوقّع ذلك.
“هل عليّ تكرارها؟”
“لا! عشرة ملايين، سأُكمل!”
هزّ المُضيف رأسه على عجلٍ عند سماعه كلماتي.
“هل هناك أكثر مَن يضيف؟ أكثر من 10 ملايين؟”
‘مستحيل’ هذا ما فكّرتُ فيه. لكن،
“12 مليونًا.”
تردّد صدى صوتٍ هادئٍ وعذبٍ في قاعة المزاد الهادئة.
ماذا؟ 12 مليونًا؟
بالنظر إلى أن الجوهرة التي باركتها قديسةٌ – مزيّفةٌ بالطبع – قد بيعت بمليون دولارٍ سابقًا، فقد كان مبلغًا مذهلاً.
فزعتُ، والتفتُّ نحو الصوت، فرأيتُ امرأةً غامضةً ترتدي رداءً، ووجهها مخفيٌّ بقلنسوة.
الشيء الوحيد الظاهر على جسدها هو يدها، التي تحمل قرصًا، كانت شديدة البياض والجمال.
لكن حقيقة أن يدها كانت بيضاءً وجميلةً وحدها لم تكشف الكثير.
على الأكثر، بدا أن المرأة ليست سيّافة.
“12 مليونًا! هل هناك المزيد؟”
صرخ المُ١يف، وفي نوبة غضب، رفعتُ القرص.
“15 مليونًا.”
لم أكن أنوي دفع أيّ مبلغٍ حقيقيٍّ على أيّ حال، وكنتُ أخطّط لمداهمة دار المزاد حالما أحصل على المفاتيح، لذا ناديتُ بصوتٍ عالٍ.
ظننتُ أنها لن تتمكّن من مواكبتي.
“العميل رقم 36، 15 مليونًا! إن لم يكن هناك من مزيد …”
“20 مليونًا.”
لكن المرأة كانت أكثر إثارةً للإعجاب وهوسًا مما كنتُ أتخيّل.
20 مليونًا؟ هل أنتِ مجنونة؟
معذرةً، لكن هذا ما ظننتُه.
تقريبًا، كانت قيمة 20 مليونًا تعادل حوالي ملياري وون في حياتي الماضية.
بالطبع، أستطيع تحمّل هذا المبلغ بثروة عائلة ماركيز إلفينجتون، لكن هذه دار مزاداتٍ غير قانونية.
حقيقة أنها أنفقت ملياري وون في مزادٍ غير قانونيٍّ جعلتني أتساءل عن هويّتها الحقيقية.
بدا المُضيف مصدومًا، وكأنه نسي التحقّق من السعر الذي حدَّدَته، وتعابير وجهه فارغة.
‘يا إلهي، ماذا أفعل؟’
هل أقلب دار المزاد رأسًا على عقبٍ الآن؟
بينما كنتُ أفكّر في ذلك، قال كارلوس.
“قائدة.”
أمسك يدي بقوّةٍ وأنا على وشك رفع القرص.
“لا بأس.”
“ماذا تقصد بـ ‘لا بأس’؟”
“إنه …”
كان على وشك أن يقول شيئًا عندما سمعتُ ذلك.
“20 مليونًا! هل هناك مَن يزيد؟ لقد بِيعَ!”
مرّ بعض الوقت، وبِيعَ بطل الرواية الثاني للمرأة.
بما أن مزاد العبيد كان الجزء الأخير من المزاد، اختفت المرأة فورًا في الجزء الخلفي من دار المزاد لأخذ المفاتيح.
لا، بطلي الثاني!
“لننتقل إلى العملية التالية فورًا.”
أُصِبتُ بالذهول، لكن كارلوس اقترب مني وأخرج السيف الذي كان يخفيه.
وفي لحظة، شقّ الطاولة أمامنا نصفين.
“يا إلهي!”
“ما الذي يحدث؟”
صرخ الناس عند رؤية الطاولة وقد تحطّمت نصفين.
“الفرسان الإمبراطوريّون هنا. ابقوا جميعًا في أماكنكم إلّا إذا كنتم ترغبون في مواجهة عقابٍ أشدّ.”
“مـ ماذا، الفرسان الإمبراطوريون؟”
تردّد الضيوف، الذين كانوا على وشك الفرار بعد تحذير كارلوس، وتوقّفوا.
لكن العصابة التي تدير المزاد كانت مختلفة.
“هناك واحدٌ فقط! سنعتني به الآن ونهرب!”
استخفوا بكارلوس واندفعوا نحوه بتهوّر.
لكن مَن كان كارلوس؟ أليس هو نجم هذه القصة؟
بعملٍ أشبه بالاستعراض البهلواني، قهر جميع المجرمين الذين انقضّوا عليه.
سرعان ما امتلأت قاعة المزاد برجالٍ مصابين بسيف كارلوس.
“… وحش!”
نظر آخر مضيفٍ متبقٍّ إلى كارلوس وصاح بصوتٍ يملؤه الخوف. تجهّم كارلوس قليلاً. كان تعبيرًا مألوفًا.
فجأة، تذكّرتُ إيليا وهي تسخر من كارلوس، وتصفه بـ’الهجين’.
كان هذا التعبير نفسه على وجه كارلوس آنذاك.
شعرتُ بوخزة ذنبٍ مُفاجِئة.
“هل أساعد؟”
“ما الذي تتحدّثين عندما انتهيتُ من كلّ شيء؟”
….. سألته اعتذارًا، لكنه لم يستحق ذلك.
“موردن!”
صرخ كارلوس، مناديًا على موردن، الذي كان ينتظر خارج دار المزاد.
“أجل، سيدي.”
اقتحم موردن الباب وأجاب بطاعة.
“اطلُب من موظفي دار القمار احتجاز موظفي دار المزاد.”
“مفهوم.”
نفّذ موردن تعليمات كارلوس بطاعة.
تمّت المواققة على تخفيف حُكم موردن مقابل تعاونه معنا وإسقاط دار المزاد.
بينما كان موظّفو دار القمار يُقيّدون المُزايدين وموظّفي دار المزادات، توجّهتُ أنا وكارلوس إلى مكان تخزين قطع المزاد.
قال كارلوس، الذي كان يفتح عدة صناديق.
“السيف هنا.”
عندما اقتربتُ منه، رأيتُ سيفي.
“ياللراحة.”
التقطتُه بيدي اليسرى على الفور، وأحكمتُ تثبيته، وتنهّدتُ بارتياح.
“أوه، ولكن ماذا عن البطـ … لا، العبد الذي خرج في النهاية؟ اشترته امرأةٌ ما. هل لا بأس بهذا حقًا؟”
“لا بأس.”
نظر كارلوس سريعًا إلى سيفي وأومأ برأسه.
“لا بأس … كيف يُمكن لشخصٍ يشتري عبدًا بعشرين مليون ذهبٍ من دار مزاداتٍ غير قانونيةٍ أن يكون عاقلًا؟”
خفّ تعبير كارلوس عند سؤالي التالي.
“لا أعرف لماذا جاءت إلى دار المزادات غير القانونية. لكن ما أعرفه بالتأكيد هو أنها ليست شخصًا سيئًا.”
“هل تعرفها؟”
“نعم.”
“مَن تكون؟”
“إنها القديسة.”
“…ماذا؟”
دُهِشتُ لدرجة أنني رفعتُ صوتي دون أن أُدرِك.
“إذا كانت القديسة، فتلك الشخص إذًا؟ هل هي في المعبد؟”
“هل هناك قدّيسون آخرون في الإمبراطورية غيرها؟”
“هذا …”
لم أُصدِّق ذلك.
إذا كانت القديسة، فهي بطلة هذه القصة، وشخصيةٌ في غاية النزاهة. لماذا تأتي إلى وكر قمارٍ غير قانوني؟
“أنا أيضًا مُرتبك.”
قال كارلوس، وقد قرأ الشكّ في تعابيري.
“لكنها ليست من النوع الذي يُخالِف القانون، لذا ستتعاون معنا في النهاية.”
لقد كانت ثقةً لم يُظهِرها لي قط.
‘كارلوس، أنتَ تثق بالقديسة.’
بالنظر إلى طبيعة القديسة وعلاقتهما، كان الأمر طبيعيًا …..
لكن بطريقةٍ ما، شعرتُ بالغرابة.
رؤية كارلوس، الذي لطالما أظهر لي عدم الثقة، وهو يثق بشخصٍ ما كهذا، جعلت قلبي معقّدًا.
“ما الأمر؟”
“لـ لا شيء.”
هززتُ رأسي بسرعةٍ وتخلّصتُ من مشاعري المرتبكة.
قال كارلوس، بناءً على تجربته الشخصية، إنه سيثق بشخصٍ جديرٍ بالثقة، فماذا عساي أن أقول؟
كان من المضحك أيضًا كيف كنتُ أشعر بالغيرة من الرابطة بين البطلين.
“إذن علينا الذهاب لرؤية القديسة؟”
“أعتقد ذلك.”
أجاب كارلوس على سؤالي بتعبيرٍ معقّدٍ آخر.
“ربما لم تصل الضجّة إلى الغرفة الداخلية، لذا ربما لا تزال القديسة تستلم المفتاح.”
قال كارلوس، وهو يخطو بسرعةٍ فوق الصناديق.
أمسكتُ بحاشية فستاني الضخم، ورفعتُه حتى ركبتي، وتبعتُه بخُطًى واسعة.
بعد مغادرة مخزن المزاد، ظهر ممرٌّ طويل، وفي نهايته كان هناك بابٌ يؤدّي إلى القبو.
لقد حبسوا البطل الثاني هناك.
خلعتُ حذائي فورًا، آملةً تجنّب إصدار أيّ صوت خطواتٍ واضحة.
نزلتُ الدرج مع كارلوس وفتحتُ الباب حيث توقّعتُ أن أجد البطل الثاني، والقديسة، وموظّفي دار المزاد.
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1
التعليقات