كانت في الواقع نظرةً توحي بـ ‘ماذا عساها هذه الصفيقة أن تفعل عندما تذهب إلى دار القمار إلّا للمقامرة؟”
“السيف.”
ذكّرتُ كارلوس بشيءٍ قد نسيه على ما يبدو.
“أخبرتُكَ أنني تركتُ سيفي في الحانة بدلًا من دين.”
“آه.”
عندها فقط أطلق كارلوس شهقةً من الإدراك.
“سأذهب لأستعيده.”
ناولتُ طبقي الفارغ للخادم الذي اقترب مني.
“لكن إذا ذهبتُ وحدي، فسيكون هناك بالتأكيد ثرثرة، لذا سآخذ السير إيباخ معي.”
بينما كان الخادم يُنظّف طبقي ويُعدّ الفطور لكارلوس، تابعتُ.
“فهمت.”
استعاد كارلوس رباطة جأشه، وقطّع شريحة خبزه إلى نصفين، غارقًا في التفكير.
‘مهلاً، هل أنتَ متردّد؟’
حتى الأمس، كان يتبعني أينما ذهبت.
“حسنًا.”
تكلّم كارلوس أخيرًا.
“سأذهب إلى دار القمار قبل بدء مناوبة الصباح.”
تنهّدتُ في داخلي لموافقته.
لأن لديّ أمورًا أخرى لأفعلها إلى جانب استعادة السيف. وأنا بحاجةٍ ماسّةٍ لمساعدة كارلوس فيها.
“هذا كلّ شيءٍ الآن. إذًا، تعالَ إلى الإسطبل بعد الإفطار مباشرةً.”
نهضتُ فورًا، قلقةً من أن يشعر كارلوس بعدم الارتياح. لو كان مديري يحدّق بي أثناء فطوري، لما استطعتُ تناول الطعام كما ينبغي.
لقد قلتُ هذا مرارًا، لكن الموظف يعيش على قوّة الطعام. عليّ التأكد من أنه يأكل براحة.
ذهبتُ إلى الإسطبل أولًا لألعب مع حصاني الأسود، وسرعان ما ظهر كارلوس.
شعرتُ وكأن بضع دقائق فقط قد مرّت، ولكن ما مدى سرعة تناوله الطعام؟
نظرتُ إلى كارلوس بدهشة، فأحضر فرسه البني وسرّجه.
“هيا بنا. علينا الإسراع إذا أردنا العودة قبل بدء مناوبة الصباح.”
تحدّث ببساطة، وأسرج حصاني الأسود أيضًا.
‘لستَ مضطرًّا.’
شعرتُ بعدم ارتياح، كما لو أنني أُعامَل كرئيسٍ دون سبب.
ضيّق كارلوس حاجبيه قليلًا وهو ينظر إليّ.
“هل هناك خطبٌ ما مرّةً أخرى؟”
“أوه، لا. ظننتُ أنني أستطيع التعامل مع مثل هذه الأمور بنفسي من الآن فصاعدًا.”
“…؟ نعم؟”
فزع كارلوس، كما لو أنه لم يسمع بذلك من قبل.
“لذا، من الآن فصاعدًا، لا تُرهِق نفسكَ بمثل هذه الأمور التافهة.”
مع ذلك، امتطيتُ حصاني الأسود فورًا.
“كيف لكِ أن تكوني بعيدةً إلى هذا الحد، أيّتها القائدة؟”
“اركب بسرعة. أخبرتُكَ أن علينا المغادرة مبكّرًا.”
فكّر كارلوس قليلًا في أمرٍ ما، وبعد إلحاحي عليه امتطى فرسه.
كانت صالة القمار بعيدةً جدًا عن مقرّ الفرسان، فاضطررنا للركوب لفترةٍ طويلة. كانت بعيدةً جدًا عن قصر ماركيز إلفينغتون، ولا بد أن إيليا كانت تقامر يوميًا، ذهابًا وإيابًا على طول هذا الشارع.
“نحن هنا. علينا أن نسير من هنا.”
بينما كانت أفكاري تتجوّل هنا وهناك، وصلتُ إلى صالو القمار.
تبعتُ كارلوس ونزلتُ، تاركةً حصاني في رعاية خادمٍ خرج مسرعًا من نُزُلٍ قريب.
كانت صالة القمار على بُعد مبنيين من النُزُل الذي تركنا فيه خيولنا. كان المبنى كبيرًا ومزخرفًا، مرئيًا من بعيد.
كانت مسافةً قصيرةً سيرًا على الأقدام، وسرعان ما وصلنا أنا وكارلوس إلى باب صالة القمار.
“الماكن مُغلَقٌ الآن. عودوا لاحقًا.”
أصدر عاملٌ يُنظّف الزجاجات الفارغة أمام صالة القمار تحذيرًا بإخلائنا دون أن ينظر إلينا.
“أنت.”
نقرتُ على كتف العامل الذي كان مشغولاً بفرز الزجاجات.
“إيليا؟”
تعرّف العامل على صوتي وفتح فمه على مصراعيه مندهشاً.
“أوه، كنتُ أتساءل مَن يكون هذا، اتضح أنكِ إيليا!”
وضع زجاجته الفارغة على الفور، وفرك يديه كالذبابة، وحيّاني بوجهٍ مُشرق.
ماذا؟ لماذا تُرحِّب بي هكذا؟
انشغلتُ حينها بهذا السؤال.
“إذا كانت إيليا هنا، فبالطبع علينا أن نفتح مبكّراً! هل تريدين قضاء وقتٍ ممتعٍ اليوم؟”
آه، إذًا إيليا شخصٌ مهمٌّ في وكر القمار هذا، لذا فهو يُرحّب بي هكذا!
“….”
نظر إليّ كارلوس، كما لو أنه لم يتوقّع هذا.
للحظة، غمرتني موجةٌ من اليأس والخجل.
‘إيليا، أيّتها الوغدة عديمة الفائدة.’
صوّرتُ إيليا في مخيّلتي وأن أضربها ضربًا مبرحًا، وابتسمتُ للعامل ابتسامةً صفراء.
“لم آتِ للمقامرة اليوم.”
“هاه؟ إذًا…”
“هل يمكنكَ استدعاء المدير؟”
“أوه، سيد موردن؟”
“أجل، موردن.”
“أتساءل إن كان مستيقظًا. لحظة … لا، لا. سنأخذكِ إلى غرفة كبار الشخصيات، لذا انتظري هناك براحة.”
لم أتردّد وتبعتُ العامل إلى صالة القمار.
لأنه كان من المفيد لي من نواحٍ عديدةٍ استعادة السيف وتحقيق أهدافي الأخرى.
ما إن دخلتُ صالة القمار، حتى امتلأ الجو بالهواء الخانق ورائحة الكحول.
اصطفّت طاولات القمار في المكان والثريات المبهرة.
كان هذا مكانًا للمتعة حقًا.
قبل أن يتم تجسيدي، لم تسنح لي فرصة رؤية صالة قمارٍ شخصيًا، فقد عشتُ في بلدٍ يُحظَر فيه القمار. لذلك، انتابني الفضول ونظرتُ حولي بحذر.
“تفضلي من هنا.”
قادنا الموظّف إلى غرفةٍ فاخرةٍ بستائر زرقاء داكنة، تقع في الجزء الداخلي من صالة القمار.
كانت الغرفة واسعةً للغاية، لكنها احتوت على طاولة قمارٍ واحدةٍ فقط.
امتلأت بقية المساحة بأرائك مريحة المظهر ومنحوتاتٍ مزخرفةٍ متنوّعة.
“هل ترغبين في إرواء عطشكِ؟”
بينما جلستُ على الأريكة، اندفع الموظّف نحوي وقدّم لي زجاجة نبيذٍ بدت باهظة الثمن بلا شك.
تحوّلت نظرة كارلوس إليّ على الفور.
‘ربما أنتَ قلق. إيليا مولعةٌ بالكحول.’
لكنني كنتُ مختلفة.
“لا، شكرًا.”
رفضتُ النبيذ بحزمٍ بإجابةٍ مقتضبة.
اتّسعت عينا الموظف بدهشة.
“ممم، إذا لم يعجبكِ، هل أُحضِر لكِ شيئًا آخر؟”
“لا مشكلة. أنا لن أشرب.”
“هاه؟”
شهق العامل مستغربًا من ادّعاء السكّيرة أنها لن تشرب.
“إ-إذن ماذا…”
“لا أحتاج لأيّ شيء. لذا استدعِ المدير بسرعة، موردن.”
لم أكن مدمنةً منذ البداية، لذا لم تكن هناك حاجةٌ للإقلاع، لكنني أجبتُ بغموضٍ لتجنّب الشكوك.
“لن يكون الأمر سهلاً.”
“ماذا لو لم يكن كذلك؟ إذا أردتُ أن أكون إنسانًا كريمًا، فعليّ التوقّف أولًا.”
“…..”
بعد ذلك، توقّف كارلوس عن الجدال حول الكحول وسكت.
كم انتظرنا؟
فجأة! فُتح الباب ودخل رجلٌ في منتصف العمر.
‘هذا موردن.’
سافلٌ لم يكتفِ بمصّ دم إيليا حتى أنه انتزع منها السيف أيضًا.
“يا إلهي، أنظروا مَ لدينا هنا، ألستِ إيليا؟”
انحنى موردن، المدير، برأسه، بأدبٍ ظاهر.
‘هاه؟ انظر إلى هذا.’
كان من السهل عليّ أن أدرك أنه لم يكن يأخذني على محمل الجد.
“سمعتُ أنكِ استدعيتِني. إذا كان هناك أيّ شيءٍ تريدينه، فلا تتردّدي في الطلب. سأفعل أيّ شيءٍ من أجلكِ.”
ابتسم موردن.
“أتساءل كم من الذهب جلبت إيليا اليوم؟”
… إنه يعاملني كشخصٍ أحمق.
بدا أن كارلوس يشعر بنفس الشعور، فحدّق في موردن شزرًا.
‘لا تفعل.’
أمسكتُ بكتف كارلوس، مهدّئةً إياه، ثم وقفتُ أمام موردن.
كانت إيليا سهلة المنال حتى الآن، أليس كذلك؟
لكن ماذا عساي أن أفعل؟ أنا مختلفة.
“ستعطيني أيّ شيءٍ أريده؟ هل أنتَ جادٌّ في ذلك؟”
“بالتأكيد.”
كذب موردن، دون أن يبلّل فمه حتى.
“ماذا تريدين؟ أفضل تاجرٍ خاصٍّ لدينا؟ ويسكي التنين النادر؟ أو ربما تريدين رهانًا كبيرًا؟”
من الواضح أنه يحاول خداعي بهم جميعًا.
سخرتُ وحدّقتُ مباشرةً في موردن.
“… سير إيليا؟”
ارتجف موردن، ربما أدرك حينها أنني مختلفةٌ عن المعتاد.
“هناك شيءٌ واحدٌ فقط أريده.”
صمت موردن بنظرة.
“أحضِر لي السيف الذي تركتُه خلفي بدلًا من دين القمار.”
“هاه؟”
اتّسعت عينا موردن عندما خرجت من فمي كلماتٍ لم يكن يتوقّعها.
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 24"