“… لا أستطيع تقبّل هذا.”
قال سيزار.
“ماذا تقصد؟”
“تغيّركِ المفاجئ، لا أفهمه ولا أستطيع تقبّله.”
“هل تعتقد أنني أُخفي طبيعتي الشريرة وأتظاهر بأنني تُبت؟”
“……”
سكت سيزار. بدا وكأنه نفسه لا يعرف ما يريد قوله بالضبط.
“دعني أخبركَ شيئًا.”
فتحتُ فمي موجّهًا الكلام له.
“لا أحتاج إلى تقبّلكَ لكي أتغيّر.”
تصلّب سيزار في مكانه.
أصبحت عيناه شرستين، ورأيتُه يقبض يديه بقوة. لكنني لم أهتمّ بذلك، لأنني قلتُ ذلك عمدًا لاستفزازه.
‘يبدو أنه غير مقتنع، ربما أحتاج إلى استفزازه أكثر.’
كنتُ أفكّر في ذلك عندما …
“…ها أنتِ ذا.”
“همم؟”
“أنتِ حقًا وقحة.”
“آه.”
نعم، هذا ما أردتُه.
“كيف تجرؤين على تدمير ترقيتي ثم تقولين مثل هذا الكلام؟”
…إيليا، يا لكِ من لعينة.
هذه المرة كنتُ أنا مَن صمت.
رفع سيزار رأسه ونظر إلي بعينين محمرّتين.
“إنسانٌ عديم الخجل.”
لقد تجاوز الحدود. لكنني مرّةً أخرى لم أهتم، ولم أغضب.
هذه خطوةٌ ضرورية.
بعد أن استحوذتُ على جسد إيليا، كانت انطباعاتي بعد أوّل يوم عملٍ بسيطة.
‘هذا الجسد عليه الكثير من الديون. إذا أخطأت، قد أُطعَن أثناء نومي.’
ديوني ليست شيئًا يمكنني تجنّبه أو التخلّص منه بمجرّد الرغبة في ذلك.
سواء كان ذلك ظلمًا أم لا، لتجنّب أن يتمّ طعني، كنتُ بحاجةٍ إلى تسوية هذه الديون بطريقةٍ ما.
وهنا ظهر سيزار.
كان مناسبًا تمامًا لتسوية ديوني.
باستثناء كارلوس، كان الشخص الذي يحمل أكبر ضغينةٍ تجاهي، بالإضافة إلى كونه مساعدي وفارسًا.
“أيّ شيءٍ أقوله الآن لن يصل إلى أذنيكَ بشكلٍ صحيح.”
واصلتُ كلامي بهدوء.
“لكن لا يمكنني التظاهر بعدم المعرفة. بغض النظر عن مقدار تغييري، هذا لا يغيّر حقيقة أنني ظلمتُكَ في ما مضى.”
ثم فككتُ يدي.
عادت نظرات سيزار إلى يدي اليمنى.
“إذن، ماذا عن هذا؟”
“ماذا تعنين … آه!”
أخرجتُ قفّازًا من الدرج وألقيتُ به نحو وجه سيزار.
أظهر سيزار ردّ فعلٍ سريعًا وتجنّب ضرب القفاز لوجهه، لكنه أظهر مظهرًا مضحكًا بسبب المفاجأة.
“ما تفعلين الآن؟”
سأل غاضبًا وهو يمسك القفاز بوضعيةٍ مضحكة.
“ما أعنيه واضح.”
هززتُ كتفي.
“لقد تحدّيتُكَ للمبارزة.”
“ماذا… هل أنتِ في كامل قواكِ العقلية؟”
صاح سيزار مستنكرًا.
هززتُ كتفي مرّةً أخرى.
“أليست هذه الطريقة الأنسب لتسوية الخصومات بين الفرسان؟”
“نعم، لكن …”
“آه، هذه اليد اليمنى.”
لوّحت بها أمام عينيه.
“أليس من الإنصاف أن أعطيكَ هذه الميزة لتخفيف غضبك؟”
“…لا أريد الفوز بطريقةٍ جبانة.”
قال سيزار بعينين متردّدتين.
بالطبع.
‘إنه طيب جدًا، إنه رجلٌ صالِحٌ للغاية.’
أدركتُ أنه رغم كرهه لإيليا ورغبته في إسقاطها، إلّا أنه في النهاية ينتمي لصفّ البطل، أي جانب العدالة.
“أنا فارسة، وسأظلّ كذلك.”
تحدّثتُ بثقة.
“إصاباتي جزءٌ مني، ولن أنكرها أو أتهرّب من واجباتي بسببها.”
اتسعت عينا سيزار قليلًا.
“لذا لا داعي لاستثنائي بسبب إصابتي.”
إذا استمر استثنائي، حتى لو لم يكن سيزار، سيظهر آخرون يحاولون إسقاطي.
لذا، كاستعدادٍ لذلك، كنتُ بحاجةٍ إلى إثبات أنني لا أزال سليمةً في مبارزةٍ مع سيزار.
“هل أنتِ جادّةٌ الآن؟”
بدأ سيزار يظهر اهتمامًا بعيدًا عن السخرية وسأل.
‘بالطبع، إنها فرصةٌ لإذلال قائدته الكريهة أمام الجميع.’
بكلّ تأكيد، ليس لديّ نيّةٌ للاستسلام بسهولة.
“أكثر من أيّ وقتٍ مضى.”
ابتسمتُ له وأومأت.
رأيتُ القوّة تزداد في يد سيزار وهو يمسك القفاز.
“لا تندمي بعد ذلك.”
“كم مرّةً عليّ أن أكرّر كلامي؟ لن أندم.”
“حسنًا. أقبل هذا التحدّي.”
قال سيزار بجدية.
“ستكون مبارزةً رسميةً في ساحة التدريب، وسنعيّن شهودًا.”
كأنه يقطع أيّ طريقٍ للتراجع، نبس بحزم.
“كما تريد.”
كان تصعيد الموقف هو ما أردتُه، لذا أومأتُ موافقة.
“إذن، أراكِ في ساحة التدريب بعد الظهر.”
غادر سيزار بخطواتٍ سريعة.
“فيوه.”
بمجرّد إغلاق الباب وابتعاد خطواته، أخرجتُ نفسًا طويلًا وتمدّدت.
“التمسك بالهدوء متعبٌ حقًا.”
همستُ بينما أرخيتُ عضلات كتفي.
بييما كنتُ أنهي بعض الأعمال …
بانغ!
اعتقدتُ أن الأمر كان صاخبًا بعض الشيء في الخارج، لكن انفتح الباب فجأةً دون أن يُطرَق.
“مَن…؟”
التفت متفاجئًا لرؤية مَن الذي يجرؤ على فتح الباب بهذه الوقاحة.
“…سير إيباخ؟”
كان الزائر غير المتوقع هو كارلوس.
وبوجهٍ شاحب.
“ما الخطب؟ هل حدث شيء؟”
سألتُ بقلق. لأن كارلوس ليس من النوع الذي يضطرب بسهولة.
إذا كان وجهه شاحبًا هكذا، فلا بد أن أمرًا خطيرًا قد حدث.
عند سؤالي، تغيّر لون وجه كارلوس. بدأ الغضب والاستياء يظهران على ملامحه.
“سير إيباخ؟”
ناديتُ اسمه مرّةً أخرى.
لم يُجب، بل اقترب من مكتبي بخطواتٍ ثقيلة.
بانغ!
انحنى نحوي وهو يضرب مكتبه بكلتا يديه.
“بحق الإله.”
قال وكأنه يبصق الكلمات.
“بماذا بحق الإله كنتِ تفكّرين؟”
“في ماذا؟”
“المبارزة!”
رفع صوته مستاءً من عدم فهمي.
آه، كان هذا.
هل أرسل سيزار إشعارًا للفرسان لحضور إذلالي؟ وإلّا كيف عرف بهذا السرعة؟
“تقصد مبارزتي مع جيروتي؟”
“ألغيها الآن!”
“لن أفعل.”
قطعتُ كلامه بحزم.
“أعلم أن موقفي في الفرسان في خطر.”
ارتجف كارلوس.
“في هذه الظروف، إذا أردتُ البقاء كقائدةٍ للفرسان، فهذه خطوةٌ ضرورية.”
“هذا صحيح.”
قال وهو يصرّ أسنانه.
“لكن هذا فعلٌ متهوّر! ماذا لو أُصِبتِ بجروحٍ خطيرة؟”
اتسعت عيناي عند سماع كلام كارلوس.
هل يمكن أن …
“إيباخ، هل أنتَ تقلق عليّ الآن؟”
“…!”
احمرّ وجه كارلوس بشدّة.
ليس خجلاً، بل غضبًا.
“هل تظنين أنني أقلق عليكِ؟ أنا فقط أخشى حدوث فوضًى في الفرسان!”
“آه، فهمت.”
شعرتُ ببعض خيبة الأمل. ظننتُ أن المسافة بيننا تقلّصت.
نظر كارلوس إلى وجهي بدهشةٍ مرّةً أخرى.
ساد الصمت في المكتب لحظة.
أخذ كارلوس نفسًا عميقًا وسحب يده عن المكتب.
“سأحلّ محلّكِ في المبارزة ضد جيروتي.”
أعلن بجدية.
“بصفتي نائب القائد، لن يستغرب أحدٌ خروجي بدلاً منكِ.”
استمرّ كأنه يُبلِغ بما يجب فعله.
“سأتعامل مع جيروتي، فابقي في مكانٍ آمن.”
“لا.”
رفضتُ كلامه فورًا.
“…حضرة القائدة؟”
“لا حاجة للسير إيباخ أن يحلّ محلّي.”
“لا يمكنني البقاء مكتوف الأيدي بينما تعرّض القائدة نفسها للخطر.”
“لن يحدث ما تخشاه.”
نظرتُ
إليه مباشرة.
“ولن أخسر.”
“هذا غير معقول …”
بدأ كارلوس بالاحتجاج، لكنه خفض صوته عندما رأى تعابير وجهي.
ابتسمتُ له بهدوءٍ وثقة.
“لن أخسر. لن أتخلّى عن منصبي كقائدةٍ أبدًا.”
في تلك اللحظة، ظهرت دهشةٌ على وجه كارلوس.
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل " 19"