سارت الأمور على ما يرام بعد ذلك.
أعاد الإمبراطور هويّة والدة كارلوس البيولوجية ومنحها لقب فيكونت.
انتشر خبر حملها بطفل الإمبراطور، وعن كونه كارلوس إيباخ، كالنار في الهشيم.
و… حقيقة أنني وكارلوس قد طُبِعنا على بعضنا ببصمة.
“إيليا! ما هذا بحق السماء؟”
عندماعدتُ إلى المنزل من العمل، رأيتُ ماركيز إلفينجتون ومايكل يركضان نحوي وهما يلهثان.
“آه، الماركيز، والماركيز الشاب.”
ضيّق مايكل عينيه بعبوس عند سماعه لقب ‘الماركيز الشاب’، ثم تكلّم.
“سمعتُ شائعةً مفادها أن كارلوس إيباخ هو في الواقع ابن جلالته غير الشرعي، وأنكِ قد طُبِعتِ معه. هل هذا صحيح؟”
أومأتُ برأسي مؤكدة، منبهرةً بملخّص مايكل المُوجَز للأحداث.
“نعم، هذا صحيح.”
عند إجابتي، صُدِم ماركيز إلفينجتون ومايكل.
“صحيح؟ كل هذا …”
“لكن لن يتغيّر شيءٌ عمّ كان عليه الحال.”
“كيف لن يتغيّر شيء؟”
قال ماركيز إلفينجتون بصوتٍ مرتجف.
“إن طُبِعتِ مع شخصٍ ما، ستضطرّين للزواج منه!”
بكلمات الماركيز، فهمتُ أخيرًا سبب قلقهما.
“هل من الممكن أنكِ طُبعتِ رغماً عنكِ …”
“لا.”
هززتُ رأسي بحزمٍ نفيًا.
بالطبع، شعرتُ بالذهول عندما طُبِعتُ مع كارلوس، لكنني الآن قد توصّلتُ إلى قراري.
“أنا، السير إيباخ …”
شعرتُ أنني بحاجةٍ لإخبار ماركيز إلفينجتون ومايكل أولًا، فأخبرتُهما بما قرّرتُه.
بعد سماع قصتي، أصبح تعبير ماركيز إلفينجتون مُعقّدًا، بينما ظل مايكل هادئًا، كما لو أن كلّ شيء سارٍ كما هو توقعه بالفعل.
“حسنًا، إن كان هذا ما تعتقدينه، فسأدعمكِ.”
“مايكل!”
نظر إليه ماركيز إلفينجتون في ذهول.
ما زال غير مُصدِّقٍ لما حدث، وبدا أنه غير سعيدٌ به.
أخذتُ نفسًا عميقًا وحدّقتُ مباشرةً في ماركيز إلفينجتون.
“آمل أن تدعمني أيضًا، ماركيز.”
شعرتُ بماركيز إلفينجتون ينتفض من نبرتي الجادّة.
“لا أقول إني سأعود لأكون شقيّةً مثيرةً للمتاعب مرّةً أخرى، أريد فقط أن أكون مع الشخص الذي أرغب به.”
نظر إليّ ماركيز إلفينجتون بنظرة قلق.
ثم تنهّد تنهّيدةً طويلة.
“حسنًا، ليس الأمر وكأنني أستطيع إيقافكِ، ولستُ في وضعٍ يسمح لي بذلك.”
قال ماركيز إلفينجتون بنبرةٍ مريرةٍ بعض الشيء.
“كلّ ما يمكنني فعله هو دعمكِ.”
حتى النهاية، لم يبدُ أنه يحبّ كارلوس تمامًا، لكنه لم يتصرّف بصرامةٍ أو يحاول قمعي كما كان يفعل سابقًا.
نعم، كان ذلك وحده خطوةً كبيرةً للأمام بيننا.
وبهذا، أنهيتُ حديثي معهما ودخلتُ القصر.
عندها لمحتُ جيناتا وزاكاري، اللذين كانا يتنصّتان باهتمامٍ في الردهة، يُسرٓعان إلى الداخل.
نظر ماركيز إلفينجتون ومايكل إلى الشقيقين، وحدّقا بهما بنظرةٍ باردةٍ نوعًا ما.
ما هذا …؟
لم ألاحظ ذلك مؤخّرًا لأنني لم أكن أُولي اهتمامًا للمنزل، لكن يبدو أن جيناتا وزاكاري والسيدة دوريس قد فقدوا قدرًا كبيرًا من نفوذهم.
حسنًا، كانوا يتمتّعون بالسلطة التي تمتّعوا بها بفضل كرم ماركيز إلفينجتون، لكن الآن وقد أصبح في صفّي، ستكون الأمور صعبةً عليهم.
لأن لديّ أمورًا أخرى أقلق بشأنها، وضعتُ السيدة دوريس وابنيها في آخر قائمة أولوياتي، وتوجّهتُ مباشرةً إلى ماري.
“آنسة …!”
تردّدت ماري، ونظرت إليّ بتعبير يصعب وصفه.
“الشائعات كلّها صحيحة.”
“يا إلهي!”
غطّت ماري فمها بكلتا يديها عند كلماتي الجازمة.
“يا آنسة … هل أنتِ بخير؟”
كما هو متوقّعٌ من ماري، أنتِ تقلقين عليّ أولًا.
“أنا بخير. ما أقوله الآن لأننا وحدنا، لكن الحقيقة أن كلّ هذه الشائعات التي انتشرت كانت من تدبيري.”
“هاه؟ حقًا؟”
“حقًا. إليكِ ما حدث …”
دخلتُ الغرفة مع ماري وتبادلنا أطراف الحديث أثناء تناول الوجبات الخفيفة.
بالطبع، لم أستطع إخبارها بأيّ أسرارٍ مُهمّةٍ حقًا، لكنني شعرتُ بالارتياح بعد أن شاركتُها أشياءً لم أُخبِر بها أحدًا من قبل.
بعد حديثي مع ماري، غفوتُ بسرعةٍ على السرير الناعم.
كان يومي حافلاً لدرجة أنني غفوتُ فور أن وضعتُ رأسي على الوسادة.
كانت تلك أسعد راحةٍ حظيتُ بها منذ زمنٍ طويل.
ففي النهاية، البيت هو الأفضل.
* * *
في اليوم التالي، استمتعتُ بإجازةٍ غير متوقّعة.
كان ذلك لأن العائلة الإمبراطورية نصحتني بالامتناع عن أيّ شيءٍ حتى تهدأ الشائعات.
“إنهم أشرارٌ حقاً. لم يكن أيٌّ من هذا ذنبكِ، سيدتي القائدة، لكنهم يطلبون منكِ الامتناع عن فعل أيّ شيء …”
كان سيزار، الذي حمل الرسالة، غاضباً، لكنني كنتُ غير مباليةٍ تماماً.
‘مرحى! إجازةٌ مدفوعة الأجر، إجازةٌ مدفوعة الأجر!’
كان هذا كلّ ما خطر ببالي.
بعد أن ودّعتُ سيزار، قضيتُ اليومين التاليين لا أفعل شيئاً حقًّا، أتكاسل في غرفتي فقط.
لأنني كنتُ مشغولةً جداً مؤخّراً، شعرتُ أن هذه اللحظة ثمينةٌ كالذهب.
‘بالطبع، من المؤسف أنني لا أستطيع رؤية كارلوس.’
رفضي القيام بأيّ شيءٍ يعني أيضًا أنني يجب أن أمتنع عن مقابلة كارلوس في الوقت الحالي، لذلك لم أستطع تمالك نفسي.
أريد أن أراه في أقرب وقتٍ ممكن.
ألن يكون من الغريب الانتظار أسبوعًا تقريبًا قبل أن أذهب لرؤيته؟
أم سيكون من الطبيعي العودة إلى الفرسان والالتقاء والتحدّث هناك؟
وهكذا، مرّت بضعة أيامٍ أخرى.
“لا يبدو أن الشائعات على وشك الانحسار قريبًا.”
قالت ماري، وهي تضع كعكة شوكولاتةٍ طازجةٍ أمامي.
أخذتُها بسرعةٍ وتنهّدت.
“حسنًا، إنها ليست قصّةً ستنتهي بسهولة.”
إنه ابن الإمبراطور المخفي. وفوق كلّ ذلك، هو في علاقة حبٍّ ثلاثيةٍ مع الأمير الثاني.
هل هناك قصّةٌ أكثر إثارةً من هذه؟
أحببتُ فكرة الإجازة المدفوعة، لكنني لم أُحبِّذ عدم رؤيتي لكارلوس.
“سيكون من الرائع لو تسبّب أحدهم بحادثٍ ما لإخفاء الشائعات.”
تمتمتُ في نفسي، مُدركةً أن الأمر سيكون صعبًا.
“يا آنسة، لا بدّ أنكِ مُحبطةٌ جدًا لبقائكِ في المنزل.”
“لا، ليس الإحباط هو المشكلة …”
نظرتُ إلى الكعكة في يدي وأطلقتُ تنهيدةً طويلةً أخرى.
“حسنًا. ليس أمامي خيارٌ سوى الانتظار.”
لم أكن أعلم حينها.
أن شخصًا غير متوقّعٍ سيُحقق أمنيتي بطريقةٍ غير متوقّعة.
* * *
كان ذلك اليوم يومًا عاديًا حقًا.
استيقظتُ، اغتسلتُ، تناولتُ الفطور، قرأتُ قليلًا، تحدّثتُ مع ماري، تمشّيتُ في الحديقة، وكنتُ على وشك العودة إلى غرفتي.
“القائدة! أيّتها القائدة! هل أنتِ هنا؟”
حينما سمعتُ صوت سيزار المُلِحّ من بعيد.
ما الأمر؟ لماذا تصرخ باسمي من الشارع؟
على أيّ حال، شعرتُ بشيءٍ غريب، فعبرتُ الحديقة بسرعةٍ وفتحتُ الباب الأمامي للقصر.
“نحن في ورطة، نحن في ورطةٍ حقيقية!”
انفجر سيزار بتوتّرٍ بمجرّد أن رآني.
“اهدأ، سير جيروتي. ما الذي يحدث؟”
عندما سألتُ، نظر إليّ سيزار، وأغمض عينيه بإحكام، ثم تكلم.
“لقد استيقظت القديسة.”
“هاه؟ هذا سببٌ يدعو للاحتفال لا ورطة.”
لقد استيقظت القديسة أخيرًا.
تذكّرتُ مشهد المحكمة، حيث وقعت القديسة في خدعة ولي العهد وفقدت وعيها.
حينها، أشارت إلى ضعف الأمير وهمست لي ‘اقتلي ذلك الوغد!’ …
في النهاية، بفضل القديسة، تمكّنتُ عمليًا من طرده، فنسيتُ ضغينتي الماضية وأصبحتُ ممتنّةً لها.
لذا، شعرتُ بفرحةٍ غامرةٍ عندما سمعتُ أن القديسة قد استيقظت.
ولكن ما المشكلة في استيقاظ القديسة؟
“هذا، هذا …”
فتح سيزار عينيه المغلقتين بإحكامٍ بحرص.
“القديسة تقول إنها ستتوقف عن كونها قديسة!”
ماذا؟
* * *
فزعتُ، ونظرتُ إلى التفاصيل بأسرع وقتٍ ممكن.
هذا الصباح، بينما كنتُ أُركّز على القراءة بعد الإفطار، استيقظت القديسة.
عندما استيقظت القديسة، احتفل المعبد بطبيعة الحال.
كان رئيس الكهنة والشخصيات الرئيسية الأخرى في المعبد ممتنّين لاستيقاظ القديسة، ودخلوا غرفة المستشفى للاطمئنان على حالتها.
انفجرت القنبلة هناك.
«لن أكون قديسةً بعد الآن.»
«هاه؟ ماذا يعني هذا، أيّتها القديسة؟»
«أعني ما أقوله تمامًا. سأتوقّف عن كوني قديسة.»
في البداية، لم يأخذ مسؤولو المعبد الأمر على محمل الجد.
«أيّتها القدّيسة، إن كنتِ تشعرين بالذنب، فلا بأس. لقد تبيّن أنه لم يكون بوسعكِ سوى الخضوع للأمير أيوس، وقد أُعدِم الأمير أيوس بالفعل.»
صمتت القدّيسة قليلًا بعد سماعها هذه الكلمات. ثم …
«قوّتي المقدّسة تتضاءل، لذا لا أستطيع أن أصبح قديسةً حتى لو حاولت.»
ألقت بقنبلةٍ أكبر.
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1
التعليقات لهذا الفصل " 127"