شهق سيزاري والفرسان الآخرون بصدمة عندما رأوا عيني كارلوس.
“نـ نـ نـ، نائب القائد، لون عينيك …”
“آه.”
عبس كارلوس ومرّر يده على وجهه. ثم عادت عيناه إلى اللون البني.
“هل رأيتُموها؟”
سأل كارلوس بتجهّم، وارتسمت على وجوه الفرسان علامات الجديّة.
رأيتُ الفرسان يحدّقون في بعضهم البعض، غير متأكّدين من كيفية الرّد.
حتى لو فعلوا، فمن المحتمل أنهم كانوا قلقين من الموت على يد كارلوس.
تذكّرتُ بسرعةٍ تاريخ الفرسان الخمسة المجتمعين هنا وسلوكهم المعتاد.
‘جميعهم جديرون بالثقة.’
لم يكن سيزار وإلسون فقط، بل الأربعة الآخرون، بمَن فيهم بريدج نايل، مُخلصين لي ولكارلوس.
‘على أيّ حال، بالنسبة لخططنا المستقبلية، علينا أن نكشف أن كارلوس سليل عائلة جيروكا الملكية.’
بما أننا سنكشف الأمور خطوةً بخطوة، لم يبدُ إخبار هؤلاء الأشخاص الستة مسبقًا فكرةً سيئة.
بعد التأكّد من أن ولي العهد فاقدٌ للوعي بشكلٍ واضحٍ ولا يستطيع التنصّت على حديثنا، اقتربتُ من كارلوس.
“أعتقد أنه من الأفضل إخبارهم، ألا تعتقد ذلك؟”
حين همستُ في أذن كارلوس، ارتجف جسده وتجمّد.
اعتقدتُ أن كشف سرّ ميلاده فكرةٌ جيدة، أهو غير مرتاحٍ لذلك؟
“ما دام الأمر قد انكشف بالفعل، فلا يمكن إخفاؤه أكثر من ذلك.”
فكّرتُ في إقناع كارلوس، فوقفتُ على أطراف أصابعي وهمستُ بسريّةٍ أكبر.
أدار كارلوس رأسه بتعبيرٍ مُعقَّد، ونظر إليّ، ثم تراجع خطوةً إلى الوراء.
امم … هل اقتربتُ كثيرًا؟ لكن هذا ……
“أجل، سأكشِفه.”
أجاب كارلوس فجأة، قاطِعًا أفكاري كما يُقطَع الفجل بسكينٍ حادّة.
“أجل، أنتَ مَن سيكشفه. إنه سرُّك.”
أومأ برأسه وتراجعتُ خطوةً إلى الوراء. توتّر الفرسان الذين كانوا يتظاهرون بعدم الملاحظة لكنهم كانوا يُنصتون جيدًا لمحادثتنا.
“اجتمعوا جميعًا هنا.”
أشار كارلوس إلى الفرسان، فتقدّموا بتردّد.
“رأيتُم ذلك سابقًا، أليس كذلك؟ أجيبوا بأدبٍ هذه المرّة.”
“لـ لقد رأيتُ …”
أجاب سيزار نيابةً عن الجميع. ابتلع ريقه بصعوبةٍ ونظر في عيني كارلوس البنيتين.
“امم، نائب القائد.”
“ماذا؟”
“على حدّ علمي، فقط مَن هم مِن الدم الملكي هم مَن يملكون عيونًا ذهبية …”
“أنتَ محق.”
“إذن …”
“ما تفكّر فيه صحيحٌ أيضًا.”
عند سماع كلمات كارلوس، شحبت وجوه الفرسان.
“هـ هل سنموت؟”
سأل إلسون بصوتٍ دامعٍ سؤالاً في غير موضعه، فرفع كارلوس حاجبه في ذهول.
“لماذا ستموت؟”
“لأننا اكتشفنا سرّ نائب القائد … وبما أننا قد تجاوزنا الحدود، فلن يكون إعلان اختفائنا صعبًا، لن يشكّ أحدٌ في شيء …”
ضحك كارلوس بسخريةٍ من شدّة الدهشة، وابتسمتُ أنا أيضًا. لأنّ إلسون بدا لطيفًا.
“لن تموت. لن أقتلك.”
“لكن …”
كرّر كارلوس ذلك مرّتين، لكن الفرسان ما زالوا غير مصدّقين له.
“بدلًا من ذلك، ساعدوني، ساعدونا.”
“بقولكَ ‘نحن’ …”
التفت إليّ إلسون.
“هل كنتِ تعرفين سرّ نائب القائد أيّتها القائدة؟”
هززتُ كتفي دون أن أتكلّم. لم يبدُ الوقت مناسبًا لي للتدخّل.
عاد نظر إلسون المتردّد إلى كارلوس.
“هل سنبدأ تمرّدًا؟ إذًا لأودع أختي عندما أعود…”
“ليس تمرّدًا.”
قال كارلوس وهو يُمرّر أصابعه بين شعره بتعب.
“أولويتي القصوى هي أن أجعل جلالته يعترف بي. بهذه الطريقة، أستطيع تولّي منصب ولي العهد. إذا كان سمو الأمير الثاني مهتمًّا، يُمكنني تنصيبه على العرش.”
الهدف الثاني كان إضافةً جديدة.
على الرغم من أنّه كان يكره الوقوف أمام الناس، فإنّ الأمير الثاني كان يؤدّي دوره بإتقانٍ شديد، حتى إنّني فكّرتُ أنّه قد يصلح لأن يكون وليّ العهد.
طبعًا، حتى لو جرى تنصيبه، فلن أتخلّى عن جعل الإمبراطور يعترف بكارلوس.
“يا إلهي. ظننا أنكَ والقائدة تُخطّطان لقلب نظام الإمبراطورية …”
لماذا نفعل شيئًا كهذا؟ نحن نعاني بما فيه الكفاية بسبب إحضاع المُلحِدين.
“الأمر ليس كذلك، لذا خذوا أنفاسكم. بمجرّد أن تهدأو، سأخبركم بتفاصيل خطّتنا.”
قال كارلوس، فأخذ الفرسان أنفاسًا عميقةً وحاولوا تهدئة أنفسهم.
بعد ذلك، فحصنا وعي ولي العهد وشاركنا خططنا.
“إذا كان الأمر كذلك، فإن قوّتنا الحالية مع الوسام الثالث ستكون أكثر من كافية.”
أشرق وجه سيزار، كما لو أنه استنتج أن فرصنا واعدة. ولم تكن تعابير الفرسان الآخرين سيئةً أيضًا.
“إذن، سنعود إلى العاصمة الآن؟”
“بالضبط.”
أجبتُ على سؤال سيزار.
“لنتوقّف عند قلعة دوق إنكال للحظةٍ ثم نغادر.”
رفعتُ رأسي ومسحتُ قاعدة الإمدادات في البعيد.
كان الموظّفون هناك في حيرة، متسائلين عن سبب توقّفنا بعد الحدود وعدم عودتنا إلى القاعدة.
حملنا ولي العهد على الحصان واتّجهنا نحو قاعدة الإمدادات.
لحسن الحظ، تمكّنا هذه المرّة من العودة إلى قاعدة الإمدادات دون أيّ حوادث.
* * *
“هل حقًا … أسرتُم ولي العهد؟”
تمتم الدوق إنكال بذهول، وهو ينظر إلى ولي العهد الذي كان يُحمَل على الحصان كقطعة أمتعة.
“سأعود إلى العاصمة، ولكن قبل ذلك، سأحتاج فقط إلى بعض التجهيز. هل هذا مناسب؟”
“بالتأكيد يمكنكِ ذلك. سيكون من الأفضل لو كتبتِ سطرًا في تقريركِ تقولين فيه أنني ساعدتُ في القبض على ولي العهد.”
“حتى لو أبعدكَ ذلك عن فصيل ولي العهد؟”
عندما سألتُ، هزّ الدوق إنكال كتفيه بهدوء.
“قلتُ لكِ، سير إيليا، أنا أكره المُلحِدين. أجدُ من المريح أن يتمّ عزلي عن أولئك الذين يدعمون ولي العهد، الذي اتّضح أنه متواطئٌ مع المُلحِدين في الواقع.”
بقي الدوق إنكال في صفّنا حتى النهاية.
بفضله، تمكّنا من إعادة تجهيز موكبنا بشكلٍ كافٍ وانطلقنا نحو العاصمة.
استغرقت رحلة العودة إلى العاصمة من دوقية إنكال أربعة أيام.
“سوزانا، سوزانا! أعيدوا سوزانا! سلّموا الدمية!”
خلال ذلك الوقت، استيقظ ولي العهد وبدأ يُثير الفوضى، مما أدّى إلى تأخير الرحلة ليومٍ واحد.
لم تقتصر آثار اضطراب ولي العهد على تأخير الجدول الزمني فحسب.
“مَن هذا الشخص الذي يُنقَل في العربة … هاه، صـ صاحب السمو؟!”
حتى عند مدخل العاصمة، جعلت صرخات ولي العهد الحرّاس يتعرّفون عليه.
سارع فرسان الوسام الثالث، الذين كانوا ينتظرونني، إلى تحذير الحرّاس، لكنهم لم يستطيعوا منع انتشار خبر إمساكنا بولي العهد في العاصمة.
“سير إيليا! هل صحيحٌ أنكِ رافقتِ سمو ولي العهد من وراء الحدود؟”
ونتيجةً لذلك، بعد أن حبستُ سمو ولي العهد في سجن الوسام الثالث، اضطررتُ لتحمّل زياراتٍ لا تُحصى من الفصيل النبيل.
“يجب أن تكون واضحًا. لم نذهب لمرافقته ، بل أحضرناه إلى هنا بصفته مجرمًا.”
“هل تعتقدين أن الوسام الثالث سيبقى آمنًا بعد معاملتهم سمو ولي العهد بهذه الطريقة؟”
صرخ الكونت رونو، المعروف بدعمه لولي العهد، ووجهه مُحمرّ.
‘هل أعتقد أنهم سيكونون بخيرٍ بعد معاملتهم سمو ولي العهد بهذه الطريقة؟ نعم، أعتقد أنهم سيكونون بخير.’
بدلًا من الإجابة بصراحة، ابتسمتُ ابتسامةً عريضةً للكونت رونو.
“لا أعتقد أن هذا من شأنك.”
“مـ ماذا! يجب أن يكون سموّه تحت مراقبة العائلة الإمبراطورية …”
وعندما هَمّ الكونت رونو بتكرار منطقه السابق، قاطعتُه وتحدّثت.
التعليقات لهذا الفصل " 111"