كان تقرير كارلوس موجزًا ودقيقًا، ومع ذلك، فقد تضمّن جميع المعلومات اللازمة.
“الذهاب بحجّة توفير تعزيزاتٍ للحدود؟”
“أجل. فكّرتُ في الأمر لأنه كان هناك سجلٌّ يفيد بأن دوق إنكال طلب المساعدة من العائلة الإمبراطورية قبل ثلاثة أشهر، بحجّة نقص القوى العاملة على الحدود.”
“جيد.”
نظرتُ إلى الوثيقة، ونقرتُ على ذقني بيدي.
“حتى لو كان في الشمال، فهو ليس بعيدًا عن العاصمة، لذا لن يهتمّ أحدٌ بإرسال فرسان الإمبراطورية، وسيكون من السهل تضليل الناس.”
“علينا فقط أن نجعل الأمر يبدو وكأننا نرسل قوّاتٍ لتأمين الدعم السعكري لدوق إنكال.”
قد يتساءلون عن سبب تدخّل الوسام الثالث فجأةً في دوقية إنكال.
لكن بالنظر إلى وضعنا الحالي، سيفهمون السبب.
‘أوه، يبدو أن الوسام الثالث يستهدف دوق إنكال، أحد أقرب مساعدي ولي العهد، لمحاصرته. وبما أن دوق إنكال يكره المُلحِدين، لذا هناك احتمالٌ أن يغيّر ولاءه.’ أليس كذلك؟
“علاوةً على ذلك، معظم قوّات الفرسان الثالث لا عمل لهم حاليًا، بعد أن انتهت حملة إخضاع المُلحِدين.”
بالطبع، لا نستطع إحضار قوّةٍ كبيرةٍ جدًا.
“السؤال هو هل سنحصل على إذن؟ فنحن ما زلنا جزءًا من فرسان الإمبراطورية، على أيّ حال.”
“سمعتُ أن جلالته يفكّر في إرسال أفرادٍ مناسبينٍ إلى دوقية إنكال. لن يتمكّن من رفضنا تمامًا إذا تقدّمنا.”
“لنأمل ذلك.”
حفظتُ التقرير الذي سلّمه لي كارلوس وتخلّصتُ منه على الفور.
لم أُرِد أن يطلع عليه أحد.
“لقد كان تقريرًا مكتوبًا جيدًا، لكن من المؤسف أن أصطرّ للتخلّص منه كهذا.”
“لقد رتّبته فقط ليسهل قراءته. لم أُفكّر في الأمر كثيرًا.”
بعد حديثنا، كتبنا طلبنا فورًا إلى العائلة الإمبراطورية. سلّمناه بأكبر قدرٍ ممكنٍ من الضجة.
لم يكن أمام الإمبراطور خيارٌ سوى الحذر من ابن عم دوق إنكال، كونت لاس بالماس، الذي كان يقيم في العاصمة، ومن شركاء دوق إنكال الآخرين.
لم أكن قلقةً من هروب ولي العهد عند سماعه الخبر.
كان الدافع وراء هروب ولي العهد رغبته في رؤية سوزانا، ولن يتخلّى بسهولةٍ عن الدليل الأخير.
وحتى لو هرب، فمن الأفضل تعقّبه من إنكال بدلًا من عدم فعل شيء.
“همم، سير إيليا. ماذا لو قدّمتُم مثل هذه الوثائق رسميًا؟
وكما هو متوقّع، طرح الإمبراطور الموضوع فورًا.
نظر إلينا الإمبراطور، الذي استدعاني أنا وكارلوس إلى قاعة الاجتماع فور استلامه طلبنا، بنظرة قلق.
“قالوا إن هناك نقصًا في القوى العاملة على الحدود، فتقدّمنا للمساعدة بقلبٍ صافٍ دون أيّ نيّةٍ أخرى.”
تصرفت وكأن الأمر مجرّد مساعدة
“مع أنكم تعرفون جيدًا ما هي الحدود؟”
“أجل، أعرف. إنها منطقة الأشجار الغامضة حيث غالبًا ما تُشاهَد ظواهر غريبة. وهناك أيضًا العديد من الوحوش الشرسة، لذا هناك حاجةٌ دائمةٌ للجنود.”
“همم …”
مسح الإمبراطور ذقنه بتعبيرٍ مرتبك.
“جلالتك.”
ونظرًا لأنه رأى أن هذا هو الوقت المناسب للمُضـيّ قدمًا، نادى الإمبراطور.
“ما الأمر، سير إيليا؟”
“سمو ولي العهد انتهى أمره الآن. لا تتردّد.”
“…..”
“لكان الأمر مختلفًا لو لم يهرب ويثبَت في مكانه. لكن لحظة اختفائه من زنزانة الاحتجاز، كان ذلك بمثابة اعترافٍ بذنبه، مع أنني قد أكون جريئًا جدًا لأقول ذلك.”
“هناك أيضًا احتمالٌ أن يكون قد اختُطِف على يد المُلحِدين.”
يا إلهي، هذا الإمبراطور عنيدٌ حقًا.
“إذا كان قد اختُطِف، فلماذا لا توجد أيّ إشارةٍ للمقاومة؟”
“هذا لأن الأمور تسير بسرعةٍ كبيرة.”
“يا صاحب الجلالة، حان الوقت لتفتح عينيك.”
أدليتُ بتصريحٍ جريء، كدتُ أتجاوز الحدود المسموحة لي.
كان هدفي الأصلي ببساطةٍ الذهاب إلى إنكال، لكن حديثي مع الإمبراطور غيّر رأيي بعض الشيء.
‘في النهاية، عليّ إقناع الإمبراطور.’
طالما كان الإمبراطور في صفّ ولي العهد، ستستمرّ هذه المسألة دون حل.
“أ- أفتح عيني؟”
نظر إليّ الإمبراطور بنظرة حيرة.
بدت لي دهشته أكبر من غضبه من وقاحتي.
حسنًا، هذا ما كنتُ أسعى إليه.
“أجل، جلالتك. الآن عليكَ أن تفكّر في الإمبراطورية.”
“الإمبراطورية …”
تجنّب الإمبراطور ناظري، ويبدو عليه الصدمة.
“والانتظار ليس الحل. على أيّ حال، لا يمكننا المُضي قُدُمًا إلّا إذا عثرنا على سمو ولي العهد. هذا أمرٌ بديهيٌّ إن كان قد اختُطِف بالفعل.”
“هااا.”
أخيرًا، تنهّد الإمبراطور بلا حولٍ ولا قوّة.
“… فهمت.”
قال الإمبراطور.
“اذهبي إلى دوقية إنكال. وإذا وجدتِ أيوس هناك، فأعيديه.”
وهكذا منحنا الإمبراطور إذنه أخيرًا.
* * *
تم التحضير لمَهمة إنكال بسرعة.
“لماذا الدعم؟ حتى إن لم يكن لدينا ما نفعله.”
“اصمت وابدأ العمل.”
صفع سيزار إلسون على مؤخرة رأسه بسبب شكواه.
باستثناء تذمّر إلسون الوجيز، كان كلّ شيءٍ يسير بسلاسة.
“ظاهريًا، إنه مجرّد دعمٍ للحدود، لكن الهدف الحقيقي من هذه الحملة هو ولي العهد.”
شاركتُ الوضع بهدوءٍ مع سيزار على انفراد.
اتّسعت عينا سيزاري للحظة، ثم عاد إلى طبيعتهما.
“لستَ متفاجئًا إلى هذا الحد.”
“كنتُ أعتقد أن الأمر سيكون كذلك.”
حكّ سيزار خدّه وقال.
“أنا متأكّدٌ من أن كثيرين مثلي أدركوا أن هذا الدعم ليس مجرّد أيّ دعم.”
“اكتفِ بإيحاء الجو العام بشكلٍ مقبول، لا تتحدّث بالتفاصيل.”
أمرتُ سيزار بجمع الفرسان وانتهيتُ من الاستعداد للرحلة.
بعد يومين، تمكّنا من المغادرة إلى دوقية إنكال.
كنّا عشرون فارسًا بالمجموع. جميعنا من نخبة الفرسان، ومع كلٍّ منّا تابعان، ليصبح المجموع ستّين.
حاولتُ ألّا أجعل العدد كبيرًا جدًا، بدا لي الأمر مُرِهقًا بعض الشيء، لكن لا بأس.
استغرق الوصول إلى دوقية إنكال ثلاثة أيام. وبالنظر إلى العدد الكبير من الناس، كان الأمر سريعًا جدًا.
“أهلًا بكم. لم أتوقّع أن تُرسِل العائلة الإمبراطورية دعمًا فعليًا …”
تحدّث دوق إنكال، الذي استقبلنا عند أبواب القلعة، بتعبيرٍ مُرتبك.
“لقد تقدّمتُ بطلبٍ للحصول على الدعم كلّ عام، ولكن تم رفض طلبي في كلّ مرّة. ‘مسألة الحدود مسألة إقطاعية، لذا فلتتعاملوا معها بأنفسكم’.”
قال دوق إنكال بابتسامةٍ ساخرة. وظهرت تجعيدةٌ بين حاجبيها الرقيقين.
“نحن مواطنو إمبراطوريّةٍ واحدة، لذا يجب أن نساعد بعضنا البعض.”
مددتُ يدي بتحيّةٍ بابتسامةٍ عملية.
حدّق دوق إنكال في يدي بنظرةٍ قلق.
“قلتِ إنكِ السير إيليا من الوسام الثالث، أليس كذلك؟”
“نعم.”
“فقط في حال أتيتِ لسببٍ آخر، أنا لم أُخفِ أيوس قط.”
قال.
“لأسبابٍ شخصية، أبغُضُ المُلحِدين. لو كنتُ أعلم مُسبقًا أن سمو ولي العهد مُتواطِئٌ مع مُلحِدٍ من قبل، لما بقيتُ حتى صديقًا له.”
“أعلم.”
كنتُ قد اكتشفتُ بالفعل خلال تحقيقي أنه يكره المُلحِدين.
“لا أعتقد أنكَ كنتَ ستُخفي ولي العهد.”
بعد أن دقّقتُ في الأمر، رأيتُ تعبير الدوق إنكال يسترخي قليلًا.
“لكن تحسّبًا لأيّ طارئ، لا بأس من الحذر، أليس كذلك؟”
“صحيح …”
أومأ دوق إنكال برأسه بتعبيرٍ مُعقَّد.
“شكرًا لك. سأبذل قصارى جهدي لمساعدتكَ في شؤون الحدود.”
“أرجوكِ اعتنِ بي.”
صافحني دوق إنكال أخيرًا.
انتشر ثُلث قوّات فرسان الوسام الثالث على الحدود، بينما انتشر الثُلثان المتبقّيان على أطراف دوقية إنكال، بحجّة ‘اليقظة الكافية’.
انزعج دوق إنكال بشدّةٍ من تجوّل الفرسان الإمبراطوريين في أطراف أراضيه، لكنه تقبّل وجودهم.
تناوبنا أنا وكارلوس على تغطية الحدود والأطراف، بحثًا عن آثار ولي العهد.
كنّا نزور المقبرة التي قيل إن السحر البعث قد حدث فيها من حينٍ لآخر، لكننا لم نعثر على أيّ أدلّةٍ مفيدة.
“إذا استمررنا على هذا المنوال، ألن نقوم فقط بتنظيف جثث الحيوانات على الحدود؟”
التعليقات لهذا الفصل " 106"