“مَن أنت؟”
بصراحة، لم أكن فضولية، لكنني سألتُ من باب المجاملة.
“أنا الساحر ناشيا.”
لكن الصبي أجاب بجديّة.
كان ناشيا واحدًا من السحرة الذين ظهروا في النصف الثاني من القصة. تخصّص بالتأكيد في تعاويذ الهجوم بعيد المدى.
لم أكن قلقةً للغاية.
كان كارلوس أقوى سيّافٍ في العالم، وأخجل من قول ذلك بنفسي، لكنني كنتُ قويةً جدًا أيضًا.
“كنتَ تطاردني، أليس كذلك؟”
سألتُ متظاهرةً بالجهل. أومأ ناشيا برأسه بابتسامةٍ منتصرة.
“أجل! هدفنا هو إيليا إلفينجتون، أنتِ!”
ظننتُ أنه سيكون من الصعب جدًا سماع هدفك، لكنكَ صادقٌ تمامًا يا فتى.
“سير إيباخ.”
ناديتُ كارلوس. ودون تردّد، شنّينا هجومًا مشتركًا.
“هاه؟ هاه؟”
أصيب ناشيا بالذعر وأطلق وابلًا من التعاويذ. لكن تعاويذه صُدَّت وحُطِّمت على الفور بواسطة هالة كارلوس.
كانت هالةً قادرةً على اختراق أيّ شيءٍ في العالم. حتى في النسخة الأصلية، هزم كارلوس ناشا بدون هالة، لذا لم يكن هناك مجالٌ لكسر هالته.
“هذا لا يمكن أن يحدث!”
سرعان ما أُخضِع ناشيا بسهولةٍ مُبالغٍ فيها، وأُجبِر على الركوع في الفضاء المفتوح.
راقبتُ ناشا بينما يُقضي كارلوس على المُلحدين المتبقّين.
“يا رفاق، لديكم بعض الحيل في جعبتكم، صحيح؟ لا يُمكن هزيمتي بهذه السهولة!”
“حتى لو كانت لدينا حيلٌ في جعبتنا، ألا تزال هذه مهارةً في القتال الحقيقي؟”
“آغغه …”
صرّ ناشيا على أسنانه.
“لقد أسقطتُ الباقي.”
حالما عاد كارلوس، استعددتُ لاستجواب ناشيا.
كان يصرخ بثقة، ولكن عندما أوشكنا على استجوابه، قلب ناشيا عينيه، وكأنه خائف.
“هناك أمرٌ يثير فضولي.”
انحنيتُ أمام ناشيا، الذي كان على الأرض، تاركةً كارلوس خلفي.
“أين أيوس؟”
“ولي العهد؟”
“نعم.”
“هذا … لا أستطيع إخباركِ.”
أجبر ناشيا رأسه على الابتعاد، متجنّبًا نظري.
“همم، هذا صعب.”
نظرتُ إلى كارلوس، ثم إلى ناشيا.
كان بإمكاني تعليم ناشيا معنى ‘الخوف الحقيقي’ من خلال كارلوس، ولكن …
‘إن أمكن، أودُّ حلَّ هذا الأمر سلميًا هذه المرّة.’
إلى جانب ذلك، بما أنني عرفتُ نقطة ضعف ناشيا من البداية، قرّرتُ تجربة ذلك.
“ناشيا، من الأفضل أن تذكر مكان أيوس بينما نتحدّث الآن.”
“لماذا؟ هل ستعذّبينني؟ يقولون إن فرسان الإمبراطورية أشدّ قسوةً من أيّ أحدٍ آخر، ويبدو أن هذا صحيح!”
“إن كان تعذيبًا، فهو تعذيب. لأنني سأدمّر المكان الذي تعتزّ به.”
“مكاني العزيز؟”
تلعثم ناشيا، مُرتبكًا.
“أعرف أمرك. أنتَ من الساحل الغربي، أليس كذلك؟ وقد صنعتَ ذكريات طفولةٍ ثمينةٍ في كهوف البحر هناك.”
“كيف لكِ …!”
“إن لم تخبِرني بمكان أيوس، فإن الوسام الثالث سيدمّر كهف البحر تلك بالكامل.”
رمشت عينا ناشيا بعنف.
“آه … لـ لا!”
“إن كنتَ لا تُريد خسارة المكان المليء بذكريات طفولتك، فأخبِرنا بما نحتاجه.”
“….”
صمت ناشيا للحظة. كانت لحظةً قصيرةً جدًا.
“حسنًا، سأخبِرُكِ.”
الأمر سهلٌ بشكلٍ مُفاجئ، أليس كذلك؟
ربما لا يُمكن توقّع الولاء من الأشرار في النهاية.
“ولي العهد حاليًا في الشمال.”
“أين في الشمال؟”
“دوقية إنكال.”
“هل هذه المعلومات مُؤكَّدة؟ إن لم تكن …”
“إنها مُؤكَّدة! حقًّا!”
قال ناشيا بإلحاح.
“لذا، من فضلكِ لا تُدمّري كهفنا.”
“هذا يعتمد على ما إذا كنّا سنجد ولي العهد في إنكال أم لا.”
“أيّها الشياطين الأوغاد! سألعنكم!”
ضربتُ ناشيا على مؤخرة رقبته، فأُغمي عليه فورًا.
“سير إيباخ، هلّا تُراقب هؤلاء الرجال؟ سأطلب تعزيزاتٍ من الفرسان فورًا.”
“سأفعل.”
تركتُ كارلوس خلفي، ونزلتُ بسرعةٍ إلى القرية وأرسلتُ إشارةً إلى العاصمة. بعد ساعاتٍ قليلة، ظهر السير كروجر وسيزار.
“سيدتي القائدة، لماذا ما زلتِ تقبضين على المُلحِدين حتى في إجازتكِ؟”
سأل سيزار، الذي كان لا يزال يجهل أن المُلحِدين يلاحقونني، بدهشة.
“من الآن فصاعدًا، سيتولّى رجالنا الأمر. إن أردتُم العودة، فعودوا أولًا.”
قال السبر كروجر، ناظرًا إلى ناشيا وغيره من المُلحِدين المرتميين في الأرض.
سلّمتُ بإيجازٍ على السير كروجر وسيزار، اللذين كانا مسؤولين عن التنظيف، ثم عدتُ إلى مقرّ الفرسان مع كارلوس.
على الرغم من ركضي بأقصى سرعة، كان الظلام دامسًا عندما وصلنا إلى مقرّ الفرسان.
ولكن بدلًا من الذهاب إلى غرف النوم، توجّهتُ أنا وكارلوس مباشرةً إلى مكتبي.
“ما رأيكَ في دوقية إنكال؟”
“دوق إنكال هو صديق طفولة ولي العهد، لذا أعتقد أن هذا محتملٌ جدًا.”
“وفقًا لما قرأتُه في الكتاب، لا تربط دوق إنكال أيّ صلةٍ بالمُلحِدين.”
أكملتُ الحديث الذي لم أتمكّن من إنهاءه أمام ناشيا سابقًا.
“إذن، هناك أمرٌ مثيرٌ للريبة. هل كان دوق إنكال سيقبل حقًا ولي العهد، الذي كُشِف أنه في صفّ المُلحِدين؟”
“…..”
خفض كارلوس عينيه، غارقًا في التفكير.
وقعت عيناه على الخريطة الإمبراطورية على مكتبي.
“هناك احتمالٌ أن دوق إنكال لا يعلم.”
“ماذا؟ أن ولي العهد اختبأ في أرضه؟”
“نعم.”
“إذن لماذا ذهب ولي العهد إلى هناك؟ إلّا إذا كان يتوقع مساعدة دوق إنكال.”
“قد يكون هناك سببٌ لا نعرفه.”
“همم.”
سأحتاج إلى إجراء بعض التحريات مع وضع عدّة احتمالاتٍ في الحسبان.
لقد نجوتُ بتغيير أحداث القصة الأصلية، لكن بما أنّها تختلف كثيرًا عن الأصل، فهذا يجعل الأمور مزعجةً قليلًا.
حان الوقت أخيرًا لتفعيل شبكة الاستخبارات التي بنيتُها منذ مدّة.
* * *
مرّت ثلاثة أيامٍ دون أيّ معلوماتٍ مفيدة. وفي اليوم الرابع ظهرت أخيرًا معلوماتٌ مفيدة.
“قائدة.”
كنتُ أُجري بعض المعاملات الورقية وأتناول شطيرةً على الغداء عندما طرق كارلوس الباب المفتوح، ممسكًا بوثيقةٍ في يده.
“أوه، لقد تركتُ الباب مفتوحًا؟”
“لم تتركيه مفتوحًا عمدًا، أليس كذلك؟”
“لم ألاحظ. أعتقد أنني فقط في حالة تشتّتٍ من قلّة النوم مؤخّرًا بسبب العمل.”
نظر إليّ كارلوس بتعبيرٍ قَلِق.
“لا بأس. سأشعر بتحسّنٍ قريبًا.”
ابتسمتُ لكارلوس لطمأنته.
“إذا سارت الأمور على ما يرام، فلماذا لا تأخذين إجازةً لمدّة عشرة أيامٍ وترتاحين؟”
قال وهو يضع الوثيقة على مكتبي، فأومأتُ برأسي دون أن أنبس ببنت شفّة.
مجرّد التفكير في إجازةٍ لعشرة أيام أمرٌ مثيرٌ حقًا.
“ما هذه؟”
“إنها معلوماتٌ عن دوقية إنكال. أحضرتُها لأنني ظننتُ أنها قد تكون مفيدة.”
تركتُ ما بيدي وتصفّحتُ الوثيقة فورًا.
ثم أدركتُ بسرعةٍ ما يعنيه كارلوس بـ’معلوماتٍ مفيدة’.
“آثار سحر البعث؟”
“نعم. قبل سبعة عشر عامًا، في دوقية إنكال، يُقال إن المُلحدين استخدموا سحر البعث لإحياء الجثث.”
“إذن، هل نجح المُلحِدون في استخدام سحر البعث مرّةً واحدة؟”
“هذا غير صحيح.”
هزّ كارلوس رأسه.
“طلبتُ بعض المعلومات من عائلة سبنسر، لكن لا يوجد دليلٌ قاطعٌ على نجاح سحر البعث، فقط شهادةٌ شفويّة.”
“لكن على أيّ حال، لا بد أنه بدا الأمل الأخير لولي العهد.”
بعد أن قلتُ ذلك، انتهيتُ من مضغ شطيرتي وابتلاعها.
لكن ……
“كوه، كوك.”
آه، علقت في حلقي.
“اشربي بعض الماء.”
نظر إليّ كارلوس بوجهٍ مستغرب، ووضع كوبًا من الماء في يدي.
بعد أن شربتُ الماء، شعرتُ بتحسّنٍ طفيف.
“أوه، على أيّ حال، هذا يزيد بشكلٍ كبيرٍ من احتمالية وجود ولي العهد في إنكال.”
“نعم. المشكلة هي …”
“ما العذر الذي سنختلقه للذهاب إلى إنكال؟”
استمعتُ باهتمامٍ لكارلوس.
“لو قلنا بصراحةٍ إننا سنقبض على ولي العهد، لظهرت كلّ أنواع التدخّل والتخريب. لكن لا يمكننا الذهاب كما في المرّة السابقة، أنا وأنتَ فقط.”
بالطبع، بقوّة كارلوس، يُمكننا القضاء على جميع المُلحِدين، ولكن يجب دائمًا أخذ الاحتمالات الطارئة في الاعتبر.
إلى جانب ذلك، إذا ذهبنا نحن الاثنين بمفردنا وأسرنا مجموعةً كاملةً من المُلحِدين، فستكون عواقب ما بعد ذلك وخيمة.
“علينا أن نأخذ فرسان الوسام الثالث معنا، أو على الأقل نوفّر دعمًا قريبًا.”
كنتُ قلقةً تمامًا بينما أفكّر في الأمر.
عندها أخرج كارلوس ملفًّا رفيعًا آخر من جيبه.
“بخصوص هذا. لقد وضعتُ خطّة.”
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1
التعليقات لهذا الفصل " 105"