الفصل الثامن والخمسون : ركيزة الرواية الرابعة

مشيت أنا ووالداي نحو المقاعد المحجوزة لعائلتنا. عندما تمكنت بالكاد من اجتياز الحشد وجلست، كان العرق يتصبب على جبهتي.

تنهدت وقلت: “يا للعجب” خرج زفيري بشكل طبيعي.

بينما كنت أقوم بتهوية نفسي، أدرت رأسي لأرى من النبلاء الذين كانوا يحضرون مسابقة الصيد هذه.

حتى الآن، لم يبرز أحد بشكل خاص أو يبدو مريبًا.

تمركز حراس مسلحون بالسيوف والبنادق هنا وهناك حول خيمة الظل التي كان يجلس فيها النبلاء.

يبدو أن هذا المكان سيكون آمنًا حتى لو حدث شيء غير متوقع.

ومع ذلك، فإن ما كنت أقلق حوله هو الأميرة آرييل. متى ستصل العائلة المالكة؟

في ذلك الوقت، أصبحت المناطق المحيطة صاخبة. يبدو أن أفراد عائلة جوبيتر، إحدى أقوى العائلات في الإمبراطورية إلى جانب العائلة الإمبراطورية، قد وصلوا وكانوا يتجهون نحو طاولة الانتظار هذه.

واو، انظروا إلى ترتيب الجلوس الذكي هذا! وبما أنني معروفة بأنني حبيبة آريس، أليس من الطبيعي ان تكون عائلتي بجوار عائلة جوبيتر؟

لم ينهض والداي ويحيوا عائلة جوبيتر بصوت عالٍ مثل النبلاء الآخرين.

بدلاً من ذلك، انتظروا حتى اقتربوا منهم ووقفوا بطريقة كريمة للغاية ورحبوا بهم : “دوق جوبيتر. مرحباً.”

عندما استقبله والدي أولاً بمصافحة رسمية، رد والد آريس بنفس الطريقة.

“هيهي، الكونت أورانوس… كيف كان حالك؟”

وبجانب ابوانا اللذين كانا يسلمان بعضهما البعض، كانت امهاتنا يبتسمن بأناقة ويسألن عن أحوال بعضهن البعض.

و آريس قال بعد فترة : “بيانكا.”

لم يعد يشعر بالحرج بعد الآن، واستبدل التحية الطويلة بابتسامة مشرقة وعناق خفيف.

لقد أصبحنا أكثر جرأة أيضًا! عانقنا بعضنا في مكان مأهول بالناس!

عندما أدرتُ عيني قليلاً في تلك اللحظة، بدا وكأن جميع النبلاء في غرفة الانتظار ينظرون إلينا حتى ليا ساتورنوس.

لا أعرف كيف رأيتها و هي بعيدة جدًا عني.

لكنني تمكنت على الفور من رؤية أن أعيننا التقت حتى على بعد تلك المسافة.

ولكن في ذلك الوقت، اقشعر جسدي .

ليا لم تكن تلبس فستان خفيف مثلي بل لبست  ملابس الصيد، فهل هذا يعني أن ليا ستشارك أيضًا في مسابقة الصيد؟

يا إلهي! هل ستذهب للصيد مع الأميرة آرييل؟ هل تعرف كيف تحمل بندقية الصيد بشكل صحيح حتى؟

شعرت وكأن قلبي يتجمد، لكنني حاولت يائسة أن أحتفظ بوجهي المبتسم.

نعم، سيظهر «عمود» الرواية، ولا يسع ليا إلا أن تشارك. كان هذا طبيعيا.

سألت آريس بنبرة غير رسمية قدر الإمكان:”آريس. يبدو أن السيدة ساتورنوس ستشارك أيضًا في مسابقة الصيد اليوم. هل ستذهب مع الأميرة آرييل؟

أصبح تعبير آريس مظلمًا للحظة عندما سمع كلماتي.

ومع ذلك، بدلًا من أن يستدير لتتفحص وجه ليا، ركز نظرته علي مباشرة وأجاب:”آه لقد فهمت. ولكن لا داعي للقلق بشأن ذلك.”

أومأت برأسي بشكل آلي تقريبًا.

شعرت وكأنني بحاجة للتحقق من عدد الحراس الذين يرافقون الأميرة.

بينما كنت أفكر بشكل محموم فيما يمكنني فعله، فجأة غطت يد كبيرة ودافئة خدي.

ومن هذا الدفء، عدت إلى روحي في لحظة وهمست : ” آريس.”

“لديك الكثير للتفكير فيه مرة أخرى.”

كان يبتسم بلطف، ولكن كلماته كانت حزينة للغاية.

للأسف، كان هذا خطأي الكبير.

بمجرد أن أدركت ذلك، اعتذرت بصدق لآريس:”آسفة. لأنني لا أستطيع التركيز عليك… كنت قلقة من أنه إذا تجولت السيدة ساتورنوس مع الأميرة، فقد يكون هناك نقص في المرافقين.”

فتحت عيون آريس ذات اللون البني الذهبي بحرارة:”افهم.”

“بالمناسبة، آريس… لدي شيء أريد أن أقدمه لك.”

تركت بآريس دون إضاعة الوقت.

تركته بمفرده للحظة وهو ينظر إلي بعيون فضولية، وأخرجت منديلًا مطويًا بعناية من حقيبتي.

“هذا….. “

أمسك آريس، الذي بدا عاجزًا عن الكلام، أمسكت بيده وفتحها ثم وضعت المنديل الذي صنعته بكل مهارتي على كف يده بقوة.

آه، أعتقد أنه يمكنني معرفة مدى احمرار وجهي حتى دون النظر..
لم أستطع أن أنظر في عيني آريس وأعطيه المنديل.

“حسنًا، أنا أتطلع إلى رؤية عرضك الرائع خلال مسابقة الصيد. وأرجو ان تعود سالما دون أن تتأذى “

قبل أن يغمرني الخجل بقوة ، قلت كل ما أردت أن أقوله بسرعة.

يبدو أنه سيغمي علي يا إلهي.

ضحك آريس ضحكة لطيفة ذات النبرة المنخفضة فرفعت رأسي لاجد وجهه يشع على وجهي مثل ضوء الشمس الناعم.

“هاهاها، إنه منديل صنعته بنفسك…أعتقد أنني سأحظى بأفضل الحظ اليوم.”

بالكاد رفعت رأسي ونظرت إلى آريس.

وجهي أحمر جدًا حتى الآن صحيح؟ يبدو وجه آريس أيضًا أحمر إلى حد ما.

لقد قبل المنديل الذي أعطيته إياه.

ثم قام بتقبيل ظهر يدي بأدب شديد.

اه. كما هو متوقع، كانت هدية جيدة. العمل الشاق يستحق كل هذا العناء!

“همم.”

أوه، أعتقد أننا كنا نتحدث لفترة طويلة جدًا

فتنحنحت والدتي والدوقة جوبيتر قليلاً، مما أعادنا إلى الواقع.

ابتعدت أنا وآريس بسرعة وجلسنا بأدب بجانب بعضنا البعض.

نظرت الدوقة جوبيتر إلى المقاعد التي لا تزال فارغة في مكتن العائلة المالكة وتحدثت.

“مما اكتشفته، لا يوجد سوى ثلاثة حراس مقربين للأميرة أرييل… كان العدد الأصلي لها اثنين فقط، لكنها زادت العدد إلى ثلاثة لأن سيدة البارون ساتورنوس تخطط لمرافقتها، إن تنظيمهم محبطة للغاية… أليس كذلك آريس.”

بعد منادة آريس، عبست الدوقة قليلاً وقالت : “أنا آسفة، ولكن أريدك أن تذهب مع الأميرة وتكون بمثابة حارس لها… أنا لا أحب حقًا حقيقة أنها قد لا تستطيع إظهار مهاراتها في الصيد على أكمل وجه.”

صدمتني كلمات الدوقة مثل الصاعقة، التي رنّت في رأسي.

حقيقة أن آريس سيكون مع الأميرة آرييل طوال فترة الصيد تعني أنه سيكون أيضًا مع ليا!

في تلك اللحظة، شعرت وكأن نارًا زرقاء تتصاعد في زاوية من قلبي.

حقًا، العالم كله في حاجة ماسة إلى الحفاظ على ليا وآريس معًا!

ومع ذلك، بينما كان غضبي على وشك الغليان، لفت انتباهي مشهد آريس وهو ينظر إلى المنديل الذي في يده ونظرة مريرة وفارغة في عينيه.

اختفت فجأة النار المشتعلة في صدري. المشاعر التي كانت تغلي للتو بردت في لحظة.

لا يزال لدي طريق طويل لاقطعه.

مازلت طفلة لا تفكر إلا في نفسها.
كيف يمكن أن أكون الوحيدة المستاءة هنا؟
هو يرغب في اهدائي نصره أكثر من أي شخص آخر واستعراض قدراته.

آريس يركز علي بشدة لدرجة أنه يتفاعل بحساسية شديدة حتى عندما أذكر اسم ليا بشكل عرضي.

أغمضت عيني للحظة.

ربما ستذهب ليا للصيد مع آريس اليوم وتختبر التغيير الداخلي الخاص بها ويمكن أن يكون هذا هو “عمود” الرواية.

انها فرصة لآريس الذي امتلكته امرأة شريرة تدعى بيانكا للتعرف على مشاعر ليا الحقيقية مرة أخرى.

لست متأكدة مما إذا كانت ستكون الأميرة أرييل الضحية ويكون موتها هو “العمود” أم لا.

ولكن إذا لم يذهب آريس، فلن يكون لدي فرصة للتحقق.

تذكرت مرة أخرى ما قالته “المؤلفة” من قبل.

يقال أن وقوع الأحداث التفصيلية يمكن أن يتغير اعتمادًا على الإرادة الحرة للشخصيات التي تعيش في هذا العالم.

الحدث الذي لن يتغير أبداً هو موتي…
ونهاية سعيدة لآريس وليا. لا يوجد خيار ..

ليت متأكدة ما اذا كانت الحادثة التي سنحدث للأميرة آرييل قد تكون في حد ذاتها “ركيزة” الرواية.

ومع ذلك، إذا لم يكن الحادث بمثابة “ركيزة”، فسوف أفعل كل ما في وسعي لمنع هذا “الحادث”.

فحتى لو منعت ذلك، فإن «الركيزة» الحقيقية ستظهر منفصلة، ​​وستستمر هذه الرواية بطريقة ما.

إذا كان “عمود” الرواية الذي سيظهر اليوم هو التغيير في علاقة آريس وليا، فإن مسابقة الصيد اليوم يمكن أن تنتهي دون أن يضحي بأحد!

ما هو أكثر أهمية مشاعري ورغبتي في الحفاظ على آريس كرجلي؟

ام إنقاذ الأميرة آرييل من التضحية بها في حادثة فظيعة رتبنها “المؤلفة” على شكل مزحة؟

لم تكن هناك حاجة للقلق لفترة طويلة.

فتحت عيني المغلقة ببطء.
و امسكت بلطف بيد آريس، الذي كان يجلس بجانبي وقلت : “آريس ، من فضلك اعتني بالأميرة آرييل والسيدة ساتورنوس”

“….. “.

“أنت الأفضل في استخدام المسدس في الإمبراطورية… أشعر بالأمان اكثر عندما تكون معها.”

“لكن…… “.

“منديلي سيجلب لك الحظ السعيد. هل تعلم أي شيئ؟ يمكن أن تكون هناك فريسة كامنة في كل زاوية من طريق الأميرة لكنه سيحميك هيهي….. “

نظر آريس مباشرة إلى عيني بوجه حزين.

كما لو كان يحاول أن يرى ما في قلبي.

ولكن ليس هناك كذب في ما أقول.

كنت آمل حقًا أن يحمي آريس الأميرة وليا بأمان.

الحب بيني وبين آريس لن يدوم إلى الأبد.

ورغم أن هذه اللحظة قد تكون أكثر روعة وجمالا من أي لحظة أخرى، إلا أنها ستنتهي يوما ما.

هناك أشياء كثيرة في هذا العالم أكثر أهمية من هذا الشعور اللحظي.

حياة شخص ما، سلامة شخص ما……. على الأقل بالنسبة لي، كانت تلك الأشياء أكثر أهمية من الأشياء غير المحسوسة كالمشاعر مثل الحب، والتي سوف تمر قريبًا.

بالطبع، هذا لا يعني أن آريس سيتركني اليوم… لا يزال هناك وقت لي للاستمتاع به.

ابتسمت بشكل مشرق دون أي حزن وقلت : “آريس. أعلم ما يقلقك، لا أريد أن أقول هذا لكنني ساقوله لاطمئنك … أنا أثق بك.”

“هل أنت متأكدة أنك ستكونين بخير؟”

“نعم علاوة على ذلك، كنت أنا من قال أنني قلقة بشأن الأميرة آرييل في المقام الأول… أنا لا أمانع. لذا، كما قالت الدوقة، يرجى البقاء بجانبهم.”

وقف وقال : “لك ما أردت .. سأذهب الان.”

يبدو أن آريس اتخذ قراره أخيرًا، ونظر إلي وعيناه وتعبيراته أصبحت أكثر تصميمًا، ثم تحدث إلى الدوقة: “سأفعل كما تقولين يا أمي… إنه لأمر مؤسف ان يحدث هذا لنا ، ولكن هذه ليست مسابقة الصيد الوحيدة.”

“شكرا لك، آريس.”

بدت الدوقة أيضًا مرتاحة، وأصبح تعبيرها مسترخيًا.

في ذلك الوقت، من خلال الضجة، صاح الخادم الإمبراطوري بصوت عال جدا : “جلالة الإمبراطور، وجلالة الإمبراطورة، وجلالة الأميرة يدخلون!”

نهض جميع النبلاء الجالسين في مقاعدهم.

مع حراس يرتدون الزي العسكري يتبعون من كلا الجانبين، مرت عائلة الإمبراطور عبر النبلاء الراكعين وجلسوا على الطاولة الرئيسية في وسط غرفة الاستقبال.

كما رحبت بهم عائلتي وعائلة آريس بلطف.

على عكس جلالة الملك والملكة كانت الأميرة آرييل ترتدي ملابس الصيد، كما كان متوقعًا.

وقف جلالة الإمبراطور على رأس الطاولة وتحدث: “مع كون الطقس لطيفًا جدًا، أعتقد أنك ستتمكنين من إظهار مهاراتك اليوم…. آمل أن تستمتعوا جيدًا اليوم !”

كانت خطابات التهنئة التي ألقاها جلالته دائما قصيرة وموجزة، وهو أمر عظيم.

من الآن فصاعدا، يمكن لأولئك الذين يرغبون في المشاركة في الصيد الدخول بحرية إلى غابة أرض الصيد.

أما الباقي ليس لهم حق التجول بحرية سوى في منطقة الاستقبال والحديقة المجاورة والتفاعل اجتماعيًا كما النزهات .

امتطى آريس حصانه ممسكًا بمسدس طويل حاد في يده.

يا إلهي، إنهما مناسبان جدا له ، يجب أن أتذكر هذه الصورة وأرسمها!

خرجت من منطقة الاستقبال ورأيت آريس خارجًا. وبجانبهما، كانت كل من الأميرة آرييل وليا تركبان حصانًا وتستعدان للمغادرة مع ثلاثة حراس.

“أتمنى لك رحلة سعيدة، آريس.”

أومأ آريس بابتسامة عميقة.

***
ادعوا لأهلنا في غزة

****
لا تنسوا التعليقات و النجوم والمتابعة
قراءة ممتعة