الفصل الثاني والخمسون : الجهل احيانا نعمة

في اليوم التالي، وصلت رسالة تحمل ختم دوق جوبيتر إلى والدي في الصباح الباكر.

لقد كان اعتذارًا منه قائلًا إن مقابلتي للصوص كان بسبب أنه قادني إلى طريق جبلي مظلم.

قبل والداي بسخاء اعتذاره الصادق والكريم. بالطبع، كان ذلك ممكنًا لأنني كنت آمنة.

وسرعان ما تلقى مكتب الأمن العام مكالمة.

وكما قال المسؤول، تم التعامل مع  إطلاق آريس النار على أنه دفاع عن النفس، كما تم القبض على اللص المصاب حيًا ويجرى تعقب المجموعة.

كان المجتمع الأرستقراطي في العاصمة صغيرًا بشكل مدهش، لذا انتشرت الأخبار حول تعرضنا لهجوم من قبل اللصوص أنا وآريس بسرعة في جميع الدوائر الاجتماعية.

اضطررت لقضاء بعض الوقت في الرد على رسائل ميتيس ومعارفي الآخرين الذين كانوا قلقين بشأن سلامتي.

أثناء بقائي في المنزل لمدة يوم أو يومين لتهدئة ذهني وجسدي، وجدت اسمًا لم يكن موضع ترحيب كبير بين كومة الرسائل.

“هل هذه الأميرة آرييل؟”

قرأت الرسالة بإحساس من الخوف.

وكان المحتوى بسيطا ،  قالت إنها تريد دعوتي لتناول الشاي كاعتذار عن وقاحتها في عدم إرسال دعوة إلى مأدبة القصر الإمبراطوري في ذلك اليوم.

كشرت فجأة…. هل تواصلت معي حقًا لأنها أردات حقًا الاعتذار؟

على حد علمي، لن يكون من السهل على أميرة فخورة مثلها أن تحني رأسها لي بهذه الطريقة، أليس كذلك؟

فكرت في الأمر بينما كنت أحمل الرسالة في يدي وأضعها على المكتب.

هل اقبل الدعوة أم ارفض؟

لأكون صادقة، لا أريد أن يكون لي أي علاقة بالأميرة آرييل.

فقررت أن أتقدم بعذر مناسب وأرفض الدعوة.

إنه عذر معقول، لا يوجد شيء ضغينة ضدها.

يمكنني القول أنني صُدمت بشدة من عملية اللصوص التي تعرضت لها في الجبال وأنني اتعافى في المنزل.

كتبت ردًا على الأميرة آرييل بأسلوب مهذب.

وذكرت أنني ساضطر إلى الامتناع عن الخروج لأنني احتاج إلى البقاء مستقرة عقليًا في المنزل في الوقت الحالي.

الأميرة التي تلقت الرد ردت على رفضي الملطف بلهجة كريمة، متمنية لي الشفاء العاجل.

ومع ذلك، لم تنس التعبير عن نيتها في دعوتي مرة أخرى.

هذا صعب حقا، لماذا الأميرة متلهفة لرؤية وجهي؟ هذه معركة بمعنى آخر.

على أية حال، أجبت بأدب أنني سأقبل دعوتها بالتأكيد عندما تتحسن حالتي.

وكانت المشكلة التالية.

بعد وقت قصير من ردّي على الأميرة، وصلت رسالة تدعوني إلى حفل عشاء من الدوق جوبيتر!

قال آريس في وقت سابق إنه سيدعوني إلى منزل الدوق قريبًا، لذا فالآن هو التوقيت المناسب لهم!

رفضت دعوة الأميرة أرييل بحجة المرض، لذلك لم يكن بإمكاني قبول دعوة الدوقة قبل حضور حفلة شاي الاميرة!

لذلك، من أجل تناول العشاء مع والدي آريس، كان علي أن أذهب إلى حفلو شاي الأميرة أرييل أولاً. حتى لو لم يعجبني الامر، ليس لديي خيار.

كتبت ردًا على دوق جوبيتر قائلة إنني الآن مستقر عقليًا وجسديًا بما يكفي للخروج وأنني سأأتي لرؤيتهم قريبًا.

وبعد ذلك، وأنا اشكي وأتناول العلقم، أرسلت أيضًا رسالة إلى الأميرة أرييل أقول فيها إنني سأحضر وقت الشاي…

بعد أن سمعت مبتيس أنني أخطط لشرب الشاي مع الأميرة أرييل، جاءت ميتيس إلى القصر شخصيًا لحسن الحظ.

“بيانكا! سمعت أنك ستذهب إلى ساحة العدو برجليك، ولم أستطع إلا أن أشجعك، لذلك أتيت إلى هنا.”

“تسك…. حسنًا، لن أخوض معركة كبيرة، لكن شكرًا لك على أي حال.”

سألت ميتيس بابتسامة:”إذن ماذا تخططين لقوله لها عندما تلتقوا؟”

أجبت بهدوء وأنا أشرب الشاي بهدوء شديد:”ماذا يمكنني أن أقول، يجب أن أقول إنني أتسامح معها بسخاء.”

“همم…… “.

“الخبر السار هو أنها لن تأتي الى مسابقة الصيد القادمة.”

شخرت ميتيس من كلامي وهزت رأسها: “لا أعتقد ذلك؟”

“ماذا تقصدين؟”

قالت ميتيس وهو تحرك المعلقة في فنجان الشاي بلا معنى: “إنها تخطط للمشاركة في المسابقة بنفسها.”

نظرت إليها بذهول وعجزت عن الكلام.

نظرن ميتيس أيضًا إلى وجهي وابتسمت : “أليست الأميرة المتهورة؟ أتساءل عن مقدار المتاعب التي ستواجه الفرسان المرافقون لها….. “

كانت ميتيس منزعجة حقا… قد يكون ذلك مشكلة لحراس الأمن … ولكن لا بد أيضًا أن يشعر الشباب الآخرون بالقلق الشديد بشأن الاستمتاع بالمنافسة.

على أية حال، أعتقد أنها تعلمت بشكل جيد كيفية التسبب في المشاكل من صديقتها المفضلة ليا. تسك تسك.

＊ ＊ ＊

على أية حال، في اليوم التالي، ارتديت ملابسي الرائعة وتوجهت إلى القصر الإمبراطوري.

لم ارتدي شيء مبهرج مثل مأدبة القصر الإمبراطوري السابقة، لكنه كان فستان كافي لجذب انتباه المارة.

على أقل تقدير، ألا يجب أن تكون الأميرة متوترة وتشعر بمن تتعامل معها في هذه اللحظة؟ هيهي.

وبمشية أنيقة وراقية، سرت بخفة عبر ممرات القصر الإمبراطوري دون أن اصدر أي صوت.

لا بد أن الخادمة التي في المقدمة قد أذهلت من صوت خطواتي الهادئة وهي ترمش وتتحقق خلفها بين الحين والآخر.

“سيدة أورانوس… ارجو ان تأتي مهي بهذا الطريق.”

تم إرشادي إلى الجزء الخلفي من القصر حيث تقيم الأميرة.

كان الطقس المعتدل في أوائل الصيف مثاليًا للاستمتاع بوقت الشاي في الخارج.

وهناك كانت الأميرة آرييل تنتظرني وهي ترتدي فستاناً مفعماً بالحيوية.

“احيي صاحبة ااسمو الأميرة.”

“مرحبا سيدة أورانوس.”

عيون وموقف واثق…
على الرغم من أنها أصغر مني بسنة، إلا أنها جزء من العائلة المالكة.

وعلى الرغم من أن حفل الشاي تم تنظيمه اسميًا للاعتذار لي، إلا أنه لم يبدو عليها أي علامات اعتذار على الإطلاق.

ومع ذلك، لا ينبغي أن اظهر الاستياء هنا.

ابتسمت واستجبت لكرم ضيافتها !!

“إنه لشرف كبير أن أقضي وقتاً لتناول الشاي مع هذا الدعم الكبير. جلالة.”

“لم أقم بدعوة أحد سوى السيدة أورانوس المشهورة بحسها الجمالي… لذا بالطبع قمت بدعوتها.”

ليست هناك حاجة للتواضع هنا.

أجبت بصوت مليء بالفخر: “أعتقد أنه مكان رائع، ولا بد أنه أحد أفضل الحدائق في القصر… لقد تأثرت حقًا.”

تلاشت ابتسامة الأميرة قليلاً. تسك تسك.

بعد الجلوس، قامت خادمة القصر الإمبراطوري التي خدمتني بتحضير الشاي وسكبته أمام الأميرة أرييل.

أخذت رشفة منه وأثنيت برشاقة على مهارات الخادمة: “إنها تستحق بالفعل خدمة صاحبة السمو الأميرة… طعم الشاي رائع.”

“أنا سعيدة لأنني نلت رضاك ​​يا سيدتي.”

انتهت الآن عملية تقديم التحية البراقة والطنانة.

لقد حان الوقت تقريبًا للوصول إلى نقطة الجد…

وبالفعل عدلت الأميرة آرييل وضعيتها وجلست وفتحت فمها.

“سبب دعوتي لك بهذه الطريقة هو أنني أردت الاعتذار لك عن التسبب في عدم احترام خطير لعائلتك في المرة الأخيرة… بالطبع، التقت الملكة بالكونتيسة بشكل منفصل، لكنني أردت أيضًا التحدث إليك بشكل منفصل.”

خفضت عيني قليلا…. وبعد لحظة، تحدثت الأميرة مرة أخرى: ” لقد كنت غير ناضجة جدًا في ذلك الوقت…. الشيء الذي كان ينبغي حله على انفراد بيني وبينك لا ينبغي أن يصبح مشكلة كبيرة لعائلتنا.”

هيهيهي… لذا، ما أعنيه هو أنني سأترك المشكلة الأساسي قائمة وأعتذر فقط عن عدم إرسال الدعوة.

كلمتها بهدوء وسألتها: “إذن، هل مازلت تعتقدين أنه كان ينبغي عليّ أن أعامل السيدة ساتورنوس بتساهل؟”

عندما هاجمتها مباشرة بهذه الطريقة، توقفت الأميرة آرييل أيضًا عن الكلام لوهله ثم قالت : “لأكون صادقة، نعم… ما زلت على رأيي أن السيدة يجب أن تكون أكثر تساهلاً مع ليا.”

“هل لي أن أسأل لماذا تفكرين بهذه الطريقة؟”

لم تكن لهجتي بهذه القسوة…
لقد حاول بهدوء استبعاد عواطفي قدر الإمكان، وسألت كما لو كان فضوليًا حقًا بشأن السبب.

تنهدت الأميرة أرييل بشدة وأجابت: “ليست كل السيدات النبيلات يمكن أن يكونن مثاليات في الآداب كما تعتقد السيدة أورانوس… على وجه الخصوص، معاييرك عالية جدًا مقارنة بالأشخاص الآخرين… و أعتقد أنه من غير العدل فرض ذلك على ليا، التي تنتمي إلى إقطاعية محلية..في النهاية، لقد كانت صديقتك، أليس كذلك؟”

أجبت دون التراجع: “لا أعتقد أنني فرضت آداب سلوك غير معقولة على السيدة ساتورنوس. لقد مرت عدة أشهر منذ أن جاءت في العاصمة.”

بعد أن أخذت لحظة لالتقاط أنفاسي، أعلنت كما لو كنت أدق مسمارًا في رأسها :”علاوة على ذلك، أمرتني صاحبة الجلالة الإمبراطورة على وجه التحديد بمراعاة آداب السيدات، لذلك سأتبع تعليماتها فقط.”

أومأت الأميرة أرييل برأسها واعترفت بطاعة بكلماتي: “اعتقد ذلك. لقد قالت الملكة ذلك للسيدة في قاعة الاحتفالات في ذلك الوقت، لذا فأنا أتفهم موقف السيدة… على أي حال، أردت فقط أن أخبرك أن هذا هو رأيي. “

“نعم…. أنا أفهم نواياك جيدا.”

هناك دائمًا أشخاص في العالم لن يقفوا إلى جانبك مهما حدث، وقد أصبحت الأميرة آرييل الآن واحدة منهم. حاولت تهدئة قلبي المضطرب.

ومن ثم غيرت الموضوع : “سمعت من خلال ميتيس أن جلالتك قررت المشاركة شخصيا في مسابقة الصيد القادمة.”

عند كلامي، أشرقت بشرة الأميرة آرييل فجأة: “آه، هل سمعت بالفعل؟ على أية حال، أن الأخبار تصل سريعة يا سيدة أورانوس.”

على عكس الأميرة التي ابتسمت بشكل مشرق، سألت بوجه صارم إلى حد ما.

“هل تحتاجين حقًا إلى القيام بذلك؟”

“أنت تقولين نفس الشيء مثل أي شخص آخر.”

في لحظة، أصبح تعبير الأميرة باردا.

ثم سألت مرة أخرى بنبرة ساخرة: “لماذا يعتقد الجميع أنه في مسابقات الصيد، يجب على النساء الجلوس ساكنين والتلويح بالمروحة والدردشة؟ أستطيع التعامل مع بندقية الصيد أيضا! مهاراتي في ركوب الخيل ليست سيئة أيضًا! ولا يوجد قانون ينص على أن الرجال فقط هم الذين يمكنهم الاستمتاع بالصيد، أليس كذلك؟”

وبطبيعة الحال، هناك حقيقة فيما قالته الأميرة.

كما أنني اتفقت مع رأيها إلى حد ما.

ومع ذلك، لم يكن هذا هو السبب وراء إيقافي الأميرة الآن

“لم أقل ذلك لأن سموك امرأة… أنا أقول لك هذا بسبب القلق من أن الآخرين لن يتمكنوا من الاستمتاع بمنافسة الصيد بسلاسة بسبب الفرسان العديدين الذين سيتحركون من أجل جلالتك.”

“إذا كان هذا هو الحال، فلا داعي للقلق… نحن نخطط لنقل الحد الأدنى فقط من الأشخاص حتى لا نعطل المنافسة.”

“إذن ألن تصبح سلامتك في خطر؟”

“على كل حال الجميع حذرين للغاية … من سيجرؤ على إيذائي في مسابقة الصيد التي تنظمها العائلة الإمبراطورية؟
تقصدين ان احدهم يستطيع؟ .. حتى الآن، جرت المنافسة بأمان…. و لن يحدث شيء سيء هذه المرة أيضًا، لذا من فضلك ضعي قلقك غير الضروري جانبًا، يا سيدة أورانوس. “

كان لدي حدس من إجابة الأميرة أرييل.

انه سيحدث شيء بالتأكيد في مسابقة الصيد هذه!

هذا العالم هو عالم في الرواية…. هذا عالم حيث تقع حوادث دراماتيكية و يظهر اللصوص فجأة  عندما نكون أنا وآريس وحدنا فقط.

والآن الرواية في ذروتها..

آريس، وليا، والأميرة آرييل، وأنا، الشريرة الداعمة سنجتمع جميعًا في مكان واحد.

ولذلك فإن «ركيزة» الرواية ستظهر حتماً في مسابقة الصيد هذه…. وبطريقة درامية جداً!

علاوة على ذلك، تصر الأميرة حاليًا بعناد على إبقاء عدد أفراد الأمن عند الحد الأدنى.

أسوأ شيء يمكن أن أفكر فيه في هذه الحالة كان أنه سيتم الهجوم على الأميرة آرييل.

حاولت بشكل تلقائي أن اقنع الأميرة بضرورة زيادة عدد الفرسان المرافقين، لكنني توقفت للحظة.

سيظهر “عمود” الرواية على أي حال؟
ومهما حاولت ليس هناك طريقة لوقف ظهور “العمود”.

لا يوجد دليل على أن الهجوم على الأميرة أرييل كان “عمودًا”، لكن إذا كان بالفعل “عمودًا”، فحتى لو تم زيادة عدد الحراس عدة مرات تحسبًا للهجوم، فلا بد أن يحدث على أي حال.

فتحت شفتي لأتكلم ثم أغلقتهما مرة أخرى.

****
لا تنسوا التعليقات و النجوم والمتابعة
قراءة ممتعة
~~♡~~