**الفصل 90**
نظرتُ إلى أطرافِ أصابعي وأنا غارقةٌ في القلق.
إنْ اندلعتْ حربٌ يومًا ما، سأُجبرُ على المشاركةِ كصاحبةِ قوىً وطنيّة، وقدْ أفقدُ إنسانيّتي تمامًا وأتحوّلُ إلى وحش. الأمرُ نفسهُ ينطبقُ على دانتي، صاحبِ القوى الشّيطانيّةِ مثلي. إيجكيل قدْ يفقدُ حياتَه إنْ فقدَ السّيطرة.
في النّهاية، لا خيارَ أمامهم سوى إثارةِ تمرّدٍ لإسقاطِ الإمبراطوريّةِ والطّائفة.
سعادتي تكمنُ في عيشِ حياةٍ يوميّةٍ بسيطةٍ معهم.
بما أنّ الفراقَ جزءٌ لا مفرَّ منهُ في الحياة، فلن نكونَ معًا إلى الأبد. لكنْ إنْ اضطررنا للفراقِ يومًا، أتمنّى أنْ أودّعَهم بابتسامة.
إنْ حصلتُ على حجرِ الحكيمِ وأصبحتُ أقوى، هل سأستطيعُ مساعدةَ قضيّتِهم، منعَ الحرب، وحمايةَ سعادتِنا؟
قطعتُ أفكاري، وقفتُ فجأة، وصحتُ بوجهٍ جادّ.
“سيّد كيليان، سأجعلُكَ سعيدًا!”
أيًّا كانتِ الطّريقة، هدفي هو كسرُ سلسلةِ التّعاسة.
“هل تتقدّمينَ لخطبتي فجأة؟”
“لا؟ أريدُ أنْ أجعلَ سيّد دانتي وإيجكيل سعيدينَ أيضًا.”
“زوجةٌ لعدّةِ أزواج؟ فكرةٌ ثوريّةٌ حقًا! سأبذلُ جهدي لأكونَ الزّوجَ الرّسميّ، سيّدتي.”
‘آه، لو يُمكنُ إلغاءُ خاصيّةِ إلغاءِ الضّوضاءِ هذه!’
—
قرّرتُ البحثَ في القبوِ لأهدافٍ عدّة: إيجادُ حجرِ الحكيمِ المحتملِ في القصر، البحثُ عن كتبٍ تتعلّقُ بالإمبراطوريّةِ السّابقة، إخفاءُ الأغراضِ المشبوهةِ استعدادًا لحفلةِ الشّاي، وجمعُ أيِّ شيءٍ يُمكنُ بيعُه.
جمعتُ دانتي، كيليان، وإيجكيل لتشكيلِ فرقةِ استكشافِ الكنزِ القبويّ. جاءَ دانتي حاملًا أدواتِ التّنظيفِ كلّها، وكأنّه يعيشُ لحظةَ حلمِه.
“كنتُ أتوقُ لتنظيفِ هذا المكان. كم كانَ مزعجًا المرورُ دونَ تنظيف!”
يبدو أنّ أمري بعدمِ دخولِ القبوِ كبحَ رغبتَه في التّنظيف.
مثلَ دانتي، ربطَ كيليان مئزرًا وأمسكَ مكنسةً كسيفٍ وسأل.
“سيّدتي، ألم تُطلبي عدمَ دخولِ الصّالةِ الصّغيرةِ للصّلاة؟”
“نعم، إنّها غرفةُ تعلّقِ صاحبِ القصر. انتبهوا جيدًا. إنْ وجدتم شيئًا ثمينًا، ضعوهُ هنا.”
ناولتُ كيليان حقيبةً مبطّنةً مطرّزةً بأزهارٍ صغيرة.
عبسَ إيجكيل ونظرَ إلى الممرِّ القبويِّ الرّطب.
“إيجادُ حجرِ الحكيمِ شيء، لكنْ بيعُ هذه الأغراض؟ كلُّ شيءٍ هنا يبدو مليئًا بالقصصِ المقلقة.”
“هذا بسببِ الأجواء. لو عُرضتْ في مكانٍ مشرقٍ وجميل، ستبدو مختلفة.”
تنهّدَ إيجكيل، وتحوّلتْ عيناهُ الذّهبيّتانِ نحوي.
“بالمناسبة، ما قلتهِ عندَ الغداء… هل كانَ هناكَ أيُّ دليلٍ آخرَ عن مختبرِ الأسرارِ العسكريّة؟”
خلالَ الغداء، أخبرتُ كيليان وإيجكيل بما سمعتهُ من والدةِ جيني. لم يكونا يعلمانَ بوجودِ مثلِ هذا المختبر.
“لا توجدُ أدلّةٌ أخرى. يبدو أنّه أُنشئَ مؤخرًا.”
أجابَ دانتي نيابةً عنّي، فمسحَ إيجكيل ذقنَه بجديّة.
“قدْ يكونُ ذلكَ المختبرُ قاعدةً لمخطّطاتِ الطّائفة. يجبُ أنْ نعرفَ مكانَه أوّلًا.”
“إيجي، سأساعدُ أيضًا. لقد قرّرتُ أنْ أكونَ قائدةَ العمليّات.”
اتّسعتْ عينا إيجكيل من جديّتي. استدارَ كيليان بسرعةٍ متفاجئًا.
“سيّدتي، لا يُمكن! أنْ تُعرّضي نفسَكِ لمثلِ هذا الخطر؟”
“لا أعرفُ عن أمورٍ أخرى، لكنْ هذا خطير. لا أريدُ توريطَكِ. الطّائفةُ تتربّصُ بكِ كمديرةِ القصرِ وبحجرِ الحكيم.”
قلقُهما مفهوم. كنتُ أعلمُ أنّهما يهتمانِ بي، فلم أشعرْ بالضّيق.
ابتسمتُ ابتسامةَ حكيمٍ بعدَ اندفاعي السّابق.
“كلُّ ما يحدثُ في العالمِ لهُ سبب، كما قيل. أنْ أصبحتُ مديرةَ القصر، وأنْ التقيتُ بكم جميعًا، لهُ سبب. هذا ليسَ بعيدًا عنّي، والتّجنّبُ ليسَ دائمًا الحلَّ الأفضل.”
صمتا للحظة، لكنّهما بديا مقتنعينَ بخطابي البليغ.
“قائدةُ العمليّاتِ محقّة.”
“لا يُمكنُ الفوزُ عليكِ بالكلام.”
كنتُ قدْ أخبرتُهما بقصّةِ ريلكه التي رأيتُها في حلمي: كيفَ استُغلّتْ، خُدعتْ، وانتهتْ بينَ فكّي شيطانٍ عظيم.
“سأجدُ حجرَ الحكيمِ المفقود. كنتُ أبحثُ عنهُ منذُ زمن، لكنْ بمفردي كانَ الأمرُ صعبًا. ستساعدونَني، أليس كذلك؟”
في الماضي، شككتُ أنّهم جاؤوا ليستولوا على الحجرِ أو يستخدمونَني في تمرّدِهم. لكنْ الآن، أفهمُ أهدافَهم، ومصالحُنا مشتركة. يمكنُنا الاستفادةُ من قدراتِ بعضِنا كفريق.
“سنجدُه اليومَ مهما كلّفَ الأمر!”
أمسكَ كيليان الحقيبةَ المبطّنةَ بحماسٍ شديد.
صفّقتُ بيديّ وقُلت.
“حسنًا، لنبدأِ البحث.”
القبوُ عبارةٌ عن ممرٍّ طويلٍ بهِ غرفٌ عديدة، وفي نهايتِه صالةُ صلاةٍ صغيرة.
“سأبدأُ من الغرفةِ الأولى. سيّد كيليان، ابدأ من الغرفةِ الأخيرةِ عدا صالةِ الصّلاة. إيجكيل وسيّد دانتي، كِلاكما يتولّى الغرفَ المقابلة.”
اقتربَ دانتي ونظرَ إلى شعري البنيِّ الطّويل.
“ألا يُزعجُكِ؟ شعرُكِ يعني.”
‘يبدو أنّه يطلبُ منّي ربطَه.’ قدْ يُحضرَ مقصًا ليقصَّه! فتّشتُ جيوبي بسرعة.
“آه، رباطُ الشّعر…”
“ها هو.”
“والمشط…”
“لديّ أيضًا.”
أخرجَ دانتي رباطَ شعرٍ ومشطًا صغيرًا من جيبِ مئزرِه. ‘لمَ يحملُ هذه الأشياء؟’
“هل لديكَ مرآةٌ أيضًا؟”
“نعم.”
أظهرَ مرآةً بحجمِ كفّي. ‘ما هذا المئزر؟ جيبُ دورايمون؟’
«جيب دورايمون: هو جيب سحري رباعي الأبعاد موجود على بطن دورايمون، الروبوت القط من المستقبل.
يستخدمه لإخراج أدوات وأجهزة عجيبة، ويبدو صغيرًا لكنه يستطيع تخزين عدد لا نهائي من الأشياء بسبب خاصيته البُعدية.»
“هل أنتَ بائعٌ متجوّل؟”
“أنا دائمًا مستعدٌّ لربطِ شعرِ سيّدتي.”
‘كم كانَ هذا مزعجًا له…’
وضعَ الرّباطَ في فمِه وربطَ شعري بسرعة، ثمّ تحوّلتْ نظرتُه إلى إيجكيل، أو بالأحرى إلى غرّتِه الورديّةِ التي تغطّي عينيهِ قليلًا.
“قذر. الرّجلُ يجبُ أنْ يكونَ أنيقًا ومرتبًا دائمًا.”
رأى إيجكيل دانتي يُخرجُ رباطَ شعرٍ آخر، فشحبَ وجهُه.
“سأتولّى الأمر! اتركْني!”
لكنْ مقاومتهُ كانتْ بلا جدوى.
أمسكَه دانتي وربطَ غرّتَه. احمرَّ وجهُ إيجكيل خجلًا.
“واو، ذيلُ التّفاحةِ لطيف! كأنّه تفاحةٌ حقيقيّة!”
انحنيتُ وحدّقتُ في ذيلِ شعرِ إيجكيل.
“آه!”
نزعَ إيجكيل الرّباطَ بعنفٍ ومسحَ وجهَه كأنّه يغسلُه.
فجأة، سمعتُ صوتَ خطواتٍ معدنيّةٍ وصوتَ كيليان يناديني.
“سيّدتي، أنقذتُ طفلًا صغيرًا يرتجفُ وحيدًا.”
على قفّازِه المعدنيّ، كانَ هناكَ خفّاشٌ صغيرٌ مكوّرٌ يُطلقُ صوتَ “بيي” باكيًا. ‘متى وجدَه؟’
“واو، لطيف…”
“كييي!”
فجأة، تردّدَ صراخٌ غريبٌ من داخلِ الممر.
“ما هذا؟ وحش؟”
مع صوتِ رفرفةِ أجنحة، بدأ شيءٌ ضخمٌ يطيرُ نحونا. بدا كأنّه من الجحيم، وكانَ عددها عشرينَ على الأقل.
نظرتُ جيدًا، فإذا بها خفافيش. ‘هل هي عائلةُ الخفّاشِ الصّغير؟’
‘لم يكنْ إنقاذًا، بل خطفًا! كانوا يعيشونَ هنا بهدوءٍ مع عائلتِهم!’
“آه! أعتذرُ نيابةً عن البشر!”
بدأ هجومٌ عائليٌّ منظّم، فهربتُ مسرعةً وأنا أفكّر: ‘فرقةُ استكشافِ الكنزِ القبويّ، هل ستكونُ بخيرِ هكذا؟’
“عائلةُ الخفافيشِ جاءت! أعِدِ الصّغيرَ إلى أحضانِ عائلتِه بسرعة!”
اختبأتُ خلفَ ظهرِ دانتي العريضِ كدرعٍ وصحت.
طارتِ الخفافيشُ حولَ كيليان، الذي كانَ يحملُ الصّغير، وصاحتْ بتهديد.
لاحظتُ سوارًا ذهبيًا يتدلّى كقلادةٍ على عنقِ أكبرِ خفّاش.
‘لمَ يرتدي سوارًا ذهبيًا؟ هل هو خفّاشٌ عصابيّ؟’
رفعَ كيليان يدَه وتحدّثَ بصوتٍ متأثّر.
“هاها، جاؤوا ليشكروني على إنقاذِ صغيرِهم.”
لكنْ صوتَ ضربِ الخفافيشِ لخوذتِه بدا مليئًا بالعداء.
“يبدو أنّهم يضربونَ بكلِّ قوّتِهم.”
كانَ إيجكيل، الذي شاركَني الرّأي، يقفُ محميًا بدرعٍ سحريٍّ حولهُ وحده.
تشبّثتُ بحبلِ مئزرِ دانتي، درعي الوحيد، وأنا أنكمش. تحدّثَ دانتي وهو ينظرُ إلى الخفافيش.
“هذه خفافيشُ لصّة، تسرقُ الأغراضَ المسحورةَ وتخبّئُها في أعشاشِها. هل أتخلّصُ منها؟”
“من الخفافيش؟ وإنْ كانتْ لصوصًا، أظهرْ بعضَ الرّحمة.”
“مستحيل، الخفافيشُ بريئة. المشكلةُ هي ذلكَ الإنسانُ المدرّعُ الذي خطفَ صغيرَها.”
“هذا صحيح، لكن…”
‘هل ينوي حقًا التّخلّصَ منها؟’
نظرَ دانتي إلى كيليان بنظرةٍ حادّة.
—
المترجمة:«Яєяє✨»
التعليقات لهذا الفصل " 90"