### الحلقة 78
“قدّيستي، لكن اجتماع الصّلاة سيبدأ قريبًا… السير كايدن سيأتي لاصطحابكِ.”
تقدّم كاهن ليمنع تصرّفها “المتطفّل بلا لباقة في مرافقة موعدنا”، لكن-
“هل يجب أن نصلّي بالضرورة في مكان محدّد مع الجميع؟ ألم يقولوا إنّ الحاكم يسمع صلواتنا في أيّ وقت ومكان؟”
ردّت غالاتيا ببراءة وابتسمت بعينين رفيعتين.
“لكن لماذا لا يجيب إذا كان يسمع كلّ شيء؟”
تجمّد وجه الكاهن الذي حاول منعها عند سماع صوتها البارد. تقدّم كاهن آخر يتوسّل.
“قدّيستي، يجب أن تحضري هذا الاجتماع. الكاردينال سيكون موجودًا. التغيّب لسبب دنيويّ كهذا قد يُعتبر تدنيسًا…”
“هذا أيضًا اختبار من الحاكم. أن نغفر لعصفور ضائع ونهديه الطّريق الصّحيح. تعاملوا مع الأمر، أيّها الكهنة.”
بدا لي أنّها ليست قدّيسة، بل مجنونة ذات عينين صافيتين تعيش بلا هموم.
“لماذا نحن من يخضع لهذا الاختبار؟”
كان الكاهن على وشك البكاء.
هل هي مهرطقة في الأوساط الدينيّة؟ بينما كنتُ أتعجّب داخليًا، جذبتني غالاتيا بابتسامة مشعّة.
“هيّا نذهب بسرعة. أنا متحمّسة جدًا.”
“قدّيسة لاتيه، ألا تخافين أن تُوبّخي وتُرسلي إلى الجحيم؟”
“نعم. إذا ذهبتُ إلى الجحيم، سأكون أنا من يذهب، فلماذا أُوبّخ؟ إنّه خياري.”
منطق غريب لكنّه صحيح، فلم أجد ما أقوله. أدار دانتي رأسه بتعبير ينمّ عن الضجر.
عندما رأيتهم يتجادلون هكذا في فريق واحد، لم يعد يبدو أنّها تتبعنا لتراقبنا عكسيًا. هل هي فضوليّة حقًا عن المواعيد؟
بدأ الموعد وأنا أحمل هذه التساؤلات.
* * *
ذهبنا لتناول الفطور في متجر الدونات الذي أوصت به غالاتيا، فاشترت كومة من الكعك ودفعت ثمنها.
“هل تستطيعين أكل كلّ هذا؟”
نظرتْ إليّ غالاتيا متعجّبة عند سؤالي.
“لماذا لا أستطيع؟”
“لماذا تسألين خطيبتي هذا؟”
عبس دانتي وسلّمني كعكة دفع ثمنها منفصلاً.
في الحقيقة، أعتقد أنّني أستطيع أكل هذا الكمّ أيضًا، لكنّني لم أقله بصوت عالٍ.
بينما كنّا نأكل الكعك على طاولة في الشّرفة الخارجيّة، اقترب ثلاثة أشخاص مرّوا بنا وعرَفونا.
“ميا، سيّد الجنرال. مرّ وقت طويل. كيف حالكما؟”
كاركا، نيفي، ليديا. ثلاثيّ النخبة الاجتماعيّة الذين لم أرهم منذ زمن.
هل لأنّها منطقة تجاريّة؟ ألتقي بالكثير من المعارف.
“مرحبًا. كيف حالكم؟ إلى أين تذهبون؟”
ابتسمت نيفي، مرتدية بدلة خضراء مزرقّة مصمّمة، عند سؤالي.
“لا وجهة محدّدة. سمعنا عن سلاح جديد، ففكّرنا في رؤيته. سنشارك في مهرجان صيد الوحوش الرّبيعي.”
ليس ملابس جديدة، بل سلاح؟ مهرجان صيد وحوش في الرّبيع؟ سيدات النبلاء في هذا العالم يعشن حياة لا يمكن توقّعها.
اتّسعت عينا كاركا عند رؤية غالاتيا تأكل الكعك بكلتا يديها بسرعة.
“قدّيسة يناير؟ أراكِ خارج المعبد لأوّل مرّة. تشرّفتُ بلقائكِ.”
بمظهرها المميّز وثوبها الكهنوتي الأبيض، كان من السّهل تمييزها. أومأتْ غالاتيا برأسها وهي تأكل الكعك بخدود منتفخة.
“نعم، لاتيه سعيدة أيضًا.”
“هل تعرفون بعضكم؟”
“أعرف ميا بطريقة جيّدة، والجنرال دايك بطريقة سيئة.”
شرحتْ علاقتها باختصار، ثمّ شربت الحليب بسرعة وابتسمت.
“أنا الآن أجرب تجربة موعد غراميّ.”
“تجربة موعد؟”
أمَلت نيفي وكاركا وليديا رؤوسهم بدهشة، كلّ منهم بألوانه المميّزة. ثمّ صفقت ليديا يديها فجأة كأنّها تذكّرت شيئًا.
“آه! تعنين لجنة تحكيم موعد غراميّ؟ تراقبين مواعيد الخطّاب وتعطين درجات، وإذا لم يحصلوا على درجة كافية يُستبعدون من قائمة الخطّاب.”
كيف توصّلتْ لهذه الفكرة؟ هل هي منتجة برامج؟
بغضّ النّظر عمّا فكّرتُ به، أطلق الثلاثيّ تعليقات متعجّبة متنوّعة، ثمّ أصبحوا جدّيين.
“لا يمكننا نحن، أصدقاء ميا المقرّبين، أن نغيب عن هذا. دور ‘الأصدقاء المقرّبين’ هو تقييم رجل صديقتهم بموضوعيّة وصراحة.”
“تحليل وتقييم عمليّة الموعد بشكل منهجيّ هو النّقطة الجوهريّة. قبل الزّواج، كسب نقاط من أصدقاء الحبيب تقليد أساسيّ.”
ابتسمت غالاتيا وهي تنظر إلى الثلاثيّ المتحمّس.
“ميا، ما رأيكِ أن ينضمّ أصدقاؤكِ أيضًا؟ كلّما زاد العدد، زادت المتعة.”
“آه، هذا…”
الموعد في الأصل يكون بين اثنين فقط، أليس كذلك؟
بينما كنتُ أبتسم بإحراج لأرفض، أمسكت كاركا يديّ بقوّة بعينين ملتهبتين.
“أنا نادمة جدًا أنّني لم أعرض الكونت هيفريس الحقير على أصدقائي قبل مواعدته. لو كنتُ مع أصدقائي، لكشفنا بتقييم الصداقة المطلق حقيقة أنّه قمامة. لم أعرف أنّ ليلي دافت رابيت الماكرة اقتربت لتدميرني، فانخدعتُ بهذا الرجل الذي لم يهين كرامتي فقط، بل كبرياء ثلاثتنا. نظامكِ في جعل الخطّاب المتعدّدين يتنافسون يستحقّ الاحترام والدّعم. لماذا لم أفعل ذلك من قبل؟ اللعين! لا أستطيع تحمّل رؤية الآخرين يمرّون بنفس ندمي…”
ارتعشت أنفاسها وعيناها احمرتا، فصرختُ مذعورة.
“سأجعلكِ رئيسة اللجنة، فاهدئي!”
“حسنًا. سأراقب بأكبر قدر من الموضوعيّة.”
لماذا أشعر أنّنا نبتعد عن هدف المراقبة الأصليّ؟
لحسن الحظّ، كان لديّ قرط التّواصل. الآخر يراقب القصر، وسيتصل إليورد إذا حدث شيء.
في هذه الأثناء، فرك دانتي وجهه كمن يغسل وجهه بيأس بعد أن أصبح مصاحبًا لثلاث شقيقات زوجته المتطفّلات فجأة. تنهّد بوجه بارد وسأل.
“…ما معايير النّقاط الإضافيّة؟”
هل هذا مهمّ الآن؟ انه رجل جادّ في كلّ شيء.
ابتسمت كاركا برضا وهي تفحّصه بعناية.
“الأناقة، الأدب، الحسّ، الاهتمام أمور بديهيّة، لكن الأهمّ هو رضا ميا. أتوقّع نقاطًا عالية منك، سيّد الجنرال. زيّ الموعد هذا ليس مبهرجًا، بل أنيق باعتدال. أحبّ بشكل خاصّ إبراز الصّدر. سأعطيك 10 نقاط إضافيّة للأناقة.”
لكن غالاتيا قلّصت النّقاط فورًا بوجه خالٍ من التّعبير.
“خصم 10 نقاط للمظهر. نظرته شرسة جدًا.”
اتّسعت عينا ليديا بدهشة.
“ماذا؟ مظهره لا عيب فيه… قد يكون ذلك جزءًا من ذوق ميا، فمن الأفضل أن ننظر بموضوعيّة، قدّيستي.”
“إذًا سأغيّره. خصم 10 نقاط لشخصيّته السيئة.”
كانت مصرّة على تقليص نقاط دانتي بأيّ طريقة. أو ربّما فقط تريد التّقليل منه.
حدّق دانتي في غالاتيا بنظرة أكثر شراسة، لكنّه لم يقل شيئًا، ربّما لأنّه لا يريد خسارة المزيد من النّقاط.
جلستُ أتناول الدونات بهدوء وأنا أتمنّى العودة إلى البيت. أليس هذا شعور دانتي أيضًا؟
في تلك اللحظة، مسح دانتي فتات الكعك عن فمي بمنديل.
“يا إلهي، تصرّف لطيف كهذا؟ 10 نقاط!”
“نفس الرأي. لا يوجد رجل آخر مثله.”
“رجل يعامل حبيبته كسيّد؟ صالح جدًا.”
أعجب الثلاثيّ بشدّة وأعطوه نقاطًا عالية، لكن…
“مسح فمها بمنديل غير معقّم؟ قد يسبّب ذلك اضطرابًا لهذه الحبيبة الثمينة. خصم 30 نقطة لقلّة النّظافة.”
قلّصت غالاتيا، المعارضة الشّرسة، النّقاط دون تردّد، فعادت نقاطه إلى الصّفر مجدّدًا.
نصحتْ نيفي دانتي، الذي نظر إلى منديله بصمت، بجدّيّة.
“قال جنرال مشهور إنّ الحذر الأكبر يكون عندما يفكّر الجميع بنفس الطريقة. الخيارات الجيّدة تولد من التّعارض. المعارضة اختبار آخر في الحياة، فعليك التّغلّب عليه، سيّد الجنرال.”
ربّما ضمّت غالاتيا ثلاثيّ صديقاتي لتمنع طردها من الموعد.
طوى دانتي منديله بعناية ونظر إلى القدّيسة باستياء.
“فقط قولي إنّني لا أعجبكِ.”
“لا تعجبني.”
ردّت غالاتيا بمرح، ثمّ اتّسعت عيناها عندما رأتْ شيئًا عبر الطّريق.
“واو، ما هذا؟”
أشارت إلى شيء بتفاعل طفل يرى شيئًا لأوّل مرّة. التفتّ، فرأيتُ لوحة أمام القصر الموحش.
[الهروب من قصر الرّعب بنسبة بقاء 0.1% – هل تستطيع الخروج حيًا؟]
المترجمة:«Яєяє✨»
التعليقات لهذا الفصل " 78"