### الحلقة 71
* * *
عندما عدتُ إلى المنزل، عقدتُ اجتماعًا طارئًا على الفور.
ماتياس، إليورد، إيجيكل، كيليان، دانتي.
لا أعرف لماذا انضمّ ماتياس فجأة، لكنّه كان يجلس بغرور وكأنّه رئيس الجلسة.
“هدفنا هو التأكّد غدًا في المساء ما إذا كان المكان الذي ستُتبنى فيه الطفلة جيني عائلة عاديّة بالفعل.”
أولاً، شرحتُ شكوكي المنطقيّة، وما رأيته وسمعته هناك، وقصّة الفتى إسايا ذي القدرة على التخاطر.
“لماذا تريدين أنتِ معرفة ذلك؟”
سأل إليورد، الشيطان الأناني الذي يفتقر إلى التعاطف والإيثار تمامًا.
‘لو قلتُ ببراءة “لأساعد الأطفال بالطبع!” لكان من الواضح أنّه سيبدأ بالتذمّر فورًا.’
فكّرتُ أنّه يجب إشراك هذا الرجل في الخطّة من أجل المستقبل، فقرّرتُ أن أتحدّث بطريقة تناسب تفكير الشيطان.
“الطائفة تكتسب السّلطة وتجني الكثير من المال، من خلال أمور مختلفة.”
في عين إليورد الحمراء خلف النظارة الأحاديّة، ظهرت نظرة اهتمام وهي تضيّق.
“سمعتُ أنّ الطائفة تقوم بأعمال غير قانونيّة. فساد الطائفة؟ هذا ممتع جدًا. قد أنضمّ إليهم بنفسي هكذا.”
يا له من رجل شيطاني بكلّ معنى الكلمة.
“أنا أشعر بالغيرة والضيق من ذلك، أليس هذا طبيعي؟”
قلتُ ذلك بأكبر قدر ممكن من الغضب.
أولئك الذين يبيعون شهادات الإيمان مدّعين أنّها تذكرة مضمونة للخلاص، ويجمعون الثروات.
في الحقيقة، بالنسبة لي، كان هذا مجرّد انطباع لديّ.
“لو فكّرتُ بهذه الطريقة، يمكنني أنا أيضًا أن أتنبّأ بثورة هؤلاء الرجال، وأبيع تأمينًا للثورة، وأجمع تبرّعات النّجاح، لكنّني لا أفعل ذلك، أليس كذلك؟”
“آه، هل تريدين أن تصبحي زعيمة طائفة؟ هذا ممكن. يمكنني خداع النّاس بناءً على يوم الحساب الأخير وجمع أتباع لكِ. وبناء مملكة مقدّسة ثمّ شنّ حرب فتح هو أيضًا طريقة للسيطرة على القارّة بأكملها.”
هل يحاول الآن تحويلي إلى زعيمة طائفة كبرى؟ أريد التّوقّف عن حلم السيطرة على العالم.
“كفى. لكن ما هو يوم الحساب الأخير؟”
“شيء مثل سفر الرّؤيا. في ديانة هذا المكان، يعتقدون أنّ الفصل الثاني قد بدأ الآن. الفصل الأوّل هو ‘يظهر وكيل الإله’. والفصل الثاني هو ‘تظهر الوحوش عبر شقوق الأبعاد’.”
حتّى هذا العالم لديه شيء كهذا. لكن لماذا يعرف هذا الشيطان كلّ هذا جيّدًا؟
هززتُ رأسي وتحدّثتُ بقوّة.
“أنا فقط أريد أن أزعج سعادة أشخاص الطائفة، هذا تمنٍّ بسيط.”
“تريدين إزعاج الآخرين؟ هذا يعجبني. سأساعدكِ بكلّ سرور.”
على الأقل، أقنعتُ إليورد.
كنتُ أثق أنّ دانتي وكيليان سيقفان إلى جانبي.
“سأشارك أيضًا في هذا الإزعاج. لنضع خطّة للتسلّل أوّلاً.”
“للتسلّل خفية إلى أرض العدو، يجب أن نرسم مسارًا بناءً على الهيكل الداخلي للملجأ…”
في الحقيقة، بدا أنّ عادات القائد السابق ورئيس الفرسان قد استيقظت لديهما.
في هذه الأثناء، مرّر إيجيكل يده على شعره الأمامي الوردي وتنهّد.
“ما سمعته يبدو مشبوهًا بالفعل. أتمنّى أن تكون توقّعاتي خاطئة.”
يبدو أنّه أيضًا شعر بإحساس سيّئ.
في تلك اللحظة، وضع دانتي ورقة على الطاولة ورسم بسرعة هيكل الملجأ الداخلي وما حوله. زار المكان مرّتين فقط وتذكّر كلّ ذلك.
“هذا هيكل الملجأ الذي رأيته حتّى الآن. الباب الخلفي متّصل بالغابة، لذا يمكننا التسلّل من هناك. ثلاثة يدخلون إلى الداخل، والباقون يراقبون من الخارج ويتبعون من يأخذون الطفلة.”
أومأ كيليان برأسه وسأل.
“لكن ألا يحتاج هذا إلى شبكة اتّصال داخليّة؟”
“هناك إسايا، الطفل ذو القدرات. يستطيع التّواصل مع شخص محدّد حتّى مسافة كيلومترين أمامه. لقد أنهينا الحديث معه مسبقًا.”
نظرتُ إلى دانتي بعينين متّسعتين.
“هل خطّطتَ لهذا كلّه بمفردك في هذا الوقت؟”
“في الحقيقة، كنتُ أنوي الذهاب والتأكّد بنفسي.”
“إذًا اذهب بمفردك كما اعتدتَ دائمًا. انتهى الاجتماع.”
قال إليورد بلا مبالاة.
كان يفعل ذلك دائمًا؟
“هل كنتَ تخرج سرًا دون علمي وتفعل شيئًا؟”
التفتت عينا دانتي الزرقاوان نحوي، مليئتين بالشكّ من نظرتي.
“نعم. كان عليّ التحقّق من بعض الأمور.”
بدَت ثقته كبيرة جدًا لدرجة أنّني لم أسأل عما كان يتحقّق منه.
“لكن هذه المرّة، أحتاج إلى قدرتكِ.”
“آه… هل حان وقت براعتي في التّصرف السريع؟”
“في المرّة الماضية، عندما لمستيني، تمكّنتُ من كبح القوّة السحريّة المتدفّقة بشدّة. كأنّها طاقة ملوّثة تمّ تنقيتها.”
هل يقصد عندما دمّر البوّابة وعاد؟ شعرتُ بطاقة غريبة، لكنّها تلاشت عندما لمسته.
كدليل على ذلك، عندما مرّر دانتي أطراف أصابعه المشبعة بالطاقة الزرقاء على ظهر يدي، اختفت فجأة كما لو أنّ نسيمًا أطفأها.
“يبدو أنّ التّلامس يمكنه أن يضعف الطاقة أو يلغيها. قال إسايا إنّهم يضعون حاجزًا حول الملجأ ليلًا لمنع الأطفال من الخروج أو دخول أحد.”
هل يمكن أن تمتدّ المقاومة إلى الإلغاء؟
“إذا لمستُ ذلك الحاجز، سيزول إذًا.”
يبدو أنّ يديّ لها تأثير سلبي. لا عجب أنّ كلّ شيء ألمسه في المنزل يتلف.
“نعم. هذا أمر مهمّ جدًا. لا أحد منّا يمتلك مثل هذه القدرة.”
يا للروعة، حتّى أنا، الأضعف بين هؤلاء الرائعين، لديّ فائدة! بينما كنتُ أفرح، قال دانتي.
“إيجيكل وأنتِ وأنا سنتسلّل إلى الداخل. أنتِ وأنا سنذهب إلى غرفة المدير لأخذ الوثائق المهمّة، وإيجيكل سيتظاهر بأنّه طفل من الملجأ ويراقب الوضع مع إسايا.”
عند كلام دانتي، تحولت عينا إيجيكل الذهبيّتان إلى نظرة استياء.
“لم أقل إنّني سأشارك في هذه الخطّة.”
فطرق كيليان الورقة التي تحمل مفهوم الخطّة بأصابعه.
“هذا أيضًا جزء من واجباتنا كخدم القصر. بما أنّها أوامر السيدة، يجب أن ننفّذها بجدّ.”
لا أعرف ما علاقة سرقة أسرار داخليّة بذلك، لكن…
“إيجي، إذا كان الأمر صعبًا، لا داعي لفعله.”
عندما أبديتُ قلقي، هزّ إيجيكل رأسه وهو لا يزال بوجه متذمّر.
“ليس صعبًا. لن أذهب لتدمير بوّابة. أنا قلق بشأن ما يفعلونه بالأطفال، لذا سأذهب.”
في تلك اللحظة، وضع ماتياس كوب الشاي على الطاولة بهدوء بعد أن كان يستمع فقط. تجمّعت الأنظار عليه، فتحدّث بصوت منخفض.
“ألا تتوقّعون ذلك جميعًا؟ أنّ الطائفة تربّي أطفال الملجأ ذوي القدرات كأدوات للحرب.”
ظهرت نظرة ذهول على وجوه دانتي وكيليان وإيجيكل. وهو ينظر إليهم، انحنت شفتا ماتياس بسلاسة.
“في الماضي، استُخدمتم أنتم الثلاثة كأدوات للحرب أيضًا.”
نظرتُ إليهم مذهولة بعينين متّسعتين.
هل يعني أنّ كيليان وإيجيكل، مثل دانتي، تدرّبا منذ صغرهما وشاركا في حروب مروّعة؟
لم أكن أتوقّع أن يكون لدى الآخرين مثل هذا الماضي…
غطّيتُ فمي المفتوح من الصدمة ونظرتُ إلى ماتياس.
“سيّد ماتياس… كيف تعرف ذلك؟”
هل لديه قدرة على رؤية الماضي؟
بينما كان يسند ذقنه ويراقبهم، رفع ماتياس كوب الشاي وأجاب.
“هذا حدث منذ زمن بعيد جدًا قبل ولادتكِ. البشر يولدون برغبات أساسيّة، لذا تتكرّر التّاريخ بنفس الطريقة. وبعد انتهاء حياتكِ، ستكون الأجيال القادمة كذلك.”
صحيح، ماتياس موجود هنا منذ زمن سحيق. ربّما مئات السنين—بل ربّما آلاف.
نهض من مكانه ووضع يده برفق على رأسي وقال.
“أنتِ وُلدتِ بحسّ الواجب ولا تستطيعين تجاهل تعاسة الآخرين، فافعلي ما تعتقدينه صوابًا. ستجدين الطّريق حينها.”
“أيّ طريق؟”
“الجواب الذي تسعين لإنقاذه.”
حجر الحكيم؟ ماضي ريلكه؟ نجاح أو فشل مخبز سأفتحه في المستقبل؟
كنتُ أريد طرح أسئلة كثيرة، لكن ماتياس كان دائمًا يقول ما يريد فقط. كلمات غامضة يفهمها هو وحده، مدّعيًا أنّها أسرار السماء.
تحوّلت عيناه الزرقاوان النّقيّتان نحو دانتي هذه المرّة.
“احمِ سيدتك جيّدًا.”
لم يجب دانتي بشيء، ظلّ بوجه خالٍ من التّعبير.
استدار ماتياس أيضًا دون تعبير واختفى.
نظرتُ إلى الفراغ الذي اختفى فيه ماتياس وأنا مذهولة.
ثمّ انتبهتُ فجأة إلى الصّمت الذي ملأ الغرفة ونظرتُ إليهم. كان دانتي وإيجيكل وكيليان جالسين دون حراك. كأنّ الوقت توقّف في المكان الذي يجلسون فيه فقط.
“أمم… يا جماعة؟ ما قاله سيّد ماتياس… أريد أن أعرف التفاصيل، لكن إذا كان ذلك يزعجكم، لا بأس ألّا تخبروني.”
مع ذلك، كنتُ أريد سماعه منهم مباشرة. ربّما أستطيع مساعدتهم ولو قليلًا؟
المترجمة:«Яєяє✨»
التعليقات لهذا الفصل " 71"